Telegram Group Search
ما رأيت مقتصدا افتقر ولا مسرفا استغنى.
حرب غزة يوميات ومشاهدات [30]
(إلى أهلنا في رفح)
طالعتنا وسائل الإعلام من صباح اليوم عن نية اليهود أخزاهم الله اجتياح مدينة رفح، وبدأ الأمر بإنذار المناطق الشرقية وأمرِ سكانها بإخلاء منازلهم، وتبع ذلك دكٌّ وقصف شديد، والناس في قلق شديد، وهمٍّ ملازم لا يعلمه إلا الله تعالى.
وهم من أكثر من شهر يتلاعبون بالناس، ويلوِّحون بهذا الاجتياح؛ ويرون أن عمليتهم العسكرية والقضاء على الفصائل المجاهدة لا يتم إلا بذلك.
يا أهلنا في رفح، لقد اجتاح الأراذل مِن قبلُ مدن الشمال، ثم مدينة غزة (وسط القطاع)، ثم المنطقة الوسطى، ثم خانيونس، وجرى على الناس فيها أمر الله وقدره، وإنا لنسأل الله ونتوسل إليه أن يدفع عنكم كيدهم وشرهم، فإن جرى قدرُ الله بالاجتياح فأنتم أعلم بظرفكم وحالكم، ولن تَعدموا نصح الناصحين، والكلمة اليوم مسؤولية وأمانة يسأل عنها المرء بين يدي ربه.
وإني أوصيكم بوصية نبينا صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما قال: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (يَا غُلامُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟) فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: (احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ. قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ لمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْء لمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ لمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [أخرجه أحمد، وأصله عند الترمذي، وهو صحيح بطرقه].
واعتبروا بحاله صلى الله عليه وسلم يوم بدر -حين اجتمع عليه المشركون- فيما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ)، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ.
اللهم اجعل لنا ولإخواننا في رفح من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل عسر يسرا، ومن كل بلاء عافية.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، وعبادك الذين يجاهدون في سبيلك؛ نصرة لدينك، وإعلاء لكلمتك، اللهم انصرهم وثبتهم، وقوِّهم وأعنهم، اللهم صوب رميهم، وسدد رأيهم، واجمع على الحق كلمتهم، اللهم عليك بعدوك وعدوهم.
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.
ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
يا حي يا قيوم، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشْمِت بنا عدوا ولا حاسدا يا رب العالمين.
بسام بن خليل الصفدي
الاثنين 27 شوال 1445
https://www.tg-me.com/بسام بن خليل الصفدي/com.DBasam
https://chat.whatsapp.com/ChJRf2EAlsQ22vzZtLEzy2
من مقروءاتي في الحرب [11]
("القوقعة.. يوميات متلصِّص" لمصطفى خليفة)
هذه الرواية من أشد روايات السجون إيلاما، صاحبها سوري نصراني سافر إلى فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي، ولم يكن له أيُّ اشتغال أو عناية بالسياسة، بل كان مشتغلا بدراسته، ويعيش حياة شاب نصراني عربي في أوروبا، أنهى دراسته ورجع إلى بلده رجاء أن يجد له وظيفة ومكانا مرموقا في مجال دراسته، لكنه اعتقل في المطار، وأمضى متنقلا بين السجون ثلاثة عشر عاما وثلاثة أشهر وثلاثة أيام، لم يَعرف تهمته إلا بعد اثني عشر عاما، وهي أنه كان في سهرة مع أصحابه في فرنسا، فجرى ذكر الرئيس الطاغية حافظ الأسد، فأطلق نكتة عليه وعلى النظام، وكان في المجلس جاسوس فرفع خبره إلى الجهات المختصة.
الرواية أشبه بالتاريخية، فيها تصوير دقيق عن الحياة والنظام في زمن الطاغية، وفيها قصص وحكايات عن السجون وأجهزة الأمن والمخابرات في ذاك العهد كأنها أساطير أو من وحي الخيال، وما أظن شيئا تغير اليوم عما كان عليه، بل استفحَش وزاد.
ليس للحياة ولا للموت ولا للإنسان أيُّ قيمة في هذه الأقبية الموحشة.
