tg-me.com/DSALEHDZ/3136
Last Update:
من يجرؤ على تكفير الدجال؟
أحمد قوشتي
مع هذه الموجة من التشكيك في الثوابت ، وجهل الكثيرين بأصول العقيدة ، تخيل معي لو أن الدجال قد ظهر ، وزعم أنه رب العالمين ، ودعا الناس لاتباعه، فمن أطاعه نال الثروة والغنى ، ومن عصاه أصيب بالقحط والفقر ، وتعرض للتنكيل الشديد . من سيجرؤ وقتها على التصريح بأن الدجال كافر ؟؟ أنا أتخيل أن الأمور لو استمرت على هذا الوضع - وأسأل الله ألا يتحقق ذلك - فسوف يكون الحال قريبا مما يلي :- 1- مع مرور الوقت ستفقد ألفاظ مثل ( كافر ، وكفر ، ومشرك ، وأشرك ) معناها ودلالتها ، وستفرغ من كل قيمة عقدية ، وسوف تحذف من المناهج والكتب ، وتمنع على المنابر وفي المساجد ، كما سيجرم من يستعملها ، ويحاكم من يطلقها على أي أحد ، كائنا من كان . وفي النهاية سيصاب الجميع بحالة فوبيا مرضية من استعمال هذا المصطلح ، لأن كل من يردده سوف يتهم بالغلو ، ويتم نبذه تماما ، وإطلاق حملات شعواء لتشويهه . 2- بعد أن كانت كتب العقيدة التي يدرسونها للطلاب ينص فيها على " أننا لا نكفر مسلما ما لم يجحد معلوما من الضرورة " سوف تتحول الصياغة إلى شيء جديد ومطاط هو " لا نكفر أي إنسان قط مهما كان دينه أو معتقده " بمعنى أن أي إنسان مهما كانت عقيدته أو دينه فسوف نقبل منه ذلك سواء أكان هندوسيا أو بوذيا أو مجوسيا أو ملحدا ، ولا يصح إزدراؤه أو الإنكار عليه ، وإلا وقعنا تحت طائلة القانون . 3 - الدجال كما ورد في صحيح مسلم يهودي ، يعني أصله من أهل الكتاب ، وقد استقر الأمر تماما على أن أهل الكتاب مؤمنون ، ولن يجرؤ أحد قط وقتها أن يقول بكفرهم بعد أن جرى ما جرى لكل من قال بذلك . 4 - تحت شعار حرية الاعتقاد ، ونسبية الحقائق ، والبحث عن المشترك الإنساني ، وتمدد الحداثة وما بعدها ، وسيلان معاني المصطلحات ، وتفكيك معانيها ، وخلوها من أي ثابت أو قطعي ، ستدخل هذه اللفظة - أي كافر - إلى متحف التاريخ ، ولن يكون لها أدنى وجود لا في المعاجم ولا في الكتب ولا في الاستخدام اليومي .وسوف تظهر أجيال لا تفهم معنى هذه الكلمة أصلا ولا تعرف ماذا يراد بها ولا ماذا يترتب عليها من أحكام قلبية وعملية . 5- لا يوجد سبب قطعي لكفر الدجال ، فلا أحد شق عن قلبه ليجزم بكفره ، وهو لم يصرح بجحوده وإنكاره لوجود الله ، كما أن ادعاءه بأنه الرب يمكن تفسيره بمعنى السيد أو الحاكم ، وقوله إنه الله يمكن أن يحمل على المجاز والتأويل ، أو هو نوع من التوحد بالله والذوبان عشقا فيه ، وبعض الصوفية قديما خرجت منه شطحات وقال أنا الحق كما قال آخر ما في الجبة إلا الله ، وباب اللغة واسع لا قعر له ، واللفظة إذا احتملت تسعة وتسعين بابا للكفر وبابا واحدا لضده فلا يصح أن نتسرع بالحكم عليه . 6- أحاديث البخاري ومسلم التي ورد فيها التحذير من الدجال سيتم إطلاق حملات تشكيك واسعة فيها وفي السنة عموما ، وسيخرج من يوصفون بالباحثين التنويريين لتحذير الناس من تصديق تلك الكتب المليئة بالخرافة ، وما لا يمكن تصديقه ، وستخرج نسخ جديدة منقحة من تلك الكتب تشتمل فقط على أحاديث الأخلاق والتسامح وقيم العمل والإتقان وحب الأوطان . 7- أما خطب الجمعة فقد صارت خطبا موحدة منذ سنين طويلة تتكلم فقط عن أهمية النظافة ، والصبر على الغلاء من أجل الوطن ، وحب الزعماء ، والتضحية من أجلهم ، ولن يرد للدجال ذكر قط في أي مسجد أو في أي خطبة جمعة ، ومن سيذكره سيفصل فورا لمخالفته للخطبة الموحدة . 8- التكفير لن يكون إلا بحكم قضائي ، وسوف تصدر قوانين بتجريم إطلاق هذا اللفظ على أي شخص كائنا من كان ، وستخصص دائرة معينة للحكم في هذه القضايا يختار رئيسها بعناية فائقة لحساسية منصبه ، فضلا عن أنه لن يوجد وقتها من يستطيع أن يرفع دعوى ضد الدجال شخصيا ، مع كل هذا النفوذ ، والمال والسلطة ، والانتشار في كل بقاع العالم ، إنه أقوى من أمريكا وروسيا والصين ، ولا يمكن لأحد أن يواجهه وإلا قتل ، وهل تتصور وجود قاض يمكن أن يحكم عليه بالكفر. 9- أما المؤسسات الدينية على اختلاف أنواعها فقد استقر الأمر على أنها ليست منوطة مطلقا بالحكم بالكفر على أي أحد من الناس ، وهذا الأمر متروك لعلاقة الإنسان بربه ، فضلا عن أن باب الكفر والتكفير تم حذفه نهائيا من جميع المناهج الدينية ، وفصل كل من يثبت عليه استخدامه أو ترديده . 10- سوف تشكل محكمة دولية على غرار المحكمة الجنائية الدولية تتعقب كل من يصفون الدجال بالكفر ، وسوف يحاكمون بتهمة التشهير والإساءة للمعتقدات الدينية ، فضلا عن أن وسائل الإعلام العالمي سوف تبتكر مصطلحا جديدا على غرار معاداة السامية اسمه معاداة الدجالية ، وكل من يضبط متلبسا به سوف يسجن في معسكر تحت رعاية الحكومة العالمية .
BY الرواق الحجازي
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280
Share with your friend now:
tg-me.com/DSALEHDZ/3136