Telegram Group & Telegram Channel
٢
وبيّن تفصيلاً الغاية من خلقنا وهي التعبد له، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:٥٦]، لتقوم هذه العلاقة الشريفة التي يقتضيها كمال ألوهيته، فيعبد بغاية الحبّ وكماله مع غاية التعظيم والتذلّل له، ويقع ذلك من مخلوق يتميّز بالعقل والإرادة، فيعبده اختياراً ويصبر على الابتلاء ويجاهد فيه سبحانه حقّ جهاده، فيظهر فيه من جمال العبودية وكمالها ما لا يظهر في غيره.
وهنا أيضاً تبرز الحاجة إلى الوحي؛ لأنّ الوقوف على تفصيل ما يحبّ الله تعالى أن نعبده به من الشعائر وما نتمثل له من الأوامر لا يمكن بغير الوحي، فبالوحي يعرف ذلك ويتميّز المطيع من المسيء، وتقام الحجّة الرسالية القاطعة للعذر، كما قال عزّ وجل: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ لِئَلّا يَكونَ لِلنّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزيزًا حَكيمًا﴾[النساء:١٦٥].

وأشار القرآن لاختلاف الناس وحاجتهم للنبوة والوحي الذي يهديهم ويفصل بينهم، قال تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ...﴾[البقرة:٢١٣].

———————————

🔹🔹مناسبة الاستعداد الإنساني لإثبات النبوّة.

مما يحسن أن نلاحظه هنا قبل الشروع في الحديث عن أدلة النبوة تفصيلاً، أنّ الإنسان مزوّد في خلقته بما يمكّنه من التثبّت من النبوة،

فغريزة العقل الفطرية تفرّق بين الممكن والمستحيل، والنبوّة وفق هذه الغريزة ممكنة لا محال فيها، فقدرة الله تعالى كاملة، وأفعاله على ذلك شاهدة، ولا يمتنع عقلاً أن يصطفي من خلقه من يشاء فيوحي إليهم، ويجعل معهم ما يبيّن صدقهم من البيّنات المتنوّعة.

وعقل الإنسان يستطيع التمييز بسهولة بين النبي الصدق والمدّعي الكاذب، لأنّه مفطور على التفريق بين المختلفات وإدراك التناقضات، فيرى من مضمون دعوة النبي الصادق من الكمال والسمو ما يميّزه بوضوح عن دجل الكذّابين وقبح ما يأتون به من الجهالات والضلالات، ويرى من أحوال النبيّ الصادق كذلك ما يدرك به صدقه وكريم أخلاقه، ما يباين بجلاءٍ أحوال الكذّابين.
وحال الخلق شاهد بأنّ الإنسان العاقل يفرّق بين الصادق والكاذب في أمور الدنيا بقرائن كثيرة، فكيف بالصدق في الإخبار عن الله أو الكذب عليه سبحانه! فأعلى درجات الصدق لا بد أن يقترن به من اللوازم ما يميّزه عن أحطّ درجات الكذب، خاصة أنّ النبوة تقترن -ولابدّ- بإخبار عن تصوّرات وتبليغ لأوامر ومنهيات، يظهر فيها الفرق بجلاء بين كمال الحق وصدقه، وانحطاط الباطل وكذبه.

كما يتمتّع عقل الإنسان بالقدرة على تصوّر الأدلّة والحكم بصحّة التلازم بينها وبين ما يستدل بها عليه من قضايا، ليصل من ذلك لإثبات صحة قضيّة ما بدليلها الصحيح، وأوّل ما يدخل في ذلك قضيّة النبوّة لقوّة وظهور وكثرة أدلّتها.

———————————


🔹🔹مناسبة الواقع سابقاً ولاحقاً لإثبات النبوّة.

• كلّ ما سبق من إمكانات عقليّة يقابلها واقعاً دليل الحسّ الذي يعيشه من يدرك زمن النبوة ويشهد دلائلها من أحوال وبيّنات، بل ويدرك بعض ما فيه حسّاً من أتى بعد النبوة، فمن أدلّة النبوة ما هو حاضر بين أيدينا نقرؤه ونتعقّل ما فيه من آيات دالّة على صدق النبوة، وهو القرآن الكريم بإعجازه المتنوّع بالبيان والمعاني الخارجة عن قدرة البشر، وكذلك ما في الوحي عموماً من مضامين دالّة بذاتها على صدق النبوّة، مثل الكمال المعجز لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من نظم الأخلاق والتشريع، ومثل الأخبار الغيبية التي وقعت كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

ويقوم الخبر الصادق مقام الأدلّة الحسيّة التي لم يشاهدها من أتى بعد من النبوة، واعتبار الخبر قائماً مقام الحسّ في إدراك المعارف أمر ضروري، لا يمكن لبشر التنكّر له، فهو أساس في كل العلوم، إذ يستحيل بناءها على مباشرة كل تجربة ورصد كل حقيقة بالحسّ المباشر، فلا بد فيها من الخبر، بل إنّ الخبر الصادق أساس في تصرّفاتنا الحياتية، فنحن نعتمد عليها في معارفنا ونبني عليه قراراتنا باستمرار.

والعقل البشري يشهد بإمكان المعرفة التاريخية ويقطع بها بعد إعمال العقل في تمحيص المعطيات ومقارنتها، ولذا كانت الأخبار التاريخية مصدراً واسعاً للمعرفة البشرية، يدركون بها الأحداث الكبرى والأشخاص وأحوالهم، فضرورة إحضار المعرفة من الماضي ضرورة بشرية، والعقل الفطري قادر على التمحيص والإدراك إذا نظر في تلك المعرفة وفق منهج سليم ودوافع حسنة.

يتبع ⬇️



tg-me.com/moyassaryaqeen/301
Create:
Last Update:

٢
وبيّن تفصيلاً الغاية من خلقنا وهي التعبد له، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:٥٦]، لتقوم هذه العلاقة الشريفة التي يقتضيها كمال ألوهيته، فيعبد بغاية الحبّ وكماله مع غاية التعظيم والتذلّل له، ويقع ذلك من مخلوق يتميّز بالعقل والإرادة، فيعبده اختياراً ويصبر على الابتلاء ويجاهد فيه سبحانه حقّ جهاده، فيظهر فيه من جمال العبودية وكمالها ما لا يظهر في غيره.
وهنا أيضاً تبرز الحاجة إلى الوحي؛ لأنّ الوقوف على تفصيل ما يحبّ الله تعالى أن نعبده به من الشعائر وما نتمثل له من الأوامر لا يمكن بغير الوحي، فبالوحي يعرف ذلك ويتميّز المطيع من المسيء، وتقام الحجّة الرسالية القاطعة للعذر، كما قال عزّ وجل: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ لِئَلّا يَكونَ لِلنّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزيزًا حَكيمًا﴾[النساء:١٦٥].

وأشار القرآن لاختلاف الناس وحاجتهم للنبوة والوحي الذي يهديهم ويفصل بينهم، قال تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ...﴾[البقرة:٢١٣].

———————————

🔹🔹مناسبة الاستعداد الإنساني لإثبات النبوّة.

مما يحسن أن نلاحظه هنا قبل الشروع في الحديث عن أدلة النبوة تفصيلاً، أنّ الإنسان مزوّد في خلقته بما يمكّنه من التثبّت من النبوة،

فغريزة العقل الفطرية تفرّق بين الممكن والمستحيل، والنبوّة وفق هذه الغريزة ممكنة لا محال فيها، فقدرة الله تعالى كاملة، وأفعاله على ذلك شاهدة، ولا يمتنع عقلاً أن يصطفي من خلقه من يشاء فيوحي إليهم، ويجعل معهم ما يبيّن صدقهم من البيّنات المتنوّعة.

وعقل الإنسان يستطيع التمييز بسهولة بين النبي الصدق والمدّعي الكاذب، لأنّه مفطور على التفريق بين المختلفات وإدراك التناقضات، فيرى من مضمون دعوة النبي الصادق من الكمال والسمو ما يميّزه بوضوح عن دجل الكذّابين وقبح ما يأتون به من الجهالات والضلالات، ويرى من أحوال النبيّ الصادق كذلك ما يدرك به صدقه وكريم أخلاقه، ما يباين بجلاءٍ أحوال الكذّابين.
وحال الخلق شاهد بأنّ الإنسان العاقل يفرّق بين الصادق والكاذب في أمور الدنيا بقرائن كثيرة، فكيف بالصدق في الإخبار عن الله أو الكذب عليه سبحانه! فأعلى درجات الصدق لا بد أن يقترن به من اللوازم ما يميّزه عن أحطّ درجات الكذب، خاصة أنّ النبوة تقترن -ولابدّ- بإخبار عن تصوّرات وتبليغ لأوامر ومنهيات، يظهر فيها الفرق بجلاء بين كمال الحق وصدقه، وانحطاط الباطل وكذبه.

كما يتمتّع عقل الإنسان بالقدرة على تصوّر الأدلّة والحكم بصحّة التلازم بينها وبين ما يستدل بها عليه من قضايا، ليصل من ذلك لإثبات صحة قضيّة ما بدليلها الصحيح، وأوّل ما يدخل في ذلك قضيّة النبوّة لقوّة وظهور وكثرة أدلّتها.

———————————


🔹🔹مناسبة الواقع سابقاً ولاحقاً لإثبات النبوّة.

• كلّ ما سبق من إمكانات عقليّة يقابلها واقعاً دليل الحسّ الذي يعيشه من يدرك زمن النبوة ويشهد دلائلها من أحوال وبيّنات، بل ويدرك بعض ما فيه حسّاً من أتى بعد النبوة، فمن أدلّة النبوة ما هو حاضر بين أيدينا نقرؤه ونتعقّل ما فيه من آيات دالّة على صدق النبوة، وهو القرآن الكريم بإعجازه المتنوّع بالبيان والمعاني الخارجة عن قدرة البشر، وكذلك ما في الوحي عموماً من مضامين دالّة بذاتها على صدق النبوّة، مثل الكمال المعجز لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من نظم الأخلاق والتشريع، ومثل الأخبار الغيبية التي وقعت كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

ويقوم الخبر الصادق مقام الأدلّة الحسيّة التي لم يشاهدها من أتى بعد من النبوة، واعتبار الخبر قائماً مقام الحسّ في إدراك المعارف أمر ضروري، لا يمكن لبشر التنكّر له، فهو أساس في كل العلوم، إذ يستحيل بناءها على مباشرة كل تجربة ورصد كل حقيقة بالحسّ المباشر، فلا بد فيها من الخبر، بل إنّ الخبر الصادق أساس في تصرّفاتنا الحياتية، فنحن نعتمد عليها في معارفنا ونبني عليه قراراتنا باستمرار.

والعقل البشري يشهد بإمكان المعرفة التاريخية ويقطع بها بعد إعمال العقل في تمحيص المعطيات ومقارنتها، ولذا كانت الأخبار التاريخية مصدراً واسعاً للمعرفة البشرية، يدركون بها الأحداث الكبرى والأشخاص وأحوالهم، فضرورة إحضار المعرفة من الماضي ضرورة بشرية، والعقل الفطري قادر على التمحيص والإدراك إذا نظر في تلك المعرفة وفق منهج سليم ودوافع حسنة.

يتبع ⬇️

BY الميسر في تعزيز اليقين


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280

Share with your friend now:
tg-me.com/moyassaryaqeen/301

View MORE
Open in Telegram


الميسر في تعزيز اليقين Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The seemingly negative pandemic effects and resource/product shortages are encouraging and allowing organizations to innovate and change.The news of cash-rich organizations getting ready for the post-Covid growth economy is a sign of more than capital spending plans. Cash provides a cushion for risk-taking and a tool for growth.

Pinterest (PINS) Stock Sinks As Market Gains

Pinterest (PINS) closed at $71.75 in the latest trading session, marking a -0.18% move from the prior day. This change lagged the S&P 500's daily gain of 0.1%. Meanwhile, the Dow gained 0.9%, and the Nasdaq, a tech-heavy index, lost 0.59%. Heading into today, shares of the digital pinboard and shopping tool company had lost 17.41% over the past month, lagging the Computer and Technology sector's loss of 5.38% and the S&P 500's gain of 0.71% in that time. Investors will be hoping for strength from PINS as it approaches its next earnings release. The company is expected to report EPS of $0.07, up 170% from the prior-year quarter. Our most recent consensus estimate is calling for quarterly revenue of $467.87 million, up 72.05% from the year-ago period.

الميسر في تعزيز اليقين from us


Telegram الميسر في تعزيز اليقين
FROM USA