tg-me.com/mbagherkojok/2595
Last Update:
.
ليلة نبتت لي أجنحةٌ وطرتُ فوق "ميرون"
.
"لم يجدوا شيئاً".
حينما، وقعت كباية الشاي، من حافة شرفتي العلوية، وارتطمت بالأرض، قال لي الجيران إنهم: لم يجدوا شيئا. ولا كسرة صغيرة من الزجاج!
.
في تلك الليلةِ الأخيرة من شهر آذار من سنة 24، كان بوق السيارةِ يطنُّ في أحد أوديةِ عيثرون، وكان خفاؤه عني، يؤكد لي أن الشباب أصبحوا في مأمن..
بوقٌ طويلٌ مبحوحٌ، كمواء قطّة سوداءَ في ليلةٍ معتمةٍ من ليالي شهر شباط..
وضعَ حبيبٌ من الأحبة، ملعقتان من السكّر في كوب الشاي الخاص بي، ولم أفهم المغزى من ذلك! أنا أشرب الشاي بربع تلك الكميّة، وهو كان يعرف ذلك مسبقاً!!
قال لي: الملائكةُ تحبُّ الأرواح الحلوةَ، وأنتَ يلزمكَ ملعقة ونصفٌ إضافية من السكّر..!
وقال لي أيضاً: حينما ينبتُ لك جناحانِ تحت كتفيكَ، ستتذكّر أن سبب تلك الأجنحة هو أنّك كنت "تطيرُ" كل ليلة جمعةٍ، لتجلس في زاوية من زوايا "الروضتين".. ذلك الطيران نحو الهيئةِ، كان يضيفُ على وجودكَ المعنوي، أجنحةً لم تكن لتراها الا الملائكةُ، والأطفال.
.
رفعتُ كوب الشاي إلى فمي. كانت رائحته كالعنبر. ومذاقه حلواً، ككفّي أمي، ونكهتهُ عميقةً كلحظة سكون إلى جانب أبي.. وكان الكأس دافئاً كسجدتينِ في آخر لحظات السّحر.
.
وضعتُ منظارَي الحراري على عيني. راقبت الطريق بين البيوت في المستعمرة. وكما قال لي الشباب، كانت هناك مجموعةٌ من استخبارات العدو، قد عادت للتموضع في بيتٍ مخفي.
في الاسابيع السابقة، استطاعت هذه المجموعة، أن تستهدفَ ثلاثة شبابٍ، وطفلاً، وامرأتين، وعدة بيوت، ومخزناً، وأرضاً زراعيةً، وبقرتينِ لأحد الفلاحين.
وكانت تستحقُّ الموت.
.
بإصبعٍ واحدٍ، كانَ الصاروخ يؤدي شعيرةَ الموتِ المفضلةِ نحو "ميرون"، ويصدحُ من خلفه دعاءٌ كنا نرددهُ في ليالي القدر، خصوصاً بعد أن يفرغ المسجد من الناس.
.
قالتْ لي الكائناتُ العلوية فيما بعد، إنّ الصاروخ أصاب هدفه. وأن الفلاحَ سرعان ما انفرجَ قلبهُ، وإنَّ هناك أمٌّ لطفلٍ انتعش جسدها من جديد ليستقبل جنيناً حديثاً، وأن التراب عادَ وأصبح حياً.. وأنَّ مطراً مفاجئاً هطل على البلاد.
وأنّ..
الشبابَ.. فتَّشوا بين الأحجار والركامِ.. عنّي.. فلم يجدوا شيئاً!
كأني كنت كوبَ شاي تحطم وتبخّر!
.
في تلك السماء السابعةِ، اتسعت جانحاي إلى أن ملأت نصف السّماء..! وسمعت من خلف ظلالها، حزناً عميقاً نبتَ فجأة من جدران بساتين الجنّة، يسأل عن الوقت الذي سيتاحُ لها أن ترى وجه صاحب الأجنحة!
حتّى أن حور العين، لخفاء وجه صاحب الأجنجة، تبكي.
هناكَ نبعٌ كامل من دموع حور العين في الجنات!
.
انكسر كوب الشاي..
وكان الشبابُ،
كلّما انكسرَ كوبٌ، تفاءلوا بولادةِ أجنجةٍ لأحد هؤلاء الطيبين شاربي الشاي..
وزارعي الأجنحة في كل مكان..
.
#ب_كجك
#أنار
.
https://chat.whatsapp.com/LW4X42xGsV9BWpdGVedZNh
BY محمد باقر كجك
Share with your friend now:
tg-me.com/mbagherkojok/2595