Telegram Group Search
والتفاضلُ بين الليالي والأيام... داعٍ لاغتنام الخير فيها،... ونبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- حثَّ على اغتنام نِعَمٍ زائلةٍ لا محالةَ.. فقال صلى الله عليه وسلم: ((اغتنِمْ خمسًا قبل خمس: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصحتَكَ قبلَ سقمِكَ، وغناكَ قبلَ فقرِكَ، وفراغكَ قبل شُغلِكَ، وحياتَكَ قبل مَوتِكَ))..
-رواه النسائي.

-إلى من فاتهم العتق من النار في رمضان؟..
فعادوا من بعده تائهين.. ومن لذات الطاعات محرومين ...

-مازالت أمامهم فرص للنجاة.. فليدركوها .. أبواب المغفرة واسعة ، والأمل في الفوز يتجدد ، ما عليهم إلاالعزيمة ، والإنطلاق.

أيهاالأحبة:
لنتعرض لنفحات رب العالمين...
وإلى مشاريع الغنى العالي...
غنابالحسنات...في أيام النفحات.

فكيف نغتنم أفضل أيام الدنيا ؟
إن أفضل الإغتنام... الإقتراب من القرآن ومصاحبته..لنستفتح به يومنا...ونكثر من تلاوته...
وسيرى المكثر من تلاوته.. كل شيء تغير من حوله...حتى روحه التي معه وبين جنبيه..

ومن هذه المحطات الإيمانية،.. والنفحات الربانية،
(العشر من ذي الحجة).. لما لها من فضل.. وللأعمال الصالحة فيها من بركة.. وأجر ومثوبة عند الله،...
والتي يبنغي للمسلم ... أن يستثمرها في بناء نفسه... قال تعالى:((قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها))"(الشمس) ...

- والنفس تحتاج إلى تزكية في جانب الإيمان والعقيدة... وفي جانب العبادات والطاعات.. وفي جانب الأخلاق ومعاملة الخلق.

أيهـا المؤمنون /عبـاد الله :
-حلت علينا " خير أيام الدنيا " وهي :
-عشرة أيام فقط .. ليست شهراً كرمضان .
-فوقتها قصير لا يحتمل التقصير .
-والشياطين فيهن.. ليست مصفدة،...فالاجتهاد فيها أعظم .
- والتشجيع عليها أقل ، وليس كل الناس يتنافسون فيها .
وحال الناس فيها... أن أكثرهم عنها غافلون ...على الرغم من أن الله رفع ذكرها.. وضاعف ثوابها...
وهن الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره...فقال تعالى: ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ٠٠٠)).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أفضل أيام الدنيا أيام العشر)).

وقال:(( مامن عمل أزكى عندالله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى))..

وقال أيضا : (( مامن عمل أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر))...
-وفي رواية فيهاضعف ..عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(( ما مِنْ أيامٍ أحبُّ إلى اللهِ أن يُتعبَّدَ لهُ فيها من عشرِ ذي الحجةِ، يعدلُ صيام كلِّ يومٍ منها بصيامِ سنةٍ، وقيامُ كل ليلةٍ منها بقيامِ ليلةِ القَدْرِ ))....رواه الترمذي...والبزار....وابن ماجة....

-وقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:((أفضَلُ أيّامِ الدُّنيا أيّامُ العَشْرِ ما العَمَلُ في أيّامٍ أفْضَلَ منها، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ.)).

-وفي هذا الحَديثِ.. يُرشِدُ النبيُّ ﷺ إلى فَضْلِ العملِ الصّالحِ في العَشْرِ الأوائلِ مِن ذي الحِجَّةِ،..
...ويُبيِّنُ أنَّ أجْرَ العَملِ الصّالحِ فيها يَتضاعَفُ ما لا يَتضاعَفُ في سائرِ الأيّامِ؛.... فعلى المُسلِمِ أنْ يَغتَنِمَها ويُكثِرَ فيها الطاعاتِ، ومِن أجَلِّ الطاعاتِ فيها ذِكرُ اللهِ عزَّ وجلَّ، ...وفي مُسنَدِ أحمدَ وغيرِه: أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «((ما مِن أيّامٍ أعظمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَملِ فيهنَّ مِن هذه الأيّامِ العَشرِ؛ فأَكْثِروا فيهِنَّ مِن التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحْمِيد))».

فمن السنةالإكثار من التهليل والتكبير والتحميد....

-ويَشملُ العَملُ الصالحُ.. الفَرائضَ والواجِباتِ.. وكلَّ أعْمالِ البِرِّ.. والمَعروفِ.. وأعمالَ التَّطوُّعِ مِن العِباداتِ؛... مِن صَلاةٍ وصَدَقةٍ وصِيامٍ.. وبالأخصِّ.. صِيامُ يومِ عَرفةَ..
فكلُّ ما فُعِلَ مِن فرْضٍ في العَشرِ
...فهو أفْضلُ مِن فرْضٍ فُعِلَ في غيرِه، ...وكذا النَّفْلُ في العَشرِ... أفضلُ مِن النَّفْلِ في غيرِها،

@-حال السلف في أيام عشر ذي الحجة:

أولاً : ما ورد في فضلها:
عن أنس بن مالك-رضي الله عنه - قال:[ كان يقال في أيام العشر: بكل يوم ألف يوم ، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم قال - يعني في الفضل ].
شعب الايمان 3/ 358 ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 54 /239 .
.
-وعن الأوزاعي قال :[ بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ، ويحرس ليلها، إلا أن يختص امرؤ بشهادة ]. شعب الإيمان 3 / 355 .

