Telegram Group Search
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🍂الدرس التاسع عشر من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله 🍂

🌴قال ابن تيمية رحمه الله: وقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى}، {ثم استوى على العرش} في ستة مواضع.

👈مراد الشيخ أن استواء الرحمن على العرش ورد في هذه المواضع السبعة من كتاب ربنا ﷻ، وعندنا هنا أمران: الأمر الأول هو العرش، والأمر الثاني هو الاستواء.

👈والعرش في لغة العرب هو: سرير الملك أو هو كرسي الملك، قال تعالى: (ولها عرش عظيم) فهي ملكة لها عرش عظيم، لها سرير للملك تجلس عليه، وقال تعالى: (ورفع أبويه على العرش).

👈وأما عرش الرحمن فهو سرير ذو قوائم مخلوق عظيم الله ربه، لا يقدر قدره إلا الله ﷻ؛ هذا الذي دلت عليه أدلة الكتاب والسنة. قال تعالى: (وَ هُوَ رَبُّ العرش العظيم) فالله ﷻ رب العرش فالعرش مربوب والمربوب مخلوق، فهو مخلوق عظيم من مخلوقات الله ﷻ وهو رب العرش العظيم فهو أعظم المخلوقات.

👈والراجح إن شاء الله هو أول المخلوقات، قال تعالى: (فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم) فاللهﷻ رب العرش الكريم، والكريم هو: البهي الحسن، فجمع العرش بين العظمة في الاتساع والعلو والحسن الباهر والبهاء الظاهر.

👈قال تعالى: (ذو العرش المجيد) المجيد هنا نعتاً للعرش، والمجد هو: سعة الأوصاف وعظمتها، فالله ﷻ أضاف العرش إليه ووصفه بهذه الصفات العظيمة.

👈والعرش له قوائم، ففي حديث النفخ في الصور والصعق يوم القيامة أخبر النبي ﷺ أن موسى عليه السلام يكون ممسكاً بقائمة من قوائم العرش، يقول النبيﷺ: "فأكون أول من تنشق عنه الأرض فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" فدل ذلك على أن العرش له قوائم.

👈وهذا العرش العظيم تحمله الملائكة، قال تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) فيحمل عرش ربنا ﷻ يوم القيامة ثمانية، والراجح أنهم ليسوا ثمانية صفوف وإنما ثمانية من الملائكة وخلقتهم خلقة عظيمة.

👈قال النبي ﷺ: "أذن لي أن أحدثكم عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" وأما قبل يوم القيامة فالملائكة تحمله، قال تعالى: (الذين يحملون العرش ومن حوله).

👈لكن اختلف السلف في عددهم، منهم من قال: عددهم ثمانية، ومنهم من قال عددهم أربعة، وليس في المسألة نص لكنا على يقين من أنه يُحمل وتحمله الملائكة، وأن عدد حملة العرش يوم القيامة ثمانية، أما قبل ذلك فليس هناك نص.

👈والعرش هو أثقل المخلوقات وزناً ولذلك قال النبي ﷺ لجويرية رضي الله عنها: "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" والشاهد من الحديث في قوله ﷺ: "وزنة عرشه" فهو هنا يذكر المنتهى من كل وصف، والمنتهى من الوزن هو العرش، فدل ذلك على أنه أثقل المخلوقات.

👈وربنا ﷻ له عرش وله كرسي، والكرسي هو: موضع القدمين، قال تعالى: (وسع كرسية السماوات والأرض) وأما العرش فلا يُقدر قدره إلا الله كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

👈وكان عرش الله ﷻ قبل خلق السماوات والأرض على الماء وهذا ماء مخصوص غير ماء البحر الذي خلق مع السماوات والأرض، قال تعالى: (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) قال الطبري: وكان عرشه على الماء قبل أن يخلق السماوات والأرض وما فيهن، وروى مجاهد في قوله: (وكان عرشه على الماء) أي: قبل أن يخلق شيئاً.

👈وأما بعد خلق السماوات والأرض فالعرش أقرب المخلوقات إلى الله لأن الله ﷻ (مستو عليه)، وحملة العرش هم أقرب الملائكة إلى الله من غيرهم من الملائكة. ولذلك قال النبي ﷺ: "ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم..." الحديث.

👈والعرش بعد خلق السماوات والأرض أعلى المخلوقات، جاء في الحديث: "فإذا سألتم فاسألوا الله الفردوس فإنّه أوسط الجنة وأعلى الجنة" الوسط هنا هو الفضل، أوسط الجنة يعني أفضل الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن.

👈ومن قول أهل السنة أن الله ﷻ خلق العرش واختصه بالعلو
والإرتفاع فوق جميع ما خلق، هذا ما يتعلق بالعرش بإختصار؛ وأما الإستواء فعادة أهل العلم أنهم يذكرون صفة الاستواء والعلو والمعية والنزول معاً، وكلها صفات لا يخالف بعضها بعضاً.

👈وقد بدأ الشيخ رحمه الله بصفة الإستواء وهي ثابتة بالقرآن نصاً في سبعة مواضع، فهي قطعية الثبوت لا يمكن إنكارها، وواضحة المعنى يتعذر تأويلها، وقد جاء تفسيرات السلف رضوان الله عليهم ل (استوى) بألفاظ أربعة، والسلف أعلم بالنصوص وأعلم باللغة، ففسروا استوى: علا وارتفع وصعد واستقر، ونحن نؤمن بإستواء الله ﷻ كما أخبر الله، وبالمعاني التي قالها السلف على ما يليق بجلال ربنا وجماله وكماله (لانؤوّل ولا نشبه).
👈فلا يرد على أذهاننا تشبيه ربنا بشيء من خلقه فليس كمثله شيء، ولا نحرّف المعاني ولا نكيف فالكيف لم يأتِ به المنقول ولا تدركه العقول، فليس لنا خيراً في الخوض فيه. وهذه قاعدة: الأمور الغيبية نثبت ما دل عليه النص ونمسك عن ما وراء ذلك.

👈ولو كان لنا خير في أن نعلم شيئاً لعلمنا الله، فإذا لم يرد البيان من ربنا في كتابه ولا على لسان رسوله ﷺ في الأمور الغيبية علمنا أن الخير في عدم الخوض في ذلك، فلا نسأل كيف؟ لو سألنا سائل: هل استوى ربنا على العرش؟ قلنا نعم لكن لو قال لنا كيف؟ فإنا نزجره عن هذا السؤال كما فعل السلف الصالح رضوان الله عليهم، فلم يؤثر عن السلف الصالح السؤال عن الكيفية، فالسؤال عنه بدعة أعني الكيفية.

👈لذلك لما سئل الإمام ربيعة عن قوله تعالى: (الرحمن على العرش أستوى) كيف أستوى؟ فقال: "الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق"وهذا كلام عظيم جليل.

👈"الإستواء غير مجهول" يعني في معناه، لا في لغة العرب ولا في لسان السلف، فهو معلوم المعنى والكيف، غير معقول ما جاء به النقل ولا يدركه العقل.

👈"ومن الله الرسالة" فالله أرسل الرسول بكل خير لنا، "وعلى الرسول البلاغ" والرسول ﷺ بلغنا أن الرحمن على العرش استوى لكن لما يبلغنا كيف أستوى، "وعلينا التصديق" أن نصدق ما في كتاب الله وما في سنة رسول الله ﷺ.

ولما جاء رجل إلى الإمام مالك رحمه الله فقال: يا ابا عبد الله الرحمن (على العرش استوى) كيف أستوى؟ أصابته الرحضاء وعرق لعظم هذا السؤال، فإنّه سؤال مبتدع محدث لم يُعرف عن السلف، ثم قال له: "الكيف غير معقول والإستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، فإني أخاف أن تكون ضالا" وأمر بإخراجه.

فالسؤال عن الكيف بدعة لأنه لم يأت عن السلف الصالح رضوان الله عليهم، فصحابة رسول الله ﷺ، وهم يسمعون القرآن ويسمعون السنة من رسول الله ﷺ لم يسأل واحد منهم رسول الله ﷺ فقال: كيف استوى؟، فالسؤال عنه بدعة والخوض فيما لم تدل عليه النصوص من الأمور الغيبية سبب للضلال.

👈ثم حدث أمر محدث من المخالفين لما عليه السلف فأوّلوا الاستواء وقالوا معنى استوى استولى.

👈قلنا لهم: السلف قالوا: علا وارتفع وصعد واستقر؛ قالوا: لا، معنى استوى: استولى، وسبب هذا التأويل التشبيه.

👈هم عندما سمعوا: (استوى) انقدح التشبيه في أذهانهم، فأرادوا الفرار من هذا، فقالوا استوى بمعنى استولى؛ فوقعوا في التحريف والتشبيه، وقعوا في التشبيه ابتداءً وانتهاء، وقعوا في التشبيه ابتداء عندما سمعوا جملة استوى فشبهوا الله بخلقه، فحرفوا استوى إلى استولى.

