tg-me.com/Nahumah/8647
Last Update:
رَمَضانُ الوَصْلِ ]
🌙 الَّليلةُ العاشرةُ ..
قالَ الشَّيخُ سائلاً :
هلْ بدَتْ عليكَ آثارُ الشّهرِ ؟!
التصَقَ التِّلميذُ بِثيابِهِ ، و ودَّ لو تَوارى عن عينِ الشّيخِ .. وقالَ :
أَنّى لي مَعرفةُ ذلكَ !
فابتَسمَ له العالِمُ وقالَ :
يا ولدي .. النّحلُ يَهتدي إلى الرَّحيقِ ..
فرائِحةُ الزّهرِ ؛ لا تُخْطِئُها سِلالُ النَّحلِ .. ولو بدا أثرُ الشَّهرِ لَـلَمحْتَ ذلك ، فالنّورُ إذا تلأْلأَ لا يَفنى !
ألمْ تَعلمْ .. أنّ ثمراتِ الطّاعاتِ عاجلاً ؛ هي بَشائرُ العامِلين !
إنّ لياليَ رمضانَ يا بنيّ .. هي ليالٍ بيضاءُ { مُسَلّمَةٌ لا شِيَةَ فيها } ؛ تُخبرُك من شدةِ نورِها على أيِّ قارعةٍ أنتَ !
هل أنتَ مِنِ أهلِ { يتَذبذَبونَ } .. أمْ أنتَ ممن { صدَقوا ما عَاهدوا اللهَ علَيه { !
يا ولَدي .. مَعرفتُك مَنْ أنتَ ؛ هي قاعِدتُك التي لا تَنهدمُ !
لقد كانَ " ابنُ حَزمٍ " العالمُ الأندلسيُّ الموسوعيُّ ؛ يُحصْي مَعايبَه ، ويَعُدُّ أخطاءَه مِن الحَوْلِ إلى الحَوْلِ ؛ وكان ذلك مِن معرفتِهِ بِنفسِهِ !
نحنُ اليومَ تُشَكِّلُنا ضَوضاءُ الواقِعِ .. تبعثرُنا .. أو تهدمُنا .. أو تقتلُ بعضَ ما فينا ... حتّى كأنَّنا مَن قِيلَ فيهم ( كمْ مرّةٍ مِتُّ ولمْ أنتَبِهْ ( !
قُلْها لِنفسِكَ :
كمْ مرّةٍ مِتُّ .. يومَ أذِنتُ للعَجزِ أن يقطِفَ أحْلامي !
كمْ مرّةٍ مِت ُّ.. يومَ أهدرْتُ ذاتي في سِباقٍ ليسَ لخيلي !
وكمْ مرّةٍ مِتُّ .. يومَ استعَرْتُ ريشَةَ غيري ؛ فرَسمْتُ بها بقيّةَ عُمْري !
ثِقْ أنّ لليقظةِ ضَريبةً .. لكنَّها أهونُ مِن رائحةِ الموتِ المُتكرِّرةِ !
لذا جاءَ رمضانُ .. فرمضانُ في الخَلوةِ يبعثُكَ .. يوقِفُكَ في الصّمتِ .. وأوّلُ الطّريقِ يا ولدي ؛ الصّمتُ ..
ثمْ يكشِفُ لك رمضانُ صوتَ أعماقِكَ ، ودَبيبَ مَلامِحِكَ من الدّاخلِ !
تُصَفَّدُ الشّياطينُ فيه .. فنكتَشِفُ أنّ عدوَّنا يُمسي ويُصْبحُ فينا !
حذارِ يا ولدي .. أنْ تموتَ وأنتَ واهِمٌ ؛ أنَّ بعضَ الغبارِ فقطْ عَلِق بِك !
حذارِ .. أن تموتَ دون خَلوةٍ ؛ تحْصي فيها شُموعَك .. أو ربّما عددَ انطفاءاتِكَ !
هذا الضّجيجُ البشريُّ مِن حَولِك ؛ يُشبِهُ الطّوفانَ ..
يَقودُك مِن حيثُ لا تَدري ..
ثقْ أنّهم يصنعونَ بينَك وبينَ السّماءِ فَجوةً .. وقـدْ كان بينَك وبَينَها لو انتبهْتَ ؛ خطوةٌ !
لذا يا ولدي ..
ادفِنْ وُجودَك في أرضِ الخُمولِ .. فما نبتَ ممّا لمْ يُدفنْ ؛ لا يتمُّ نَتَاجُهُ .. ولنْ يتمَّ نَتاجُهُ !
إنّ شَجرةَ { أصلُها ثابتٌ وفَرعُها في السَّماءِ } ؛ تكونُ لمن تجذّر طويلاً ..
واعتكفَ على ذاتِه ؛ حتّى طالتْ قامَتُهُ ، و قَبَضَ السّحابَ !
يا بنيّ ..
اظهَرْ في رمضانَ في حِليةِ أسمائِهِ عبداً للهِ .. ربانياً .. ألمْ تسمعْ عيسى في المَهدِ يقولُ { إنّي عبدُ اللهِ} !
ولا تَظهرْ في حِليةِ ذاتِك ، وتُشابِهِ الشّيطانَ يومَ قالَ { أنَا} !.
ولنْ تَبلُغَ ذلكَ حتّى تبلُغَ أنْ تعرفَ نفسَكَ وتبلغَ معنى ؛ { ما كذبَ الفؤادُ ما رأى} ..
فالقلبُ المصْقولُ ؛ تنعكسُ فيه الحَقائقُ جليّةً !
هل تَدري ..
كمْ هو الفارقُ بينَ أن يكونَ همُّك أن تكونَ بينَ العبادِ مَرئيّاً .. وبينَ أنْ تصيرَ عِند اللهِ مَرضيّاً ؟!
الفرقُ .. هو بينَ هُوّةِ الضَّياعِ وقِمّةِ الاكتمالِ !
ثِقْ يا بنيّ .. أنّ الذين يهتَدونَ للخَرابِ الذي في داخِلِهم ؛ همْ مَن يَكتَمِلون ..
ورمضانُ جاءَ يُخبرُك .. وينهي لك مَعاذيرَك ..
ويُبقي الحَقيقةَ لك ناصِعةً ؛ أنّ ثمّةَ حُطامٍ كثيرٍ فينا !
لا تَعتذرْ لنفسِك .. ولا تَتشبِّثْ بالخُيوطِ الواهِنةِ ..
تِلكَ الخُيوطُ ؛ هي حبالُ مِشنقَتِك !
قالَ التّلميذُ :
دُلَّنِي كيفَ أعرِفُ مَقامي عندَه ؟!
قالَ العالمُ الربانيُّ :
إذا أَرَدْتَ أنْ تَعْرِفَ قَدْرَكَ عِنْدَهُ ؛ فانْظُرْ في ماذا يُقيمُك َ.. فهو لا يُقيمُ أولياءَه إلا على مَدارجِ الوُصولِ !
يا ولدي ..
إنّ الخُذلانَ كلَّ الخُذلانِ ؛ أنْ تتفرّغَ من الشّواغلِ .. ثمَّ لا تَرحلُ إليه !
وتَقِلُّ عوائِقُك ؛ ثمّ لا تُهَروِلُ إليه !
قال التّلميذُ :
لكنّي فعلاً مَشغولٌ !
قال الشّيخُ :
أنت مُزْدَحِمٌ ولستَ مشغولاً ..
انفُضْ عنكَ تُرابَ الغِيابِ عنْهُ ؛ وسَتتَسِعُ لك الأوقاتُ والخطواتُ ..
ويَمُدُّك بسعيٍ ؛ تَفهمُ معها المَعنى الجَليلَ ؛ ( وكنتُ رِجْلَه التي يَمشي بها ) .. تبارَكَ في
عليائِهِ !
قال التّلميذُ :
فما إشارةُ أوّلِ السَّيْرِ ؟
قالَ الشَّيخُ :
كانَ السّلفُ الصّالحُ يقولون ؛( ما أقبلَ عبدٌ بقلبِهِ إلى اللهِ .. إلا أقبلَ اللهُ بقلوبِ المؤمنينَ إليهِ ؛ حتّى يرزقَهُ وُدَّهم ) ..
وتِلكَ هي الإشارةُ ..
فتنبّهْ !
د.كفاح أبو هنّود
BY ❈نهــــضة أمـــــــة❈
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280
Share with your friend now:
tg-me.com/Nahumah/8647