Telegram Group & Telegram Channel
#مسائل_التفسير
س: ما ترجيحكم لتفسير قول الله تعالى: {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} هل الكلام عن آدم عليه السلام وزوجه أم عن ذريته؟

الجواب:
خلاصة الجواب أنه لم يصحّ في تفسير هذه الآية حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أثر عن أحد من أصحابه.
روي فيها أثر عن أبيّ بن كعب ضعيف جداً، وآثار عن ابن عباس واهية الإسناد.
وأما التابعون فرويت عنهم آثار في تفسيرها فمنها ما يصحّ ومنها ما لا يصحّ عنهم من جهة الإسناد، وقد كتبت رسالة في تفسير هذه الآية، وخلاصة ما صحّ عنهم أنهم اختلفوا في تفسيرها على قولين:
أحدهما: أن مرجع ضمائر التثنية إلى آدم وحواء، واعتمدوا فيه على خبر إسرائيلي تعددت روايته ووقع فيها اختلاف إلا أنها اجتمعت على أنّ آدم وحواء سميا ولدهما عبد الحارث.
روي ذلك عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، والسدي، ورجحه ابن جرير.
والقول الآخر: أنَّ الشرك إنما كان في ذرية آدم ولم يقع من آدم وحواء شرك، وهذا قول الحسن البصري، ورجحه ابن القيم وابن كثير.
وهو القول الصواب ولا يحتمل السياق غيره، ومرجحاته كثيرة، وتخريجه من جهة اللغة على وجهين:
أحدهما: المراد بالنفس الواحد وزوجها الذي جعل منها آدم وحواء؛ ثمّ استطرد من الشخص إلى النوع، وهذا قول ابن القيم رحمه الله في مواضع من كتبه، وقال به ابن كثير في البداية والنهاية.
- قال ابن القيم في روضة المحبين: (فالنَّفسُ الواحدةُ وزوجُها آدمُ وحوَّاء، واللَّذان ‌جعلا ‌له ‌شركاء فيما آتاهما المشركون من أولادهما، ولا يُلتفت إلى غير ذلك مما قيل: إن آدم وحواء كانا لا يعيش لهما ولدٌ فأتاهما إبليس؛ فقال: إن أحببتما أن يعيش لكما ولدٌ؛ فسمِّياه عبد الحارث ففعلا، فإن الله سبحانه اجتباه وهداه، فلم يكن ليشرك به بعد ذلك)ا.هـ.

والوجه الآخر: المراد أصل النفس البشرية، وأنّ البشر قد خلقوا من نفسٍ واحدة ثمّ خُلق منها زوجها أي جعلت الزوجة من نفس جنس الزوج، ولم تُجعل من جنس آخر، كما قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ‌أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} وذكر السكن في الآيتين لأنه من شأن الأنفس، وهي الأرواح؛ فليس لآدم وحواء ذكر في آية الأعراف إلا لموافقة كونهما أصل البشر، ومقصد الآية التنبيه على أصل خلق الأنفس، فهي نظير ما في سورة المؤمنون من التنبيه على أصل خلق الأجساد كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ ‌سُلَالَةٍ ‌مِنْ ‌طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣)}
وآدم لم يُجعل نطفة، وإنما انتقل الحديث من بيان أصل خلق أبي البشر من طين، إلى أصل خلق ذريته بعد ذلك من نطفة.
فذكر الإنسان المخلوق من سلالة من طين وإن كان هو آدم عليه السلام إلا أنه ليس مقصوداً لذاته، وإنما لبيان أصل خلق أجساد الناس.
وفي سورة الأعراف ذكر أصل خلق الأنفس وهي الأرواح؛ بذكر النفس الأولى، وهي نفس آدم، ثم انتقل الحديث إلى خلق ذريته؛ فليس ذكر آدم وحواء مقصوداً لذاته في الآيتين.
بل هذه الآية نظير قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً}
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}
فذِكْر النفس الواحدة وزوجها، وذِكْر الذَّكَر والأنثى وإن كانا آدم وحواء ليس لأجل أشخاصهما، وإنما مقصد الآية تذكير الناس بأصل خلقتهم، ثم كيف كانت بعد ذلك بتقدير الله تعالى وحده، وتعريفهم بمنّة الله تعالى عليهم، وما كان من كثير من الناس في مقابلة تلك النعم العظيمة.
وعلى هذا فقوله تعالى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي تغشَّى الذكرُ الأنثى، لا يقصد به ذكرٌ بعينه، ولا أنثى بعينها، ولا يُقصد به النفس الأولى.



tg-me.com/Imufasser/1997
Create:
Last Update:

#مسائل_التفسير
س: ما ترجيحكم لتفسير قول الله تعالى: {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} هل الكلام عن آدم عليه السلام وزوجه أم عن ذريته؟

