صـــــــــــدى الكلمـــــــات

#من_كانوري_إلى_هاجر
صباح الخير هاجر:
يؤسفني أنكِ لا تزالين هنا؛ بين أزيز الطائرات و دوي المدافع و دخان الحرائق يكاد يكتم على أنفاسك..
شاءت أقدارنا أن نشهد و نشاهد هذه الحرب عيانًا من أخطر بؤر إندلاعها.
أنتِ في أقصى شمال المدن المنكوبة (بحري)، وأنا من جنوبها حيث جنوب الحزام.
ويكأن الخرطوم الغارقة في دمائها وحرائقها وأوجاعها نهر؛ ونحن على ضفتيه نقاسي بُعد المسافة والشتات.
بربكِ كيف هي بحري؟
و كيف هو شعورك الآن فيما يخص دمارها؟

أي هاجر:
ليس بمقدوري الآن غير أن أبثك ولو القليل اليسير من الطمأنينة، الطمأنينة التي تجعلنا قادرين على مجابهة هذه اللحظات الحرجة من حيواتنا المتقلبة
خيباتنا
عثراتنا
إنكسار القلوب.
شتات الأهل
فراق الأحباب
وصلف العسكر و رعونتهم.
سأقتبس قول أحدهم؛ وأقول لك:
(إني أُحبكِ فأطمئني).

لم نكن من أدعياء الحرب يا هاجر، كنا دعاة حب على الدوام، وسنظل هكذا، نبحث عن الحب ندعوه
نتداعى به
و ندعو إليه.
الحب سلام يا هاجر، والسلام نقيض الحرب، وكلما فشلنا في إخماد الحرب أشعلنا قلوبنا بالحب ليحل السلام.

أسوأ ما يحدث الآن أنّا ألفِنا الجنجويد و ألفِوا وجودنا.
أقصد أننا تأقلمنا مع تمظهر الحياة بهم:
إحتلالهم للمنازل
تواجدهم في الطرقات
تحولهم المفاجئ
حملات التفتيش والإشتباه
وأعيرة الرصاص التي تطلق لسبب أو دون أسباب.

لم يعد الأمر مرعبًا هاجر، بالحب أوجدنا طريقة لمعايشة هذا السخف.
أنا لم أعد أخشى شيئًا غير أن أغادر بوابة هذه الحياة بشبهة التلطخ بدم أحدهم.
لا تخافي يا هاجر لم تزدني الحرب إلا تشبسًا بكل ما كنت أؤمن به.
يشاع يا هاجر بأن: لا فضلية في الحرب.
الفضلية بدواخلنا يا هاجر، و فضلية المرء وأخلاقه لا تنهشها حرب.
تذكري يا هاجر بأن هذه الحرب وإن طال أمدها ستنتهي.
سينتهي خوفها
جوعها
رعبها
وما سيبقى بعد هذه الحرب هو أخلاقنا التي لم تتزحزح حين حرب وستبقى متقدة للسلم.

للبلاد السلام ولك الحب والطمأنينة.

#كانوري

www.tg-me.com/us/صـــــــــــدى الكلمـــــــات/com.sada1/4096

231 viewsهاجر, Jun 18, 2023 at 08:19

#من_كانوري_إلى_هاجر
صباح الخير هاجر:
يؤسفني أنكِ لا تزالين هنا؛ بين أزيز الطائرات و دوي المدافع و دخان الحرائق يكاد يكتم على أنفاسك..
شاءت أقدارنا أن نشهد و نشاهد هذه الحرب عيانًا من أخطر بؤر إندلاعها.
أنتِ في أقصى شمال المدن المنكوبة (بحري)، وأنا من جنوبها حيث جنوب الحزام.
ويكأن الخرطوم الغارقة في دمائها وحرائقها وأوجاعها نهر؛ ونحن على ضفتيه نقاسي بُعد المسافة والشتات.
بربكِ كيف هي بحري؟
و كيف هو شعورك الآن فيما يخص دمارها؟

أي هاجر:
ليس بمقدوري الآن غير أن أبثك ولو القليل اليسير من الطمأنينة، الطمأنينة التي تجعلنا قادرين على مجابهة هذه اللحظات الحرجة من حيواتنا المتقلبة
خيباتنا
عثراتنا
إنكسار القلوب.
شتات الأهل
فراق الأحباب
وصلف العسكر و رعونتهم.
سأقتبس قول أحدهم؛ وأقول لك:
(إني أُحبكِ فأطمئني).

لم نكن من أدعياء الحرب يا هاجر، كنا دعاة حب على الدوام، وسنظل هكذا، نبحث عن الحب ندعوه
نتداعى به
و ندعو إليه.
الحب سلام يا هاجر، والسلام نقيض الحرب، وكلما فشلنا في إخماد الحرب أشعلنا قلوبنا بالحب ليحل السلام.

أسوأ ما يحدث الآن أنّا ألفِنا الجنجويد و ألفِوا وجودنا.
أقصد أننا تأقلمنا مع تمظهر الحياة بهم:
إحتلالهم للمنازل
تواجدهم في الطرقات
تحولهم المفاجئ
حملات التفتيش والإشتباه
وأعيرة الرصاص التي تطلق لسبب أو دون أسباب.

لم يعد الأمر مرعبًا هاجر، بالحب أوجدنا طريقة لمعايشة هذا السخف.
أنا لم أعد أخشى شيئًا غير أن أغادر بوابة هذه الحياة بشبهة التلطخ بدم أحدهم.
لا تخافي يا هاجر لم تزدني الحرب إلا تشبسًا بكل ما كنت أؤمن به.
يشاع يا هاجر بأن: لا فضلية في الحرب.
الفضلية بدواخلنا يا هاجر، و فضلية المرء وأخلاقه لا تنهشها حرب.
تذكري يا هاجر بأن هذه الحرب وإن طال أمدها ستنتهي.
سينتهي خوفها
جوعها
رعبها
وما سيبقى بعد هذه الحرب هو أخلاقنا التي لم تتزحزح حين حرب وستبقى متقدة للسلم.

للبلاد السلام ولك الحب والطمأنينة.

#كانوري

BY صـــــــــــدى الكلمـــــــات