tg-me.com/Alghamddiprof2/5677
Last Update:
رسالة بيبرس إلى الامير بوهمند السادس
« قد علم القومص الجليل [ المبجل المعزز الهمام ، الأسد الضرغام ، بيمند فخر الأمة المسيحية ، رئيس الطائفة الصليبية كبير الأمة العيسوية بيمند المنتقلة مخاطبته بأخذ أنطاكية [ منه ] من البرنسية إلى القومصية ، ألهمه اللَّه رشده ، وقرن بالخير قصده ، وجعل النصيحة محفوظة عنده .
ما كان من قصدنا طرابلس وغزونا له في عقر الدار ، وما شاهده بعد رحيلنا من إخراب العمائر ، وهدم الأعمار ، وكيف كنست تلك الكنائس من بساط الأرض ، ودارت الدوائر على كل دار ، وكيف جعلت تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر ، وكيف قتلت الرجال ، واستخدمت الأولاد ، وتملكت الحرائر ، وكيف قطعت الأشجار ، ولم يترك إلا ما يصلح لأعواد المجانيق [ إن شاء اللَّه ] والستائر ، وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والمواشي ، وكيف استغنى الفقير وتأهل العازب واستخدم الخديم وركب الماشي » .
« هذا وأنت تنظر نظر المغشى عليه من الموت ، وإذا سمعت صوتا قلت فزعا :
على هذا الصوت ، وكيف رحلنا عنك رحيل من يعود ، وأخرناك وما كان تأخيرك إلا لأجل معدود . وكيف فارقنا بلادك ، وما بقيت ماشية إلا وهى لدينا ماشية ، ولا جارية إلا وهى في ملكنا جارية ، ولا سارية إلا وهى في أيدي المعاول سارية ، ولا زرع إلا وهو محصود ، ولا موجود لك إلا وهو منك مفقود ، ولا منعت تلك المغاير التي هي في رؤس الجبال الشاهقة ، ولا تلك الأودية التي هي في التخوم مخترفة وللعقول خارقة . وكيف سقنا عنك ولم يسبقنا إلى مدينتك أنطاكية خبر .
وكيف وصلنا إليها وأنت لا تصدق أننا نبعد عنك ، وأن بعدنا فسنعود على الأثر . وها نحن نبلغك بماتم ، ونفهمك بالبلاء الذي عم »
« كان رحيلنا عنك عن طرابلس يوم الأربعاء رابع عشرين شعبان ، ونزولنا أنطاكية في مستهل شهر رمضان . وفى حالة النزول خرجت عساكرك المبارزة فكسروا ، وتناصروا فما نصروا ، وأسر من بينهم كندا اسطبل ، فسأل مراجعة أصحابك . فدخل إلى المدينة ، فخرج هو وجماعة من رهبانك وأعيان أعوانك فتحدثوا معنا ، فرأيناهم على رأيك في إتلاف النفوس بالغرض الفاسد ، وأن رأيهم في الخير مختلف ، وقولهم في الشر واحد ، فلما رأيناهم قد فات فيهم الفوت ، وأنهم قد قدر اللَّه عليهم الموت رددناهم وقلنا : « نحن الساعة لكم نحاصر ، وهذا هو الأول في الإنذار والآخر » فرجعوا متشبهين بفعلك ومعتقدين أنك تدركهم بخيلك ورجلك ، ففي بعض ساعة مر شأن المرشان ، وداخل الرهب الرهبان ، ولان للبلاء القسطلان ، وجاءهم الموت من كل مكان » .
« وفتحناها بالسيف في الساعة الرابعة من يوم السبت رابع شهر رمضان ، وقتلنا كل من أخترته لحفظها والمحاماة عنها ، وما كان أحد منهم إلا وعنده شئ من الدنيا ، فما بقي أحد منا إلا وعنده شئ منهم ومنها . فلو رأيت خيّالتك وهم صرعى تحت أرجل الخيول ، وديارك والنهاية فيها تصول ، والكسّابة فيها تجول ، وأموالك وهى توزن بالقنطار ، وداماتك وكل أربع منهن تباع ، فتشترى من مالك بدينار ، ولو رأيت كنائسك وصلبانها قد كسرت ونشرت ، وصحفها من الأناجيل المزورة قد نثرت ، وقبور البطارقة قد بعثرت. ولو رأيت عدوك المسلم وقد داس مكان القداس والمدبح ، وقد ذبح فيه الراهب والقسيس والشماس ، والبطارقة وقد دهموا بطارقة ، وأبناء الملوك وقد دخلوا في المملكة . ولو شاهدت النيران وهى في قصورك تخترق ، والقتلى بنار الدنيا قبل الآخرة تحترق ، وقصورك وأحوالها قد حالت ، وكنيسة بولص وكنيسة القسيان قد زلَّت كل منها وزالت ، لكنت تقول : « يا ليتني كنت ترابا ، ويا ليتني لم أوت بهذا الخبر كتابا » ، ولكانت نفسك تذهب من حسرتك ، ولكنت تطفى تلك النيران بماء عبرتك . ولو رأيت مغانيك وقد أقفرت من معانيك ، ومراكبك وقد أخذت في السويدية بمراكبك ، فصارت سوانيك من من شوانيك ، لتيقنت أن الإله الذي أنطاك أنطاكية منك استرجعها ، والرب الذي أعطاك قلعتها منك قلعها ، ومن الأرض أقتلعها . ولتعلم أنا قد أخذنا بحمد اللَّه منك ما كنت أخذته من حصون الإسلام وهو : دير كوش ، وشقيف تلميس ، وشقيف كفردنين ، وجميع ما كان من بلاد أنطاكية ، واستنزلنا أصحابك من الصياصي وأخذناهم بالنواصي ، وفرقناهم في الداني والقاصى ، ولم يبق شئ يطلق عليه اسم العصيان إلا النهر ، فلو استطاع لما سمى بالعاصي ، وقد أجرى دموعه ندما ، وكان يذرفها عبرة صافية ، فهو أجراها بما سفكناه فيه دما ».
BY قناة حركة التاريخ
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280
Share with your friend now:
tg-me.com/Alghamddiprof2/5677