Telegram Group & Telegram Channel
*خطبة جمعة عن قصة جليبيب رضي الله عنه وما فيها من عبر*

الحمد لله جعل في قصص الأوائل عبرة، أحمده سبحانه وأزيد شكره، وأطلب عونه، وأساله هديه، وأرجو عفوه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمدا رسوله وعبده، حمل الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، فصل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن التزم سنته ونهجه.

ثم أما بعد: فأوصيكم -عباد الله- ونفسي المقصرة بتقوى الله، والخوف منه والإخلاص في القول والعمل له قبل لقياه، وعدم التعلق بملذات وشهوات هذه الحياة، فالدنيا فانية، وطول العمر فيها كالدقيقة، وقليله كالثانية، فاتقوا ربكم، واقصدوا جنانه العالية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

أيها المسلمون: يقول ربكم مادحا رسوله وصحابة نبيكم: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلك مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الفتح: 29]، وقال سبحانه: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)[الأحزاب: 23-24].

وجاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان بين خالد بن الوليد، وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالدٌ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإن أحدَكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهبا ما أدرك مدَّ أحدِهم ولا نصيفهُ".

ومن ثناء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عليهم؛ ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "مر أبو بكر والعباس -رضي الله عنهما- بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي -صلَّى الله عليه وسلم- منا، فدخل على النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فأخبره بذلك، قال: فخرج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وقد عصب على رأسه حاشية برد، قال: فصعد المنبر ــولم يصعده بعد ذلك اليوم- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" كما جاء في صحيح البخاري.

وقوله عليه الصلاة والسلام عمن شهد بدرا معه: "لعل الله اطلع إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة" أو "فقد غفرت لكم".

وكم هي الأدلة الواردة من الكتاب والسنة في فضلهم وحقهم رضي الله عنهم أجمعين.

وها أنا اليوم جئتكم بقصة لأحد أولئك الصحابة الذين قل ذكرهم، وكادت تنسى عند جيل اليوم أسماؤهم وأفعالهم وما قدموه من تضحيات وفدائية لدين الإسلام خاصة، ولهذه الأمة عامة، رغم اختلاف ألوانهم، وصفاتهم وأنسابهم، وطبقاتهم الاجتماعية، في زمن كان الفيصل فيه حب الله -جل وعلا- وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ هذا جليبيب -رضي الله عنه- من فقراء الصحابة، ذميم الخلقة، لكنه حسن الخلق، وكان لا ينظر إليه، ولا يعتبر به، عند من يعرفه ومن لا يعرفه إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكفى به، فقد كان يجلس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- جل وقته، فلا حسب ولا نسب، ولا مال ولا جمال، ويا لعلو ورفعة من جلس بين يدي الحبيب المصطفى، وفاز بقربه وحبه.

أيها الأحبة: في نظر كثير من الناس أن الفقير والضعيف وغير الجميل لا يملك من مقومات السعادة شيئا؛ إذ أنهم يظنون أن السعادة في المال أو الجمال، أو المنصب، أو الحسب والنسب، أما جليبيب فكان فقير الحال، لكنه غني بالإيمان، ورفع الله نسبه بالإسلام، وشرفه الله بالدخول في هذا الدين؛ فعن أبي برزة الأسلمي قال: "إن جليبيب كان امرءًا يدخل على النساء يمازحهن ويلاعبهن" قال أهل العلم: والمراد بالملاعبة هنا "الحديث معهن والدخول عليهن قبل الأمر بالحجاب"، فقلت لامرأتي: "لا تدخلن عليكن جليبيب؛ فإنه إن دخل عليكن لأفعلن وأفعلن"، وقد كانت الأنصار إذا كان لأحدهم أَيم (يعني أرملة او مطلقة) لم يزوجها حتى يعلم، هل للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيها حاجة أم لا، ومرة كان جليبيب يجلس عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال



tg-me.com/Comp_anions_stories/4423
Create:
Last Update:

*خطبة جمعة عن قصة جليبيب رضي الله عنه وما فيها من عبر*

الحمد لله جعل في قصص الأوائل عبرة، أحمده سبحانه وأزيد شكره، وأطلب عونه، وأساله هديه، وأرجو عفوه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمدا رسوله وعبده، حمل الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، فصل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن التزم سنته ونهجه.

ثم أما بعد: فأوصيكم -عباد الله- ونفسي المقصرة بتقوى الله، والخوف منه والإخلاص في القول والعمل له قبل لقياه، وعدم التعلق بملذات وشهوات هذه الحياة، فالدنيا فانية، وطول العمر فيها كالدقيقة، وقليله كالثانية، فاتقوا ربكم، واقصدوا جنانه العالية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

أيها المسلمون: يقول ربكم مادحا رسوله وصحابة نبيكم: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلك مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الفتح: 29]، وقال سبحانه: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)[الأحزاب: 23-24].

وجاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان بين خالد بن الوليد، وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالدٌ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإن أحدَكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهبا ما أدرك مدَّ أحدِهم ولا نصيفهُ".

ومن ثناء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عليهم؛ ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "مر أبو بكر والعباس -رضي الله عنهما- بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي -صلَّى الله عليه وسلم- منا، فدخل على النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فأخبره بذلك، قال: فخرج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وقد عصب على رأسه حاشية برد، قال: فصعد المنبر ــولم يصعده بعد ذلك اليوم- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" كما جاء في صحيح البخاري.

وقوله عليه الصلاة والسلام عمن شهد بدرا معه: "لعل الله اطلع إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة" أو "فقد غفرت لكم".

وكم هي الأدلة الواردة من الكتاب والسنة في فضلهم وحقهم رضي الله عنهم أجمعين.

وها أنا اليوم جئتكم بقصة لأحد أولئك الصحابة الذين قل ذكرهم، وكادت تنسى عند جيل اليوم أسماؤهم وأفعالهم وما قدموه من تضحيات وفدائية لدين الإسلام خاصة، ولهذه الأمة عامة، رغم اختلاف ألوانهم، وصفاتهم وأنسابهم، وطبقاتهم الاجتماعية، في زمن كان الفيصل فيه حب الله -جل وعلا- وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ هذا جليبيب -رضي الله عنه- من فقراء الصحابة، ذميم الخلقة، لكنه حسن الخلق، وكان لا ينظر إليه، ولا يعتبر به، عند من يعرفه ومن لا يعرفه إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكفى به، فقد كان يجلس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- جل وقته، فلا حسب ولا نسب، ولا مال ولا جمال، ويا لعلو ورفعة من جلس بين يدي الحبيب المصطفى، وفاز بقربه وحبه.

أيها الأحبة: في نظر كثير من الناس أن الفقير والضعيف وغير الجميل لا يملك من مقومات السعادة شيئا؛ إذ أنهم يظنون أن السعادة في المال أو الجمال، أو المنصب، أو الحسب والنسب، أما جليبيب فكان فقير الحال، لكنه غني بالإيمان، ورفع الله نسبه بالإسلام، وشرفه الله بالدخول في هذا الدين؛ فعن أبي برزة الأسلمي قال: "إن جليبيب كان امرءًا يدخل على النساء يمازحهن ويلاعبهن" قال أهل العلم: والمراد بالملاعبة هنا "الحديث معهن والدخول عليهن قبل الأمر بالحجاب"، فقلت لامرأتي: "لا تدخلن عليكن جليبيب؛ فإنه إن دخل عليكن لأفعلن وأفعلن"، وقد كانت الأنصار إذا كان لأحدهم أَيم (يعني أرملة او مطلقة) لم يزوجها حتى يعلم، هل للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيها حاجة أم لا، ومرة كان جليبيب يجلس عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال

BY 🎙📚 قناة سيرة الصحابة رضي الله عنهم 📚🎙


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280

Share with your friend now:
tg-me.com/Comp_anions_stories/4423

View MORE
Open in Telegram


قناة سيرة الصحابة رضي الله عنهم Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

To pay the bills, Mr. Durov is issuing investors $1 billion to $1.5 billion of company debt, with the promise of discounted equity if the company eventually goes public, the people briefed on the plans said. He has also announced plans to start selling ads in public Telegram channels as soon as later this year, as well as offering other premium services for businesses and users.

In many cases, the content resembled that of the marketplaces found on the dark web, a group of hidden websites that are popular among hackers and accessed using specific anonymising software.“We have recently been witnessing a 100 per cent-plus rise in Telegram usage by cybercriminals,” said Tal Samra, cyber threat analyst at Cyberint.The rise in nefarious activity comes as users flocked to the encrypted chat app earlier this year after changes to the privacy policy of Facebook-owned rival WhatsApp prompted many to seek out alternatives. قناة سيرة الصحابة رضي الله عنهم from us


Telegram 🎙📚 قناة سيرة الصحابة رضي الله عنهم 📚🎙
FROM USA