👈وفي قولهم استولى تشبيه لله ﷻ بخلقه، مع ما في هذا من اللوازم الباطلة، فهو منافٍ للأسلوب العربي، فاستوى إذا عُدّي ب(على) نص في العلو والارتفاع، فهو يأبى المعنى الذي ذكروه، وهو باطل في نفسه أيضاً، فإنّه لو كان معنى استوى استولى لما خُص العرش بذلك، فإن الله ﷻ مالك كل المخلوقات.

👈لكن بالإجماع لايقال في حق ربنا استوى إلا على العرش، مايقال استوى على السماوات، استوى على الأرض، استوى على الشجر، استوى على البحر، بالإجماع، إنما يقال في حق ربنا استوى على العرش، فدل ذلك أن تأويلهم باطل.

👈ثم أيضاً الاستيلاء يدل على المغالبة وأن هناك، والعياذ بالله من غالب الله على العرش حتى استولى الله على العرش؛ تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.

👈ومع سقوط هذا التأويل وبطلانه بحث أهله عن مستند في العربية لكلامهم، فأخذوا يسألون أهل العربية وأئمة العربية عن هذا المعنى، بل طلبوا صراحة من بعض أئمة العربية تخريج هذا المعنى ولو على لغة من لغات العرب، اعتقدوا ثم أرادوا أن يثبتوا، فما وجدوه في لغة العرب، فهذا ابن أبي دؤاد من رؤوس الفتن ورؤوس المؤولة أراد من الإمام اللغوي ابن الأعرابي أن يطلب له في بعض لغات العرب ومعانيها استوى بمعنى استولى، فقال له ابن الأعرابي: "والله ما يكون هذا ولا وجدته".

👈وقال داود الظاهري: "كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل ورجح بعض العلماء أنه ابن أبي دؤاد فقال: ما معنى قوله تعالى: (الرَّحمن على العرش استوى)؟ فقال: هو على عرشه كما أخبر، فقال: يا أبا عبد الله ليس هذا معناه، يسأل ثم يرد !! ليس هذا معناه إنما معناه استولى، فقال له: اسكت، ما أنت وهذا؟! أنت لست من أهل اللسان، لا يقال استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاداً، فإذا غلب أحدهما قيل استولى".

👈فلما لم يجدوا شيئاً من العربية لغة، ذهبوا إلى بيت مصنوع:

استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق

👈وقالوا استوى هنا بمعنى استولى؛ لأنه لا يمكن أن يكون بمعنى علا، فهو بمعنى استولى!! قلنا لهم لمن هذا البيت؟ وهم يعرفون أن الشعر لا يحتج به إلا إذا كان له صاحب، فما وجدوا أحداً من المسلمين ينسبون إليه هذا البيت، فنسبوه إلى الأخطل النصراني، وهو ليس من كلامه وليس في ديوانه، ومع ذلك هو نصراني لا يؤخذ منه الدين، وفوق هذا هو ليس من أهل الاحتجاج في
اللغة، لا يحتج بكلامه في اللغة؛ فهذا احتجاج بارد ساقط، ولو سلمنا جدلاً أن في البيت حجة فإنه يقال استوى هنا بمعنى استولى؛ لأنه يتعذر أن يكون بمعنى علا؛ وهذا تأويل للتعذر وليس كذلك في كلام ربنا ﷻ.

👈وإنك لتعجب عجباً شديداً كيف يلعب الشيطان بهؤلاء الناس يتركون كلام الله وكلام رسول الله ﷺ وفهم الصحابة الذين هم عرب أقحاح وفهم أئمة العربية ويذهبون إلى بيت لا يعلم له قائل مصنوع مكذوب يحتجون به ويحملون عليه المعنى.

👈وفوق كل ذلك نقول لهم تقولون:(الرحمن على العرش استوى) يعني الرحمن على العرش استولى هل هو كاستيلاء المخلوقين؟ أم هو استيلاء يليق بجلاله؟ فإن قالوا: كاستيلاء المخلوقين؛ قلنا: شبهتم وما فررتم منه وقعتم فيه بأعظم؛ وإن قالوا: هو استيلاء يليق بجلاله؛ قلنا: لما لا تقولون استوى استواء يليق بجلاله؟؟ فكما قلتم هنا قولوا في الأصل الذي هو في الكتاب والسنة!!

👈فتقرر أن معنى استوى هو ما أجمع عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم علا واستقر بنصوص الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وإطباق أئمة اللغة فلا طريق لتأويل هذه الصفة بما أولها به المؤولون.

👈وقد سرد ابن تيمة رحمه الله الآيات التي جاء فيها استواء الرحمن على العرش وهذا يدل دلالة واضحة على ما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم من عقيدة في هذه الصفة. انتهى

المصدر 👇

https://youtu.be/t7RabwSlDgQ?si=O_CiWysCNrPqAkAT
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🍂الدرس العشرون من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله 🍂

🌴قال ابن تيمية رحمه الله: وقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى}، {ثم استوى على العرش} في ستة مواضع: يعني ذكر الشيخ أن استواء الله على عرشه ثبت في القرآن نصاً في سبعة مواضع.

🌴في قوله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش}

👈(إن ربكم): الذي أوجدكم من العدم، ورباكم بالنعم، (الله): المألوه المستحق للعبادة، فمن الظلم أن يعبد العبد غير ربه الذي أوجده ورباه، وهذا هو الظلم العظيم؛ (الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) أي: خلق السماوات والأرض ومابينهما في ستة أيام، فأمنكم من فوقكم وهيأ لكم ما تعيشون فيه وهو الارض، وخلق لكم ما في الأرض جميعاً.

👈(ثم استوى على العرش): ثم علا وارتفع وصعد واستقر على العرش، وتقدم أن استوى إذا عديت بعلى إنما تعني ما ذكرنا فقط بإتفاق السلف من الصحابة ومن بعدهم وبإتفاق أئمة اللغة، وقول ربنا: (ثم استوى) ثم: تدل على المهلة والتراخي وهذا يدل على ما ذكرناه أن الأستواء صفة فعل وأنه علو خاص.

🌴وقال في سورة يونس: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش} وهي كسابقتها.

🌴وقال في سورة الرعد: {الله الذي رفع السماوات بغير عَمَدٍ تَرُونَها ثُم استوى على العرش} (الله الذي رفع السماوات) هذه السماوات العالية الواسعة رفعها الله ﷻ، (بغير عمد ترونها) أي: أن الله ﷻ رفع السماء بغير عمد تُرى وإن كان لها عمد، وهذا من تمام قدرته ﷻ فأنتم لا ترون ما خلقه الله ﷻ في هذه السماء مع أنكم تنظرون إليها.

👈وقال بعض أهل العلم: (بغير عمد ترونها) يعني خلق السماوات بغير عمد أصلاً كما ترونها، فأنتم تنظرون إلى السماء لا ترون عمداً، ومع هذا الاتساع وهذا العلو لا ترى فيها فطوراً ولا ترى فيها تشقق ولو كررت النظر.

🌴وقال في سورة طه: {الرحمن على العرش استوى} (الرحمن): الذي وسعت رحمته كل شيء؛ (على العرش استوى) قال العلماء: المناسبة بين الرحمن والعرش أن الرحمن فيه سعة، فرحمة الله وسعت كل شيء والعرش أوسع المخلوقات.

🌴وقال في سورة الفرقان: {ثم استوى على العرش}.

🌴وقال في سورة السجدة: {الله الذي خَلَقَ السَّماوات والأرض وما بينهما في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استَوى عَلَى العرش}.

🌴وقال في سورة الحديد: {هو الذي خَلَقَ السَّماوات والأرض في ستة أيامٍ ثُمَّ استَوى على العرش}.

👈وإنك لتعجب أيما عجب من قوم يأبون ما ذكره الله ﷻ في كتابه عن نفسه ويذهبون إلى شيء لا يثبت ليثبتوه، وهذا من الزلل العظيم والخطأ الكبير.

🌴وقوله تعالى: {يا عيسى إنِّي مُتَوَفَّيك ورافعك إليَّ بل رفعه الله إليه}.

👈الكلام هنا عن صفة العلو وهي صفة ذاتية لربنا ﷻ فهو العلي الذي له العلو المطلق الثابت المستمر العلي، كما يقول العلماء: صفة مشبهة تقتضي الثبوت والإستمرار، فالله ﷻ له العلو المطلق وهو الأعلى الذي لا يشاركه في علوه شيء، فهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، وهو المتعال ﷻ المتعال الذي استعلى على كل شيء، فتعالى عما لا يليق بجلاله وعما يقول الظالمون، وتعالى على خلقه قهراً فهو القاهر لعباده.