ذَكَر الكاتب أنهم أُخرجوا لساحة السجن يوما، فرأى الرقيبُ أثناء حفلة التعذيب فأرة فقتلها ثم أمر أحدهم بابتلاعها فابتلعها، ثم راقتهم الفكرةُ مع الصراصير والسحالي وغيرها من حشرات وزواحف السجن، فكانوا يقتلونها ويجبرون الناس على ابتلاعها.
وذكر خبر مهجع في السجن اسمه (مهجع البراءة)، هذا لمن ليس له تهمة، يمكث فيه السجين عشر سنوات وأكثر.
الأسلوب والسرد في الرواية في غاية الإمتاع والتشويق، إذا بدأتَ بها لم تملك أن تفارقها حتى تأتي على آخرها.
هذه الروايات واليوميات والأدبيات تكشف عن الوجه الأسود، والتاريخ المظلم لهذه الأنظمة التي انخدع بها الناس ولا زالوا، ألا لعنة الله على الطغاة الظلمة، الله حسيبهم وطليبهم.
بسام بن خليل الصفدي
الثلاثاء 28 شوال 1445
https://www.tg-me.com/بسام بن خليل الصفدي/com.DBasam
https://chat.whatsapp.com/ChJRf2EAlsQ22vzZtLEzy2
لمن يسأل عن حالنا..
يشبه حالُنا الآن في مدينة رفح حالَ حفلات الإعدام الشهيرة اليومية، والنصف أسبوعية، والأسبوعية، التي كانت، وما زالت تنفذ في سجون سوريا والعراق على مدار سنوات طويلة، حيث يُسحب للإعدام عددٌ من السجناء في كل حفلة، بينما يلبس بقية المساجين، جميعُهم بُدَلَ الإعدام الحمراء ينتظرون دورهم، بلا حول لهم ولا قوة إلا الدعاء ورجاء الفرج من الله، وهم في غالبيتهم الساحقة من أهل السنّة.
وهكذا محافظة #رفح الآن، بل قُل، هكذا قطاع غزة جميعه، إلا أنّ حفلات الإعدام علانية يراها العالمُ كلُّه، وتُنقل صور المُعْدَمين بلا حرج ولا خوف ولا خشية من صحوة ضمير يؤثر ويمنع، وأنّ أكثر المُعْدَمين من الأطفال الصغار ومن النساء، وأنّ الإعدامَ بوفيهًا مفتوحًا على مدار الليل والنهار، وقد أُلْبِس جميعُ سكان رفح - قرابة المليون والنصف - من أمّة محمد - صلى الله عليه وسلّم - بُدَلَ الإعدام الحمراء، فليس هناك رضيع آمن، ولا طفل صغير، ولا امرأة كريمة، ولا فتاة تقية، ولا معاق مبتلى، ولا كفيف لا يرى، فالجميع في البلاء سواء.
وقد حدث ونحن نصلي الفجر في المسجد، فجر اليوم وفي الركعة الأولى، وما إنْ فرغ الإمام من قراءة الفاتحة، وشرع في القراءة بعدها، حتى سمعنا صوت قصف قوي مزلزل قريب جدًا منّا، حتى بلغ أنْ سمعنا صوت بعض آثاره تتطاير على المسجد، وبعدها أخذ أحدُ المسبوقين وقد وافق دخوله المسجد الضربةَ يحث الإمام على التعجيل في الصلاة قائلًا: عَجّل.. عَجّل!!
وما إنْ فرغنا من الصلاة حتى خرج المصلون على عجل لينظروا مكان القصف، وما وصلتُ إلى المكان إلا وهم يحملون أطفالًا منهم من أُعدم واستشهد، ومنهم من كست وجهه البرئ الصغير الدماء، ومنهم من يرتجف من الخوف والفزع والبرد، وقد كانوا نيامًا يحلمون بالهدنة التي استبشروا بها أول الليل، ولكنّهم لم يعلموا ما الذي يخطط له يهود، وما هي حقيقة يهود القرآنية، - وسبحان الله - أنْ كان صاحب البيت هو ذلك الرجل الذي قال للإمام: عَجّل، ولم يكن بين خروجه من البيت ودخوله المسجد إلّا #دقيقة واحدة!!