ثانياً: الاجتهاد فيها :
فقد كانوا يجتهدون في العشر اجتهاداً عظيماً ، ومنهم :
-سعيد بن جبير كان إذا دخلت أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه .
(سنن الدارمي 2/ 41 ، وشعب الإيمان 3 / 354)

-وعنه أيضاً أنه قال :[ لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر - تعجبه العبادة- ويقول: أيقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة ].

سير أعلام النبلاء 4 / 326 .
ثالثاً: صيامها:
روي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهاقالت:[ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر... أول اثنين من الشهر... وخميسين] .
رواه أحمد فى - مسنده 5/ 271 )، وأبو داود ( وهذا لفظه ) فى ) - سننه 7/ 102 والنسائي فى سننه الصغرى 4/ 220..

وعن الحسن البصري أنه قال : [صيام يوم من العشر.. يعدل شهرين] . الدر المنثور ج 8 /501 ..

@-وأما التكبير وفضله في أيام العشر :
فعن ميمون بنِ مهران رَحِمَهُ الله قال:
*«أدركتُ النَّاسَ وإنَّهم لَيُكبِّرونَ في العَشْرِ، حتَّی کنتُ أشبِّهه بالأمواجِ من كثرتِها!»*

[فتحُ الباري لابنِ رجبٍ (ج۹ / ۹)]

-وعن أبي هريرة....قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، قيل : بالجنةِ ؟ قال : نَعَمْ))
[ السلسلة الصحيحة]
————
‏ -يبدأ (التكبير المطلق) من ليلة الواحد من ذي الحجة....حتى يوم١٣ ذي الحجة.

@‏-التكبيرالمطلق:
يكبر المسلمون..في كل وقت...
فإن من تعظيم الشعائر...
ترديدالتكبير المطلق ...في المساجد.. والبيوت.. والطرقات، والأسواق...كما كان يفعل صحابة رسول الله...
فقد كان أبوهريرة.. وابن عمر... يخرجان إلى السوق..لا لشيء..
ولا لغرض.. إلا للتكبير..
فكانا.. يكبران.. ويكبر السوق بتكبيرهما...حتى يرتج السوق والشوارع بالتكبير...

@‏-(التكبير المقيد): من فجر يوم عرفة إلى عصر ثالث أيام التشريق..
‏-ويعني بالمقيد: أي أنه مقيد بأدبار الصلوات.
‏-يجتمع في يوم عرفة وما بعده: مطلق ومقيد..

-قال الله وهو أصدق القائلين:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ))..

-بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم....

- الخطبةالثانية👇

الحمدلله وحده..والصلاةوالسلام
على من لا نبي بعده..

أمااااابعد:
أيها الأحبةالكرام:
إن يوم عرفة.. هو يوم من أيام الأشهر المحرمة،...وهو من أيام العشر المفضلة،.. وهو من الأيام المعلومات المذكورة في قوله تعالى ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج:27].

وقد أقسم الله تعالى به في كتابه الكريم مما يدل على فضله وعظمته، ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج]..
-قال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْآيَةِ: "الشَّاهِدُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْهُودُ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالْمَوْعُودُ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ"

وهو يوم كمال الدين، وتمام النعمة؛.. كما في حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» رواه الشيخان.

وهو كذلك يوم عيد للمسلمين؛ كما في حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وهو ركن الحج الأعظم،... فمن فاته الوقوف بعرفة.. فاته الحج.. معذورا كان.. أم غير معذور؛ لحديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيَّ قال: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَقَالَ: " الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ..." رواه أحمد.

وهو يوم المباهاة بأهل الموقف.. كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا)).. صححه ابن خزيمة وابن حبان.
وهو يوم العتق من النار..لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟))رواه مسلم.

فظاهر الحديث أنه أكثر يوم في العام يعتق الله تعالى فيه خلقا من النار... والظاهر أن العتق من النار.. ليس خاصا بأهل عرفة،.. وإنما هو عام لهم ولغيرهم،...وإن كان يرجى لأهل عرفة أكثر من غيرهم.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: ويوم عرفة هو يوم العتق من النار،... فيعتق الله تعالى من النار.. من وقف بعرفة.. ومن لم يقف بها.. من أهل الأمصار من المسلمين..
فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين... في جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده،.. لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة.

-وهو يوم الدعاء،.. ويوم ترطيب الألسن والقلوب.. بكلمة التوحيد؛ لحديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ بْنِ كَرِيزٍ...ش أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ)).. رواه مالك مرسلا.