👈فالمتعال فيها علو الله ﷻ بتنزهه عن كل ما لا يليق بجلاله وعلو قهره، والعلو المطلق لربنا علو ذات وعلو قدر وعلو قهر، فإذا قلنا هو العلي دخل كل هذا فيه.
▪️"علو الذات": فربنا هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، الله مستو على عرشه، وعرشه سقف مخلوقاته، فالله ﷻ علي بذاته.
▪️"وله علو القدر": فله الصفات العلا.
▪️"وله علو القهر": فهو القاهر فوق عباده.

👈وبعض السلف يقولون العلو نوعان: علو ذات، وعلو صفات؛ وليس بين التقسيمين اختلاف، لأن علو الصفات يدخل فيه علو القدر وعلو القهر.

👈وأدلة علو ربنا ﷻ كثيرة جداً اختلف العلماء في عدها بحسب اختلاف العلم وبحسب النظر إلى الكلية أو التفصيل، فبعضهم قال: تبلغ ثلاثمائة دليل، وبعضهم قال: ألف دليل، وبعضهم قال: تبلغ ألفي دليل، وبعضهم قال: تبلغ الآلاف.

👈والأمر كما تقدم أن علو ربنا جاء في كل كتاب أنزل، ونطق به كل رسول أرسل، وعرفته جميع الأمم، ودلت عليه العقول، واستقر في الفِطَر، فالعلو أدلته الكتاب والسنة والإجماع والمعقول والفطرة.

👈والإجماع حصل من جميع الرسل ومن سلف هذه الأمة قاطبة، ولم يخالف في هذا إلا من فسدت فطرته بالتأويل، وأما المعقول فقد نطق الصحابة والتابعون بأن الفلك مستدير، والمستدير: له علو وله سفل ولابد.

👈وقد اتفق العقلاء على أن العلو كمال، والسفل نقص، فلزم عقلاً إثبات العلو لربنا ﷻ وهو مباين لخلقه، وأما الفِطَر فالإنسان بفطرته يجد أنه إذا احتاج إلى الله يتجه قلبه إلى الأعلى من غير تكلف، حتى الذين يأولون العلو لا يستطيع أحدهم أن يدفع عن نفسه أنه إذا احتاج إلى الله فأصابته كربة أو أراد أن يدعو يتجه قلبه إلى أعلى، وهذا دليل لا يمكن دفعه.
👈لكن وسوس الشيطان للمؤولة وقال لهم: إن الإنسان يتجه بقلبه عند الدعاء إلى السماء لأن السماء قبلة الدعاء؛ يريدون أن يقولوا: إن اتجاه القلب إلى الأعلى إنما هو لأن السماء قبلة الدعاء، وليس لأن الله في السماء.

👈وبالمناسبة جملة: "السماء قبلة الدعاء" التي تذكر في كثير من الكتب لها ثلاثة معان ثلاث:

🌾الأول: يقوله المؤولة من أجل دفع دليل الفطرة وهو: اتجاه القلب إلى السماء إلى الأعلى لأن السماء قبلة الدعاء لا لأن الله في السماء؛ وهذا كلام باطل.

🌾الثاني: أن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة فيستحب أن يتجه الإنسان بقلبه ويديه وبصره إلى السماء عند الدعاء؛ هذا يقوله بعض الفقهاء، وهذا الكلام خطأ يخالف الأحاديث، فإن الكعبة قبلة الصلاة وقبلة الدعاء.

🌾الثالث: أنه يستحب رفع اليدين عند الدعاء لأن الله في السماء. وهذا المعنى صحيح إلا إذا نُقِل أن النبي ﷺ دعا ولم يرفع، وهذا الذي ورد في الحديث: "يمد يديه إلى السماء" يعني: يرفع يديه إلى الأعلى لأن الله في السماء.

🌴وقوله تعالى: {ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي} عيسى عليه السلام تآمر عليه اليهود لقتله، فأوحى الله إليه هذه الآية، ومحل الشاهد في قوله تعالى: (ورافعك إلي) فإن الرفع إنّما يكون من أسفل إلى أعلى. و(إلي) الضمير يعود إلى الله ﷻ، فدل ذلك على أن الله علي.

👈المؤولة هنا تأولوا قالوا: (ورافعك إلي) قدراً يعني: أرفع قدرك، وهذا باطل وتأويل لاحاجة إليه، وهو قدره مرفوع عليه السلام من قبل؛ فدل ذلك على علو الله.

👈هنا كلام يذكره أهل العلم في هذه الآية: {ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي} ما معنى (متوفيك)؟

▪️قال بعضهم: مميتك؛ وهذا باطل، فإن الثابت يقيناً أن عيسى عليه السلام لم يمت، وإنما رفعه الله إلى السماء وسينزل في آخر الزمان ثم يموت كسائر الناس.

▪️وقال بعض أهل العلم معنى (متوفيك) أي: قابضك ببدنك وروحك؛ كما تقول: استوفيت الدين أي قبضته، ووفيتك دينك أي: أقبضتك إياه؛ بعض طلاب العلم يظن معنى قابضك: مميتك. لا !قابضك أي ببدنك وروحك.

▪️وقال بعض أهل العلم معنى (متوفيك) أي: منومك؛ فإن النوم وفاة صغرى.

▪️وقال بعض أهل العلم معنى (متوفيك) أي: مدة بقائك في الأرض قبل رفعك؛ يعني: موفيك مدة بقائك في الأرض قبل رفعك فلك مدة مقدرة تكون فيها في الأرض، تستوفيها ثم أرفعك إلي؛ وفي هذا تطمين لقلب عيسى عليه السلام.

▪️وقال بعض أهل العلم: إن العطف هنا بالواو، والمعلوم في العربية أن العطف بالواو لا يقتضي ترتيباً: "جاء زيد وعمر" هذا يثبت المجيء للإثنين لكنه لا يعني أن زيداً جاء قبل عمر، يصح أن تقول جاء زيد وعمر ولو جاء عمر قبل زيد؛ هذا معنى قولهم: لا يقتضى الترتيب.

👈فقالوا: هنا الواو لا تقتضي الترتيب، فالمعنى يا عيسى إني رافعك إلي ثم متوفيك؛ وهذا الذي يكون فإن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان ثم يموت، فقالوا: هنا ليس فيه ترتيب ليس فيه إني متوفيك ثم رافعك إلي وإنما إني متوفيك ورافعك إلي. فالمعنى: إني رافعك إلي ثم متوفيك؛ وهذا المعنى يتجه وصحيح، لكن القول بأن معنى متوفيك منومك أو موفيك مدة بقائك في الأرض قبل رفعك هو الأقوى في توجيه هذه الآية.

👈وقوله: وماقتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه، (بل) هنا كما يقول العلماء للإضراب الإبطالي، لإبطال زعمهم أنهم قتلوه بل رفعه الله إِليه وهذا نص في أن الرفع إلى الله ﷻ فدل ذلك على علو الله ﷻ.

🌴وقوله تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} الصعود هو الإرتفاع إلى علو؛ فالكلم الطيب وهو: كل كلام يُرضي الله ويتقرب به إلى الله، يصعد به الملائكة إلى الله ﷻ، ولذلك أطب كلامك إحرص دائماً أن يكون كلامك طيباً تتقرب به إلى الله ﷻ، فإن الكلام الطيب تصعد به الملائكة إلى الله ﷻ.

👈(والعمل الصالح يرفعه) أيضاً الرفع من أسفل إلى أعلى والعمل الصالح هو ما كان لله واتُّبِع فيه رسول الله ﷺ، ما كان لله: ليس فيه رياء ولا طلب دنيا وإنما لله، واتُّبِع فيه رسول الله ﷺ. فالذي صلى الفجر قبل قليل مخلصاً لله ﷻ متابعاً لرسول الله ﷺ، رُفعت صلاته إلى الله.

👈قال بعض أهل العلم في هذه الآية بيان فضيلة الذكر لأن الذكر من العمل الصالح وأفرده الله وخصه بالصعود (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فدل ذلك على فضل ذكر الله ﷻ.

👈ولاشك أن ذكر الله فضله عظيم، ذكر الله من نعيم الجنة عُجّل لنا في الدنيا، نسأل الله أن نكون من أهل الجنة🤲، كل عمل صالح ينقطع في الجنة، الجنة جزاء بلا عمل إلا ذكر الله، يبقى أهل الجنة يذكرون الله يسبحون الله ويحمدون الله ويلهمون التسبيح كما يلهم الإنسان النفس ويسلمون فدل ذلك على أن ذكر الله من نعيم الجنة.
👈وإنك لتعجب كيف أن بعضنا يحرم نفسه من هذا النعيم؟! لو عد كلامه في اليوم لوجده بالآلاف، ولو عد ذكره في اليوم لوجده أقل كلامه وإنها والله لخسارة عظيمة، إذا ذكرت الله ذكرك الله وغرست نخلك وشجرك في الجنة ورفعت درجات في الجنة، والأمر يسير وأنت تسير في الطريق خارج من المسجد سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وأستغفر الله، ولاحول ولا قوة إلا بالله، وأنت في السيارة واقف عند الإشارة تذكر الله ﷻ؛ نسأل الله أن يجعلنا من الذاكرين🤲.