الجواب:
خلاصة الجواب أنه لم يصحّ في تفسير هذه الآية حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أثر عن أحد من أصحابه.
روي فيها أثر عن أبيّ بن كعب ضعيف جداً، وآثار عن ابن عباس واهية الإسناد.
وأما التابعون فرويت عنهم آثار في تفسيرها فمنها ما يصحّ ومنها ما لا يصحّ عنهم من جهة الإسناد، وقد كتبت رسالة في تفسير هذه الآية، وخلاصة ما صحّ عنهم أنهم اختلفوا في تفسيرها على قولين:
أحدهما: أن مرجع ضمائر التثنية إلى آدم وحواء، واعتمدوا فيه على خبر إسرائيلي تعددت روايته ووقع فيها اختلاف إلا أنها اجتمعت على أنّ آدم وحواء سميا ولدهما عبد الحارث.
روي ذلك عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، والسدي، ورجحه ابن جرير.
والقول الآخر: أنَّ الشرك إنما كان في ذرية آدم ولم يقع من آدم وحواء شرك، وهذا قول الحسن البصري، ورجحه ابن القيم وابن كثير.
وهو القول الصواب ولا يحتمل السياق غيره، ومرجحاته كثيرة، وتخريجه من جهة اللغة على وجهين:
أحدهما: المراد بالنفس الواحد وزوجها الذي جعل منها آدم وحواء؛ ثمّ استطرد من الشخص إلى النوع، وهذا قول ابن القيم رحمه الله في مواضع من كتبه، وقال به ابن كثير في البداية والنهاية.
- قال ابن القيم في روضة المحبين: (فالنَّفسُ الواحدةُ وزوجُها آدمُ وحوَّاء، واللَّذان ‌جعلا ‌له ‌شركاء فيما آتاهما المشركون من أولادهما، ولا يُلتفت إلى غير ذلك مما قيل: إن آدم وحواء كانا لا يعيش لهما ولدٌ فأتاهما إبليس؛ فقال: إن أحببتما أن يعيش لكما ولدٌ؛ فسمِّياه عبد الحارث ففعلا، فإن الله سبحانه اجتباه وهداه، فلم يكن ليشرك به بعد ذلك)ا.هـ.

والوجه الآخر: المراد أصل النفس البشرية، وأنّ البشر قد خلقوا من نفسٍ واحدة ثمّ خُلق منها زوجها أي جعلت الزوجة من نفس جنس الزوج، ولم تُجعل من جنس آخر، كما قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ‌أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} وذكر السكن في الآيتين لأنه من شأن الأنفس، وهي الأرواح؛ فليس لآدم وحواء ذكر في آية الأعراف إلا لموافقة كونهما أصل البشر، ومقصد الآية التنبيه على أصل خلق الأنفس، فهي نظير ما في سورة المؤمنون من التنبيه على أصل خلق الأجساد كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ ‌سُلَالَةٍ ‌مِنْ ‌طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣)}
وآدم لم يُجعل نطفة، وإنما انتقل الحديث من بيان أصل خلق أبي البشر من طين، إلى أصل خلق ذريته بعد ذلك من نطفة.
فذكر الإنسان المخلوق من سلالة من طين وإن كان هو آدم عليه السلام إلا أنه ليس مقصوداً لذاته، وإنما لبيان أصل خلق أجساد الناس.
وفي سورة الأعراف ذكر أصل خلق الأنفس وهي الأرواح؛ بذكر النفس الأولى، وهي نفس آدم، ثم انتقل الحديث إلى خلق ذريته؛ فليس ذكر آدم وحواء مقصوداً لذاته في الآيتين.
بل هذه الآية نظير قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً}
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}
فذِكْر النفس الواحدة وزوجها، وذِكْر الذَّكَر والأنثى وإن كانا آدم وحواء ليس لأجل أشخاصهما، وإنما مقصد الآية تذكير الناس بأصل خلقتهم، ثم كيف كانت بعد ذلك بتقدير الله تعالى وحده، وتعريفهم بمنّة الله تعالى عليهم، وما كان من كثير من الناس في مقابلة تلك النعم العظيمة.
وعلى هذا فقوله تعالى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي تغشَّى الذكرُ الأنثى، لا يقصد به ذكرٌ بعينه، ولا أنثى بعينها، ولا يُقصد به النفس الأولى.

BY معهد إعداد المفسّر


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280

Share with your friend now:
tg-me.com/Imufasser/1997

View MORE
Open in Telegram


معهد إعداد المفسّر Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

To pay the bills, Mr. Durov is issuing investors $1 billion to $1.5 billion of company debt, with the promise of discounted equity if the company eventually goes public, the people briefed on the plans said. He has also announced plans to start selling ads in public Telegram channels as soon as later this year, as well as offering other premium services for businesses and users.

Should You Buy Bitcoin?

In general, many financial experts support their clients’ desire to buy cryptocurrency, but they don’t recommend it unless clients express interest. “The biggest concern for us is if someone wants to invest in crypto and the investment they choose doesn’t do well, and then all of a sudden they can’t send their kids to college,” says Ian Harvey, a certified financial planner (CFP) in New York City. “Then it wasn’t worth the risk.” The speculative nature of cryptocurrency leads some planners to recommend it for clients’ “side” investments. “Some call it a Vegas account,” says Scott Hammel, a CFP in Dallas. “Let’s keep this away from our real long-term perspective, make sure it doesn’t become too large a portion of your portfolio.” In a very real sense, Bitcoin is like a single stock, and advisors wouldn’t recommend putting a sizable part of your portfolio into any one company. At most, planners suggest putting no more than 1% to 10% into Bitcoin if you’re passionate about it. “If it was one stock, you would never allocate any significant portion of your portfolio to it,” Hammel says.

معهد إعداد المفسّر from us


Telegram معهد إعداد المفسّر
FROM USA