والظاهر أن فضل الدعاء.. ليس خاصا بالواقفين بعرفة فقط،.. وإن كان القبول منهم أرجى من غيرهم؛.. لتلبسهم بالإحرام،.. ووجودهم في أطهر البقاع،.. وكذلك الدعاء.. بكلمة التوحيد الواردة في الحديث.. ليست خاصة بأهل عرفة،.. بل ينبغي أن يكثر من قولها.. أهل الأمصار في ذلك اليوم العظيم.

وكأن الإكثار من الدعاء بكلمة التوحيد ..في يوم عرفة.. هو لتأكيد الوفاء بالميثاق.. الذي أخذه الله تعالى على البشر.. قبل وجودهم على الأرض،... وهو الوارد في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ – يَعْنِي: عَرَفَةَ - فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا " قَالَ: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ )) [الأعراف: 173] رواه أحمد.

فناسب أن تلهج ألسنة المؤمنين بكلمة التوحيد.. في ذلكم اليوم العظيم،..
وعليه... فإنه ينبغي أن يكثر المسلمون من الذكر والدعاء في يوم عرفة... أينما كانوا..

ألاااا فجدوا -عباد الله- في الذكر والدعاء وألحوا؛... فلعل نفحات الله تعالى تصيبكم في يوم عرفة.. ولو لم تقفوا بها،... وفضل الله تعالى يسع أهل الموسم وغيرهم،.. فلا يحرمن عبد نفسه خير الله تعالى وفضله..في ذلكم اليوم العظيم.

وهو يوم إصغار الشيطان ودحره
.. لما يرى من تنزل رحمات الله تعالى على عباده.. كما في حديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ))....رواه مالك مرسلا.

وإذا كان أهل الموسم قد ظفروا بالوقوف في عرفة... ركن الحج الأعظم..
فإن لأهل الأمصار... صوم ذلك اليوم العظيم،... وصومه يكفر سنتين كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)) رواه مسلم..
-وهو يوم معلوم..في التاسع من ذي الحجة...وليس كليلة القدر..
التي يتحراها المسلمون..في العشرالأواخر كلها..

@-وختاما:
لاننسى في هذه الأيام الفضيلة.. أهلنا في غزة العزة..المرابطين على ثغور الكرامة..والمدافعين على شرف الأمة ومقدساتهم وكرامتهم..
لندعمهم بكل مانملك.. وكل مانستطيع..ماديا ومعنويا..ودعاء
فقد ضاق الخناق عليهم...فنسأل الله لهم الفرج عاجلا غير آجل..
إنه على كل شيءقدير.. وبالإجابةجدير...

@-هذا ما تيسر ذكره ...وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله،ﷺ
فقد أمرنا الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [الأحزاب: 56]،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ. ..

اللهم اجعل لإخواننا في غزة وفلسطين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ومن كل عسر يسرا ومن كل بلاء عافية ..

اللهم اجعل لأهل فلسطين النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة ،والتمكين

اللهم انصر أهل فلسطين وثبت أقدامهم وسدد رميتهم واربط على قلوبهم وأمدهم بجنود من عندك،
اللهم أنزل عليهم من الصبر والنصر والثبات واليقين أضعاف ما نزل بهم من البلاء ،
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،

اللهم عليك باليهود الغاصبين،
اللهم لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم من المجرمين والمنافقين والمطبعين عبرة وآية ، ، ،
اللهم دمر أمريكا واساطيلها يارب العالمين...
اللهم إنصر من نصر غزةَ وفلسطين ،واهلك من خذل غزة وفلسطين يارب العالمين..
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَحوالنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً...
اللهم احفظ بلادنا اليمن وسائر بلدان المسلمين يارب العالمين
اللهم إحفظ أمنه واستقراره وعقيدته
إجعله بلاد سخاء رخاء وسائر بلدان المسلمين
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ...

اللهم أصلح أولادنا واجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا والآخرة ..

ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وارحمهما كما ربونا صغاراً ...
اللهم إغفر للمسلمين والمسلمات ،المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات وقاضي الحاجات يارب العالمين...
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ...

عباد الله:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛

فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون....

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tg-me.com/زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي/com.ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
بسم الله الرحمن الرحيم

*خطبة العشر من ذي الحجة فضائل ومزايا وأعمال.*


جمع وإعداد منصور علي عبد السلام محمد وفقه الله وإياكم لصالح الأعمال وتقبل منه ومنكم.


الحمد لله القائل: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالَوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إذَا يَسْرِ * هَل فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}.

«اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَعَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَبَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ، وَجَاهُكَ خَيْرُ الْجَاهِ، وَعَطِيَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِيَّةِ وَأَهْنَؤُهَا، تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ، وَتُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ، تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ الضُّرَّ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ، وَتَقْبَلُ التَّوْبَةَ، وَتَغْفِرُ الذَّنْبَ لِمَنْ شِئْتَ، لَا يُجْزِئُ آلَاءَكَ أَحَدٌ، وَلَا يُحْصِي نَعْمَاءَكَ قَوْلُ قَائِلٍ».

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً، فرداً صمداً، قاهراً قادراً، رؤوفاً رحيماً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكاً له في ملكه، العدل في قضائه، الحكيم في فعاله، القائم بين خلقه بالقسط، المُمْتَنُّ على المؤمنين بفضله، بَذَلَ لهم الإحسان، وزَيَّنَ في قلوبهم الإيمان، وكَرَّهَ إليهم الكفر والفسوق والعصيان.

إلَهـــــي ليسَ لِي إِلَّاكَ عَـــوْنٌ ... فَكُـــنْ عَـوْنِي على جَوْرِ الزَّمانِ
إلَهـــــي ليسَ لِي إِلَّاكَ ذُخْــــرٌ ... فَكُـــنْ ذُخـري إِذا خَلَتِ اليدانِ
إلَهـــــي ليسَ لِي إِلَّاكَ حِصْنٌ ... فَكُـــنْ حِصْـنِي إِذَا رَامٍ رَمَانِي
إلَهـــــي ليسَ لِي إِلَّاكَ جَــــاهٌ ... فَكُـــنْ جَـاهِي إِذَا هَـاجٍ هَجَانِي
إلَهـــــي أنتَ تعلمُ مَـــا بِنَفْسِي ... وتَعْلَــمُ مــا يَجِيشُ بِــهِ جَنَــانِي
فَهَبْ لِي يا رحيمُ رِضًا وحِلْمًا ... إِذَا مَــــا زَلَّ قلبِـــي أو لِســانِي
إلَهـــــي ليسَ لِــي إِلَّاكَ عِـــزٌ ... فَكُنْ عِزِّي وكُنْ حِصْنَ الأَمَانِي

وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا وشفيعنا محمداً عبد الله ورسوله المطهّرُ الطاهرْ، كريم الأصْل، زَكِيُّ المَآثِرْ، صلَّى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلهِ وأصحابهِ أولي الفضائلِ والمَفَاخِرْ، والتابعين ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ، وعلَى دَرْبِ الحقِّ سَائِرْ.

قَلبِـــي يُصَلِّي حِينَ يُذكَــــرُ طَـٰهَ وَعَلَىٰ فَمِي كَم يَستَهِلُّ صَدَاهَا
قَبَسٌ مِــــنَ الرَّحمَٰنِ أَشرَقَ نُورُهُ نَظَــرَتْ بِهِ أَروَاحُنَا فَهَدَاهَـــا
يَا رَبِّ صَلِّ عَلَيهِ مَا سُحْبٌ هَمَتْ يَهَـبُ الحَيَاةَ إِلَىٰ الحَيَاةِ نَدَاهَـا

اللهم صل وسلم وبارِكْ وشرِّفْ وعَظِّمْ ومَجِّدْ بجلالك وجمالك على أشرف مخلوقاتك سيدِنا ونبيِّنا وحبيبِنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

وصيتي لنفسي وإياكم يا عباد الله بتقوى الله، فاتقوا الله وخافوه وراقبوه، ولنعلم جميعا علم يقين أننا جميعا بين يدي ربنا موقوفون، وعلى أعمالنا محاسبون، وعلى تفريطنا نادمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

اللهم ارفع حجاب الغفلة عن قلوبنا، وارفع الشرود من أذهاننا، وارفع النعاس وقت الخطبة من أعيننا، واجعلنا جميعا مع الذكرى ممن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد:

أما بعد فيا معاشر الأخوة الأعزاء:

فسنقف في هذا اليوم المبارك، وفي هذه اللحظات المباركات مع موضوع

*العشر من ذي الحجة فضائل ومزايا وأعمال.*

ليالي العشرِ أوقاتُ الِإجـابــةْ فبَــادِرْ رغبـةً تَلْحَـــقْ ثوابَهْ
ألاَ لا وقتَ لِلْعُمَّــــــــــال فيهِ ثوابُ الخير أقربُ للإصابةْ
من أوقات الليالي العشر حقاً فشَمِّرْ واطْلُبَنَّ فيها الإنابــــةْ

ليالي وأيام العشر من ذي الحجة وهي التي تستقبلنا في هذه الأيام المباركة، في هذا الأسبوع الطيب المبارك نستقبل أول أيام العشر من ذي الحجة.

وإذا استقبلناها فما هي فضائلها؟

ماذا ينبغي عليَّ وعليك أن تفعل؟

كيف يكون إقبالنا على الله تبارك وتعالى فيها؟

ونقاط خطبة هذا اليوم هي:

أولاً :- الليالي العشر من ذي الحجة مع عَظَمَتِها أقسم الله بها، والله عظيم ولا يقسم العظيم إلا بعظيم!

ثانيًا :- وكذلك فأيام العشر هي أفضل أيام الدنيا .

ثالثًا: :- وكذلك أيام العشر هي أيام يتضاعف فيها الثواب، ويكثر فيها الأجور.

رابعًا :- ماذا لو قدمتَ عملًا صالحًا لله في أيام العشر؟
لو أنك فعلتَ ذلك فستكون قد شاركتَ الحُجَّاج في ثوابهم.