🌴وقوله تعالى: {ياهامان ابنِ لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا} هذا قول فرعون موسى عليه السلام أخبر فرعون أن الله علي في السماء، ففرعون يقول: (يا هامان) وهو وزيره (ابن لي صرحاً) عالياً (لعلي أبلغ الأسباب) أسباب السماوات (فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) لن أجد شيئاً، هو أراد أن يصعد ويوهمهم أنه صعد وما رأى شيئاً ليصرفهم عن الحق الذي جاء به موسى عليه السلام؛ فدل ذلك على أن الأنبياء عليهم السلام قد أخبروا أقوامهم بعلو الله ﷻ.

🌴وقوله تعالى: {أأمنتم من في السماء أَن يخسف بكم الأرض فَإِذَا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير}

👈(أأمنتم) وأنتم تشركون بالله، (من في السماء) وهو الله ﷻ، (أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) كما يحصل في الزلازل تضطرب الأرض والله لا يأمن العباد لكن هؤلاء من جهلهم يأمنون، هذا الذي يدل عليه حالهم.

👈والشاهد أنه تعالى قال: (من في السماء) ومن في السماء هو الله ﷻ، هو الذي يعذب ويعاقب إن شاء لا يتصرف في كونه غيره ﷻ، (أم أمنتم) يعني: بل أمنتم (من في السماء أَن يرسل عليكم حاصباً) وهو التراب الذي فيه الحصى الصغير، والله يعذب به من شاء.

👈والشاهد في قوله تعالى: (من في السماء) فربنا قال لنا: إنه في السماء، ورسولنا ﷺ قال: إن ربنا في السماء، والمؤمنون في زمن رسولنا ﷺ قالوا: إن الله في السماء، كتلك الجارية التي سألها رسول الله ﷺ: "أين الله؟" فرفعت إصبعها وقالت: "في السماء".

👈والسلف كلهم كانوا يقولون ربنا في السماء، طيب هنا سؤال: (أأمنتم من في السماء) هل (في) تدل على الظرفية هنا؟ السماء هنا: إما أن يراد بها العلو، كما قال تعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء)، هذه السماء التي خلقت، (وأنزل من السماء ماء) الماء ينزل من هذه السماء المخلوقة أو دونها أسفل منها؟ أسفل منها من السحاب، لكنه عالي بالنسبة لنا فهو سماء.؛ فمعنى السماء العلو، وهنا لا إشكال فالله في علو ﷻ.

👈وإما أن يراد بها السماوات السبع المبنية، فيكون معنى (في) على، وهذا أسلوب عربي قرآني، تقول: سحت في الأرض، هل معنى هذا أنك دخلت في داخلها؟ معنى ذلك أنك سرت عليها؛ (ولأصلبنكم في جذوع النخل) هل يدخلهم داخل الجذوع؟ لا وإنما على الجذوع فيكون المعنى: أأمنتم من على السماء، وقد تقدم معنا أن العرش فوق السماوات سقف المخلوقات، وأن الله ﷻ مستو على عرشه فدل ذلك على علو ربنا ﷻ.

👈والأمر أعلى من أن تستقصى أدلته؛ فالأدلة كثيرة جداً وهو ظاهر جداً بحمد الله، ومع ذلك وقعت طوائف من المسلمين في التأويل، فبعض الناس يعيبون على أهل السنة حتى الآن تسمع في البرامج يسخرون ممن يقول: إن الله في السماء!! سبحان الله، الله قال: أنه في السماء، والرسول ﷺ يقول: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" يعني: ارحموا من على الأرض يرحمكم من على السماء، وهذا دليل على أن "في" بمعنى: على؛ لأن النبي ﷺ قال: "ارحموا من في الأرض" هل يعني في داخل الأرض؟ لا، على الأرض، يرحمكم من في السماء يعني: هو سبحانه على السماء، فيأتي أناس يقولون: لا، هؤلاء الوهابية، هولاء المجسمة، يطلقون الألقاب سبحان الله.

👈أدلة كثيرة جدا تدل على علو ربنا وهو اللائق بجلال الله ﷻ، ويأتي المؤولة يؤولون ويسخرون من أهل الحق، فبعضهم قال: الله ﷻ ليس في داخل الكون ولا خارجه، ولا أعلى ولا أسفل، فنفوا عنه صفات الوجود، فهو في الحقيقة عدم عندهم، فهم يعبدون عدماً.

👈ومن الناس من لم يرضَ بما قال الله وجاء بفرية عظيمة، قال: الله في كل مكان وفي كل شيء، فهم يعبدون في الحقيقة كل شيء، ولذلك بعضهم يقبلون أفواه الصبيان ويقولون فيها من الله نور الله فيها من الله، لأنهم يعتقدون أن الله في كل شيء، نعوذ بالله من الضلال.

👈ومن الناس من تورع وقال: الله في كل مكان بذاته مع علوه، وهذا لا ينفعهم في شيء، قل ما قال الله العلي الأعلى المتعال في السماء. قل ما قال رسول الله ﷺ.

👈سبحان الله، النبي ﷺ أشار بأصبعه، متى؟ في حجة الوداع عندما أشهد الناس، فكان يرفع أصبعه إلى السماء: "اللهم فاشهد"؛ ويسأل الجارية: "أين الله"؟ فتقول: في السماء، وتشير بأصبعها.
👈ويأتي المؤولة يقولون من رفع أصبعه إلى السماء مشيراً إلى الله فقد كفر، نعوذ بالله كيف يتجارى الشيطان بالناس؟ يفرون من شيء موهوم إلى ضلال معلوم، ولو آمنوا بما في كتاب الله وما في سنة
رسول الله ﷺ كما أمن به الصحابة لسلمت لهم أنفسهم، وصح اعتقادهم، وعظموا ربهم ﷻ. انتهى

المصدر 👇🏻
https://youtu.be/zHZIYv-I9mE?si=I-s53cVSe3h0LQ6p
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🍂الدرس الحادي والعشرون من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله 🍂

🌴قال ابن تيمية رحمه الله: وقوله تعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم مايلج في الأرض ومايخرج منها وماينزل من السماء ومايعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}

🌴وقوله: {مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولاخمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم}

🌴وقوله تعالى: {لاتحزن إن الله معنا}

👈بعد أن ذكر الشيخ رحمه الله الآيات الدالة على علو ربنا ﷻ، وعلى استواء الله ﷻ على عرشه، ذكر هنا الآيات الدالة على صفة المعية، وهذا ترتيب بديع يبين أن ربنا ﷻ قريب في علوه، وبائن من خلقه، وهو معهم ﷻ فلا يخالط خلقه، بل هو مستو على عرشه ﷻ بائن من خلقه ومع علوه الأعلى ﷻ، فإنّه ليس بعيداً عن خلقه، بل هو معهم معية عامة وخاصة؛ فهو العلي بذاته، المحيط بخلقه أجمعين، وهو معهم بسمعه وبصره وعلمه، وهو الولي سبحانه الذي هو مع عباده المؤمنين بنصره وعونه وتأييده وحفظه وتوفيقه فهاتان معيتان لربنا ﷻ: معية عامة ومعية خاصة، والفرق بينهما من وجوه:

▪️الأول: أن المعية العامة صفة ذاتية لربنا ﷻ لازمة: فربنا ﷻ محيط بخلقه عليم بهم، سميع لكلامهم، بصير بهم، يسمعهم ويراهم أزلاً وأبداً فربنا كان ولا يزال، ولا يكون إلا كذلك ﷻ.

👈وأما المعية الخاصة فهي صفة اختيارية تتعلق بالمشيئة، فربنا ﷻ يكون بعونه ونصره وتأييده وحفظه مع من شاء من عباده، إذا شاء ﷻ؛ فهذا وجه في الفرق بين المعية العامة والمعية الخاصة.

▪️الوجه الثاني: أن المعية العامة مع كل الخلق؛ فكل الخلق محيط بهم ربهم ﷻ: يراهم ويسمعهم، ويعلم أحوالهم، لا تخفى عليه منهم خافية ﷻ.

👈أما المعية الخاصة فهي معية مع بعض خلقه؛ كما كان الله ﷻ مع نبينا ﷺ وأبي بكر، وكما كان اللهﷻ مع موسى وهارون، وكما يكون ربنا ﷻ مع المؤمنين المحسنين المتقين الصابرين؛ فهذه معية خاصة مع بعض الخلق، يُنعم الله ﷻ بها على أوليائه، على أصفيائه الذين وحدوه واتقوه وعبدوه.

▪️والوجه الثالث: أن الإيمان بالمعية العامة يقوي في النفس الخوف من الله، ومراقبة الله، والإحسان في العبادة، والبعد عن المعاصي؛ فمن أمن أنَّ الله معه حيث كان، وأن الله يراه مهما تخفى، وأن الله يسمعه مهما أخفى، فإنّه يخاف الله، ويعظم خوفه من الله، وتشتد مراقبته لربه ﷻ، ويحسن عبادته لأنه يعبد الله كأنه يرى الله؛ فإن سقط عن هذا عبَد الله وهو يعلم أن الله يراه.

👈أما الإيمان بالمعية الخاصة فيكسب العبد قوة محبة الله، والتوكل على الله، والقوة بالله، ويدفع الخوف المذموم من النفوس.
فالذي يعلم أن الله معه ينصره ويحفظه ويعينه، كيف لا ترتفع همته؟!، كيف يقول: أنا لا أستطيع هذا العمل الصالح؟!، كيف لا يعظم توكله على ربه سبحانه وتعالى؟!، كيف لا يندفع من قلبه الخوف المذموم الذي يحجزه عن الطاعات، ويدفعه الى المعاصي؟!
كيف لا يعلم أنه قوي بربه ﷻ؟!

👈إذا كان ذلك كذلك، فهل القول: بأن معية الله لخلقه معية علم وإحاطة، ومعية نصر وحفظ تأويل للنصوص عن ظاهرها ؟!الجواب: لا، يقيناً فإن هذا هو ظاهر النصوص، وهو الذي تدل عليه اللغة، فمن عرف الله، وفهم آياته وعرف لسان العرب ومدلولاته يدرك إدراكاً جازماً أنَّ هذا هو معناها وهو ظاهرها؛ ففي لغة العرب معية الأعلى مع الأسفل لا تقتضي المخالطة، وإنما تقتضي المقارنة.

👈ألا ترى إنك لو قلت: سهرت الليلة مع القمر، وبت الليلة مع النجوم، لايفهم عاقل أن القمر نزل إليك، ولايفهم عاقل أنك طرت وجلست بجوار القمر، ولايفهم عاقل أنك طرت وخالطت النجوم، بل حتى في استعمالنا اليوم، يتصل بك والدك من دولة بعيدة، وأنت في المدينة فيسلم عليك، ويقول: فلان. فتقول: نعم معك؛ هل أنت مخالطه؟! لا، ولكنك معه، تقارنه وتسمعه وتكلمه، وهكذا في سائر الاستعمالات.

👈يقول الواحد منا مثلاً: الآن أنا مع الصحابة، فهل يفهم عاقل أنه يريد أنه يعيش مع الصحابة؟ لا شك أنه يفهم من كلامه إنه معهم في عقيدتهم، وفي تدينهم ولو أن أحدًا كذبه وقال له: لا، الصحابة قد ماتوا فكيف تكون معهم؟ لضحك منه الناس، وهذا هو معنى قول أهل اللغة إن مع تفيد المقارنة لا المخالطة، وإفادتها للمخالطة إنما تكون بالقرائن والسياق، وهذا مقدار زائد عن الدلالة.

👈ثم قد علمنا بأدلة كثيرة: أن ربنا ﷻ مستو على عرشه فوق سماواته، وأنه سبحانه العلي الأعلى المتعال، فإذا علمنا هذا، ثم علمنا أنه معنا؛ أدركنا يقيناً أنها معية ليست فيها مخالطة.

👈ثم إن السلف الصالح من صحابة رسول الله ﷺ، ومن اتبعهم بإحسان، وهم العارفون بالنصوص العارفون بلسان العرب، واستعمالات العرب لم يفهموا من المعية إلا ما ذكرناه، وقد أجمعوا على ذلك كما ذكره أبو عبد البر وغيره من العلماء، ولم يُنقل عن واحد منهم كلام يدل على أن المعية معية مخالطة وذات؛ وهذا أمر يدركه من يعرف كلامهم.
👈ثم إن المؤمن يؤمن إيماناً قطعياً أن النصوص ليس فيها اختلاف، ولا يدفع بعضها بعضاً، بل يقوي بعضها بعضاً في المعاني.
فإذا علمنا من النصوص يقيناً أن ربنا مستو على عرشه، وهو العلي الأعلى، وعلمنا بالنصوص أن ربنا مع خلقه، علمنا يقيناً أن هذا على وجه ليس بينه تدافع، فالله مستو على عرشه بذاته، بائن عن خلقه، وهو معهم بعلمه وسمعه وبصره، وهو مع المؤمنين بنصره وتوفيقه وعونه ﷻ.

👈وبعض الناس لجهلهم بالمنقول، وبما كان عليه الرسول ﷺ، وما كان عليه صحابة رسول الله ﷺ لم يثبت ما دلت عليه أدلة العلو، وهي تبلغ الآلاف، بل أوَّل العلو وأثبت المعية على وجه المخالطة أو التداخل، فضلَّ ضلالاً بعيداً ضلَّ في صفة العلو فأولها، وضلَّ في النصوص الدالة على المعية فحملها على غير معناها، ووصف الله ﷻ بما ينزّه عنه.

👈وبعض الناس اعتقد أن الله ﷻ علي بذاته ومع الناس بذاته، وهذا في الحقيقة فيه تناقض، وفيه تدافع ولا يتفق مع ما دلت عليه النصوص، وأجمع عليه سلف الأمة.

👈فالذي يوافق المنقول والمعقول ويتلائم مع اللغة والفطرة هو ما ذكرناه عن سلفنا الصالح رضوان الله عليهم في هذه العقيدة العظيمة، وهذه الصفة الكريمة.

🌴وقوله تعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم مايلج في الأرض ومايخرج منها وماينزل من السماء ومايعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}

👈يقول ابن جرير رحمه الله: يقول تعالى: "هو الذي أنشأ السماوات السبع والأرضين فدبرهن وما فيهن، ثم استوى على عرشه فارتفع عليه وعلا، ويقول تعالى مخبراً عن صفته: أنه لا تخفى عليه خافية من خلقه: (يعلم مايلج في الأرض) يعني: ما يدخل في الأرض من خلقه (ومايخرج منها وماينزل من السماء) إلى الأرض (ومايعرج فيها) فيصعد إليها من الأرض، (وهو معكم أين ما كنتم) وهو شاهد لكم أيها الناس، أينما كنتم يعلمكم، ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سمواته السبع، والله بأعمالكم التي تعملونها من حسن وسيئ ذو بصر، وهو لها محصن".

👈وقال الشيخ السعدي رحمه الله: "(وهو معكم أين ما كنتم) هذه المعية معية العلم والاطلاع، ولهذا توعد و وعد على المجازاة بالأعمال بقوله: (والله بما تعملون بصير)".

👈انظروا إلى سياق الآية كيف أنه واضح جداً في المعنى؛ ففي أول الآية أعلمنا ربنا أنه قد استوى على عرشه فوق سماواته، ثم بيّن لنا سبحانه سعة علمه وأنه لا تخفى عليه خافية، ثم أعلمنا سبحانه أنه مع خلقه حيث كانوا، أي: أنه سبحانه مع استوائه على عرشه ليس بعيداً عن خلقه، بل هو معهم بعلمه مع استوائه على عرشه.

👈وانظروا كيف سوّر الله قوله وهو معكم أينما كنتم بالعلم، فقبلها بيّن سبحانه سعة علمه، وبعدها بيّن سبحانه إحاطة علمه؛ مما يجعل البصير بالمعاني وبلسان العرب يدرك يقيناً أن هذه المعية معية بالعلم، وهذا أمر واضح بيّن.

🌴وقوله: {مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولاخمسة إلا هو سادسهم ولاأدنى من ذلك ولاأكثر إلا هو معهم أين ماكانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم}

👈يقول ابن جرير رحمه الله: "ألم تنظر يا محمد بعين قلبك فترى أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض من شيء، لا يخفى عليه صغير ذلك ولا كبيره؛ (مايكون من نجوى ثلاثة) من خلقه، يسمع سرهم ونجواهم ولا يخفى عليه شيء من أمرهم، وعنى سبحانه بقوله: (هو رابعهم) أي أنه مشاهدهم بعلمه، وهو على عرشه، ثم روى عن الضحاك أنه قال: هو فوق العرش وعلمه معهم" وهذا خلاصة تفسير السلف أجمعين للآية، وهو الذي أجمعوا عليه.

👈انظر إلى سياق الآية: كيف بدأت الآية ببيان سعة علم ربنا، وخُتمت ببيان إحاطة علمه، وبينها ذكرت المعية في سياق يدل على العلم، فهذه الآيات تفسيرها موجود في سياقها، وهاتان الآيتان كما
تلحظون في المعية العامة؛ ففيها إثبات معية الله لخلقه بعلمه ﷻ، وإحاطته لهم بسمعه وبصره ﷻ.

🌴وقوله تعالى: {لاتحزن إن الله معنا} هذه الآية في أمر النبي ﷺ مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهما في الغار والكفار يطلبونهما جادين، وقد اقتربوا من الغار ووقفوا عند فمه، بحيث لو نظرأحدهم أسفل قدمه لأبصر رسول الله ﷺ وصاحبه، فخاف أبو بكر الصديق رضي الله عنه واشتد قلقه على رسول الله ﷺ، فما كان من رسول الله ﷺ إلا أن طمأنه بقوله: (لا تحزن إن الله معنا).

👈يقول ابن السعدي رحمه الله: "إذ يقول النبي ﷺ لصاحبه أبي بكر لما حزن واشتد قلقه: (لا تحزن إن الله معنا) بعونه ونصره وتأييده".

👈انظر أيها العاقل يا من عرفت ربك وفهمت الآيات المنزلات إلى هذه الآية: النبي ﷺ مع صاحبه في الغار، والكفار بجوارهم لا يفصل هؤلاء عن أولئك الأبرار إلا مقدار يسير، لو كانت المعية هنا معية بالذات سيكون الله ﷻ مع النبي ﷺ ومع الكفار !! لكن الآية تنص على أن الله مع النبي ﷺ وصاحبه.
👈إذاً يندفع يقيناً الوهم أن الله معهم بذاته، وتأبى قلوب المؤمنين ذلك، فهي معية خاصة بالنبي ﷺ وأبي بكر، وهي المعية بالنصر والتأييد والحفظ.

👈ثم انظر كيف أن الآية في نصر الله لرسوله ﷺ، وهذا يدل على أن المعية هنا معية نصر وتأييد، فهذا واضح بيّن وهو ظاهر الآية، ولله الحمد والمنة.

🌴وقوله تعالى: {إنني معكما أسمع وأرى} هذه معية خاصة معية الله مع هارون وموسى عليهما السلام، عندما أرسلهما إلى فرعون الطاغية المتكبر المتجبر، فطمأنهما وقوى قلبيهما بهذا: (إنني معكما أسمع وأرى).

👈يقول ابن جرير رحمه الله: "قال الله لموسى وهارون: لا تخافا فرعون إنني معكما أعينكما عليه وأبصركما، وأسمع ما يجري بينكما وبينه؛ فأفهمكما ما تحاورانه به و أرى ما تفعلان ويفعل، لا يخفى علي من ذلك شيء".

👈الحظوا هل قال الله: إنني معكم، أو قال: إنني معكما؟ قال الله: (إنني معكما)، وهما مع فرعون يدعوانه إلى الله، فلو كانت المعية ذاتية لكان الله معهم جميعاً، لكن الآية نص في أن الله ﷻ مع موسى وهارون، فهي معية خاصة، وهي معية النصر والتأييد والحفظ، فدل ذلك على إثبات المعية الخاصة وعلى معناها دلالة واضحة بيّنة.

👈ومثل ذلك قول موسى عليه السلام: (كلا إن معي ربي سيهدين) يعني معي ربي بهدايته، سيهديني ويحفظني ويقيني من شر فرعون وقومه.

🌴وقوله تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}

👈ربنا يخبرنا أنه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

👈يقول السعدي رحمه الله: "والله مع المتقين المحسنين، بعونه وتوفيقه وتسديده، وهم الذين اتقوا الكفر والمعاصي، وأحسنوا في عبادة الله، بأن عبدوا الله كأنهم يرونه، فإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم، والإحسان إلى الخلق ببذل النفع لهم من كل وجه".

👈الله سبحانه وتعالى مع المتقين، فمن اتقى الله كان الله معه، والله من اتقى الله كان الله معه، فهو الغني بربه، وهو القوي بربه، وهو المحفوظ بحفظ ربه، يجعل الله له المخارج من المضايق، لا يضيق به أمر إلا جاءه الفرج من الرب سبحانه وتعالى، ومن أحسن عبادة ربه، وأحسن إلى خلق ربه أحسن الله إليه بأن كان معه سبحانه وتعالى، ولا شك إن هذه معية خاصة لأهل التقوى والإحسان؛ معية النصر والتأييد والحفظ والحماية والمصالحة.

🌴وقوله تعالى: {واصبروا إن الله مع الصابرين}

🌴وقوله: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}

👈(إن الله مع الصابرين)، (والله مع الصابرين) يخبرنا ربنا سبحانه وتعالى أنه مع الصابرين، يصبرهم ويعينهم ويفرج عنهم، فمن تصبّر صبره الله، ومن صبر أتاه الفرج، فالله مع الصابرين.

👈يقول ابن جرير رحمه الله: معناه فإن الله ناصره وظهيره وراض لفعله؛ هذا معنى (إِن الله مع الصابرين)؛ فالصابر الله ناصره، والله ظهيره ومعينه، وراض بصبره.

👈وقال ابن السعدي رحمه الله: " (إن الله مع الصابرين ) بالعون والنصر والتأييد".

🌴ومثل هذه الآيات أيضاً قول الله تعالى: {وأن الله مع المؤمنين}فالمؤمنون العاملون بالأعمال الصالحة، الله معهم يحفظهم، ويؤيدهم، ويوفقهم، ويثيبهم سبحانه وتعالى.

👈إذا علمنا أيها الإخوة: أنَّ الله بنصره، وحفظه، وتأييده، وتوفيقه، وتسديده مع المتقين، مع المحسنين، مع الصابرين، مع المؤمنين، فمن أراد أن يكون الله معه هذه المعية الخاصة؛ فليحرص على أن يكون من هؤلاء الأبرار.

👈إذا سمع بواجب لزمه ما استطاع، وإذا سمع بمندوب سابق الناس إليه، وإذا تزينت له المعصية تذكر أن الذي خلقه، وأوجد فيه القوة، وأوجد فيه القدرة على العصيان يراه ويسمعه.

👈ويعلم ما يفعل وإن أغلق الأبواب، وإن أخفض الصوت، وإن لم يره أحد من الناس، فينزجر عن معاصي الله؛ لأنه يستحضر هذه المعية العظيمة العامة لله عز وجل مع خلقه.

👈وليُحَسِّن خلقه، وليحسِن إلى الناس، وليصل إلى الناس نفعه وليكف عن الناس شره، فإن كان كذلك، وصبر على ما يأتيه من الناس؛ كان الله معه، ومن كان الله معه فهو أمة ولو كان واحداً، ومن كان الله معه كيف يخاف الخلق الذين يعصون الله ؟! يثبت قلبه، وتعلو همته ويعظم فعله، ويزداد تقرباً إلى ربه سبحانه وتعالى.

👈فوصيتي لنفسي وإخواني أن نتقي الله عزّ وجل، وأن يجدنا الله حيث أمرنا، فإذا نادى المؤذن بالصلاة كنا في المساجد نحن معاشر الرجال، وأن لا يجدنا الله حيث نهانا؛ فلا نجلس في أماكن المعاصي، ولا نجالس أهل البدع، ولا نكون من أهل العصيان وإن زلت القدم، والخطأ لا بد منه، فكل بني آدم خطاء، كنا أوابين رجاعين نرجع إلى ربنا سبحانه وتعالى لننال هذه المزية العظيمة.
وما أشرفها أن يكون الله معنا معية حفظ ونصر وتأييد ، وهذه المعية فوق معية الإحاطة والعلم، فنسأل الله أن يجعلنا كذلك، وأن يكرمنا بذلك، وأن يجعلنا من عباده المتقين. انتهى

المصدر 👇🏻

https://youtu.be/y8UdPBQaOm4?si=vvAvgpbZOlPU2A2m
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🍂الدرس الثاني والعشرين من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله 🍂

🌾مقاصد هذا الكتاب السبعة:

▪️فأولها: بيان موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة للقرآن فعقيدة أهل السنة والجماعة مطابقة للقرآن لفظا والمعاني التي يذكرونها هي ظواهر القرآن التي لم يدل دليل على خلافها.

▪️المقصد الثاني: بيان موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة لكلام رسول الله ﷺ، فأهل السنة والجماعة ينطقون في عقيدتهم بما نطق به رسول الله ﷺ لفظاً، ويعتقدون المعاني التي دل عليها كلام رسول الله ﷺ لا يغيرون ولا يحرفون، ومحال أن يكون رسول الله ﷺ علم الأمة حتى الأدب ولم يعلمها عقيدتها، ومن المحال أن يؤخر النبي ﷺ البيان عن وقت الحاجة في أقل الأمور فكيف بأعلاها وأعظمها ما يتعلق بربنا ﷻ.

▪️المقصد الثالث: بيان موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة لما كان عليه صحابة رسول الله ﷺ فعقيدة أهل السنة والجماعة مطابقة لعقيدة صحابة رسول الله ﷺ وهم رأس أهل السنة والجماعة ولم يأت حرف واحد عن صحابة رسول الله ﷺ يخالف ما اعتقده أهل السنة والجماعة.

▪️المقصد الرابع: بيان موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة للعقل الصحيح السليم فالعقل الصحيح السليم يدل دلالة بيّنة على ما اعتقده أهل السنة والجماعة.

▪️المقصد الخامس: بيان موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة للفطرة، وأن عقيدة أهل السنة والجماعة متفقة تماماً مع فطرة الإنسان السوية فما من أمر في فطرة الإنسان السوية إلا وعقيدة أهل السنة والجماعة تطابقه على الوجه الصحيح.

