tg-me.com/aibndakhil/1886
Last Update:
#مسائل_التأصيل_العلمي
س3:كيف ينمّي طالب العلم مهارة الاستنباط لديه؟
الجواب: مهارة الاستنباط من أهم المهارات العلمية التي يحتاجها طالب العلم، وهي مرتبطة بفهم المسائل العلمية، ومعرفة مآخذها، وما يتصل بها من العلوم،
وإذا اكتسب طالب العلم تأصيلاً حسناً في علوم الشريعة واللغة العربية كانت لديه أدوات تعينه على إحسان الاستنباط والبراعة فيه، والتفطّن لمسائل قد تخفى على كثير من الناس، وربما استخرج بالاستنباط علماً غزيراً مباركاً ، وذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء.
والاستنباط ملكة علمية أصلها موهبة، لكنها قد تكتسب بكثرة التمرّن والدراسة المتدرّجة بإشراف علمي، ومن كان لديه أصل الموهبة، تعاهدها بالصقل والمران والتدرّب وكثرة الإفادة منها نبغ نبوغاً علمياً ظاهراً.
وكثير من العلماء الذين تكلموا في كثير من المسائل العلمية بكلام بديع معجب نافع لم يتلقنوا ذلك الكلام من شيوخٍ لهم، ولم يقتبسوه من غيرهم، وإنما هو مما منّ الله به عليهم من حسن الفهم وجودة البيان.
وطالب العلم إذا كانت لديه ملكة حسنة في الاستنباط وأدوات علمية يستخرج بها المسائل والدلائل أصبح البيان عنها قضية مساعدة يمكنه التدرّب عليها، لكن أصل العلم هو ما اختزن لديه وتحصل له من الاستخراج والاستنتاج.
ومن الأمور التي تعين على تنمية مَلَكَة الاستنباط:
الأمر الأول: أن يحسن دراسة طرق استخراج المسائل، وأن يجتهد في إتقان المهارات المتصلة بها، وقد خصصنا درسين في دورة "مهارات التفسير" لاستخراج المسائل اشتملا على شرح وتمثيل وتطبيقات مساعدة.
ومهارة استخراج المسائل أصل متقدّم على استنباط الأحكام والفوائد وأوجه الدلالات؛ لأن من لم يتنبّه لأصل المسألة لم يمكنه أن يتكلم في الاستنباط فيها.
الأمر الثاني: دراسة الدلالات التي تُستخرج بها الأحكام والفوائد واللطائف، وهي دلالات كثيرة متنوعة منها ما يتعلق بالدلالات اللفظية منطوقها ومفهومها، ومنها ما يتعلق بدلالات المفردات والتراكيب والأساليب، وقد عقدت دورتين في شرح تلك الدلالات هما: دورة أصول تدبر القرآن، ودورة أصول التفسير البياني، وفيهما دروس شارحة لتلك الدلالات بالتوضيح والتمثيل والتطبيقات المساعدة.
الأمر الثالث: القراءة في كتب العلماء الذين لهم براعة في الاستنباط وعناية به؛ من أمثال الشافعي، والبخاري، ومحمد بن نصر المروزي، وأبي جعفر الطحاوي، وابن خزيمة، وابن جرير، وأبي سليمان الخطابي، والنووي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب، وابن حجر، ومحمد بن عبد الوهاب، والسعدي، وابن عثيمين؛ فالقراءة في كتب هؤلاء العلماء وأضرابهم تنمي ملكة الاستنباط والتفنن في الاحتجاج مع مراعاة القواعد والأصول والضوابط، ومن أكثر من قراءة كتبهم حصل له اعتياد على طرائقهم في استخراج المسائل والدلائل، وتأثّر بأسلوبهم في البيان عنها.
وطالب العلم اللبيب إذا وقف على استنباط لطيف لبعض أهل العلم أفاده ذلك في إجراء مثله في نظائر تلك المسألة؛ فيتحصّل له بكثرة اجتماع لطائف الاستنباطات ثروة علمية لا يستهان بها إذا أحسن الإفادة منها، واستعمالها في نظائرها.
الأمر الرابع: مجالسة النابهين المفيدين من طلاب العلم إما مجالسة حضورية عن قرب، أو مجالسة افتراضية عن بعد بوسائل التواصل الاجتماعي، وذلك أن العقول إذا اجتمعت تلاقحت، وأثّر بعضها في بعض، ولا سيما في حال المذاكرة والتدارس، وللجليس أثرٌ لا يخفى على جليسه، ولا سيما مع اعتياد المجالسة.
قال النووي رحمه الله: (مذاكرة حاذق في الفنّ ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياماً).
لأن الحاذق لديه من المهارات والأدوات العلمية والخبرة ما يختصر على المستفيد منه كثيراً من الوقت والجهد ويقرّب له الفائدة ملخصة مبيَّنة، وبعض تلك الفوائد قد لا يجدها في الكتب؛ لأن كثيراً منها من جنس المهارات والتخريجات العلمية التي لا تُدرَّس تدريساً نظرياً، وإنما تكتسب بمجالسة أهل العلم الحاذقين به؛ فيستفيد من طريقة الحاذق بالعلم ما لا يستفيده بكثرة القراءة النظرية المجردة عن ذلك.
وينبغي لطالب العلم أن يجتنب صُحبةَ البطالين والهازلين ومجالستهم؛ حتى لا تسري إليه بعض أخلاقهم وطبائعهم، وإذا احتاج إلى مجالستهم لحقوق واجبة عليه أو ابتلي بمجالستهم فينبغي أن يكون مؤثراً فيهم لا متأثراً بهم، وأن يبادر بدلالتهم على ما ينفعهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والموعظة بالتي هي أحسن، وأن لا يدع لهم زمام قيادة المجلس إلى اللهو الباطل والهزل المذموم؛ فإذا غُلب على ذلك ولم يمكنه إنكار المنكر في المجلس فليدع ذلك المجلس.
الأمر الخامس: بناء أصل علمي في الاستنباط والفوائد العلمية التي يقتنصها طالب العلم أو تظهر له باستخراجه واستنباطه، فمن داوم على تدوينها في أصل مكتوب بخط اليد أو ملف إلكتروني استفاد فائدتين عظيميتن:
إحداهما: أن تدوينه لتلك الاستنباطات المستخرجة، والنقول المستجادة فيه يحفظها من الضياع والنسيان، ويجتمع له بعد مدة من الزمن ثروة علمية لا يستهان بها.
BY قناة عبد العزيز بن داخل المطيري
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280
Share with your friend now:
tg-me.com/aibndakhil/1886