tg-me.com/aldomiji/706
Last Update:
سلسلة الدروس الرمضانية
أ.د. عبد الله بن عمر الدميجي
الحلقة(19)
[مخالفة أهل الكتاب في شعائر الصوم]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لا زلنا نتنقل بين الفضائل العظيمة والثمار اليانعة لهذه الشعيرة العظيمة وهي الصيام.
الفضيلة الثالثة عشرة: تأكيد مخالفة أهل الكتاب.
من مقاصد الإسلام وأصوله العظيمة مخالفة أهل الكتاب والمشركين؛ لما في ذلك من اعتزاز المسلم بدينه واستقلالية تشريعاته، والنصوص في الأمر بمخالفتهم مستفيضة ومشهورة، منها قوله صلى الله عليه وسلم على سبيل التحذير: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِراعًا بذِراعٍ، حتّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودَ والنَّصارى؟ قالَ: فَمَنْ؟)).
فالمُسلم له هُويَّتُه التي تُميِّزُه عن غيرِه، وشَريعتُه التي فضَّلَه اللهُ بها على العالَمِين، وقدْ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على بَقاءِ هذا التَّميُّزِ والتَّفضيلِ، ومِن ثَمَّ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأمُرُ بمُخالَفةِ أهلِ الكِتابِ مِن اليَهودِ والنَّصارَى، ويُحذِّرُ مِن مُتابعتِهم.
وجاء تأكيد ذلك في الشعائر التعبدية المشتركة كالصلاة والحج، ومن ذلك التأكيد على مشروعية مخالفتهم في الصيام أيضاً، ففي مسلم عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السُّحُورِ)).
ومعلوم أن أهل الكتاب كان يلزمهم الإمساك عن الطعام والشراب والجماع إذا هم ناموا، فجاء التوجيه النّبوي الحاثّ على أكلة السحور التي تكون عادة بعد الاستيقاظ من النوم وقبيل الإمساك عند طلوع الفجر حين يلزم الإمساك.
وهذا الحديث يدل على مشروعية أكلة السحور؛ وتعليل ذلك بمخالفة أهل الكتاب.
كما جاء أيضاً هذا التعليل وهو مخالفة أهل الكتاب بتأخير السحور وتعجيل الفطر فقال صلى الله عليه وسلم : (( لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر)).
كما جاء الحثّ على تعجيل الفطر لعلّة المخالفة نفسها؛ فقد روى أبو داود وغيره بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((لا يزال الدين ظاهراً ما عجّل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون )).
ولتأكيد مخالفة أهل الكتاب في أكلة السحور فقد أكد عليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله:
- فقال صلى الله عليه وسلم :((تسحروا فإن في السحور بركة )).
وهذه البركة تحصل من عدة جهات:
-منها اتباع السنة.
-ومنها مخالفة أهل الكتاب، فالبركة في مخالفتهم.
-ومنها التقوي على العبادة، وغيرها.
ففيها منافع معنوية وحسية ونفسية.
- وأما فعله صلى الله عليه وسلم فكان يتسحّر قُبيل أذان الفجر، قال أنس رضي الله تعالى عنه: (إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه تسحرا؛ فلما فرغا من سحورهما قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصلّى، قلنا لأنس : كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة ؟ .قال : قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية).
فعلى المسلم ألّا يفرّط في هذه البركة ولو بشيء يسير؛ بتمرات ولبن، أو تمرات وماء وقد قال صلى الله عليه وسلم :(( نعم سحور المؤمن التمر)).
اللهم تقبل منا الصيام والقيام والصدقات، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميّتين، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
BY قَنَاة أ. د. عبدُالّلهِ بنُ عُمرَ الدُّمَيْجِي
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280
Share with your friend now:
tg-me.com/aldomiji/706