tg-me.com/jood_missk_salafy/11460
Last Update:
[مثالٌ جميلٌ يُبيّن لنا أنَّ المصائبَ قد يحصُل بها خيرٌ كثيرٌ للعبدِ]
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«ومِن الخَيرِ الذي قد يَحصُلُ بالمصائب:
أنَّه إذا حصلت له التَّوبة، والإنابة إلى الله، والاستكانة له، والتضرُّع = ذاق طعمَ الإيمان، ووَجَد حلاوةَ حبِّ الله ورسوله، فعَظُمَ إيمانُه علمًا وعملًا، وذاق من حلاوةِ ذلك ولذَّته ما لم يكن ذاقه قبل ذلك؛ لأنَّ هوى النفس وعاداتها الفاسدة كانت حجابًا له عن ذَوْقِ طعم الإيمان وَوَجْدِ حلاوتِه، فلمَّا حصَلَ البلاءُ أزالَ هوى النفس، فارتفعَ الحِجابُ، وذاقَ العبدُ حلاوةَ الإيمان.
مثل رَجُلٍ كان يُدْعى إلى أنواعٍ من المآكل الطيبة، والصور الجميلة، فلا يجيبُ إلى ذلك؛ اشتغالًا بما اعتاده في بلده من المآكل الرديَّة، والمناكح الرديَّة!
فأسَرَه عدوُّه أو حَبَسه، وجعل يُطْعِمه في سِجنه من تلك المآكل الطيبة، وأنكَحه من تلك المناكح التي كانت في بلده، وكان يُنْكِرها أولًا، فذاق ما لم يكن ذاقه، فلما أخرجوه من السجن، وأطلقوه من الأسر، أقام عندهم في بلدهم ولم يرجع إلى بلده؛ لما وجده من الطِّيب الذي لم يكن ذاقه، لا سيَّما إذا كان دينُهم خيرًا من دينه، فيذوق حلاوة الدين والدنيا.
كما يحصلُ لكثيرٍ من التَّتر إذا أسَرَهم المسلمون أو استرقُّوهم، ثم نقلوهم إلى عسكر المسلمين، فيذوقون في الرقِّ والأسر من حلاوة الدين والدنيا ما لم يكونوا يذوقونه في أوطانهم وهم أحرارٌ طلقاء.
والمرضُ سِجنُ الله، وكذلك سائر المصائب إذا رُزِق العبد فيها الإنابة حصل له من ذَوْقِ طعم الإيمان ووجود حلاوته ما لم يكن ذاقه، لا سيَّما إن حصل له مع ذلك نعيمٌ في بدنه ومسكنه، فيكون قد جمع نعيمَ الدين والدنيا هذا في نعمةٍ حاضرةٍ محسوسة.
فعليه أن يشكرَ اللهَ سبحانه وإن كان مأمورًا بالصَّبر؛ فإنَّ العبدَ في الحال الواحدة مأمورٌ بالصَّبر والشُّكر، فيصبر لما يجدُه من المرض، ويشكر لما يَراه من النِّعمةِ الظاهرة».
[«جامع المسائل» ط. عطاءات العلم (٩/٤١٠)]
https://www.tg-me.com/us/خِزَانَةُ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ/com.jood_missk_salafy
BY خِزَانَةُ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ
Share with your friend now:
tg-me.com/jood_missk_salafy/11460