خامسًا : هل نحن ممن يعظمون هذه الأيام المباركة، أم ممن يقيمون فيها أفراحًا ورقصاتٍ وأغانيَ مَاجِنَات، أم أننا أصبحنا نفْتَعِلُ الغفلات عن الله فيها كما هو حالنا في بقية الأيام الماضيات؟
*أولاً :- مع عظمتها أقسم الله بها، فقد قال مولانا تبارك وتعالى* : {وَاْلْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ والليل إذا يسر هَلْ ِفي ذَلِكِ قَسَمٌ لِذِي حِجْر} الفجر .

{هَلْ ِفي ذَلِكِ قَسَمٌ}، يعني: يمين، فقد أقسم الله بالفجر وبالليالي العشر، وأقسم الله بالشفع وبالوتر وبالليل إذا يسر، هذه خمسة أيمان، أقسم الله بهذه الخمسة، ولا يقسم العظيم إلا بعظيم.
الفجر عظيم، فمع عظمة الفجر وبركته أقسم الله به، قال مولانا تبارك وتعالى: {وَقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفجرِ كان مَشْهُودا}.

إنَّ قرآن الفجر، يعني: "صلاة الفجر" " كان مَشْهُودا" تشهده الملائكة كما في صحيح الإمام البخاري وغيره، ((يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ: مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ العَصْرِ وَصَلاَةِ الفَجْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ)).

((يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ: مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ))، ماذا يفعلون؟ إنهم يرفعون كشوفات وتقريرات إلى مولاهم، من هم الذين حضروا إلى صلاة الفجر؟ من هم المُستَيْقِظون للصلاة في وقت صلاة الفجر؟ ومن هم المُصَلُّون وقتَ صلاةِ العصر؟

ثم من هم النائمون عن صلاة الفجر؟ ومن هم المُخَزِّنون والغافلون وقت صلاة العصر؟

فربُّنا سبحانه وتعالى ما أقسم بالفجر إلا لأن الفجر عظيم، {وَقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفجرِ كان مَشْهُودا}.
إذًا أين نحن من صلاة الفجر؟

هل نحن ممن تشهدهم الملائكة وهم يصلون، أم ممن تشهدهم الملائكة وهم يَغُطُّونَ على فرشِهم وهم نائمون؛ لأنهم طوال الليل مستيقظون مع الجوالات، ومع الدَّرْدَشَات، ومع القيل والقال؟

أين نحن من هذا القسم العظيم، {وَاْلْفَجْرِ}.

ثمَّ قال الله بعد هذه الآية: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، الواو هنا حرفُ قَسَمٍ وجَر، والله عزَّ وجلَّ أقسم بالليالي العشر لعظمتها، وكما قد ذكرْنا بأنَّ الله عظيم ولا يقسم العظيم إلا بعظيم! فقد أقسم بالليالي العشر لعظمتها، فقال: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، هذا الدليل الأول على عظمتها؛ وهو أنَّ الله أقسمَ بها.
ودليلٌ آخر على عظمتها، فإذا رجعْنا إلى قواعد اللغة العربية، ففي الآية "الفجر" معرفة، مُعَرَّفٌ بـ "ال" "والفجر"، وبعد الليالي قال في الآية: "والشفعِ والوَترِ والليل إذا يَسْر" فهذه كلها مَعَارِف، ولكنَّه قال في الليالي العشر: {وليالٍ عشرٍ}، ولم يقل: والليالي العشر، لماذا جعلها نَكِرَة؟
يقول علماء اللغة: لم يجعلها الله معرفةً مع أنها معروفة، ولكنْ جعلها نكرةً قد لحقَ آخرها التنوين؛ لأنَّ هذا التنوين يفيد التعظيم، (1).
فكأنَّ الله جعلها نكرةً لأنهُ خبَّأَ عَظَمَتَهَا فيها، {وليالٍ عشرٍ}، وهذا تنكير التعظيم.
إذًا، واللهِ بسبب عظمتها أقسمَ الله بها! ولعظمتها نَكَّرَها الله لتكون عظيمةً في عظَمَتِهَا، ولتكون كبيرةً في تعظيمها.

فإذا كانت الليالي العشر لها فضيلةٌ في أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان لها ميزَةٌ حتى مع أحدِ الأنبياء سيدنا موسى عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم.

سيدنا موسى عليه السلام عندما ذهب لاستلام التوراة أمرَهُ الله بالصيام شهرًا، ولخلوف فم الصائم أطيبُ عند اللهِ من ريح المسك كما في الحديث الصحيح، وقبل أن يناجي سيدنا موسى ربَّه استحيا بسبب رائحة فمه الكريهة بسبب الصيام، فاستاكَ فزالت الرائحة.
هذه الرائحة أثناء الصوم هي عندنا كريهة، ولكنها عند الله أطيبُ من ريح المِسْك، فلما زالت تلك الرائحة أمرهُ الله سبحانه وتعالى بأن يزيد عشرة أيامٍ من الصيام ليسلمَ له ربُّه بعد ذلك التوراة.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك بشكلٍ مُجْمَلٍ في سورة الأعراف: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} الأعراف142، {وأتْمَمْنَاهَا بِعَشْر}.

{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ}، الثلاثين الليلة هي شهر ذي القعدة، والعشر هي العشر من ذي الحجة كما يذكر ذلك ابنُ عبَّاسٍ وغيره (2).

فدلَّ ذلك على عظمتها عند الأمم السابقة؛ لأنَّ اللهَ خصَّصها لتسليم التوراة لسيدنا موسى عليه السلام دون غيرها.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى العشر من ذي الحجة بأنها الأيام المعلومات، فقال في سورة الحج: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}، {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}، أي: لِيُكثِروا من ذكْرِ الله في أيام الإكثار من ذِكْرِ الله، في أيام الإنابة، في أيام الإجابة، في أيام الإقبال على الله، في أيام الجِد، في أيام التضَرُّع، في أيام
الرجوع إلى الله، في أيام التوبة والإنابة، {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}، يقول أكثرُ المفسرين، ومنهم سيدنا عبدُ اللهِ بن العباس الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» مسند أحمد بإسنادٍ صحيح.

فقد قال سيدنا عبد الله بن العباس: "الأيام العشر هي العشر من ذي الحجة" (3).


*ومادام أنَّ لها الفضيلة وهذه المنزلة فهي أعظم الأيام عند الله سبحانه وتعالى، وهي أفضل أيام الدنيا، وهي النقطة الثانية في الموضوع:*

فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه ابن حبان من حديث جابر رضي الله عنه : (( أفضلُ أيامِ الدنيا العَشْر)) يعني: العشر من ذي الحجة .

وقد دَلَّت الآيات القرآنية والآثارُ النبوية على أفضلية العَشْرِ من ذي الحجة على غيره من أعشار الشهور، ففي مسند أحمد بإسنادٍ صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ)).

و في صحيح ابن حبان وغيره عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ» قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: " هِيَ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا عَفِيرًا يُعَفِّرُ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ))، أي: أنَّ العمل الصالح في أيام العشر أفضل من الجهاد في سبيل الله في غير أيام العشر، مع أنَّ الجهاد في سبيل الله هو ذُرْوَة سنام الإسلام، ولكنْ مع ذلك فالعمل الصالح في أيام العشر أعظم أجرًا منه بمنطوق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا إذا خرج المجاهد في سبيل الله ونالَ الشهادة فعندئذٍ يكون أعظم أجرًا عند الباري سبحانه وتعالى، أما الذي يعود بعد الجهاد ومع أنه أعظم الناس أجرًا، ولكنْ صاحب العمل الصالح في أيام العشر أعظم منه أجرًا.

ويدلُّ هذا على أن أيام العشر أفضل من أيام الجمعة الذي هو أفضل الأيام.

وقال المُفَسِّرُ الجِهْبَذُ مسروق في قوله تعالى: " وليالٍ عشر " قال: هي أفضل أيام السنة.

وأيضًا فإنَّ أيام العشر يشتمل على يومِ عرفة، وقد جاء في الحديث أنَّ أفضل أيام الدنيا هي يوم عرفة.
ولأجل هذا فإنَّ أيام العشر من ذي الحجة لا تَقِلُّ عظمةً، ولا تَقِلُّ بركةً، ولا تَقِلُّ مِيزةً، ولا تَقِلُّ مكانةً عن أيام العشر الأواخر من رمضان، إلا أنَّ ليالي العشر الأواخر من رمضان مُمَيَّزَةٌ –فقط – بليلة القدر. ( 4 ).

وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عند البخاري ومسلم وغيرهما: «شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ، رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ»، ومعنى: " لَا يَنْقُصَانِ" أي: أنَّهما تامَّان في الأجر والثواب وإنْ نقصا في عدد الأيام.

أيها الإخوة الكرام:

هذه مواسم ينبغي أن نغتنمها، ينبغي أن نقبل فيها على الله تبارك وتعالى، ينبغي أن نترك المعاصي فيها، وخصوصًا أنها كانت في الأشهُر الحُرُم، والأشهُر الحُرُم التي قال الله عنها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } التوبة 36، هذه الأشْهُر الحرُم هي "ذو القعدة وذو الحجة ومحرَّم ورجب".
بل وهي أعظم أيام الأشهر الحرُم، فدَلَّ ذلك على عِظَمِهَا، وعلى الإثم العظيم الذي يحيق بمن يرتكب المُحرَّمات ويظلم نفسه فيها.


*ومن فضائل أيام العشر أنها أيامٌ يتضاعف فيها الثواب، ويكثر فيها الأجور، وهي النقطة الثالثة.*

أيها الإخوة المؤمنون:

*العشر من ذي الحجة تتضاعف فيها الأجور ما لم تتضاعف في غيرها من الشهور* لأن الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه الإمام البخاري وغيره من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ)).

يعني: أن أجر العمل الصالح في أيام العشر من ذي الحجة أكبر وأعظم أجرًا من الجهاد في سبيل الله إلا مجاهدًا خرج مجاهدا بنفسه وماله ولم يرجع لا بنفسه ولا بماله.
وكما ذكرنا سابقًا أن هذا الحديث وأمثاله ليس معناه أنه لا أجْرَ للمجاهد في سبيل الله لأجْلِ إعلاء كلمة الله؛ بل له أجر كبير وثواب عظيم، ولكنَّ أجرَ المؤمن الذي يعمل صالحا في أيام العشر أكبرُ وأعظمُ من أجر المجاهد الذي يعود سالما من المعركة في سبيل الله عز وجل.

وقد مَيَّزَ النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأعمال الصالحة التي نعملها في أيام العشر من ذي الحجة، العمل الصالح الذي نعمَلُهُ في أيام العشر يشمل كل عمل صالح يُقَرِّب إلى الله جَلَّ وعلا، ومن ضمن العمل الذي نُكْثِرُ منه هو ذكر الله عز وجل فقد روى الإمام أحمد وغيره بإسنادٍ صحيح من حديث عبد الله بن عمر بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ ، وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ ، وَالتَّكْبِيرِ ، وَالتَّحْمِيدِ)).

ليس المراد أن تكتفي بالأذكار فقط، ولكنَّ الأعمال الصالحة كلها سواءً عبادات شعائر، أو عبادة معاملات، ولكنَّ النبي عليه الصلاة والسلام ميَّزَ من ضِمْنِ الأعمال الصالحة التي نعملها في العشر ذِكْرَ الله.
فهذه الأيام أيام يَقَظَة، هي أيام تتَيَقَّظُ القلوب إلى الإنابةِ لعلَّام الغيوب سبحانه وتعالى.

فلا ينبغي أن نكون فيها من الغافلين عن الله، بل علينا أنْ نكثرَ فيها من ذِكْرِ الله، فقد حضَّ الله على الذكر في أيام العشر في سورة الحج فقال: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}.
وليس ذِكْرُ الله بعملٍ يسيرٍ يستهين به الكثير، فلا نقلْ: إنَّ ذِكْرَ الله ما هو إلا عبارة عن كلمات!
اِعْلَمْ أنه لا يذكرُ الله إلا مُوَفَّق، فقد قال الله عز وجل في سورة العنكبوت: {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ}، ذِكْرُ الله أكبر في فضيلته، في عظَمَتِه، في منزلتِه، في مكانته، {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ}.

ولأجل ذلك قال سيدي وحبيبي النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وأحمد بإسنادٍ صحيح من حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، قَالَ مَكِّيٌّ : وَأَزْكَاهَا ، عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا : وَذَلِكَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)).

لأنه من أطلق لسانه بذكر الله وتيقَّظَ قلبُه لذكرِ الله فإنَّه سينهظ قلبُه كذلك بالإخلاص وصدْقِ الإقبال على الله تبارك وتعالى؛ لأنَّ ذِكْرَ يوقظ القلب النائم الذي قد غرق في بحر الغفلات عن الله سبحانه وتعالى.

*ومن الأعمال الصالحة التي تفعلها في العشر من ذي الحجة* هي عمل خيرٍ تتقرب بها إلى الله، عبادة، ذكْر، صدقة، إغاثة ملهوف، إعانة محتاج، قضاء الحوائج، وفي الحديث عند الطبراني والحاكم: عَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ , وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ)).

ولقد كان سيدنا عبد الله بن العباس يقول: "لا تطفئوا سُرُجَكُم في أيام العشر".
كان يقول لهم: "لا تطفئوا سُرُجَكُم" وفي وقتنا هذا، "لا تطفئوا سُرُجَكُم" ماذا تفعلون؟ هل تراسلون مع الأصحاب؟ هل تظلون تنظرون إلى القنوات؟
"لا تطفئوا سُرُجَكُم" هل وأنتم تشاهدون التلفونات؟
"لا تطفئوا سُرُجَكُم" لماذا؟
لأنكم تعاملون الله، لأنكم تقبلون على الله؛ لأنها أيام إقبالٍ على الله، فلا ينبغي أن تكونوا من الغافلين فيها عن الله، هي أيام نفحات، هي أيام هِبات، هي أيام مواهب، هي أيام هدايا من الله تبارك وتعالى.

فقد رَوى الحافظ ابن عساكر والبيهقي من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ» يعني: ظَلُّوا دَهْرَكُمْ اطلبُوا الخير من الله، فبابُ اللهِ مفتوح، ولا تدري متى تكون ساعة الإجابة، فَرُبَّما هي ساعة اسْتَهْزَأْتَ بها فلمْ تلجأْ فيها إلى الله، وكونوا متفائلين
بأنَّ الله سيفتح لكم باب الخير، وافتحوا باب التفاؤل، لا تفتحوا للتشاؤم بابًا، لا تجعلوا أنفسكم ضيقة، فتفاءلوا بالخير من الله تجدوه.
قال: «اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» هناك أوقات يوزِّع الله فيها الهدايا والنفحات.
قال: «وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَسَلُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَيُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ». (5).

ونسأل الله أن يوفقنا دائما وأبداً لطاعته والقرب منه وخصوصا في أيام العشر المقبلة علينا بإذن الله تبارك وتعالى.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.


*الخطبة الثانية*

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ اللِه ورسولُه .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وصيتي لنفسي وإياكم يا عبادَ الله بتقوى الله وطاعته، فاتقوا الله وخافوه راقبوه.

أما بعد:

فيا معاشر الإخوة الأعزاء فلا زِلنا مع العشر من ذي الحجة فضائل ومزايا وأعمال.

*ورابع نقطةٍ هي إذا أردتَّ أنْ تشارك الحُجَّاج في ثوابهم فلا تتساهل في هذه الأيام.*

هم هناك يُلَبُّون ويذكرون، هم هناك يُقبلون على الله، وأنت هنا أقبِلْ على الله.
جاء في الحديث «الْجُمُعَةُ حَجُّ الْفُقَرَاءِ» مسند الشِّهاب عن ابن عباس.

حتى إذا لم نستطع الحج، أو جعلوه بعيدًا عنا، وشِبْهَ مستحيلٍ على كثيرٍ منَّا، فهناك أعمالٌ عوَّضَ اللهُ بها من لم يستطيعون، وهناك ثواب يمكنك أن تحصل عليه.

وقد عرفنا أنَّ أيام العشر من ذي الحجة هي أيام ذكرٍ، وأيامُ إقبالٍ على الله، وأيامُ إنابة، وأيام إجابة.
الحُجَّاج هناك سيقبلون على الله ويتقرَبون إليه، فَتَقَرَّبْ أنت هنا إلى الله بأنْ تُضَحي بشهواتك التي لا ترضي الله، اتركها لأجل الله، فالحُجَّاجُ ضَحَّوا من أموالهم، وكذلك يُضَحُون بالهَدْيِ الذي يتقربون به إلى الله، وأنتَ ضَحِّ بشهواتك المُحرَّمَة، اتركْها لأجل الله.
اترك كَسَلَك، اترك تقصيرَك، اترك تساهُلَك لأجل الله تبارك وتعالى يقبلُ عليك الله سبحانه وتعالى، هذا بالإضافة إلى الأضحية التي سوف تتقرَّبُ بها إلى الله لتكون شبيهًا للحُجَّاج.


*خامسًا : هل نحن ممن يعظمون هذه الأيام المباركة، أم ممن يقيمون فيها أفراحًا ورقصاتٍ وأغانيَ مَاجِنَات، أم أننا أصبحنا نفْتَعِلُ الغفلات عن الله فيها كما هو حالنا في بقية الأيام الماضيات؟*

أيها الإخوة المؤمنون:

عند البعض منا في كثيرٍ من المجتمعات يجعلون من أيام العشر من ذي الحِجَّةِ أيام أعراس، ويجعلون لياليها ليالي رقصٍ وغير ذلك مما اعتاد عليه الكثيرون.
ولهذا فهؤلاء قد عكسوا الأمر، فقد كانت أيام إقبالٍ على الله، كما قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم بأنَّ أيام العشر من ذي الحجة هي أفضل أيام الدنيا، وستكون لياليه كذلك هي أفضل ليالي الدنيا؛ لأنَّ اللهَ أقسم بها.
هذه الأيام والليالي الفضائل بماذا نُمَضيها؟

نمضيها في إقامة الحفلات.
والذين هم مُضطرون للأعراس في عيد الأضحى، لماذا لا يجعلون وقتًا للإقبال على الله تبارك وتعالى، ويُهَدِّؤون الضجيج الموسِيقي ليتمكن المقبلين على الله من مناجاة ربهم وقت إقبالهم عليه.

وإذا كان الله يقول لنا عن الأشهُر الحُرُم: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}، والتقصير ظلم، والتساهل ظلم، والذنوب ظلم، حتى عندما تظلم الآخرين فأنت تظلم نفسك؛ لأنك تتصور أنك تظلمهم، ولكنْ في الحقيقة أنت ظلمتَ نفسك؛ لأنك أغضبتَ عليكَ ربَّك، أنت الذي أبطلتَ أجرك، أنت الذي أحبطتَ عملك، أنت الذي أحرمتَ نفسك جنةً عرضُها السموات والأرض، فمن المظلوم، ومن الظالم؟
نسأل الله العفو والعافية وصلاح الشأن ظاهرًا وباطنًا، وصلاح النيات، وصلاح الدين والدنيا.

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما بقول الله عز وجل: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك سيدنا ونبيِّنا وحبيبنا محمدٍ الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


الدعاء...
المراجع.
القرآن الكريم.
لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي .
(1) تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور رحمه الله.
(2) تفسير الإمام القرطبي رحمه الله.
(3) تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله.
( 4) لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي رحمه الله بتصرُّف .
(5 ) تفسير ابن كثير عند تفسيره لسورة يونس آية 105 .
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2025/05/31 17:24:29
Back to Top
HTML Embed Code: