Telegram Group Search
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّمَا ‌الْمَسَائِلُ ‌كُدُوحٌ ‌يَكْدَحُ ‌بِهَا ‌الرَّجُلُ وَجْهَهُ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلَاّ أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا) [صحيح، أخرجه: ابن حبان/صحيحه(908)(2/ 49)].
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (‌مَنْ ‌فَتَحَ ‌عَلَى ‌نَفْسِهِ ‌بَابَ ‌مَسْأَلَةٍ ‌مِنْ ‌غَيْرِ ‌فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ عِيَالٍ لَا يُطِيقُهُمْ؛ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ الْفَاقَةِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [حسن، أخرجه: البيهقي/شعب الإيمان(3250)(5/ 168)].
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (‌مَسْأَلَةُ ‌الْغَنِيِّ ‌شَيْنٌ فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [صحيح لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(19821)(33/ 55)].
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً عَنْ ظَهْرِ غِنًى، ‌اسْتَكْثَرَ ‌بِهَا ‌مِنْ ‌رَضْفِ ‌جَهَنَّمَ). قَالُوا: مَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ: (عَشَاءُ لَيْلَةٍ) [جيد، أخرجه: أحمد/مسنده(1253)(2/ 408)].
وأما عن سؤال الناس بعض ما عندهم من مال لأجل السفر إلى الخارج؛ فإن كان لمجرد السلامة؛ فلا تجوز مسألته، ولا يجوز أن يعطى من زكاة المال؛ بل ولا من الصدقة في وجود من هو أشد حاجة منه في نازلة الحرب من الفقراء والمساكين وأبناء السبيل الذين فقدوا كلَّ مقدراتهم، سيما وأن السلامة منشودُ جميع الناس، وإن كانت المسألة لسفر من أجل التداوي والتطبيب لفداحة المرض أو بليغ الإصابة؛ فذلك جائز، والله تعالى أعلم وأحكم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
📌يضطر كثير من الناس للصلاة في الخيام والمآوي الضيقة للصلاة فوق الفرشات المخصصة للنوم لاعتبارات عديدة؛ كشدة البرد في الخارج فيما مضى، والآن شدة الحر، وبسبب ضيق المكان، وصعوبة الأرض وعدم استوائها، والخوف من الخروج خارج الخيمة.
فما التوجيه بارك الله فيكم.
👈الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
أسأل الله تعالى لأهلنا جميعاً في فلسطين الفرجَ القريبَ؛ آمين.
أيها الإخوة والأخوات: إن من شروط صحة الصلاة طهارةُ البدن والثوب والمكان، فإذا كان الفراش طاهراً، وأديت الصلاةُ مع مراعاة أركانها وأبعاضها وهيئاتها وبقية شروطها؛ كانت صحيحةً مسقطةً للقضاء، ويحسن بالأهل في خيام النزوح أن يصلوا الفرائض جماعةً؛ لأن أجر الجماعة أثرى للحسنات؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ ‌بِسَبْعٍ ‌وَعِشْرِينَ ‌دَرَجَةً) [أخرجه: البخاري/صحيحه(645)(1/ 131)، مسلم/صحيحه(650)(2/122)].
وليحرصوا على ختمها بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه من الحصون المانعة من الأذى بإذن الله.
ولا ينقص من الأجر الصلاةُ على الفراش؛ بل يؤذن لهم طلب الألين من الأرض والأدفع للحرج؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نزل بأصحابه في يوم عرفة وادي عُرَنَةَ واختاره مكاناً لصلاة النهار.. الظهر والعصر جمعاً؛ لأن الوديان غالباً ما تكون مجمعاً للرمال؛ فإنها ألينُ من الأرض اليابسة، وأسلم للأرجل والركب والجباه حال الجلوس والسجود.
ذكرتُ هذا؛ لِتَطِيبَ نفوسُكم، ولتعلموا أن السلامة والعافية مقصودةٌ لدى الشارع، وأن المشقة لا تطلب لذاتها وسيلة للتقرب إلى الله تعالى؛ فإن الله عز وجل أراد بعباده اليسر، ودفعَ الحرج، والله أعلم.
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
📌فضيلة الشيخ: إن بعض سائقي الحافلات الناقلة للمؤن والمساعدات من جنوب القطاع إلى شماله ينقل في صناديقها أفراداً من الرجال أو النساء على عِوَضٍ ماليٍّ، فنشأ عن ذلك توقف لحركة النقل ليومين وهي مرشحة للزيادة، وقد يتسبب ذلك في إعاقةٍ طويلة لإخضاع تلك الحافلات إلى تفتيش دقيق من قبل أهل الحرب، تتقلص بسببه أحجام تلك المؤن والمساعدات، فما حكم ذلك في الشرع، بارك الله فيكم؟
👈الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
أسأل الله تعالى عودةً آمنةً سالمةً مطمئنةً لأهلنا النازحين لا تعرضهم إلى مفاسد راجحة في أنفسهم أو أعراضهم أو أموالهم؛ آمين.
أيها الأهل الكرام في قطاع غزة:
إن الشارع الحكيم اعتبر نجاح المصلحة الراجحة، ودرء المفسدة الراجحة، ومن صور اعتبار المصلحة الراجحة: أمر الشارع بالقصاص ممن قتل نفساً معصومةً بغير حق؛ مراعاةً لسلامة الأنفس، وأمره بقطع يد السارق؛ مراعاةً لسلامة أموال الناس، وأمره بقطع أطراف المفسد (قاطع الطريق) مِن خِلَافٍ مع قتلِه وصلبِه؛ مراعاة للأمن المجتمعي، وحفظاً للأنفس والأعراض والأموال، وأمره بأكل قدر من الميتة في حال الضرورة؛ استنقاذاً للنفس من الهلكة.
ومن صور اعتبار درء المفسدة الراجحة: أن الشارع نهى عن الاحتكار؛ لأنه مصلحةٌ فردية تخص المحتكر، لكنها تؤدي إلى مفسدةٍ تطال عمومَ الناس، ونهى عن تلقي الركبان وبيعِ حاضرٍ لبادٍ؛ لأنهما مصلحةٌ فرديةٌ للتاجر الجشع تقود إلى مفسدةٍ تعم جميعَ الناس.
ومن الصور الحادثة في تقديم المصلحة الفردية التي تقود إلى مفسدةٍ كليةٍ أو أغلبيةٍ راجحةٍ: أن بعض أصحاب الحافلات التي تحمل المؤن والمساعدات من جنوب القطاع إلى شماله يُخَبِّؤُونَ في صناديق الحافلات أفراداً من النازحين.. ينقلونهم من الجنوب إلى الشمال في مقابل عوض مالي؛ فنقلهم مصلحة فردية لا تتجاوز الرجل أو المرأة المستَتِرَين بالبضائع مع مصلحة صاحب الحافلة، لكنَّ هذا الفعل يقود إلى مفسدة كلية تعم أهل الشمال جميعاً؛ لأنها تؤدي إلى منع دخول تلك الشاحنات ليوم أو أيام، وقد ينشأ عن ذلك إعاقة دخول تلك الحافلات بسبب إخضاعها إلى تفتيش من قبل أهل الحرب، فتتأخر بهذا الفعل إغاثة المهج الوجعة، والبطون الجائعة.
وعلى ضوء فقه الموازنة والتأصيل الذي قدمنا؛ يعد فعلهم هذا من السلوك الظالم والآثم اللازم اجتنابه، وعلى الناس جميعاً التجمل بالصبر، وإنزال الحاجة بالله، والدعاء بتنفيس الكرب، وتعجيل الفرج، وعودة النازحين إلى بيوتهم آمنين بتفهمات سياسية لا تقود إلى مزيد من الهلاك في الأنفس، والدمار في المتاع والمال.
والله أسأل السلامة والعافية، والأمن والطمأنينة للأهل جميعاً في فلسطين.
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
📌نريد نصيحة منك شيخنا في حال بعض البيوت والخيام للنازحين؛ حيث تتكشف بعض النساء بشعورهن أو بأيديهن في ترتيب البيت أو الخيمة أمام القرابة كابن عمها أو ابن خالها أو خالتها، وكذلك أثناء تقديم الطعام تجلس النساء مع الرجال لضيق المكان.
👈الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
أسأل اللهَ لجميع الأهل العون على مرضاته، والعافية من الفتن؛ آمين.
لا يجوز للمرأة أن تبدو بالبنطال والقميص القصير، ولا يجوز لها أن تكشف عن ساقها أو ساعدها أو تضع غطاء رأسها وتكشف عن شعرها أمام من يحل لها من الرجال، كالأحماء -إخوة الزوج البالغين-، وأبناء العمومة والخؤولة، فضلاً عن غيرهم من الأباعد؛ فإن هذا حرامٌ، ويمهد سبيلاً إلى الفتنة، وانتهاك الأعراض؛ قال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ ‌يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ ‌جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 59].
ويجوز للمرأة قِرى الضيف، وتقديم الطعام والشراب لهم، مع مراعاة الحشمة والوقار، وغض الأبصار.
والأولى عند تناول الطعام أن ينفرد النساء عن الرجال، فإذا تعذر ذلك لضيق المكان؛ أَكَلَ الرجال أولاً ثم النساء، وإلا فإذا اجتمع مَن في الخيمة على الطعام؛ فعلى الجميع مراعاة غض البصر، والأكل بحشمة، وأن تجعل المرأة بينها وبين الحمو أو ابن العم أو ابن الخال أحد المحارم، فإن لم يكونوا.. فالْقُصَّرُ من الصغار، فإن لم يكونوا فمن العجائز الكبار، فإن لم يكنَّ فلتجعل وسادة أو شيئاً من المتاع حاجزاً، فإن اجتماع القبيلين من الأجانب في ظروف الضيق والحرج مرخص به؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا؟) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ‌ضَيْفَ ‌رَسُولِ ‌اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (ضَحِكَ اللهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا) فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿‌وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9] [أخرجه: البخاري/صحيحه(3798)(5/ 34)].
من فوائده: أن الرجل وزوجه شاركا الضيف على مائدة الطعام، وأوهماه أنهما يأكلان منه؛ ليجد الضيف حاجته، بل شبعه من الطعام، وقد أقر الله ورسوله صنيعهما.
وعن عَامِرِ بْنِ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيِّ، شَعْبُ هَمْدَانَ «أَنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنهما، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ فَقَالَ: حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا تُسْنِدِيهِ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ. فَقَالَتْ: لَئِنْ شِئْتَ لَأَفْعَلَنَّ. فَقَالَ لَهَا: أَجَلْ حَدِّثِينِي. فَقَالَتْ: نَكَحْتُ ابْنَ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ مِنْ خِيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ، فَأُصِيبَ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا تَأَيَّمْتُ خَطَبَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَطَبَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَكُنْتُ قَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ). فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: أَمْرِي بِيَدِكَ فَأَنْكِحْنِي مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ: (انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ). ‌وَأُمُّ ‌شَرِيكٍ ‌امْرَأَةٌ ‌غَنِيَّةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ. فَقُلْتُ: سَأَفْعَلُ. فَقَالَ: (لَا تَفْعَلِي، إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ، فَيَرَى الْقَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ) -وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فِهْرٍ، فِهْرِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مِنَ الْبَطْنِ الَّذِي هِيَ مِنْهُ- فَانْتَقَلْتُ إِلَيْهِ [أخرجه: مسلم/صحيحه(2942)(8/ 203)].
من فوائد الحديث: أن أم شريك امرأة كريمة غنية جوادةٌ من الأنصار، كانت تقري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين.
فلأجل هذه الأخبار وغيرها ذكرتُ الجواز، مع مراعاة الحشمة والحياء، والله أعلم.
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
معشر_التجار_لا_تنزع_الرحمة_إلا_من_شقي.pdf
181.6 KB
مَعْشَرَ التُّجَّارِ.. لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ
مَعْشَرَ التُّجَّارِ.. لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ
15 شوال 1445 هجرية
الموافق: 24 إبريل 2024 ميلادية.

الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدِ اشْتَدَّ الْكَرْبُ، وَعَظُمَ الِابْتِلَاءُ، وَاسْتَحْكَمَتِ الزَّلْزَلَةُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ بِفِرَاقِ عَشَرَاتِ الْآلَافِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، وَأَضْعَافِ أَعْدَادِهِمْ مِنَ الْجَرْحَى الْمُبْتَلَيْنَ بِإِعَاقَاتٍ دَائِمَةٍ، وَبِدَمَارِ الْبُيُوتِ وَمَا فِيهَا مِنْ مَتَاعٍ، وَاسْتِئْصَالِ مُقَوِّمَاتِ الْحَيَاةِ وَمُكَمِّلَاتِهَا مِنْ خُطُوطِ الْمِيَاهِ، وَالْكَهْرُبَاءِ، وَالْهَاتِفِ، وَالصَّرْفِ الصِّحِيِّ، وَهَدْمِ الْمَسَاجِدِ، وَتَجْرِيفِ الْحَوَائِطِ، وَتَخْرِيبِ الطُّرُقِ، وَقَصْفِ الْمَخَابِزِ وَمَرَاكِزِ التَّسَوُّقِ، وَمَخَازِنِ الْغِذَاءِ وَالدَّوَاءِ، وَتَوَقُّفِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فِي الْمَنَاحِي الْأَهَمِّ.. الِاقْتِصَادِيَّةِ، وَالْأَمْنِيَّةِ، وَالصِّحِّيَّةِ، وَالتَّعْلِيمِيَّةِ، وَإِزَالَةِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْمَدَنِيَّةِ مِنَ الْوَزَارَاتِ، وَالْبَلَدِيَّاتِ، وَالْأَسْوَاقِ، وَبَاتَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْقِطَاعِ فِي مَرَاكِزِ الْإِيوَاءِ -فِي الْمَدَارِسِ وَالْمَشَافِي وَالطُّرُقَاتِ وَالْخِيَامِ الَّتِي لَا تَقِي حَرَّ صَيْفٍ وَلَا بَرْدَ شِتَاءٍ-، وَمَشَقَّةِ النَّاسِ وَمُعَانَاتِهِمْ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ وَأَمَاكِنِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَانْتِشَارِ الْأَوْبِئَةِ وَالْأَمْرَاضِ فِي الْأَنْفُسِ وَالْأَبْدَانِ.
وَأَمَامَ هَذَا الْحَجْمِ الْمُفْزِعِ مِنْ أَنْوَاعِ الِابْتِلَاءِ؛ يَقُومُ فِي النَّاسِ شَرِيحَةٌ مِنَ التُّجَّارِ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ فَكَانَتْ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدَّ قَسْوَةً، يَتَنَافَسُونَ فِي تَصْفِيَةِ النَّاسِ مِنْ قَلِيلِ مَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ مَالٍ غَيْرِ مُتَجَدِّدٍ لَهُمْ؛ لِانْعِدَامِ فُرَصِ الْعَمَلِ، وَتَوَقُّفِ مُؤَسَّسَاتِ الْمَالِ، وَتَعْطِيلِ الْوَظَائِفِ، وَعَدَمِ صَرْفِ الرَّوَاتِبِ، وَاشْتِدَادِ حَاجَةِ النَّاسِ إِلَى السِّلَعِ الْمُسْعِفَةِ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْبُقُولِيَّاتِ وَأَنْوَاعِ الْخُضَرِ، فَيَفْرِضُونَ عَلَى النَّاسِ أَثْمَانَاً لَا طَاقَةَ لِأَكْثَرِهِمْ بِهَا، وَرُبَّمَا سَارَعَ بَعْضُ التُّجَّارِ إِلَى جَمْعِ أَصْنَافِ الْأَغْذِيَةِ مِنَ الْبَاعَةِ الصِّغَارِ؛ بِغَرَضِ احْتِكَارِهَا، وَفَرْضِهِمْ عَلَى النَّاسِ أَثْمَانَاً مُرْهِقَةً تُلَبِّي شُذُوذَ نُفُوسِهِمْ وَطُغْيَانَهَا، وَمَا دَرَى هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ بِفِعْلِهِمْ هَذَا أَبْعَدُ مَا يَكُونُونَ عَنِ اللهِ  وَمَظَانِّ رَحْمَتِهِ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ القَلْبُ القَاسِي) [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(2411)(4/607)].
وَأَنَّ هَؤُلَاءِ أَشْقَى النَّاسِ؛ لِتَجَرُّدِهِمْ عَنْ رَحْمَةِ الْعَامَّةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الصَّادِقَ، الْمَصْدُوقَ صلى الله عليه وسلم صَاحِبَ هَذِهِ الْحُجْرَةِ يَقُولُ: (لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ) [حسن، أخرجه: أبو داود/سننه(4942)(4/ 286)].
وَأَنَّ هَؤُلَاءِ يَفُوتُهُمْ بِعَمَلِهِمْ هَذَا نَعِيمُ الْجَنَّةِ؛ فَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (...فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّنَا رَحِمٌ، قَالَ: (إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ خَاصَّتَهَ، وَلَكِنْ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ) [حسن لغيره، أخرجه: النسائي/سننه الكبرى(5928)(5/ 414)].
أَيُّهَا التُّجَّارُ: إِنَّ الِاحْتِكَارَ وَغَلَاءَ الْأَسْعَارِ فِي أَقْوَاتِ النَّاسِ وَأَغْذِيَتِهِمْ؛ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ الْمُخْرِجِ مِنْ ذِمَّةِ اللهِ وَحِفْظِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنِ احْتَكَرَ يُرِيدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ، وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ) [صحيح، أخرجه: البيهقي/سننه الكبرى(11149)(6/ 49)]؛ كَأَنَّهُ لَمَّا قَسَا عَلَى النَّاسِ بِالِاحْتِكَارِ، وَلَمْ يَرْحَمْهُمْ بِالتَّيَاسُرِ؛ لَمْ يَرْحَمْهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَرَمَهُ كَفَالَتَهُ وَرِعَايَتَهُ.
وَيُلْبِسُهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا سَيِّءَ الْأَسْقَامِ، وَيُقَصِّرُ أَجَلَ مَا يَجْمَعُونَ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَكَمَا انْتَشَتْ نُفُوسُهُمْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ أَيَّامَاً أَوْ شُهُورَاً أَوْ سِنِينَ؛ فَسَيَتَجَرَّعُونَ حَسْرَةَ زَوَالِهِ أَبَدَاً، وَقَدْ يَمُوتُونَ عَنْهُ لِتَفْسُدَ بِهِ ذَرَارِيهِمْ، وَهُوَ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ، ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ) [أخرجه: ابن ماجه/سننه(2155)(2/ 729)، وحسنه ابن حجر في الفتح (4/348)]، أَيْ: أَصَابَهُمُ اللهُ بِالْجُذَامِ، وَهُوَ مَرَضٌ يُقَطِّعُ لُحُومَهُمْ وَجُلُودَهُمْ وَهُمْ أَحْيَاءُ، وَبِالْإِفْلَاسِ الَّذِي يَعْنِي ذَهَابَ مَا جَمَعُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَهَذِهِ عُقُوبَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مَقَاعِدُ مِنْ عُظْمِ جَهَنَّمَ يَلْزَمُونَهَا مَا شَاءَ اللهُ؛ فَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [جيد، أخرجه: أحمد/مسنده(20313)(33/ 426)]، أَيْ: يَحْبِسُهُ بِمَكَانٍ عَظِيمٍ مِنَ النَّارِ.
وَاعَجَبَاً مِنْ قَسْوَةِ هَؤُلَاءِ؛ يَرَوْنَ الِابْتِلَاءَ بِأَلْوَانِهِ.. الْخَوْفَ، وَالْجُوعَ، وَنَقْصَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ؛ تَشِيبُ لِهَوْلِهَا الْوِلْدَانُ، وَيَرِقُّ لَهَا أَهْلُ الْإِحْسَانِ مِنْ بِلَادِ الدُّنْيَا كُلِّهَا؛ فَيَبْعَثُونَ بِبَعْضِ أَمْوَالِهِمْ إِغَاثَةً لِإِخْوَانِهِمْ فِي الْقِطَاعِ؛ وَتُبَادِرَ إِلَى تَنْفِيذِهِ بَعْضُ مُؤَسَّسَاتِ الْإِغَاثَةِ كَالْأُنُرْوَا، وَالْمَطْبَخِ الْعَالَمِيِّ لِلْأَغْذِيَةِ، وَمُنَظَّمَةِ الْأَغْذِيَةِ الْعَالَمِيَّةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ مُؤَسَّسَاتِ بَلَدِنَا، فَيَأْتُونَ التُّجَّارَ لِشِرَاءِ الْأَغْذِيَةِ وَالْأَقْوَاتِ؛ فَيُقَابِلُونَهُمْ بِطَمَعِ النَّفْسِ، وَشُذُوذِ الطَّبْعِ، وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ؛ يَبِيعُونَهُمُ السِّلَعَ بِأَسْعَارٍ زَائِدَةٍ مِنْ غَيْرِ خَجَلٍ وَلَا مُرَاجَعَةِ نَفْسٍ أَنْ يَرِقَّ لِأَهْلِنَا الْبَعِيدُ، وَيَقْسُو عَلَيْهِمُ الْقَرِيبُ.
لَا كَثَّرَ اللهُ مِنْ هَؤُلَاءِ.. الَّذِينَ حَسِبُوا طَرَائِقَهُمْ فِي بَيَاعَاتِ الْغَرَرِ تَقُودُهُمْ إِلَى جَمْعِ الْمَالِ الْحَلَالِ. لَا وَاللَّهِ إِنَّ أَمْوَالَاً جُمِعَتْ بِالْغَرَرِ لَهِيَ حَرَامٌ وَلَيْسَ حَلَالَاً، وَهِيَ دَاءٌ وَلَيْسَ شِفَاءً، وَهِيَ عَذَابٌ وَلَيْسَ عَافِيَةً.
لَيْتَ شِعْرِي لَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ رَحِمُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ مِنْ شُؤْمِ مَا يَفْعَلُونَ، وَنَأَوْا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ غَضَبِ الْجَبَّارِ الَّذِي لَا يَغْفُلُ عَمَّا يَفْعَلُ الظَّالِمُونَ، وَرَاجَعُوا أَنْفُسَهُمْ، وَتَصَدَّقُوا عَلَى الْمَنْكُوبِينَ بِمَا جَمَعُوهُ مِنْ مَالٍ، وَغَيَّرُوا مَسِيرَةَ بَيْعِهِمْ، وَقَنِعُوا بِنِسْبَةٍ رِبْحِيَّةٍ يَسِيرَةٍ فِي ظِلِّ نَازِلَةِ الْحَرْبِ، فَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَالْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا، وَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ.
وَفِي الْمُقَابِلِ أَقُولُ: جَزَى اللهُ رِجَالَاً أَهْلَ سَمَاحَةٍ فِي الْبَيْعِ، وَيُسْرٍ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَقَنَاعَةٍ فِي الرِّبْحِ، وَإِمْهَالٍ لِلْمَدِينِ الْمُعْسِرِ، هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ عَلَى مَنَازِلَ مُتَفَاوِتَةٍ.. مِنْهُمْ مَنْ يَرْقَى فِي الْجَنَّةِ إِلَى مَنَازِلِ النَّبِيِّينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْزَلُ مَنَازِلَ الصِّدِّيقِينَ، ثُمَّ الشُّهَدَاءِ، ثُمَّ الصَّالِحِينَ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (‌التَّاجِرُ ‌الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) [حسن مرسل، أخرجه: الترمذي/سننه(1209)(2/ 498)، وقال: حديث حسن].
فَهَنِيئَاً لِهَؤُلَاءِ وَقَدْ فَازُوا بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ، فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَحِمَ اللهُ رَجُلًا، ‌سَمْحًا ‌إِذَا ‌بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى) [أخرجه: البخاري/صحيحه(2076)(3/ 57)].
وَبَعْدَ هَذِهِ التَّذْكِرَةِ؛ أَدْعُو اللهَ تَعَالَى لِمَنْ وَقَعَ فِي احْتِكَارِ السِّلَعِ، وَرَفْعِ أَثْمَانِهَا فَيْئَةً عَاجِلَةً، وَتَوْبَةً نَصُوحَاً، وَقَنَاعَةً فِي الرِّبْحِ، وَرَحْمَةً بِالْعَامَّةِ، وَإِحْسَانَاً بِالْمَكْرُوبِينَ، آمِينَ.
وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
✍️ أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
📌 أيها المكروب: استعن بالله ولا تعجز..

حمّل واقرأ:
📖 شرح أحاديث تفريج الكرب، وحصول العافية
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
https://drive.google.com/file/d/1ZMFRBgqIWrvUtGVy346poqmPOgxcZLUt/view?usp=sharing
📌 أيها المكروب: استعن بالله ولا تعجز..

حمّل واقرأ:
📖 شرح أحاديث تفريج الكرب، وحصول العافية
القسم الثاني: شرح أحاديث العافية
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
https://drive.google.com/file/d/1XuumJGA2-BJJCtN9tftLyBdhySK1aJe9/view?usp=sharing
القسم الثاني شرح أحاديث العافية.pdf
1.1 MB
📌 أيها المكروب: استعن بالله ولا تعجز..

حمّل واقرأ:
📖 شرح أحاديث تفريج الكرب، وحصول العافية
القسم الثاني: شرح أحاديث العافية
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
https://drive.google.com/file/d/1XuumJGA2-BJJCtN9tftLyBdhySK1aJe9/view?usp=sharing
حُكْمُ تَأْخِيرِ الْأُضْحِيَةِ عَنْ وَقْتِهَا لِلْعُذْرِ
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
حُكْمُ تَأْخِيرِ الْأُضْحِيَةِ عَنْ وَقْتِهَا لِلْعُذْرِ
السُّؤَالُ/ فَضِيلَةَ الشَّيْخِ: نَحْنُ قَائِمُونَ عَلَى مُؤَسَّسَةٍ خَيْرِيَّةٍ، وَصَلَتْنَا بَعْضُ أَمْوَالِ الْمُحْسِنِينَ؛ لِأَجْلِ تَنْفِيذِهَا فِي الْأَضَاحِي هَذَا الْعَامِ، وَعَلَى ضَوْءِ نَازِلَةِ الْحَرْبِ قَدْ تَدْخُلُ عَلَيْنَا أَيَّامُ الْأَضْحَى وَلَا يُتَاحُ لَنَا تَنْفِيذُهَا فِي بَعْضِ الْمَنَاطِقِ الَّتِي يَسْتَهْدِفُهَا أَهْلُ الْحَرْبِ بِاجْتِيَاحٍ أَوْ بِكَثَافَةِ الْحِمَمِ وَالْقَذَائِفِ وَالصَّوَارِيخِ، فَإِذَا اعْتَرَضَنَا مِثْلُ هَذَا الْحَالِ فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ؛ هَلْ يَجُوزُ أَنْ نُؤَخِّرَ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنَ الْأَضَاحِي حَيَّاً؛ لِعَدَمِ تَوَفُّرِ الْبَرَّادَاتِ الْحَافِظَةِ؟ أَفْتُونَا عَنْ هَذَا مَأْجُورِينَ.
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ: أُجِيبُكُمْ عَلَى سُؤَالِكُمْ بِرَأْيِي؛ فَإِنْ كَانَ صَوَابَاً فَمِنَ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَئَاً فَمِنْ نَفْسِي وَالشَّيْطَانِ.
إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَقَامَ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ وَسَائِلَ لِغَايَاتٍ هِيَ مَصَالِحُ عِبَادِهِ، وَالْأُضْحِيَةُ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ فِي ذَلِكَ، قَدْ شُرِعَتْ لِمَنْفَعَةِ الْأَهْلِ بِإِطْعَامِهِمُ الْلَّحْمَ أَيَّامَ النَّحْرِ، وَادِّخَارِهِمْ بَعْضَهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَدَفْعِ بَعْضِهَا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنَ الْقَرَابَةِ وَالْجِيرَانِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكُلَّمَا زَادَ نَصِيبُ الْمَحَاوِيجِ سِيَّمَا فِي حَالِ اشْتِدَادِ الْفَاقَةِ، وَامْتَدَّتْ لُحُومُ الْأَضَاحِي إِلَى عَدَدٍ مِنَ النَّاسِ أَكْبَرَ، وَانْتَفَعُوا مِنْهَا زَمَانَاً أَطْوَلَ؛ زَادَ بِذَلِكَ أَجْرُ أَصْحَابِ الْأَضَاحِي.
وَبَعْدَ هَذَا التَّقْدِيمِ أَقُولُ: لَقَدْ مُنِعَ النَّاسُ فِي الْقِطَاعِ فِي أَشْهُرِ هَذَا الْعُدْوَانِ مِنْ أَسَاسِيَّاتٍ لَا تَسْتَقِرُّ الْحَيَاةُ إِلَّا بِهَا، مِنْهَا: الْمَاءُ الْعَذْبُ، وَالْكَهْرُبَاءُ، وَالْوَقُودُ، فَضْلَاً عَنِ الْغِذَاءِ وَالدَّوَاءِ؛ فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ هَلَاكُ بَعْضِ الْأَنْفُسِ، وَضَعْفُ الْأَبْدَانِ، وَتَنَوُّعُ الْأَمْرَاضِ وَتَفَشِّيهَا، وَبَاتَ النَّاسُ جَمِيعَاً بِحَاجَةٍ إِلَى الْغِذَاءِ الصِّحِّيِّ، وَمِنْ أَهَمِّهِ: الْبُرُوتِينُ الْمُتَمَثِّلُ بِالْلَّحْمِ وَنَحْوِهِ، فَلِأَصْحَابِ الْمُؤَسَّسَاتِ التَّعَاوُنِيَّةِ وَالْإِغَاثِيَّةِ أَنْ تُنَفِّذَ مَشْرُوعَ الْأَضَاحِي مَعَ مُرَاعَاةِ مَقَاصِدِ الْأُضْحِيَةِ عَلَى الْبَيَانِ التَّالِي.
أَمَّا عَنْ أَجْرِ الْمُضَحِّي؛ فَالظَّنُّ عِنْدِي أَنَّهُ يَقَعُ فِي مَوَازِينِهِ فِي ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ أَوَّلِ وَقْتِ الْأُضْحِيَةِ، وَيُزَادُ أَجْرُهُ بِزِيَادَةِ الْمُنْتَفِعِ مِنْهَا عَدَدَاً وَزَمَانَاً. وَأَمَّا عَنْ مَقْصِدِ الْأُضْحِيَةِ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ؛ فَعَلَى ضَوْءِ انْقِطَاعِ الْكَهْرُبَاءِ، وَتَوَقُّفِ الْبَرَّادَاتِ الْحَافِظَةِ عَنِ الْعَمَلِ، وَتَعَذُّرِ حِفْظِ الْلُّحُومِ بِغَيْرِهَا؛ لِشُحِّ الْمِلْحِ فِي الْأَسْوَاقِ الَّذِي يُسْتَعَانُ بِهِ فِي تَجْفِيفِهَا، وَأَمَامَ وُقُوعِ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْقِطَاعِ تَحْتَ ظُرُوفِ اجْتِيَاحِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَتَكْثِيفِ قَصْفِهِمْ بِسِلَاحِ التَّدْمِيرِ:
يَجُوزُ لِتِلْكُمُ الْمُؤَسَّسَاتِ الَّتِي تُعْنَى بِتَنْفِيذِ الْأَضَاحِي أَنْ يُقَسِّطُوهَا عَلَى النَّاسِ فِي الْأَمَاكِنِ الْأَوْفَرِ أَمْنَاً، وَلَا يَجْعَلُوهَا فِي أَيَّامِ الْأَضْحَى -النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ- وَحْدَهَا، فَيَفْسُدُ كَثِيرٌ مِنَ الْلَّحْمِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ، بَلْ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا بَعْضَهَا؛ لِيَجْعَلُوهَا فِي أَيَّامٍ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِيُدْرِكَ النَّاسُ حَاجَتَهُمْ زَمَانَاً أَطْوَلَ، وَتَقْوَى أَبْدَانُهُمْ، وَتَذْهَبَ أَسْقَامُهُمْ بِإِذْنِ اللهِ؛ لِصَلَاحِ غِذَائِهِمْ.
وَمِنْ رِعَايَةِ مَقْصِدِ الْأَضَاحِي: تَأْخِيرُ نَصِيبِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي مَا زَالَتْ فِي ظُرُوفِ الِاجْتِيَاحِ وَشِدَّةِ قَصْفِ أَهْلِ الْحَرْبِ، رَيْثَمَا يُكْشَفُ عَنْهُمْ ذَلِكَ فَتُنَفَّذُ ضَحَايَاهُمْ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا بِطَرِيقِ التَّقْسِيطِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَبَعْدَهَا.
وَعُمْدَتِي فِي هَذَا النَّظَرِ الِاجْتِهَادِيِّ: فَتْوَى الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ رَحِمَهُمُ اللهُ بِجَوَازِ تَأْخِيرِ بَعْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ، وَكَذَا زَكَاةِ الْمَالِ لِلْعُذْرِ؛ كَبُعْدِ الْمَالِ عَنْ صَاحِبِهِ، أَوْ حَبْسِهِ بِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ سُلْطَانٍ، أَوْ لِغِيَابِ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ.. الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فِي مَحَلَّتِهِ، فَإِذَا زَالَتْ هَذِهِ الْأَعْذَارُ نَفَّذَهَا أَصْحَابُهُا إِثْرَ زَوَالِ الْعُذْرِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ السَّائِغَةِ لِلتَّأْخِيرِ: غِيَابُ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ نَصِيبِهِ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَوْ زَكَاةِ الْمَالِ رَيْثَمَا يَعُودُ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ نَصِيبُهُ.
وَمِنَ الْأَعْذَارِ السَّائِغَةِ فِي تَأْخِيرِ زَكَاةِ الْمَالِ: سَفَهُ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَلِلْمُزَكِّي أَنْ لَا يَدْفَعَ إِلَيْهِ نَصِيبَهُ الزَّكَوِيَّ وَيَتَعَهَّدُهُ بِهِ بِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ زَمَانَاً أَطْوَلَ.
وَمِنْهَا: تَأْخِيرُ نَصِيبِ حُرَّاسِ الْبَلْدَةِ وَالنِّسَاءِ وَالذَّرَارِي مِنَ الْمَغْنَمِ، حَتَّى يَعُودَ الْأَجْنَادُ إِلَى بَلَدِهِمْ، وَيُعْطَى أُولَئِكُمْ نَصِيبَهُمْ.
فَإِذَا جَازَ تَأْخِيرُ الزَّكَاتَيْنِ وَالْغَنِيمَةِ لِلْأَعْذَارِ وَالْمَصَالِحِ الَّتِي ذَكَرْنَا -وَهِيَ وَاجِبَةٌ-؛ يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضِ الْأَضَاحِي -وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ- لِمَصْلَحَةِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فِي مِثْلِ ظُرُوفِ أَهْلِ قِطَاعِ غَزَّةَ الَّذِينَ مَا زَالُوا فِي نَازِلَةِ الْحَرْبِ وَيُلَظَّوْنَ بِآلَاتِ تَدْمِيرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
وَإِنِّي إِذْ أَذْكُرُ هَذَا؛ لَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الْفَرَجَ الْقَرِيبَ لِأَهْلِنَا فِي فِلَسْطِينَ، وَعِظَمَ الْأَجْرِ لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ، وَلِمَنْ يُنَفِّذُ ضَحَايَاهُمْ وَعَطَايَاهُمْ فِي بَلَدِنَا؛ آمِينَ.
✍️ أ.د. سلمان نصر الدايه
2024/05/26 18:54:32
Back to Top
HTML Embed Code: