Telegram Group Search
تعرفين لست أريد لحكايتنا الكمال إلا لأنني موقنٌ أن رجالًا كثرٌ قد يحبونكِ ويودون الظفر بكِ لصفةٍ ما تتفردين بها عن سائر النساء، لكن ليس فيهم واحدًا سيهبكِ الحبَّ الذي تستحقينه مثلي. فقد نقَّبتُ وفتَّشت في ثنايا هذه النفس وهذا القلب وذاك العقل وذلك الجسد، فلمستُ فيهم شيئًا عصيًّا على الانكشاف دون بصيرة محبِّ صادقٍ، يلتمس في القرب تناغمًا عجيبًا يرى فيه انعكاسًا لدواخله كأنما يقرأ كتابًا سطرت أنتِ صفحاته فانشغل بقراءة نفسه فيه.
قرأت تغريدة لشاب يقول: في قاعدة عشوائية اكشتفت أنا وأصحابي كلنا عايزين نخلف بنت ونسميها ليلى!

الحقيقة اسم "ليلى" بيننا علاقة شخصية غريبة، فأنا في تناقضٍ عجيبٍ بين حبه أشد الحب وكرهه، فأرى فيه ذروة اكتمال الأنوثة والدلال والسمت العربي الأصيل ومشهد الخيل والناقة ووصيفات القصر والرداء الأموي أو العباسي أو الأندلسي، وأرى فيه كذلك الأسى والشجن والفراق واكتواء القلب بغير الوصل حين أتذكر مجنونها "قيس" وإن كان الذنب في رقبة قومها لا ذنبها هي.

ورغم ذلك، وبين كفتي الشعورين المتساويين، ربما سأختصه لابنتي الأولى إن شاء ربي.
تظل كل الأفعال السخفية والأقوال المبتذلة والمزاح البارد والنكات التي لا تُثير الضحك أبدًا، أمورًا قابلة للنقد والسخرية والتهميش والنفور حتى يقع الإنسان في حبِّ من يفعلها كلها وأكثر، فيتقبلها راضيًا مرضيًا وبعينين لامعتين من البهجة، وبكامل الشياكة والأناقة وانعدام المبادئ، بلا عدة منطقية واضحة، لأن عين المحب عن كل عيبٍ كليلةٌ، والمحب عمومًا، كما يُقال في المثل الشعبي: ”يبلع لحبيبه الزلط“.
أحب أن تكون الجمعة يومًا خالصًا لله، يومًا طاهرًا لا رفثَ فيه ولا وصبَ ولا جدالَ مع الخلائق. يومًا مباركًا يصحو فيه المسلم مبكرًا ليغتسل ويتوضأ ويكثر من صلاته على النبي ﷺ، ثم يقرأ سورة الكهف ليجدد وعيه بجهله، بحكمة الله التي أخفاها في ثقب سفينةٍ وقتل غلامٍ وإقامة جدارٍ.
‏أشعر أن التفكير في شخصياتي الداخلية وارتباطها بلغات الحب وحجم العاطفة وتشابهها مع الأنثى المستقبلية، أمر لا يشغل معظم الشباب المهتم فقط بالشكل الظاهري وبعض المعايير الاجتماعية الأخرى. السوشل ميديا لا تظهر إلا جانب وحيد منا، وتخفي شخصيات متناقضة أحيانًا: فتى عاقل مفكر، وآخر جريء مشاكس، وآخر هادئ منطوي، وطفل داخلي حزين...وإلخ.

‏ومعظم هذه الشخصيات لا تظهر لكل أحد، وفي الغالب ينحصر الإنسان ظاهريًا في شخصية معينة يراها الناس وتؤثر على وجودها تحديدًا بعض القيم والعقائد والتنشئة، وتختفي الأخريات في صندوق أسود مغلق يفتح فقط لمن يستطيع أن يفهمه ويتقبله ويحتويه ويشاركه الجنون والطيش والتعقل والبراءة والمغامرة.

‏ولذلك أحسب أن أفضل ما ينعم به الإنسان في حياته، شريك ورفيق درب يتناغم معه روحيًا وفكريًا وشعوريًا، وهذا الباعث الملهم من شأنه أن يجعل الحياة بينهما أكثر صفاءً وهدوءًا حتى في وقت الشدة والخلاف، لأن الرابطة نفسها متينة وغير متأثرة ببعض المشاعر البدائية الحلوة التي سرعان ما تنتهي بانتهاء حماستها.
يا رب!

‏إذا سألك عبادك كلهم في صعيدٍ واحدٍ، وكان أصغر دعاء أحدهم ملء الأرض ذهبًا، فإنهم لا يعجزونك، ولا ينقص ذلك من ملكك شيء.

‏فلا تردنا خائبين.
ونرفع إليك أكفَّ الضراعة، لعل الجوابَ يكون الوِصال.
”أَحَسِب الناسُ أن يُترَكوا أن يقُولوا آمَنَّا وهُم لا يُفتنون“.

‏آية كاشفة تصفع ثباتي وغروري كلما ظننت أن البلاء آية للأشرار فقط، ثم أراه ينزل بالمحسنين والعابدين والمرابطين والصابرين والفقراء والأطفال، وكل من نحسبه من الأولياء الصالحين لعظيم خيره، إنما الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
فوق أرضٍ غير الأرض، وداخل غرفةٍ صغيرةٍ غير سطح بيتي الذي اعتدت الصعود إليه، أرقبُ السماءَ بجفنٍ حزينٍ، بعد أن آنستُ رفيقًا مباركًا طيلةَ ثلاثينَ ليلة تتقلب نفسي فيهم بين الفرح به والحزن على مصاب المسلمين، لكن رحيلَه قد آن، كعادته مسرع الخطى، وأنا كعادتي لا أُحسِن الوداع.

كان صيامُه وقيامُه لطيفَين خفيفَين لم أشعر بهما، ربما لأن نفسي، على غير عادتها، معجونةٌ بالخوف والأسى وبعض الأمل، جائعةٌ لرضا ربها تخشى عذابه وترجو مغفرته، فأتيتُه فارغَ الفؤادِ ثقيلَ الذنبِ مليءَ الحاجات، عازمًا أن أجدَ ضالّتي بين الضحىٰ والعصرِ والأنعامِ والأنفال.

في كتابِ اللهِ أودعتُ قلبي وعقلي، فوجدتُ ترغيبًا وترهيبًا وأمرًا ونهيًا وقومًا أطاعوا وقومًا كذبوا، ورسلًا بالبيّناتِ والمعجزاتِ أُرسِلوا، ودمعُ عيني لا يفارق حاجةً في نفسِ يعقوبَ قضاها، لعلَّ اللهَ يقضي بهِ حاجةً في نفسي، وفي نفس كل مسلم، أو يرضينا بما قضى.
كل عامٍ وأنتم بخير وطيبٍ وعزٍّ من الله.

جاءكم يوم العيد هدية الله لعبادة المرابطين الصابرين، وفسحة شعورية تفصل أرواحنا عن ضجيج الدنيا، وميلادًا جديدًا لذاك الطفل داخلنا بعد أن وُئدَت فرحة أيامه الأولى.

بل جاء ريحًا محملةً بالسرور والحبور والمباركات من الواحد إلى الجمع، ومن السليم إلى السقيم، ومن الغني إلى الفقير، ومن المسلمين إلى بعضهم، فتجلي أحزانهم وآلامهم وكآبتهم في يومٍ فارقٍ من أيام الوجود.

فاجعلوا تهنئاتكم اسمًا باسمٍ، خالصةً لأصحابها، تعايدوهم فيها بالحب والود والأنس.
لين ابنة أخي، وفتاة أخرى زهرة فؤاد أخٍ مسلمٍ، كلتاهما خير مثال أن البنات هن البنات؛ مهما اختلفت اللغات والطباع والأعمار والأزمنة وأحوال المعيشة، كلهن مهارات في استخدام سيف النظرة البتار، وكأن بينهم نسيجٌ واحدٌ متصلٌ شعاره: هذه العيدية لا تكفي أيها الرجال البخلاء!

فزيدونا نزدكم دلالًا، وإلا فتربصوا.
عيدكم مبارك يا أصحاب.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ودَدت لو كنت شاعرًا لا ناثرًا لأقول فيها كما قال عمر بن أبي ربيعة:

‏كَالشَمسِ صورَتُها غَرّاءُ واضِحَةٌ
‏تُعشي إِذا بَرَزَت مِن حُسنِها السُرُجا
كلما وجدت الحياة تنبش في قلبي أكثر وبدأت تضيق نفسي بالآمال المنقطعة والأحلام المؤجلة، والتفتُ إلى مرايا الناس وتجاربهم وحيواتهم وتركت مرآتي وذاتي ورحلتي الفريدة التي تخصني وحدي؛ استغفرت الله واستحضرت الموت والقبر والصراط، وأن كل هذا العبث الدنيوي سيُنسى بغمسةٍ واحدةٍ في جنةٍ أو نارٍ!
مع كامل احترامي وحسن ظني في الكاتبة الفاضلة، لكن هذا الكلام الأدبي يحوي بعض التناقض لواقع الدنيا وأحوال المحبين، وإن كان معناه الظاهر صحيح وجميل.

فالرجل المحب فعلًا لا شكَّ أنه:
مبادر ومحاول وشجاع ولا يعرف التردد، لكن ربط هذه الشجاعة والمحاولات في أذهان الناس دائمًا "بحتمية الوصل" هو الخطأ والمغالطة.

وهذا الخطاب قد يفسد من حيث نريد الإصلاح ويضع الشباب كلهم في كفة واحدة.

فالمحب الصادق قد يصل برحمة الله وقدره، ويكون هذا نصيبه من الدنيا، وقد يكون ابتلاؤه في عدم الوصل.. ويظل شجاعًا في الحالين.

وصفحات التاريخ ملآنة بقصص آلاف المحبين الذين أخلصوا وصدقوا وعانوا وأُرهقوا في حبهم ومنهم من مات كمدًا وحسرةً.. ولم يصلوا أبدًا.

قيس أحب ليلى وتعلق بأستار الكعبة وعادى قومه وقومها لأجلها؛ ثم كتبت لزوج آخر لا تحبه، ولم يصل قيس!

فهل فيكم محب بحق فعل عشر ما فعل فيتجرأ ويقول عن قيس جبان لأنه فشل في الوصل؟!

بعض الظروف قهرية.
بعض الأهل متعنتين ومتزمتين.
بعض الأقدار لا تكون كما نحب.
وبعض المحاولات تقع سدى.

والمحب الذي يصل في النهاية، هو من فضل الله وكرمه ورزقه في الدنيا، قبل شجاعته وإقدامه.

نحب لنصل، أو لنصبر ونحتسب.
كل يوم ينقضي لا تتورع وسائل التواصل أن تصفعني فيه بحقيقة ما:

أن الناس هنا بشرٌ في مسلاخ ملائكة وفلافسة ومفكرين وعلماء وأتقياء وأدباء خلف أقلامهم وجمهور متابيعهم وأبراجهم العاجية، دقيقة الكمال، يرتدون أقنعةً مثاليةً يضعونها لأنفسهم عمدًا أو جهلًا، أو يضعها الناس لهم. وما أن تنصدم بأحد هؤلاء حتى يسقط عنه هذا القناع، ويغلب الطبع التطبع، ويزول أثر هذا البريق، وتنكشف حقيقة الأصل في رفات النسخة. ولا يبقى في النهاية إلا القلة الصادقة مع أنفسهم قبل الغير، المتسقون مع حالهم وذواتهم وعيوبهم، فلا يتهربون من نقصهم البشري الواقعي الفريد، خلف سراب الكمال الافتراضي.

كل يوم يسقط أمام عيني صنم؛ ومع كل سقوط، ينضج الإنسان أكثر وأكثر.

وتظل هناك وحدها ثابتة الحقيقة التي قالها "أدونيس":
"كلما هذَّبته الحكمة، فضَحته التجربة".
مرَّت بخاطري وردةً في حديقتنا، كلما مضت عليها الفصول والسنون تزهر وحدها مبتعدةً عن الأخريات، وأقاوم رغبتي في اقتلاعها كلما وقفت أمامها. لكني تصالحت مع واقع الأمر، ربما ما يميز هذه الوردة هو تفردها الأنيق، جمالها الكامن في وحدتها، ربما رأيت فيها انعكاسًا لمن تؤرقه الجموع وتهذبه العزلة.

ربما عليَّ تقبل هذه الحقيقة البسيطة: "بعض الوَحدة جمال".
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تعلمت الاستخارة بالطريقة المُرة، يوم تعلق قلبي بأمرين ظننت أني هالكٌ دونهما، حتى أني اشترطت جهلًا على الله -بحماقة الإنسان المغتر- أن يجعل فيهما الخير وإن كان شرًا.

فأبعدني عن أحدهما: فقنطت وحزنت واكتأبت، ثم عافاني الله. وقرب لي الآخر بين ناظري: فلم يمض وقت حتى استوحشته نفسي، وقد ضاق صدري به. فعلمت أن حكمة الله العليم الصبور هذَّبت جهل عبده الجهول العجول، وهو لطيف بعبده في الحالين، وآمنت بالله.

ولا زلت أتعجب من فتوح الله وآلائه على بعض خواص العارفين العالمين به مثل د. هدى النمر، وكيف أجرى الله على لسانها ما يصعب على البعض تكشف الحكمة الكامنة فيه وإن كانت عادة وعبادة يقوم بها الناس ويحفظونها عن ظهر قلب.
أغلب بطاقات الأحكام والنقد اللاذع والجدال الممنهج الذي يقوم به الناس هاهُنا في وسائل التواصل، ينطلقون فيه من مركزية الانتصار للنفس لا الانتصار للحق. فالنفس البشرية في تحفز دائم للهجوم والمقارعة، حتى في أكثر الأوقات هدوءًا سيشعل الإنسان حربًا من تلقاء نفسه ليتشفى فيها من خصومه وإن جانبه الصواب.

و‏من الحكم البليغة الثابتة في الأثر، أنه "يُعرف الرجال بالحق، ولا يُعرف الحق بالرجال". فالحق ثابت، والبشر متغيرون. لذا فالإنسان الحليم الذي يُشهد له بالمروءة والعدل، لن يكابر في الرجوع إلى الحق حين تنكشف أمامه الحقيقة، ولن تأخذه العزة بالإثم أن يقول: معذرةً، لقد أخطأت في كذا وكذا.
2024/04/25 08:13:58
Back to Top
HTML Embed Code: