صيدلة - الدفعة 14 - جامعة السعيدة

كنت مهمومًا، تابعت أخبار الطائرة، وشعرت بالدنيا كلّها صغيرة. تضاءل لديّ كل شيء.
حتى لو كانت خلفك قوة بلاد كاملة، سيظل مصيرك غامضًا. لا يقين في هذه الحياة يا رفاق، مهما راكمت حولك من ضمانات؛ تظل عرضة للضياع الكبير. لا يقين في الحياة، فالرئيس تائه في الضباب ولست وحدك من يشعر بالتيه أو مهدّد بالضياع. الحياة كلّها ضباب. وكلّّ الطرقات متساوية. كنتَ راعي أغنامٍ في أقاصي الريف أو رئيس دولة، لا فرق بينكما في سؤال الحياة الأخير.

عش يا صاحبي، استيقظ لتجلب الحطب من الجبل أو الماء من الوادي. استيقظ لتواصل الحياة ولو لم يكن لك من عمل؛ سوى أن تخرج للمشي في الشارع وتتنفس الهواء. أحيانًا كثيرة هذا يكفي، ويكاد يكون معنى مكتمل للحياة. امنح كلّ حركة لك في هذه الأرض معنى؛ حتى أوقاتك الفارغة لها معناها في لوحة الحياة الكبيرة. أخطاءك جيدة وربما ضرورية، حماقاتك تغدو تلوينة مهمّة حين تنظر إليها من الخارج. هبْ كل أشياءك قيمة جديدة. ولا تبخس وجودك شيئًا قط.
كما لا تخشى شيئًا بعد اليوم. فلا أظن مصيرك سيكون أسوأ من مصير ملك الفرس. انزلق في الجو وفي الحدث حكمة قصوى عن هشاشة الحياة. على السطح تبدو هناك فروق خادعة في طبيعة العيش. في العمق، الحياة هشة دائمًا وقابلة للإندثار لسبب وحتى دونما سبب. الحياة هشّة؛ لكنها ثمينة. وجودك مهدد كلّ لحظة، وهذا لا ينفي أنّك مخلوق جبّار أيضًا.

عش يا صاحبي، ومهما تشابكت أمامك الدروب، فالمهم أنك ما تزال هنا، ترى التشابك وقادر على تجريب مسارات بديلة. حسبك أن تُجرّب اللعبة كلّ يوم؛ دونما توجس من المصير. ففي النهاية أنت بطل مكتمل لمجرد أنك تحيا في هذا الوجود الغامض، دونما ضمانات. أما ضياعك وأنت تمشي بقدميك في الأرض، ألطف من ضياعك في الجو. في الأخيرة، علامة سوء الطالع، لكأن الحياة تعمدت أن تقنصك؛ كي تهبط بك للأبد. منحتك وهمًا للتحليق؛ ثم سلبتك الروح دفعة واحدة.

@Pharmacy_Batch_14

www.tg-me.com/us/telegram/com.Pharmacy_Batch_14/1337

911 viewsأحـمـد الـنـبـعـي AL-Nabei, edited  May 20 at 11:10

كنت مهمومًا، تابعت أخبار الطائرة، وشعرت بالدنيا كلّها صغيرة. تضاءل لديّ كل شيء.
حتى لو كانت خلفك قوة بلاد كاملة، سيظل مصيرك غامضًا. لا يقين في هذه الحياة يا رفاق، مهما راكمت حولك من ضمانات؛ تظل عرضة للضياع الكبير. لا يقين في الحياة، فالرئيس تائه في الضباب ولست وحدك من يشعر بالتيه أو مهدّد بالضياع. الحياة كلّها ضباب. وكلّّ الطرقات متساوية. كنتَ راعي أغنامٍ في أقاصي الريف أو رئيس دولة، لا فرق بينكما في سؤال الحياة الأخير.

عش يا صاحبي، استيقظ لتجلب الحطب من الجبل أو الماء من الوادي. استيقظ لتواصل الحياة ولو لم يكن لك من عمل؛ سوى أن تخرج للمشي في الشارع وتتنفس الهواء. أحيانًا كثيرة هذا يكفي، ويكاد يكون معنى مكتمل للحياة. امنح كلّ حركة لك في هذه الأرض معنى؛ حتى أوقاتك الفارغة لها معناها في لوحة الحياة الكبيرة. أخطاءك جيدة وربما ضرورية، حماقاتك تغدو تلوينة مهمّة حين تنظر إليها من الخارج. هبْ كل أشياءك قيمة جديدة. ولا تبخس وجودك شيئًا قط.
كما لا تخشى شيئًا بعد اليوم. فلا أظن مصيرك سيكون أسوأ من مصير ملك الفرس. انزلق في الجو وفي الحدث حكمة قصوى عن هشاشة الحياة. على السطح تبدو هناك فروق خادعة في طبيعة العيش. في العمق، الحياة هشة دائمًا وقابلة للإندثار لسبب وحتى دونما سبب. الحياة هشّة؛ لكنها ثمينة. وجودك مهدد كلّ لحظة، وهذا لا ينفي أنّك مخلوق جبّار أيضًا.

عش يا صاحبي، ومهما تشابكت أمامك الدروب، فالمهم أنك ما تزال هنا، ترى التشابك وقادر على تجريب مسارات بديلة. حسبك أن تُجرّب اللعبة كلّ يوم؛ دونما توجس من المصير. ففي النهاية أنت بطل مكتمل لمجرد أنك تحيا في هذا الوجود الغامض، دونما ضمانات. أما ضياعك وأنت تمشي بقدميك في الأرض، ألطف من ضياعك في الجو. في الأخيرة، علامة سوء الطالع، لكأن الحياة تعمدت أن تقنصك؛ كي تهبط بك للأبد. منحتك وهمًا للتحليق؛ ثم سلبتك الروح دفعة واحدة.

@Pharmacy_Batch_14

BY صيدلة - الدفعة 14 - جامعة السعيدة