tg-me.com/reading_life/76557
Last Update:
76- سهام القوم!
أيها السادة..
مُدن العراق وأنهارها التي تغنى بها الشعراء، وكتب عنها الأدباء، وكانت شاهدةً على أعظم المقطوعات النثرية والغزلية، والتي سكنها أئمة الحديث والفقه، وكتبوا آلاف الكتب بجوارها.. صارت مقبرةً بعدما كانت حياة!
جاء المغول، الهَمَج الوحشيون، فسفكوا دماء أهلها، وخضبوا الأرض بلون الدم، وأحرقوا كل الكتب ونثروا رمادها في تلك الأنهار، فاسودت مياهها ثلاثة أيام من آثار الحبر والرماد، وهي التي قبل ذلك قد أخضَرت الحدائق والبساتين المحيطة بها، وارتوى من مياهها أهل تلك الأرض الشريفة.
أولئك المغول قتلوا الملايين! وهدموا البيوت على سكانها في أرض العراق وفي غيرها من بلاد الإسلام، وأحرقوا المدن ودمروا البلدان وعاثوا في الأرض الفساد.
حتى ظن الناس أنهم هم وبنو عمومتم -التتار- هم يأجوج ومأجوج المُفسدون في الأرض!
ثم ماذا؟
ثم قيَّض الله لهم سيوفاً من سيوف الإسلام، لقنَّوهم الدروس الأخيرة في حياتهم، وغرسوا السيوف والسهام في نحورهم، واقتعلوا ذاك الحقد الدفين الكامن في الداخل!
ثم أرسلوهم إلى الدار الآخرة ليلقوا وَبال أمرهم، ويصلون في نار جهنم أضعاف ما أصلوه غيرهم في الأرض.
وهل كانت فتنة أشد على المسلمين بعد موت نبينا ﷺ إلا هذه!
ولكن الله سلَّم، واصطفى من عباده شهداء، وتميَّزت صفوف الناس وظهر إيمان البعض ونفاق الآخرين.
ومرَّت تلك السنوات العجاف، وجاءت السمان، فتبدلت الأرض غير الأرض، والناس غير الناس.
الذين ماتوا جاء أحفادهم، والكتب المُحترقة كُتِب مثلها وزيادة، ورجع أمر المسلمين أفضل وأكمل من قبل، وصارت تلك القصص صفحاتٍ نقرأها في كتب التاريخ لنأخذ منها العظة والعبرة.
أيها السادة..
افتحوا المصحف، وبعده كتب التاريخ وانظروا فيها كم عانى المسلمون على مرِّ الأزمان والقرون، دولٌ تموت وتحيا، ورجالٌ يُسطرون التاريخ بسيوفهم ودمائهم وآخرون بأقلامهم وصحائفهم.. كل هذا فيه سلوى وتثبيتٌ لنا أمام أنفسنا الضعيفة، وهو درعٌ لنا أمام الغزو الذي ينشب أسنانه علينا من فوقنا وتحتنا وأيماننا وشمائلنا.
أيها السادة..
لا تهِنوا ولا تحزنوا إن رأيتم الهجمات الشرسة ضد الإسلام والمسلمين، فأمر الله قادمٌ لا محالة.
وإن كانت الأحداث المعاصرة تزيدكم قلقاً وخوفاً فقد أخطأتم.. فما هي إلا داءٌ يقودنا إلى الدواء، وأخبار سوء تحمل في طياتها البشارة بإذن الله.
أمَا والله إن نور الفجر يأتي بعد أشد الظلام، وفجر الإسلام سيبزغ من جديد كما بزغ أول مرة، وليُتِمَنَّ الله أمره، ولينصرنَّ الله من ينصره، وهذه ثقتنا بربنا سبحانه جل شأنه.
هي حربٌ علينا في كل الجبهات؛ الدين والعقيدة، والأرض والوطن، والشرف والعِرض.. ولا شيء أشد علينا من أن نرى إخواننا يُقتلون، ويُشردون، وآخرون تُغسَل عقولهم بأفكار الإلحاد والشذوذ وغير ذلك.
ونحن نعلم أن الميادين كثيرة، وسهام القوم أكثر؛ ولكننا لن نقف، ولن ننهزم، وسنقول كما قال عمر المُختار والأبطال من قبله: ننتصر أو نموت.
اللهم إنا ندعوك كما أمرتنا، فاستجِب لنا كما وعدتنا..
اللهم نصراً مؤزراً لإخواننا المستضعفين في كل بقاع الأرض.
اللهم آمين.
🖋️ محمد بن هيكل الأكحلي - ٩ ذو القعدة ١٤٤٥.
قناة بذرة وفكرة:
www.tg-me.com/bethrahwafekrah
BY القراءة🌿حياة
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280
Share with your friend now:
tg-me.com/reading_life/76557