▪️ المقصد السادس: بيان موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة لما أراده الله ﷻ منا شرعاً وهو اليسر (يريد الله بكم اليسر) فعقيدة أهل السنة والجماعة في غاية اليسر ليس فيها تكلف وليس فيها تعنت.

▪️المقصد السابع: بيان موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة لما يليق بجلال الله ﷻ ولوسطية هذه الأمة التي جعلها الله ﷻ لهذه الأمة فعقيدة أهل السنة والجماعة هي اللائقة بجلال ربنا ﷻ وفيها
نفي كل تنقص عن ربنا ﷻ وفيها الوسطية الحقة التي جاء بها محمد ﷺ.

👈🏻كل هذه المقاصد تتحقق في هذا الكتاب مع صغر حجمه فهو كتاب يستطيع الإنسان أن يحفظه في أيام يسيرة ومع ذلك فهو كنز غالي فيه الكثير من الفوائد وفيه العظيم من المصالح الشرعية وفيه تحقق هذه المقاصد.

🌴قال ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: {ومن أصدق من الله حديثاً}

👈🏻هذه الآية وما بعدها من آيات كثيرة تبلغ بمجموعها عشرين آية تتعلق بصفة الكلام لربنا ﷻ ومسألة كلام الله تعالى مسألة كبيرة جداً من أكبر مسائل الاعتقاد وتترتب على إثباتها مسائل كثيرة في الإيمان ويترتب على نفيها خلل عظيم في الإيمان.

👈🏻ولذلك ذكر بعض أهل العلم أن العقيدة تُسمى بعلم الكلام من أجل هذه المسألة لأنها أكبر مسائل العقيدة وأكثرها تفريعاً والشيء يُسمى بأعظم ما فيه كما قال النبي ﷺ: (الحج عرفة)

👈🏻فقال بعض أهل العلم إن العقيدة تسمى بعلم الكلام نسبةً إلى هذه المسألة وبعضهم يقولون إن العقيدة تسمى بعلم الكلام نسبة إلى قواعد أهل الكلام ولا شك أن العقيدة بهذا المعنى لا تسمى بعلم الكلام على عقيدة أهل السنة والجماعة وإنما على عقيدة المخالفين لأهل السنة والجماعة.

👈🏻الشاهد أن هذه المسألة التي معنا مسألة كبيرة جداً وعظيمة جداً ومن المعلوم أن العقلاء مجمعون على أن الكلام صفة كمال وعلى أن ضده صفة نقص.

👈🏻كما أن المؤمنين مجمعون على أن ربنا ﷻ له الكمال المطلق وينزه عن كل نقص فيدل العقل دلالة بيّنة قطعية على إثبات صفة الكلام لله ﷻ فهو مطابق للنقل، وإنه يا عبدالله لا ينقضي عجبك من أقوام ينفون صفة الكلام عن ربنا ﷻ وهم عقلاء يدركون ما يدركه العقلاء ويعلمون النقل الكثير جداً الذي يدل على إثبات صفة الكلام لربنا ﷻ.

👈🏻فربنا ﷻ كما اخبرنا عن نفسه يتكلم ويقول ويحدث وينادي ويناجي وكل ذلك كلام، ربنا ﷻ يتكلم وربنا ﷻ يقول، وربنا ﷻ يحدث وربنا ﷻ ينادي وكلام ربنا ﷻ على الحقيقة على وجه الكمال المطلق لا يشبه ولا يكيف ولا يحرف ولا يؤول.

👈🏻وربنا يتكلم بحرف وصوت كما أخبر عنه أعلم عباده به وأصدق عباده قولاً وأعقل عباده عقلاً وأعظم عباده تنزيهاً لربه ﷻ ألا وهو سيدنا وسيد ولد آدم محمد ﷺ فقد دلت أحاديث نبينا ﷺ على أن
ربنا ﷻ يتكلم بحرف وقد استقرأ بعض العلماء الأحاديث الثابتة الدالة على أن ربنا ﷻ يتكلم بحرف فوجدها تزيد على أربعين حديثا تدل على ذلك.

👈🏻ومن ذلك قول النبي ﷺ: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف لكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) رواه الترمذي.

👈🏻لاحظوا أن النبي ﷺ ذكر الحروف في القرآن وقد دلت الأذلة القطعية على أن القرآن كلام الله، فالله يتكلم بحرفٍ وجاء في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (بينما جبريل قاعدٌ عند رسول الله ﷺ سمع نقيضاً فوقه) -النقيض هو الصوت الذي يشبه صوت الباب إذا فتح إذا فتح الباب تسمع شيئاً من الصرير
له عند فتحه هذا هو النقيض فسمع صوتا يشبه صوت فتح الباب- (فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم) -هذا اول امر باب من ابواب السماء، منذ خلق الله السماء وهو مغلق لم يفتح قط إلا في ذلك اليوم وهذا يدل على شيء عظيم- (فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل الى الارض لم ينزل قط الا اليوم) -باب من السماء لم يفتح قطء إلا اليوم وملك من الملائكة لم ينزل من السماء قطء إلا اليوم وهذا يدل على شيء عظيم ينزل-
(فسلمَ وقال للنبي ﷺ أبشر بنورين أُوتيتَهما لم يُؤتهما فيما قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما إلا أُوتيتَه)

👈🏻الله أكبر ما أعظم النعم، نوران آتاهما الله ﷻ لمحمد ﷺ وأمته من خواص هذه الأمة: الفاتحة و خواتيم سورة البقرة، اما الفاتحة فأظن ان كل مسلم يحفظها واما خواتيم سورة البقرة فينبغي لكل مسلم ان يحفظها، ففيها نور عظيم ومن قرأ بالآيتين من آخر سورة البقر في ليلة كفتاه، كفتاه ما يضره، كفتاه خيراً، كفتاه الهموم بأمر الله ﷻ.

👈🏻(لن تقرأ بحرف واحد منهما إلا أوتيته) لأن الذي فيها سؤال وذلك ينبغي ونحن نقرأ سورة الفاتحة حتى في الصلاة أن نستشعر أنّا ندعو ربنا ﷻ: (اهدنا الصراط المستقيم) دعاء طلب، (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).

👈🏻في اواخر سورة البقرة اذا قرأناها نستشعر ان ندعو، (لن تقرأ بحرف منهما إلا أوتيته) وشاهدوا أن الملك قال لنبينا ﷺ لن تقرأ بحرف منها وهذا لا شك أنه من كلام الله ﷻ، إذاً: ربنا يتكلم بحرف و أخبر نبينا ﷺعن ربنا أنه يتكلم بصوت فقال ﷺ: (يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعه من قَرُب) رواه البخاري في الصحيح، (فيناديهم بصوت).

👈🏻وإنا لنؤمن بما أخبر به نبينا ﷺ فربنا ﷻ يتكلم بصوت يسمعه من يشاء الله أن يسمعه فإن شاء سمعه من بعُد كما يسمعه من قرب وإن شاء سمعه عبد من عباده، كما كلَّمَ الله ﷻ موسى عليه السلام وكما كلَّمَ الله ﷻ نبيَّنا محمدًا ﷺ، وصفةُ الكلام صفةُ ذاتٍ وصفةُ فعل.

👈🏻فالله ﷻ كان متكلماً منذ الأزل ولم يزل متكلماً سبحانه فصفة الكلام في أصلها صفة ذات، وأما في آحادها فهي صفة فعل فالله يتكلم متى شاء بما شاء كيف شاء، فمتى أراد ربنا أن يتكلم تكلم
وبأي أمر أراد ان يتكلم تكلم إذا أراد الأمر أمر وإذا أراد النهي نهى واذا أراد الإخبار أخبر وهكذا ويتكلم كيف يشاء إن شاء أن يتكلم بالعربية تكلم بالعربية وإن شاء أن يتكلم بالعبرية تكلم بالعبرية
وإن شاء أن يتكلم بالسريانية تكلم بالسريانية وإن شاء أن يتكلم بغير ذلك تكلم بغير ذلك ﷻ.

👈🏻ربنا سبحانه كلّم الملائكة عندما أراد أن يخلق آدم كلّم الملائكة قال لهم: (إنّي جاعِلٌ في الأرض خليفة) وربنا ﷻ كلّم آدم وحوّاء في الجنة وكلّم موسى عليه السلام وهو في الواد المقدس وكلّم نبيّنا ﷺ ليلة الإسرى والمعراج، وسيكلم العباد يوم القيامة حيث يناديهم سيكلم ربنا كل واحد منا ليس بينه وبينه ترجمان، وسيكلم عيسى عليه السلام يوم القيامة وسيكلم أهل الجنة إذا دخلوا الجنة

👈🏻إذن: صفة الكلام صفة ذات وصفة فعل اختيارية، يتكلم الله ﷻ متى شاء وإن شاء الله كلّم عبده بواسطة الملك كما في كثير من الوحي إلى الأنبياء وإن شاء كلّم عبده كفاحاً بلا واسطة كتكليمه لجبريل عليه السلام وكما في تكليم ربنا لموسى عليه السلام وكما في تكليم ربنا لمحمد ﷺ وكما في تكليم ربنا سبحانه وتعالى لعباده يوم القيامة.

👈🏻إذا عرفنا أن الله ﷻ يتكلم متى شاء فهل إذا قال لنا قائل القرآن قديم نقبل قوله أو نرد قوله الجواب أن المعلوم أن القرآن كلام الله
وقد علمنا أن الله يتكلم متى شاء فعندما شاء أن ينزل القرآن على محمد ﷺ تكلم بالقرآن إذن مقولة إن القرآن قديم مقولة غير صحيحة، بل الله ﷻ تكلم بالقرآن عندما أراد انزاله على محمد ﷺ والمعلوم أن القرآن نزل منجماً على ثلاث وعشرين سنة.

👈🏻ومع كثرة الأدلة على أن ربنا ﷻ يتكلم ضل في هذه المسألة أقوام وأقوام، وشرقوا وغربوا حتى بلغت أقوالهم تسعة أقوال وأشهر أقوالهم قول بعضهم: إن كلام الله نفسي لا حقيقة له في الخارج، وقول بعضهم إن معنى أن الله يتكلم أنه يخلق الكلام في غيره وقد أجمع السلف على أن هذا القول كفر.

👈🏻ولا شك أن القرآن خاصم كل من ينفي الكلام عن الله ﷻ وأن النبي ﷺ خصم لكل من ينفي الكلام عن الله ﷻ، وإنا لأقوالهم لكارهون ولمعتقاداتهم مفارقون.

🌴قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقوله تعالى: {ومن أصدق من الله حديثاً}🌴{ومن أصدق من الله قيلا}

👈🏻يقول ابن جرير رحمه الله: المعنى: وأي ناطق أصدق من الله حديثاً، يقول ابن سعدي رحمه الله: ومعنى قوله: (ومن أصدق من الله حديثاً) (ومن أصدق من الله قيلا) إخبار بأن حديثه وأخباره وأقواله في أعلى مراتب الصدق، فهاتان الآيتان تدلان على أن الله ﷻ يتكلم وذلك من جهة قوله تعالى في الآيتين: (ومن أصدق) والمعلوم أن الذي يوصف بالصدق هو الكلام هذا هو الأصل.
👈🏻(ومن أصدق من الله) الله يتكلم وكلامه كله صدق، ومن جهة أن الله قال: (حديثا) فالله يُحدث والحديث هو الكلام الجديد، فهو نوع من الكلام، ومن جهة قوله تعالى: (قيلا) والقول هو الكلام، فدل كل ذلك على أن ربنا ﷻ يتكلم.

🌴وقوله تعالى: {وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم} نعم، في هذه الآية إثبات أن الله ﷻ يقول قولاً يُسمع وأنه يتكلم بكلمات (وإذ قال الله) ربنا ﷻ يقول: (وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم) هذه كلمات، والمعلوم أن القول الذي يُسمع يكون بحرف وصوت بإجماع العقلاء وأهل اللغة.

👈🏻لو أني سكت ثم قلت لأحدكم لماذا أكلمك ولا ترد علي؟ ماذا يقول لي؟ يقول: ما كلمتني ما سمعت حرفاً ولا صوتاً، ماكلمتني، وهذا يجمع عليه العقلاء ويجمع عليه أهل اللغة، فهذا كلام بحرف وصوت، وفي هذه الآية إثبات أن الله ﷻ يتكلم متى شاء، فليس كلامه قديماً بأصله ونوعه كما يقول المخالفون.

🌴{وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً} (كلمة) جنس، والجنس المضاف يعم، وفي هذه الآية أن الله يتكلم من جهة قوله ﷻ: (كلمة ربك) ومن جهة قوله ﷻ: (صدقا ً) كما تقدم قبل قليل أن الذي يوصف بالصدق هو الكلام.

👈🏻ومثل هذه الآية قوله ﷻ: (وتمت كلمة ربك لأملان جهنم من الجنة والناس أجمعين) ما هي هذه الكلمة؟ (لأملان جهنم من الجنة والناس أجمعين) فدلت هذه الآية على أن الله يتكلم بجمل وكلمات فيها حروف وأصوات، وكذلك قوله ﷻ: (وتمت كلمة ربك الحسنى).

🌴وقوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما}

👈🏻قال ابن جرير رحمه الله: يعني خاطب اللهُ ﷻ بكلامه موسى خطاباً، ففي هذه الآية أن الله تكلم وكلم موسى عندما شاء ذلك وأكد ذلك بالمصدر المؤكد: (تكليما) فكلام الله لموسى عليه السلام كلام حقيقي بلا ريب؛ لأن الله ﷻ قال: (وكلم الله موسى) وإنّا بما قال ربنا لمصدقون، وأكد هذا حتى ينتفي الإحتمال بقوله: (تكليما) فهذا مصدر مؤكد ينفي أي احتمال.

🌴وقوله تعالى: {منهم من كلم الله} أي: مِن الرسل مَن شرَّفه الله فكلمه كفاحاً بلا واسطة، وإلا فكل الرسل قد كلمهم الله بواسطة الملَك بالوحي، وهذا يدل على أن الله يتكلم متى شاء كيف شاء، الله كلم جميع الرسل حيث أوحى إليهم بواسطة الملَك لكن شرَّف بعض الرسل فكلمهم كفاحاً بلا واسطة، كما في تكليم ربنا لموسى عليه السلام ولنبينا محمد ﷺ فدل ذلك على أن ربنا يتكلم.

🌴وقوله تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه} في هذه الآية أن الله يتكلم متى شاء بما شاء فكلم ربنا موسى عليه السلام عند المجيء لا قبله، وقوله تعالى: (وكلمه ربه) في هذه الآية إثبات أن الله يتكلم متى شاء.

🌴وقوله تعالى: {وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيّا} في هذه الآية والآيات الأربع التي تليها إثبات أن الله ﷻ ينادي، والنداء نوع من الكلام بالاتفاق، وقد اتفق أئمة اللغة على أن النداء صوت رفيع يعني: عالي، فأهل اللغة متفقون على أن النداء لا يسمى نداء إلا إذا كان بصوت وكان رفيعاً عالياً، وما ليس بصوت لا يسمى نداءً بالاتفاق.

👈🏻ففي هذه الآية أن الله ﷻ نادى موسى عليه السلام في الطور، ففيها إثبات الكلام لله بصوت، وأنه ﷻ يتكلم متى شاء، ثم قال الله: (وقربناه نجيٌا) فربنا يناجي كما أنه ينادي، والنداء هو الكلام بصوت رفيع مع بعد، والمناجاة الكلام بصوت غير رفيع مع قرب.
المناجاة تكون مع قرب بصوت خفيف والنداء يكون مع بعد بصوت رفيع، فربنا ينادي وهذا كلام، وربنا يناجي وهذا كلام.

🌴وقوله تعالى: {وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين} في هذه الآية أن الله ﷻ نادى موسى عليه السلام، ففيها ما تقدم من إثبات الكلام لله بصوت، وأنه يكون متى شاء، وفي قول ربنا: (أن ائت القوم الظالمين) بيان للكلمات التي تكلم بها الله ﷻ عندما نادى موسى عليه السلام، وهذا يدل على أن كلام ربنا بصوت يُسمع.

🌴وقوله تعالى: {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين} أي نادى الله ﷻ أبانا آدم وأمنا حواء وهما في الجنة، وفي هذا إثبات صفة الكلام لله ﷻ وأنه كلام يُسمع، وأنه بصوت متى شاء، وفيه أن الله قال لهما، تلكم الكلمات.

🌴وقوله تعالى: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون}
🌴{ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين}

👈🏻في هاتين الآيتين أن الله ينادي الكفار يوم القيامة، فهذا كلام يسمعه بعض عباد الله يوم القيامة؛ وهم المشركون الذين أشركوا بالله ﷻ، وفي هذا إثبات أن الله يتكلم ويقول: (ويوم يناديهم) والنداء هو كلام بصوت بالإجماع (فيقول) والقول كلام بالإجماع (أين شركائي الذين كنتم تزعمون) فهذا هو الكلام الذي تكلم به الله ﷻ، فهو كلام بحرف وصوت.

👈🏻كذلك في قوله: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) فدل كل هذا على أن ربنا ﷻ يتكلّم، وأنّه يتكلّم متى شاء بما شاء بحرف وصوت، وأن كلام ربنا ﷻ يسمعه من شاء الله أن يسمعه، لا يشك في هذا مؤمن، ولا يتردد في هذا عالم باللغة، عارف بمعانيها.
2024/05/21 02:18:15
Back to Top
HTML Embed Code: