Telegram Group & Telegram Channel
الساعات الأخيرة من رمضان.. ساعاتٌ وينفضُّ السوق.. سوق الرحمات الكبير..

وتلك هي ساعات أمثالنا ممن يرجو أن يلحق بركب المقبولين والعتقاء رغم ضعفه ووهنه وسوء بضاعته..


تلك هي ساعاتنا وفرصتنا، فإن أهل الهمة والسبق والنشاط قد حصلوا على العتق في الأيام الأولى، ومن كان أدنى منهم همة فقد أدركه فضل الله في الأيام الوسطى.. وأما أمثالنا ممن يأتي على عرج وعلى عوج وعلى مهل فإننا نطمع فيما بقي من الرحمة التي نهل منها السابقون..


قد جعل الله آخر رمضان أفضله لتشتد فيه الهمم، وما أحسبها إلا همم المتبطلين المقصرين.. أولئك الذين لم تنهض همتهم ولا أعمالهم لتقتنص الفضل الوافر من أيامه الأولى..


ثم من يدري..


من يدري، هل نستطيع أن نعبد الله في رمضان مرة أخرى أم لا..


فلعله الموت يأتينا فلا نرى شمس رمضان ولا غروبها أبدا.. وكم في القبور الآن من يتمنى لو أنه اغتنم ساعة أخيرة من رمضانه الأخير! إذن لتغير مصيره الأبدي كله..


ترى ما قدر حسرة امرئ في قبره يتذكر ساعة أخيرة من رمضانه الأخيرة فرَّط فيها واستعجل على نفسه لهو العيد وعبثه.. أكاد أراه يتقطع من الغيظ والغضب على نفسه وعلى ما فرطت..


فها نحن في تلك الفرصة.. فلنغتنم ما استطعنا!


ثم من يدري..


من يدري لعله يصيبنا مرض فيحرمنا من الصيام أو القيام أو لذة تلاوة القرآن.. وكم على سرير المرض الآن من يتمنى لحظة قيام أو ساعة صيام أو تلاوة صفحة من كتاب الله..


كم من مريض يمر عليه رمضان وهو في غيبوبة لا يشعر به، أو يشعر به ولا يستطيع أن يؤدي العبادة فيه، فيجول بخاطره رمضانه الأخير الذي كان فيه يصوم ويصلي ويتلو.. فكيف تكون أشواق هذا ليعود لما كان فيه؟ وكيف هي أحزانه أن عجز عن عادته في رمضان؟!


ثم من يدري..


من يدري، ونحن أبناء الأمة المستضعفة المضطهدة التي تتقلب أحوالها وتضطرب أيامها، وتأتيها الكوارث على غير حساب.. من يدري كيف سيكون حالنا في رمضان القادم؟!


نسأل الله السلامة والعافية والعزة والنصر.. ولكن!


كم من مسلم كان سليما معافى في رمضان سابق جاء عليه هذا وهو قد فقد جارحة: عينا أو لسانا أو يدا أو رجلا..

كم من مسلم كان حرا طليقا فإذا به اليوم أسير، أسير لا يملك أن يعبد الله في رمضان، بل هو في حكم سجانه الطاغية الذي يتفنن في إيذائه..

كم من مسلم كان في بلده وأهله هو اليوم مغترب في بلاد كفر لا يسمع فيها الأذان ولا يجد حوله صلاة تراويح..

لا أتحدث هنا عن أجر هؤلاء، فإن الله يكتب لعباده أجر عمل اعتادوه وعجزوا عنه، إنما الحديث عن الفرصة المفقودة.. الفرصة التي يعجزون عن إدراكها بعد أن ذاقوا حلاوتها.

تلك الفرصة ما زلنا نحن فيها، ولا تزال أمامنا منها ساعات.. ساعات قد تكون الأخيرة!


أكثرنا اليوم يختم القرآن.. وفي أجزاء القرآن الأخيرة آيات ذات أثر عميق، كأنها آيات تنبه العبد إلى أحوال نهايته..

مثلا:

- في سورة الحديد تقرأ: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون)


هذه الآية تقول ألم يحن الوقت بعد كل هذا القرآن الذي تلوته أن يخشع قلبك لذكر الله.. هل سيطول عليك أمد ترك كتاب الله فيقسو قلبك؟ هكذا فعل الذين أوتوا الكتاب قديما، لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم.. اعلموا أن الله يحيي القلوب بعد قسوتها كما يحيي الأرض بعد موتها!


- في سورة الحشر تقرأ (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)


ربما تتلو القرآن وأنت غافل عن المعنى فتأتي هذه الآية لتكشف لك حجم الأزمة التي أنت فيها.. إن هذا القرآن الذي توشك على ختمه لو كان قد نزل على جبل لكان الآن قد خشع وتصدع من خشيته لله.. ألم يحدث هذا لقلبك بعد؟!


تحاول أن تستوعب المعنى من جديد، تقرأ الآية التي تسبقها لتفهم السياق، فإذا أنت أمام قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أولئك هم الفاسقون)..


لا تترك كتاب الله، فتنسى الله، وحين تنسى الله فستذهب منك نفسك، تضيع وتتوه في أودية الدنيا، والدنيا كثيرة الأودية كثيفة المسالك والمهالك.. لا يمسك نفسه فيها إلا من تعلق بحبل الله وذكره.


- في سورة المنافقين والتغابن تقرأ نفس المعنى في آيات مختلفة:


(يا أيها الذين آمنوا لا تُلْهِكُم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) [المنافقون]


(يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم، وإن تعفو وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم * إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم) [التغابن]


وقع في قلبي أنها تحذير من العودة بعد رمضان إلى مشاغل الأهل والولد حتى ليغفل المرء بها عن ذكر الله الذي كان يمارسه في رمضان..


والوصية التي تتلو كلا الآيتين، وصية إنفاق..



tg-me.com/mohame59/2016
Create:
Last Update:

الساعات الأخيرة من رمضان.. ساعاتٌ وينفضُّ السوق.. سوق الرحمات الكبير..

وتلك هي ساعات أمثالنا ممن يرجو أن يلحق بركب المقبولين والعتقاء رغم ضعفه ووهنه وسوء بضاعته..


تلك هي ساعاتنا وفرصتنا، فإن أهل الهمة والسبق والنشاط قد حصلوا على العتق في الأيام الأولى، ومن كان أدنى منهم همة فقد أدركه فضل الله في الأيام الوسطى.. وأما أمثالنا ممن يأتي على عرج وعلى عوج وعلى مهل فإننا نطمع فيما بقي من الرحمة التي نهل منها السابقون..


قد جعل الله آخر رمضان أفضله لتشتد فيه الهمم، وما أحسبها إلا همم المتبطلين المقصرين.. أولئك الذين لم تنهض همتهم ولا أعمالهم لتقتنص الفضل الوافر من أيامه الأولى..


ثم من يدري..


من يدري، هل نستطيع أن نعبد الله في رمضان مرة أخرى أم لا..


فلعله الموت يأتينا فلا نرى شمس رمضان ولا غروبها أبدا.. وكم في القبور الآن من يتمنى لو أنه اغتنم ساعة أخيرة من رمضانه الأخير! إذن لتغير مصيره الأبدي كله..


ترى ما قدر حسرة امرئ في قبره يتذكر ساعة أخيرة من رمضانه الأخيرة فرَّط فيها واستعجل على نفسه لهو العيد وعبثه.. أكاد أراه يتقطع من الغيظ والغضب على نفسه وعلى ما فرطت..


فها نحن في تلك الفرصة.. فلنغتنم ما استطعنا!


ثم من يدري..


من يدري لعله يصيبنا مرض فيحرمنا من الصيام أو القيام أو لذة تلاوة القرآن.. وكم على سرير المرض الآن من يتمنى لحظة قيام أو ساعة صيام أو تلاوة صفحة من كتاب الله..


كم من مريض يمر عليه رمضان وهو في غيبوبة لا يشعر به، أو يشعر به ولا يستطيع أن يؤدي العبادة فيه، فيجول بخاطره رمضانه الأخير الذي كان فيه يصوم ويصلي ويتلو.. فكيف تكون أشواق هذا ليعود لما كان فيه؟ وكيف هي أحزانه أن عجز عن عادته في رمضان؟!


ثم من يدري..


من يدري، ونحن أبناء الأمة المستضعفة المضطهدة التي تتقلب أحوالها وتضطرب أيامها، وتأتيها الكوارث على غير حساب.. من يدري كيف سيكون حالنا في رمضان القادم؟!


نسأل الله السلامة والعافية والعزة والنصر.. ولكن!


كم من مسلم كان سليما معافى في رمضان سابق جاء عليه هذا وهو قد فقد جارحة: عينا أو لسانا أو يدا أو رجلا..

كم من مسلم كان حرا طليقا فإذا به اليوم أسير، أسير لا يملك أن يعبد الله في رمضان، بل هو في حكم سجانه الطاغية الذي يتفنن في إيذائه..

كم من مسلم كان في بلده وأهله هو اليوم مغترب في بلاد كفر لا يسمع فيها الأذان ولا يجد حوله صلاة تراويح..

لا أتحدث هنا عن أجر هؤلاء، فإن الله يكتب لعباده أجر عمل اعتادوه وعجزوا عنه، إنما الحديث عن الفرصة المفقودة.. الفرصة التي يعجزون عن إدراكها بعد أن ذاقوا حلاوتها.

تلك الفرصة ما زلنا نحن فيها، ولا تزال أمامنا منها ساعات.. ساعات قد تكون الأخيرة!


أكثرنا اليوم يختم القرآن.. وفي أجزاء القرآن الأخيرة آيات ذات أثر عميق، كأنها آيات تنبه العبد إلى أحوال نهايته..

مثلا:

- في سورة الحديد تقرأ: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون)


هذه الآية تقول ألم يحن الوقت بعد كل هذا القرآن الذي تلوته أن يخشع قلبك لذكر الله.. هل سيطول عليك أمد ترك كتاب الله فيقسو قلبك؟ هكذا فعل الذين أوتوا الكتاب قديما، لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم.. اعلموا أن الله يحيي القلوب بعد قسوتها كما يحيي الأرض بعد موتها!


- في سورة الحشر تقرأ (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)


ربما تتلو القرآن وأنت غافل عن المعنى فتأتي هذه الآية لتكشف لك حجم الأزمة التي أنت فيها.. إن هذا القرآن الذي توشك على ختمه لو كان قد نزل على جبل لكان الآن قد خشع وتصدع من خشيته لله.. ألم يحدث هذا لقلبك بعد؟!


تحاول أن تستوعب المعنى من جديد، تقرأ الآية التي تسبقها لتفهم السياق، فإذا أنت أمام قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أولئك هم الفاسقون)..


لا تترك كتاب الله، فتنسى الله، وحين تنسى الله فستذهب منك نفسك، تضيع وتتوه في أودية الدنيا، والدنيا كثيرة الأودية كثيفة المسالك والمهالك.. لا يمسك نفسه فيها إلا من تعلق بحبل الله وذكره.


- في سورة المنافقين والتغابن تقرأ نفس المعنى في آيات مختلفة:


(يا أيها الذين آمنوا لا تُلْهِكُم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) [المنافقون]


(يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم، وإن تعفو وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم * إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم) [التغابن]


وقع في قلبي أنها تحذير من العودة بعد رمضان إلى مشاغل الأهل والولد حتى ليغفل المرء بها عن ذكر الله الذي كان يمارسه في رمضان..


والوصية التي تتلو كلا الآيتين، وصية إنفاق..

BY فذكر


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280

Share with your friend now:
tg-me.com/mohame59/2016

View MORE
Open in Telegram


فذكر Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Start with a fresh view of investing strategy. The combination of risks and fads this quarter looks to be topping. That means the future is ready to move in.Likely, there will not be a wholesale shift. Company actions will aim to benefit from economic growth, inflationary pressures and a return of market-determined interest rates. In turn, all of that should drive the stock market and investment returns higher.

China’s stock markets are some of the largest in the world, with total market capitalization reaching RMB 79 trillion (US$12.2 trillion) in 2020. China’s stock markets are seen as a crucial tool for driving economic growth, in particular for financing the country’s rapidly growing high-tech sectors.Although traditionally closed off to overseas investors, China’s financial markets have gradually been loosening restrictions over the past couple of decades. At the same time, reforms have sought to make it easier for Chinese companies to list on onshore stock exchanges, and new programs have been launched in attempts to lure some of China’s most coveted overseas-listed companies back to the country.

فذكر from us


Telegram فذكر
FROM USA