 وكان البيت يتكون من عدة طوابق يعيش فيه عدة أسر، وفيه من النازحين كما كلّ البيوت، وأصيبت البيوت الملاصقة للبيت المستهدف، وارتقى منها أناس، وحصل دمار كبير، ولا زال البحث عن مفقودين جاريًا إلى اللحظة لضعف الإمكانات، فالحديث يدور عن الإعدام بواسطة تدمير أسطح باطون مساحتها عشرات ومئات الأمتار وأعمدة باطون تزن أطنانًا تسحق وتفتت أبدانًا بشرية من لحم ودم..
وأصبحنا والحديث يدور عن إعدام عشرات الشهداء، وقصف استهدف 7 منازل، والليلة التي سبقت هذه كان هناك استهداف 11 منزلًا وإعدام العشرات وقتلهم فيها علانية..
هذا، والعالم لا يقيم وزنًا، ولا يحفل بهذه الدماء، ولا بالأنفس المؤمنة التي تزهق، وكأن عداد القتل لا يبدأ العمل إلا عند إعلان يهود اجتياحهم الرسمي لرفح، فالذي يهم الظلمة هو الوصول إلى تفاهمات ترضي عنجهية يهود وتُؤَمّنهم.
هذا حالنا لمن يسأل عن الحال، وهذا خبر ما عندنا، فأخبرونا عن حالكم، و ما دمتم عاجزين عن رفع الظلم عنّا، فلا أقلّ من أنْ تدعوا لنا أحياءً، وتترحموا علينا شهداءً.
👆هذه قناة أخينا الحبيب وشيخنا الشيخ مجدي المغربي، وهو متابع لما يجري في رفح خصوصا وفي غزة عموما، وأنصح بمتابعته، والله أسأل أن يجزيه خيرا، ويسددنا وإياه على الحق، ويعجل بالفرج لنا ولإخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم آمين آمين.
https://www.tg-me.com/mogr7775
حرب غزة يوميات ومشاهدات [31]
(هل أتاك حديث الفَجَرة؟)
من نعم الله علينا في غزة أن أسعار السلع ليست غالية، يخرج المرء إلى السوق بقليل المال فيعود بما يحتاجه وأهلُه، وقد يقع الغلاء في سلع وأوقات معينة، لكنه ليس غالبا مطَّردا.
وكان الناس يتباذلون المعروف، ويجودون بما أنعم الله به عليهم، وأدركت جدي لأمي رحمه في موسم القِطاف، كانت تأتي السيارات الكبيرة محمَّلة بالبرتقال و(الحِمْضِيَّات) فتُلقي حمولتها في ساحة البيت، ويجيء الناس بأوعيتهم من حارتنا والحارات المجاورة فيملؤونها، كأني أتخايلهم الآن أمام عينيَّ.
وأدركت والدي وجدي رحمهما الله وكانت لهما أرض يزرعانها بما تيسر، فيصليان الفجر، ويسقيانها ولا يرجعان إلا ومعهما نصيب للأهل والقرابة والجيران، وبقيا على ذلك حتى توفي جدي، وجرى على الأرض ما جرى في حياة الوالد.
ثم ضعُف هذا، وظهر الغلاء والشح والحرص، وفي الناس بحمد الله بقايا.
ونحن أهل بلد اغتصبها اليهود، نُبتلى بهم في كل عام مرة أو مرتين، وفي الحروب تنكشف معادن الناس؛ فترى الكريم الشهم الجواد الباذل الـمُواسي بنفسه وماله، وهم كثيرون بحمد الله، بارك الله لهم في أموالهم وأولادهم. وترى الشحيح الحريص الهَلوع الجَموع الـمَنوع الذي يرقب مصائب الناس ومصارعهم فيتخذها سلما لأطماعه، لا يفكر في نجدة أهله، وغَوْث إخوانه، وتفريج كُربهم، بل يحتكر السلع، وينتظر نفادها من الأسواق، حتى إذا احتاجها الناس باعها عليهم بأغلى الأثمان.
تبًّا لكم أيها الفجرة، أليس في قلوبكم رحمة ولا شفقة، ألا ترون ما الناسُ فيه، ذهبت ديارهم وأموالهم ومصالحهم، ولا يكاد الواحد منهم يجد قليل المال لشراء ما يسد جَوعته، ويَروي ظمأه، ويُواري عورته، وأنتم تتاجرون بالدماء، وتنمُّون أموالكم على جراح الناس وآلامها، أليس فيكم -إن رَقَّ دينكم- بقيةُ شرف ومُروءة ونخوة وشهامة؟!!
بِيع (الكيلو جرام) من الدقيق بمائة شيكل (28 دولارا تقريبا)، وكيلو الأرز كذلك، وأسعار الخضراوات والسلع الأساسية قبل نزولها كانت أغلى من ذلك، وأكثر هذا الغلاء إنما هو بسبب جشع التجار واحتكارهم.
تأتي أموال المحسنين إلى الفقراء والمساكين فيطلبون على تحويلها نسبا تصل إلى ثلاثين وأربعين في المائة، نعوذ بالله من الطغيان والإجرام.
أيها الغلاظ الجُفاة القساة، ألا تخشون أن يحل عليكم غضب الله وسخطه، وتنزل بكم عقوبته ولعنته؟! فإن الرحمة إنما يدركها الرحماء، وأنتم نُزعت الرحمة من قلوبكم.
ألا ترون ما حل بالناس ونزل بهم؟!
ألا تخافون من دعائهم عليكم، وشكواهم إلى ربهم من طغيانكم؟!
لقد أُغلقت اليومَ المعابر، ومنع اليهود دخول الشاحنات والبضائع، فهذا يومكم أيها الفجرة، أمعِنوا في قتل الناس وذبحهم، فما الذي يصنعه اليهود بأعظم مما تصنعونه، وإنه ليهوِّن علينا صنيعَهم أنهم أنجس خلق الله، فما الذي يهوِّن علينا شنائعكم وأنتم أبناء جلدتنا، ومحسوبون علينا؟!!
لا بارك الله في مال يُجمع بالاحتكار والنصب والاحتيال.
ولا بارك الله في تجارة تَرْبو على آهات المعذبين، وأنَّات الفقراء والمساكين.
إنَّا نعظكم إن كانت قلوب، ونناديكم إن كانت فيكم حياة، وإنه والله لا يقف اليومَ أحدٌ موقفا أغيظَ ولا أخزى ولا أحطَّ من هذا الذي أنتم فيه.
قليل المال مع البركة خير من كثيره مع مَحقها، ووالله لتَنتهُنَّ أو لتُشيعُنَّ باللعنات من عباد الله، وهَبُوا أنكم جمعتم مال قارون، أليس مصيره ومصيركم للفناء، ثم تُعرضون على الله لا تخفى منكم خافية؟!
وإنا لنرجو لكم الخير والهداية والتوبة، وإلا فالـمَحْق والهلاك، ولن يبكيكم حينها في الناس باك.
بسام بن خليل الصفدي
الثلاثاء 28 شوال 1445
https://www.tg-me.com/بسام بن خليل الصفدي/com.DBasam
https://chat.whatsapp.com/ChJRf2EAlsQ22vzZtLEzy2
من مقروءاتي في الحرب [12]
("خبايا النفوس.. أسئلة وكَشْف" لعبد العزيز الحربي)
البحث في النفس الإنسانية وأغوارها وطبائعها وخباياها ونوازعها لا يقف عند حد؛ ومهما كتب الناس في هذا وبحثوا فإن في النفس مجاهلَ لا يمكن كشفها، فكل واحد يكتب بما أداه إليه علمُه وبحثه ونظره وتجرِبته، وتبقى كثير من هذه المجاهل خفية بعيدة المنال.
وما منا أحد في رحلة حياته إلا ويقف على أشياء في نفسه وفي نفوس الناس يعجب لها ويَدهش، وتفتح له بابا من أبواب ضعف هذه النفوس، وعظمة خالقها جل وعلا.
وقد كتب الناس في هذا الباب كتابات كثيرةً مفردة أو مضمَّنة، وممن توسع في ذلك وفُتح له فيه أبو حامد الغزالي تغمده الله برحمته، وغالب من جاء بعده استفاد واغترف منه، ولابن القيم في عامة كتبه كلام عجيب تلوح عليه أنوار التوفيق.
وهذا "كتاب خارجٌ من كهف مضيء بالتأمل في أحوال النفس وطبائعها الظاهرة والباطنة" [مقتبَس من المقدمة]، كتابُ فكر ونظر وغوص على المعاني البعيدة الخفية الكامنة، مرتَّبٌ على أسئلة وكُشوف، يجد كل قارئ فيها شيئا من أسرار نفسه، فدونك هذه الخبايا والتأملات، ولعلك تجد الكلام في بعضها سهلا قريبا مبذولا، فلا يزهدنَّك هذا في بقيتها، فإن أبيت فلا تفوِّت النظر في الأسئلة التي تحمل هذه الأرقام (6، 8، 10، 13،37،42،50،53، 56)= فإنك واجد فيها إن شاء الله ما يستحق النظر والتأمل والاعتبار، والله يتولانا وإياك.
بسام بن خليل الصفدي
الأربعاء 29 شوال 1445
https://www.tg-me.com/بسام بن خليل الصفدي/com.DBasam
https://chat.whatsapp.com/ChJRf2EAlsQ22vzZtLEzy2
حرب غزة يوميات ومشاهدات [32]
(قصتنا مع النُّزوح)
قال لي أحد إخواني وأصحابي مرة كلمة تَدُلُّك على مرارة أن يُخرج المرء من بيته، قال: من وجد في الحرب ما يكفيه من الطعام والشراب ولم يخرج من بيته فهو في عافية.
على أنه قد يلقى في بيته الشدائد والأهوال، لكن الإخراج من الديار شديد، وهو في كتاب الله تعالى مقرون بالقتل والأذى، بل مقدَّمٌ عليهما (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ..) [آل عمران: 195].
وقال لي أحدهم مرة: أُخرجنا من بيتنا أكثر من عشر مرات، نفرُّ من الموت والقصف من مكان إلى مكان، وسمعت ثانيا يقول: أُخرجنا أكثر من عشرين مرة.
وما بالناس ضعف وجبن، لكنه الموت، والخوف على الضَّعَفة من النساء والولدان.
ويا ليت الهارب ينجو، فكثير منهم يفر من الموت إلى الموت، كما حصل لعائلة في حيِّنا، خرجوا في أول الحرب إلى الجنوب ابتغاء السلامة، وكانوا أكثر من عشرين نفسا، فأتاهم قدر الله، ومات أكثرهم تحت القصف، ومثل هذا حصل لمئات بل ألوف.
وقد خطط اليهود لتهجير الناس من أول الحرب، فقسموا القطاع إلى شمال وجنوب، ثم هددوا أهل الشمال بالرحيل، فمنهم من خرج هربا من الموت، وهذه حال غالب الناس، ومنهم من أبى الخروج فأقام في بيته مخاطِرا، أو وجد بيتا أو مركزا أو مخيما يأويه.
وجرت على الناس في ذلك أهوال لا يعلمها إلا الله، فالمقيمون في بيوتهم أو مراكز الإيواء رأوا الموت ألوانا، وضُيِّق عليهم في معايشهم على ما وصفنا في مقالات تقدمت.
والراحلون إلى الجنوب منهم من مات في الطريق، ومنهم من اعتقل، ومنهم من وصل هائما على وجهه لا يدري ماذا يصنع، وأحسنهم حالا من وجد خيمة تقيه وأهلَه الحر والبرد، لكنها بالتأكيد لا تقيه الموت والقصف.
ثم بدأت الخطة في شمال القطاع، فقسموه إلى مناطق، وبدؤوا باجتياحها واحدة تلو الأخرى، وأمروا أهل كل منطقة أن ترحل إلى غيرها بدعوى أنها آمنة، فيتكدس الناس ألوفا في أحياء ضيقة، ثم يأتي الدور على هذه الأحياء التي أمروا الناس بالرحيل إليها، وهكذا في سلسلة لا تنتهي من العذاب، وما من مكان رحل إليه الناس إلا وتبعهم إليه الموت والقصف.
ومن كان معه مرضى أو كبار لا يقوَون على المسير زاد همه وعذابه، فلا سيارات ولا مركبات، الناس يسيرون على أقدامهم، يحمل القوي الضعيف، والصحيحُ المريض في مشاهد تُذكر بالحشر.
ومن رحل إلى الجنوب مشى أربعين كيلا أو أكثر على قدميه، حاملا ما قدر عليه من أثاث بيته إن تهيأ له أن يحمل شيئا، وإلا فغالب الناس هربوا بملابسهم، بل أمعن اليهود في إذلالهم وأمروهم بخلع ملابسهم، فساروا في البرد الشديد شبه عراة.
وآلاف الأسر خرج منها النساء والأطفال إلى الجنوب، وبقي عائلوها في الشمال، فلا الذي في الشمال يستطيع الخروج، ولا الذي في الجنوب يستطيع الرجوع، مع انقطاع الشبكات والاتصالات وأسباب الحياة.
ولما فرغوا بزعمهم من الشمال بدأ العمل في الجنوب، وتكررت مأساة التهجير والترحيل والإخراج من الديار.
في المنطقة الوسطى خرج الناس من مخيم إلى مخيم، ومن مدينة إلى مدينة.
وفي خانيونس تجمعوا في منطقة المواصي.
واليوم في رفح لا يدري الناس ماذا يصنعون، أكثر من مليون ونصف، جُلهم نازحون من الشمال، تدور عليهم الشدائد والمصائب، شيء والله يحرق القلوب ويفتت الأكباد.
وهذا الذي ذكرته هو العذاب الظاهر، وبقي شيء أعظم منه، وهو الحياة في هذه المراكز والمخيمات، وقد ذكرت طرفا يسيرا من ذلك في مقالة سابقة.
بُحَّت أصوات الناس وحناجرهم (وقد دخلت الحرب شهرها الثامن)، ولا مجيب ولا مغيث.
الله حسيب كل عميل خائن غادر قدر على أن يغيث الناس فأسلمهم إلى عدوهم وتركهم في العراء فريسة للقتل والتهجير.
أخزاكم الله، لا دين أهل الإسلام ولا نخوة أهل الجاهلية، لو نفع الكلام لأسمعناكم ما يليق، ولكن
حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله ونعم الوكيل.
بسام بن خليل الصفدي
الأربعاء 29 شوال 1445
https://www.tg-me.com/بسام بن خليل الصفدي/com.DBasam
https://chat.whatsapp.com/ChJRf2EAlsQ22vzZtLEzy2
(من أدعية الاستنصار)
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، وعبادك الذين يجاهدون في سبيلك؛ نصرة لدينك، وإعلاء لكلمتك، اللهم انصرهم وثبتهم، وقوِّهم وأعنهم، اللهم صوب رميهم، وسدد رأيهم، واجمع على الحق كلمتهم، اللهم عليك بعدوك وعدوهم.
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.
ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
يا حي يا قيوم، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشْمِت بنا عدوا ولا حاسدا يا رب العالمين.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودَرَك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
اللهم اجعل لنا ولإخواننا المستضعفين من المسلمين من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل عسر يسرا، ومن كل بلاء عافية.
اللهم إنا نسألك قوة منك لا تبقي فينا ضعفا، وغنى منك لا يبقي فينا إلى أحد من خلقك فقرا، وعزة منك لا تبقي فينا ذلا، ورحمة منك لا تبقي علينا سخطا.
اللهم عليك باليهود، اللهم عليك باليهود، اللهم عليك باليهود، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وشديد عذابك وغضبك ونِقمتك.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم اليهود والأحزاب وزلزلهم وانصرنا عليهم.
اللهم أنت عضُدُنا، وأنت نصيرنا، اللهم بك نحاول، وبك نصاول، وبك نقاتل، اللهم اكفِناهم بما شئت.
اللهم خالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تحقق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم آية.
اللهم لا تدع لهم طائرة في السماء إلا أسقطتها، ولا بارجة في البحر إلا أغرقتها، ولا دبابة على الأرض إلا دمرتها يا قوي يا متين.
اللهم إنا نعوذ بك من شر الأشرار، وكيد المنافقين والخونة والفجار، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم أبرم لنا ولأمة الإسلام إبرامَ رشد، يُعز فيه أولياؤُك، ويُذل فيه أعداؤُك، ويحكم فيه بشرعك وسنة نبيك، وصل يا ربنا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الإخوة الكرام الأحبة..
نحن بخير ولله الحمد
وأعتذر عن مواصلة النشر في اليوميات والمقروءات وغيرها.
أسأل الله أن يكشف الكرب ويعجل بالفرج ونلقاكم قريبا بحول الله ونحن وإياكم والمسلمون جميعا في أحسن حال.
لا تنسونا من صالح دعائكم.
2024/05/28 18:37:25
Back to Top
HTML Embed Code: