Telegram Group Search
مقاصد الحضانة:
س/ ما مقصد الحضانة؟ وهل يجوز للحاضن التعسف بهذا الحق الذي أعطاه الشرع؟

ج/حياكم الله أخي الفاضل..
المقصد من الحضانة: مصلحة المحضون وصيانته ورعايته والمحافظة عليه والقيام بشؤونه؛ فإعطاء الأم هذا الحق حال الافتراق بين الزوجين من تكليفها لأنها أقدر على القيام به؛ فالحضانة حق مشترك بين الصغير والحاضنة , فليس حقاً خالصاً للصغير وليس حقاً خالصاً للأم , إلا أن حق الصغير أقوى لأن مصلحته مقدمة على مصلحة الحاضنة , فيجب العمل بما هو أنفع وأصلح للصغير في باب الحضانة فحقه مقدم على حق حاضنه لضعفه وحاجته الكبيرة للرعاية لأن الحضانة تبدا من الولادة حتى سن التمييز، ولا يجوز للحاضن التعسف باستعمال هذا الحق أو التوسع به بما لا يعود على المحضون بالمصلحة.
فالمقصد العام في الحضانة صيانة الطفل، والمقصد الخاص تكليف المرأة بالحضانة بإعطائها هذا الحق لما جبلت عليه من الشفقة والرأفة.
فالحضانة كما يقول القرافي:" تفتقر إلى وفور الصبر على الأطفال في كثرة البكاء والتضجر وغيرهما من الهيئات العارضة لهم وإلى مزيد الشفقة والرقة الباعثة على الرفق بهم ولذا فرضت على النساء غالباً".
لإن الحضانة ولاية شرعية يجري عليها ما يجري في ولايات الشرع المطهر كلها، ولهذا يشترط في الحاضن أن يكون أهلاً لذلك ذا كفاية من الأمانة والديانة والقدرة على القيام بهذه الولاية لرعاية المحضون وصيانته فيعمل بما هو مصلحة للمحضون لا يجوز الإضرار به على قاعدة: تصرف الولي بما هو تحت ولا يته مناط بالمصلحة لا بهوى الوالي.
باعتبار أن الحضانة كما عرفها جمعٌ من العلماء كالنووي: " القيام بحفظ من لا يميز ولا يستقل بأموره وتربيته بما يصلحه ووقايته عما يؤذيه".
فالمقاصد الشرعية متحققة كلها في الحضانة بحفظ ضرورات المحضون ببدنه وماله وعقله ودينه وحفظ حاجياته وتحسينباته بتربيته على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، وجعله على أشرف الهيئات في باطنه وظاهره، قال ابن قدامة المقدسي: " والحضانة إنما تثبت لحظ الولد فلا تشرع على وجه يكون فيه هلاكه وهلاك دينه" فكلها مكلف الحاضن بها.والله أعلم.
قراءة أصولية مقاصدية لحديث ابن عباس رضي الله عنهما :"ما من أيام العمل الصالح ":

1. ـ قوله عليه الصلاة والسلام :"ما من أيام" هذا من ألفاظ العموم التي اتفق الأصوليون واللغويون على أنها عامة؛ فالنكرة "أيام" في سياق النفي"ما" تعم، وقوة العموم على رتبتين: إن وقع بلا "مِن" الجارة فهذه تعم نحو :"ما جاءني رجل"، وإن دخلت عليها:"مِن" الجارة كانت أقوى في العموم لأنها تفيد نفي الجنس قطعا، وهو معنى العموم والاستغرق فإذا قلت:"ما جاءني من رجل" فلا يتوقع أنه جاء أحد لأن المتكلم نفى مجيء جنس الرجال كلهم دون استثناء فلا يصح أن تقول: "بل جاء رجلان" لأنك لما نفيت الجنس لا يصح إثباته لإفضائه إلى التناقض؛ فهي الرتبة العليا في العموم بالنفي التي لم يخالف فيها أحد من الأصوليين واللغويين نحو قوله تعالى:"ما من إله إلا الله"؛ لأن الصورة الأولى بالاقتصار بالنفي على "ما" دون"من" خالف فيها بعض اللغويين كما ذكر ابن قدامة والطوفي وغيرهما؛ لأنه يحسن أن تقول:"ما جاءني رجل" ثم تقول :"بل رجلان" فهذا ـ حسب كلام بعض اللغويين ـ لا يعم لجواز الزيادة عليه؛ لأنه لم يفد نفي الجنس بل نفي الفرد. والصحيح أن النفي إذا وقع على النكرة أفاد نفي ماهيتها وما هيتها لا تنتفي إلا بانتفاء جميع أفرادها نحو:"لا صلاة إلا بطهور" فيقتضي نفي أفراد الصلاة كلها بغير طهور في جميع الأوقات والأحوال والأماكن.وإذا نظرنا في الحديث:"ما من أيام" نجد أن هذه يشمل كل أيام السنة دون استثناء فيدخل فيه رمضان بما فيها الأيام العشر الأخيرة من رمضانـ، وكذا أيام التشريق، وكذا الجمعة وغيرها من الأيام الفاضلة فكلها داخلة في عموم:"ما من أيام".
2. "ما من أيام"، هل الأيام لها مفهوم؟ بمعنى أن فضل عشر ذي الحجة متعلقه الأيام دون الليالي، أو أن الفضل شامل للأيام والليالي؟ الأصل أن اليوم موضوع لمعنى حقيقي لا يدخل فيه الليل كما قال تعالى: "سخرها عليها سبع ليال وثمانية أيام حسوما"، وكما في تفضيل ليلة القدر لا يدخل فيها نهارها، ولا يدخل الليل إلا بأحد طريقين: إما مجازا، وإما بالتبعية لكون الليالي تابعة للنهار، وإذا نظرنا في عشر ذي الحجة نجد الخصوصية للنهار لا لليل إذ فيه غالب أعمال الحج كلها من الوقوف بعرفة ورمي الجمار والطواف والذبح، وكذا لغير الحاج صيام يوم عرفة وصلاة العيد وذبح الأضاحي فكلها عملها النبي عليه الصلاة والسلام في النهار، ولم يكن من أعمال الحج ليلا إلا المبيت بمزدلفة ومنى، وهذا كالتبع للأعمال التي بعدها. وعموما النهار هو الأصل في عشر ذي الحجة، والليالي تابعة له في الفضل لذا جاء عن بعض السلف العناية بقيام عشر ذي الحجة لأن ليلها له فضل فكان سعيد بن جبير ـ وهو راوي الحديث عن ابن عباس ـ يقول:"لا تطفئوا مصابيحكم في العشر" إشارة لقيام الليل.
3. :"العمل الصالح" هذا لفظ عام لأن المفرد المحلى بالألف واللام يعم إذا لم تكن للعهد، ويدل لذلك قوله تعالى:" أو الطفل الذين لم يظهروا عورات النساء" لأن جاء بـ"الذين" التي تدل على الجمع مع قوله "أو الطفل" ونحوه قوله تعالى:"والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون" فجاء بـ"أولئك" التي تدل على الجمع مع قوله:"والذي" التي تدل على المفرد.
فقوله:"العمل " يعم كل عمل، ووصف بـ"الصالح" أيضا هذا لفظ عام يعم الصالح من الأعمال كلها فكل ما دل عليه اسم العمل الصالح في الشرع فيدخل في اللفظ من الصلاة والصدقة والصيام والحج والعمرة والجهاد والذكر وقراءة القرآن ..الخ.
4. " أحب إلى الله": "أحب" اسم تفضيل يدل على زيادة محبته سبحانه وتعالى لبعض الأعمال على بعض؛ فمحبته عز وجل للأعمال تتفاوت وتتفاضل بحسب الأزمنة، وهذه أحد أسباب التفضيل فكما أن الأعمال تتفاضل بحسب الأمكنة كما في مكة والمدينة، وبحسب الإخلاص وبحسب الحاجة إليه، وبحسب كثرته، كذلك الأعمال تتفاضل بحسب الأزمنة فبعض الأزمنة تكون أفضل من بعض وبالتالي التفضيل الزماني يقتضي تفضيل الأعمال إذ لا معنى لفضل الأزمنة إذ بفضل الأعمال فيها؛ كالجمعة ورمضان وعشر ذي الحجة والأشهر الحرم؛ فإذا قام أحد أسباب التفضيل كالتفضيل الزماني صير العمل المفضول عملا فاضلا في هذا الزمان الفاضل قال ابن رجب:" وهذا الحديث نص في أن العمل المفضول يصير فاضلا إذا وقع في زمان فاضل، حتى يصير أفضل من غيره من الأعمال الفاضلة؛ لفضل زمانه".
5. ـ سبب فضل هذه العشر لأنها مقدمة بين يدي يومي التاسع والعاشر وهما أعظم أيام العام فالتاسع يوم عرفة الذي تجتمع فيه الأمة على صعيد عرفات الطاهر، وهو أعظم أيام السنة في الدعاء والتوبة والإنابة إلى الله، ويوم النحر وهو يوم الحج الأكبر الذي يؤدي فيه الحجاج مناسكهم، ويؤدي فيه أهل الأمصار صلاة العيد ويذبحوا ضحاياهم.
وهنا قاعدة مهمة في العبادات كلها: أن كل عبادة عظيمة تحاط بما يسبقها ويعقبها بأيام فاضلة أو بأعمال فاضلة تعظيما لها كي تأخذ القلوب أهبتها وتعطيها قدرها وحرمتها من الإجلال والمهابة بين يديها؛ فالصلاة تسبق بتطوعات قبلها وبعدها، وكذا قبل دخول المسجد يتطهر الإنسان ويمشي بسكينة ووقار تعظيما للمساجد والصلاة، فيأخذ زينته فيها:"خذوا زيتنكم عند كل مسجد"، ورمضان بصوم شعبان وصوم الست من شوال، والحج يسبق بمواقيت زمانية وهي أشهر الحج الثلاثة؛ فأشهر الحج هي الثلاثة ليس كما يقول البعض إلى عشر ذي الحجة بل ما بعد الحج داخل في الحج انتهاء لا ابتداء، وكذا أحيط بمواقيت مكانية وهي المواقيت الخمسة تعظيما لبيت الله المحرم.
6-المفاضلة الزمانية منها مفردة ومنها مركبة وأيام عشر ذي الحجة فضيلتها مركبة لأن فضيلتها داخل الأشهر الحرم فالأشهر الحرم معظمة، وهي في ذي الحجة فقد جاء في خطبته عليه الصلاة والسلام في عيد النحر:" ألا إن أحرم الأيام يومكم هذا، وأحرم الشهور شهركم هذا، وأحرم البلاد بلدكم هذا"، وجاء عن كعب:" أحب الزمان إلى الله الشهر الحرام، وأحب الأشهر الحرم إلى الله ذو الحجة، وأحب ذي الحجة إلى الله العشر الأول"، وجمعة عشر ذي الحجة فضلها مركب لكون الجمعة أفضل أيام الأسبوع، وكونها في عشر ذي الحجة أفضل أيام العام؛ فتجتمع الفضائل فيها؛ فأفضل الأيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة من غير التاسع والعاشر.
7. "أحب إلى الله" مفهومه: أن المعصية أبغض عند الله في هذه العشر من غيرها من الأيام، وهذا ظاهر فإن السبب الداعي لمحبته سبحانه وتعالى للطاعة يستلزم زيادة بغضه للمعصية هذه الأيام.
8. "فيهن" الأصل أن "في" اللظرفية والضمير:"هِنَّ" يعود للعشر لتأكيد كون العمل داخل هذه العشر ليس خارجها لتحصل فضيلة العمل.
9. "من هذه العشر" "من" بيانية لبيان متعلق الفضيلة بهذه العشر نحو قوله تعالى:" من شر الوسواس الخناس" ونحو قوله تعالى:" من الجنة والناس"، ونحو قوله تعالى:"لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب".
10. "هذه العشر" لفظ خاص، والخاص عند الأصوليين:"لفظ موضوع لمعنى معلوم على الانفراد"، وهو ثلاثة أنواع: جنس ونوع وعين، و"هذه العشر" خصوص عين؛ فهي أقوى أنواع الخاص، فالعشر معلومة على الانفراد لا يشاركها غيرها بهذه التسمية، لتنفرد بفضلها، ويثبت الحكم لمدلول الخاص على سبيل القطع لا الظن فلا يتطرق إليه احتمال، فالخاص لا يقبل التأويل ولا المجاز فلا يصرف عن معناه؛ لأنه بين بنفسه فيما وضع له لا يحتاج إلى مبين؛ فإذا حدد الشارع هذا الفضل لهذه العشر فلا يصرف إلى غيرها؛ فالمدلول من هذا العدد محدد لا يزاد ولا ينقص فلا يتعداه إلى أيام التشريق، قال ابن رجب في الفتح:" وحديث جابر الذي خرجه ابن حبان: يدل على أن أيام العشر أفضل من الأيام مطلقا".
كما أن من أحكام الخاص تساوي أجزاءه في الحكم؛ فهذه الفضل يشمل كل هذه العشر، ولا يفهم من هذا اللفظ تمايز هذه الأيام عن بعضها، لكن جاءت أحاديث في فضائل التاسع والعاشر فلهما فضائل ينفردان به عن باقي أيام العشر، ولا يخفى أن يوم التروية يوم عظيم يدخل به الحجاج الحج ففضائل الحج تبدأ من هذا اليوم. فالعمل الفاضل يشمل كل العشر حتى يوم العيد لكن يوم العيد لا يصام .
11. "العشر" هذا عدد له مفهوم؛ إذ لا يدخل في فضلها غيرها كما تقدم.
12. "فقالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله": القائل واحد لكن حال الجميع السؤال عن هذه فيكون الجمع مجازا لا حقيقة، أو ربما فهم أن الجميع عنده هذا السؤال والاستفسار؛ لذا جاء عند ابن حبان:"ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة" . فقال رجل: يا رسول الله، هو أفضل أو عدتهن جهاد في سبيل الله؟ قالَ: "هوَ أفضل من عدتهن جهاد في سبيل الله عز وجل".
13. " يا رسول الله" لفظ خاص، كما تقرر في الألفاظ الخاصة.
14. " ولا الجهاد في سبيل الله": هذا فيه دليل على المفرد المحلى ب"أل" يعم إذ فهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من لفظ: "العمل الصالح" عموم الأعمال الصالحة كلها، حتى أدخلوا فيه الجهاد في سبيل، مع أن ليس عبادة محضة فهو من وسائل إقامة ونصرة والدين، لكن لما كانت فضائله عظيمة في النصوص الشرعية استكثروا كون العمل الصالح في عشر ذي الحجة يفضل الجهاد في غيرها.
15. "ولا الجهاد في سبيل الله" السؤال معاد في الجواب، وهذا دليل آخر أن المفرد المحلى بأل يعم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام عمم الجهاد مرة أخرى ليشمل كل أنواع الجهاد بالنفس والمال واللسان والدفع والطلب وغيرها، ثم استثنى منه نوعا واحدا.
16. "ولا الجهاد في سبيل الله" يفهم منه أن فضائل الجهاد الكثيرة إذا لم تكن بالنفس والمال في غير العشر، أنها أقل من العمل الصالح في هذه العشر فما أتى من فضائل الجهاد في سبيل الله تفوقها أعمال هذه العشر، فنستحضر فضائل الجهاد لنقيس عليها فضائل هذه العشر.
17. "سبيل الله" مفرد مضاف فيعم كل طريق يوصل إليه سبحانه وتعالى، لكنه صار علما في الشرع على الجهاد بالسنان والمال، وكذا الجهاد باللسان، لكونه أقوى الطرق المفضية إلى إقامة دينه:"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"؛ فكأن هذا الطريق الأعظم الموصل إليه والشيء يسمى بما يغلب عليه.
18. "في" ظرفية لتخصيص الجهاد داخل طاعة الله لا يخرج شيء عنها من الأغراض الدنيوية فكأن سبيل الله أحاط بجهاد المجاهد في تصرفاته الباطنة والظاهرة.
19. " إلا رجل خرج بنفسه وماله" هذا المستثنى أحد المخصصات المتصلة، وإذا خصص العام ضعفت دلالته على أفراده، لكن هذا المخصص الوحيد فيبقى العموم على قوته لكثرة أفراده وقلة مخصصاته.
20. "فلم يرجع من ذلك بشيء" "شيء" نكرة في سياق النفي فتعم فالمقصود أنه لم يرجع لا بماله ولا بنفسه معا لا سيما بعد دخول حرف الجر "من" عليها لتعم المذكور.
17. "سبيل الله" مفرد مضاف فيعم كل طريق يوصل إليه سبحانه وتعالى، لكنه صار علما في الشرع على الجهاد بالسنان والمال، وكذا الجهاد باللسان، لكونه أقوى الطرق المفضية إلى إقامة دينه:"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"؛ فكأن هذا الطريق الأعظم الموصل إليه والشيء يسمى بما يغلب عليه.
18. "في" ظرفية لتخصيص الجهاد داخل طاعة الله لا يخرج شيء عنها من الأغراض الدنيوية فكأن سبيل الله أحاط بجهاد المجاهد في تصرفاته الباطنة والظاهرة.
19. " إلا رجل خرج بنفسه وماله" هذا المستثنى أحد المخصصات المتصلة، وإذا خصص العام ضعفت دلالته على أفراده، لكن هذا المخصص الوحيد فيبقى العموم على قوته لكثرة أفراده وقلة مخصصاته.
20. "فلم يرجع من ذلك بشيء" "شيء" نكرة في سياق النفي فتعم فالمقصود أنه لم يرجع لا بماله ولا بنفسه معا لا سيما بعد دخول حرف الجر "من" عليها لتعم المذكور.
21. "من ذلك بشيء" الضمير الأصل أن يعود لأقرب مذكور ، في "ذلك" فبعضهم أعاده لأقرب مذكور وهو المال، وبعضهم أعاده لكل ما ذكر. وهنا وقع فيه الخلاف قال ابن بطال:"فلم يرجع بشيء ، يحتمل أن لا يرجع بشيء من ماله ويرجع هو، ويحتمل أن لا يرجع هو ولا ماله فيرزقه الله الشهادة، وقد وعد الله عليها الجنة"، وتعقبه الزين بن المنير بأن قوله:"فلم يرجع بشيء" يستلزم أنه يرجع بنفسه ولا بد"، والصحيح أنه لا يرجع بشيء من ماله ونفسه، لأن قوله:" فلم يرجع بشيء" نكرة في سياق النفي فتعم كل ما ذكر لأنه عبر:"من ذلك بشيء" فتحتمل عودتها إلى الكل ويوضح ذلك أنه سئل عليه الصلاة والسلام: "أي الجهاد أفضل؟" ، قالَ: "من عقر جواده، وأهريق دمه"، وهو صحيح.وسمع رجلا يقول: اللَّهُمَّ اعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين، فقالَ لهُ:"إذن يعقر جوادك، وتستشهد"، والحاصل ـ كما يقول ابن حجر ـ أن نفي الرجوع بالشيء لا يستلزم إثبات الرجوع بغير شيء بل هو على الاحتمال كما قال بن بطال، وإذا وجد الاحتمال نظرنا في المرجحات، والله أعلم.
22. ـ سبب تفضيل من خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء يعود لسببين:
أ ـ عظم المصلحة التي تأتي من هذا المجاهد الذي جاهد بنفسه وماله بإقامة الجهاد الذي هو أصل حفظ الدين والدنيا.
ب ـ صدق هذا المجاهد إذ لا يقدم نفسه وماله إلا صادقا من قلبه مخلصا في إيمانه وطاعته.
23. لو خرج مجاهد في سبيل الله في هذه العشر بماله ونفسه فلم يرجع من ذلك بشيء فهذا أفضل الأعمال على الإطلاق.
24. الأعمال تتفاضل في هذه العشر ليست على رتبة واحدة فما كان في أولها فالذكر يفضل غيره ، والذكر مقيد بالتكبير، وهو الأكثر ثم التحميد والتهليل والتسبيح، والتكبير مقيد أيضا بالجهر؛ فأفضله التكبير عند رفع الصوت به ، ومن تلبس بالحج أو العمر فالتلبية له أفضل من غيره من الأذكار لأن أفضل الحج :"العج والثج"، والعج أن يجهر الملبي بالتلبية، وأعمال الحج للحاج أفضل من غيره.
25. النوافل في عشر ذي الحجة أفضل من نوافل غيرها حتى في رمضان، وفرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض غيرها، وهذا ظاهر، لكن يبقى هل النوافل القليلة في عشر ذي الحجة أفضل من النوافل الكثيرة في غيرها، هنا قام سببان للتفضيل: سبب زماني، وسبب الكثرة فأيهما يغلب؟ ولو قدمنا الفضل الزماني فإلى أي حد ينتهي إليه بتفضيله على الكثرة هل إلى شهر أو نصف سنة أو سنة؟
فينظر هنا إلى معنى التفضيل الزماني والتفضيل بالكثرة: فالتفضيل الزماني إذا كان ذاتيا الظاهر أنه أعظم من الكثرة: فانظر مثلا إلى فضائل ليلة القدر زادت على ألف شهر فيما سواها فكانت أعظم من الكثرة، وكذا فضائل الجمعة الكبيرة :"له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها"، وتكفير السيئات لعشرة أيام، وفضائل رمضان في تكفير سيئات عام كامل، ولكن هذه الأزمنة ليست على رتبة واحدة فبعضها أعظم كليلة القدر ويوم الجمعة وبعضها أقل، وكذا يمكن أن يقال في أيام العشر، ولكن يبقى قدر المفاضلة بين الكثرة وبين كل زمان فاضل توقيفي، ينظر في كل زمان فاضل بحسبه لأن الفضائل لا تدركها الأقيسة.
وسبب تفضيل العمل بالأزمنة الفاضلة على الكثرة ـ والله أعلم ـ لما فيه من تعظيم الأزمنة الفاضلة بالطاعات والعبادات التي هي أصول الملة وكونها متكررة فتعيد قوة الدين بتكررها في قلوب الناس مرة بعد أخرى؛ فمقصد إقامة هذه الأزمنة لحفظ شعائر الدين وبقائه ظاهرا قائما لا يتغير على مد الأزمنة وتطاول الدهور، فالإعراض عن العمل في الأزمنة الفاضلة إعراض عن أصول حافظة ومقيمة للدين في أصله وكماله، ولو نظرنا في الأمكنة الفاضلة التي هي قريبة من الأمزنة الفاضلة لوجدناها العمل فيها أعظم من الكثرة المجردة؛ فكم صلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وكم تفضل الصلاة في الجماعة التي غالبا تكون في المساجد، كل هذا لأن الأمكنة الفاضلة تقيم ما تقيمه الأزمنة الفاضلة بكونها من شعارات بقاء الدين وحفظه فوجود الكعبة والمسجد النبوية والمسجد الأقصى به قيام الدين وبقاء الملة؛ فقدم العمل فيها على الكثرة المجردة.
وفي تفضيل العمل بالعشر على الكثرة أورد جملة من الأحاديث بن رجب في الفتح فيها ضعف، وكذا أورد أقوالا عن السلف من الصحابة والتابعين تقضي بتفضيل العبادة في الأزمنة الفاضلة على الكثرة.
فعن أبي هريرة، عن النبي قالَ: "ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بسنة، وكل ليلة منها بليلة القدر".
وجاء عن ابن عمر، قال: ليس يوم أعظم عند الله من يوم الجمعة، ليس العشر؛ فإن العمل فيهِ يعدل عمل سنة. وممن روي عنه أن صيام كل يوم من العشر يعدل سنة: ابن سيرين وقتادة وعن الحسن: صيام يوم منه يعدل شهرين.
وروى هارون بن موسى النحوي: سمعت الحسن يحدث، عن أنس، قال: كان يقال في أيام العشر بكل ألف يوم، ويوم عرفة عشرة الآف يوم.
وفي صحيح مسلم : من حديث أبي قتادة - مرفوعا – "إن صيام عرفة كفارة سنتين". والله أعلم.
‏مقصد الحلق في الحج والعمرة:
س/ ما المقصد من الحلق للحاج والمعتمر؟

ج/حياكم الله أخي الفاضل..تظهر مقاصده في ثلاثة أشياء كبيرة:
الأول: حلق الرأس أحد الشعارات الظاهرة التي تظهر انقياد المؤمن واستجابته لأمره سبحانه وتعالى عمليا في بدنه فهو أظهر من التقصير ليظهر أثر المناسك في الأبدان وتكون شعارا ودلالة من دلالات التعبد له سبحانه وتعالى كما في أثر الاعتكاف وأثر الجهاد وخلوف فم الصائم؛ فالحلق أبلغ في إقامة شعائر النسك وظهورها لأنه آخر المناسك التي يتعبد بها العبد ليكون حلالا؛ إذ أعمال المناسك قائمة على الظهور.
الثاتي: كما أن الإنسان لما امتنع عن حلق رأسه كل فترة الإحرام التي قد تطول خاصة في الحج كان مظنة اتساخه وعلوق الغيار وكثرة العرق فيه فكان الحلق من كمال وتمام النظافة بعد النسك بالترفه بحلقه الذي كان محظورا عليه قال الشاشي:"ثم يؤذن له في نزع لباس التقشف عنه وفي عوده إلى الشرفة بلباس المخيط، والتنعم بالمباح من الملاذ فيحلق ويلبس".
الثالث: أن الحلق جعل علامة ظاهرة قاطعة بين الإحرام والتحلل منه؛ لأن الإحرام يجب فصله عن الإحلال بعلامة خارجة عن الإحرام كالتسليم في الصلاة جعل بالالتفات الذي هو مناف للصلاة ليظهر تحلله وخروجه منها، وكما جعل العيد حدا فاصلا كاشفا لنهاية رمضان بوحوب الأكل الذي هو مناف للصوم؛ فكل عبادة لها حد ظاهر تنتهي إليه يفصلها عما بعدها لئلا تختلط بغيرها من المباحات والسنن، فكان الحلق الذي هو أبلغ من التقصير -مع جواز التقصير - حد نهاية الإحرام الذي هو مناف للإحرام، لذا كان عليه الصلاة والسلام في حجته وعمره يحلق ولا يقصر، مبالغة بتحقيق هذه المعاني الكبيرة، ودعا عليه الصلاة والسلام للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة واحدة، لعظم تحقق معاني النسك بالحلق لكونه أظهر وأبلغ وأنظف.
وبدأ الله بهم قبل المقصرين لزيادة التنبيه على فضلهم عن المقصرين:"محلقين رؤوسكم ومقصرين".والله أعلم.
كتاب محاسن الشريعة للقفال الشاشي رحمه الله:
س/ما رأيكم بكتاب القفال الشاشي محاسن الشريعة؟
ج/حياكم الله أخي الفاضل..
يعد كتاب محاسن الشريعة للقفال الشاشي - رحمه الله - من الكتب المبكرة التي عالجت محاسن التشريع وحكم الأحكام والمقاصد الجزئية، يستدل لها ويبين أسرار الأحكام مضى مع الفروع الفقهية من أول الفقه ألى آخره، وفيه جهد كبير كشف به عن حكم الأحكام، وأبان عن مصالح الانام، ودافع فيه عن الشريعة، وربما رد على الطاعنين بأحكامها.
من مرتكزاته في استدلالته: كون الشريعة تراعي العادات العربية السليمة التي رعتها العرب، ثم ترعى الشريعة عادات غيرهم السليمة، وعادات العرب التي ترعاها الشريعة المستمرة لا النادرة..
وله طرق في النظر لمحاسن الشريعة يعتمد أغلبها على السياقات الوعظية والأسرار الخفية، لا على تحقيق وتدقيق في الحكم المستنبطة من النص ودلالاته اللغوية وأصوله الشرعية، كما أنه مقتصر على الحكم الجزئية لا يتعداها للمعاني الكلية في كشف محاسن الشرع المطهر.
ومع قيمة الكتاب العلمية ووزنه المقاصدي الجيد خاصة كونه متقدما، إلا أنه يحتاج إلى إعادة نظر ومناقشة وتدقيق بما يبدية من حكم وأسرار، وبعضها يحتاج تكميل ودراسة فاحصة لما ينسبه للشريعة بموازين قضايا الشريعة الكلية ومعاني نصوصها الثابتة وقواعدها الظاهرة.والله أعلم.
كتاب سهل واضح مصور عن صفة الحج.
المفاضلة في أعمال العشر:
‏الأعمال كلها فاضلة في هذه العشر، وأفضلها الذكر:"ويذكروا اسم الله في أيام معلومات"، "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" وأفضل الذكر التكبير؛ لأن ابن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان للسوق يكبران لا يخرجان إلا لذلك، وأفضل التكبير ما جمع وصفين: الكثرة والجهر به، قال ميمون بن مهران: أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها.ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير.، وهو مذهب أحمد، ونص على أنه يجهر به.
المفاضلة بين كثرة العبادة في غير الزمن الفاضل، وبين قلتها في الزمن الفاضل:
النوافل في عشر ذي الحجة أفضل من نوافل غيرها حتى في رمضان، وفرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض غيرها، وهذا ظاهر، لكن يبقى هل النوافل القليلة في عشر ذي الحجة أفضل من النوافل الكثيرة في غيرها، هنا قام سببان للتفضيل: سبب زماني، وسبب الكثرة فأيهما يغلب؟ ولو قدمنا الفضل الزماني فإلى أي حد ينتهي إليه بتفضيله على الكثرة هل إلى شهر أو نصف سنة أو سنة؟
فينظر هنا إلى معنى التفضيل الزماني والتفضيل بالكثرة: فالتفضيل الزماني إذا كان ذاتيا الظاهر أنه أعظم من الكثرة: فانظر مثلا إلى فضائل ليلة القدر زادت على ألف شهر فيما سواها فكانت أعظم من الكثرة، وكذا فضائل الجمعة الكبيرة :"له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها"، وتكفير السيئات لعشرة أيام، وفضائل رمضان في تكفير سيئات عام كامل، ولكن هذه الأزمنة ليست على رتبة واحدة فبعضها أعظم كليلة القدر ويوم الجمعة وبعضها أقل، وكذا يمكن أن يقال في أيام العشر، ولكن يبقى قدر المفاضلة بين الكثرة وبين كل زمان فاضل توقيفي، ينظر في كل زمان فاضل بحسبه لأن الفضائل لا تدركها الأقيسة.
وسبب تفضيل العمل بالأزمنة الفاضلة على الكثرة ـ والله أعلم ـ لما فيه من تعظيم الأزمنة الفاضلة بالطاعات والعبادات التي هي أصول الملة وكونها متكررة فتعيد قوة الدين بتكررها في قلوب الناس مرة بعد أخرى؛ فمقصد إقامة هذه الأزمنة لحفظ شعائر الدين وبقائه ظاهرا قائما لا يتغير على مد الأزمنة وتطاول الدهور، فالإعراض عن العمل في الأزمنة الفاضلة إعراض عن أصول حافظة ومقيمة للدين في أصله وكماله، ولو نظرنا في الأمكنة الفاضلة التي هي قريبة من الأزمنة الفاضلة لوجدنا العمل فيها أعظم من الكثرة المجردة؛ فكم صلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وكم تفضل الصلاة في الجماعة التي غالبا تكون في المساجد، كل هذا لأن الأمكنة الفاضلة تقيم ما تقيمه الأزمنة الفاضلة بكونها من شعارات بقاء الدين وحفظه فوجود الكعبة والمسجد النبوية والمسجد الأقصى به قيام الدين وبقاء الملة؛ فقدم العمل فيها على الكثرة المجردة، وقد جمع الله بين الأزمنة الفاضلة والأمكنة الفاضلة في آية واحدة بكونهما قياما للدين وثباتا له وبقاء لأصله، كما قال تعالى:"جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" فجمع في هذه الآية الأزمنة الفاضلة والأمكنة الفاضلة وقوتها بكونها قياما للناس في دينهم ودنياهم.
لكن الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن الأزمنة الفاضلة لها قوة على الأمكنة الفاضلة لكون الأزمنة الفاضلة تعم كل الناس لا محالة فتحقق المقصد منها بحفظ الدين في نفوس أهله كاملا، بخلاف الأمكنة الفاضلة فقد لا يصل إليها الناس كلهم فعذر الله غير القادر عن الحج والعمرة، ومع هذا تبقى الأمكنة الفاضلة شعار ينظر إليه كل مسلم في الأرض كلها كقوة ثابتة للدين لا تتخلخل على مر الأيام فتزيدهم إيمانا برؤيتها مرة بعد أخرى.
ومما يبين هذا أيضا: أن الجهاد لما كان بالنفس والمال لما له من قوة بإظهار الدين وقيامه وحغظه فضل على الأزمنة الفاضلة لأن ما يقيمه الجهاد بإظهار الدين وغليته أقوى مما يحصل بالعمل الصالح في الأزمنة الفاضلة.
وفي تفضيل العمل بالعشر على الكثرة أورد جملة من الأحاديث بن رجب في الفتح فيها ضعف، وكذا أورد أقوالا عن السلف من الصحابة والتابعين تقضي بتفضيل العبادة في الأزمنة الفاضلة على الكثرة.
فعن أبي هريرة، عن النبي قالَ: "ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بسنة، وكل ليلة منها بليلة القدر".رواه الترمذي وقال حسن غريب، والبيهقي.
وجاء عن ابن عمر، قال: ليس يوم أعظم عند الله من يوم الجمعة، ليس العشر؛ فإن العمل فيهِ يعدل عمل سنة. وممن روي عنه أن صيام كل يوم من العشر يعدل سنة: ابن سيرين وقتادة وعن الحسن: صيام يوم منه يعدل شهرين.
وروى هارون بن موسى النحوي: سمعت الحسن يحدث، عن أنس، قال: كان يقال في أيام العشر بكل ألف يوم، ويوم عرفة عشرة الآف يوم.
وقال الأوزاعي: بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ويحرس ليلها إلا أن يختص امرؤ بشهادة.
قال الاوزاعي: حدثني بهذا الحديث رجل من بني مخزوم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي صحيح مسلم : من حديث أبي قتادة - مرفوعا – "إن صيام عرفة كفارة سنتين".
الأضحية سنة عين لا سنة كفاية:
س/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..والدتي غنية قادرة هل تضحي؟
أو تكفي أضحية والدي عنها؟

ج/وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..نعم الأضحية سنة عين لمن وسع الله عليه لا سنة كفاية فكل من كان مستطيعا قادرا بنفسه موسعا عليه بالمال فتشرع له الأضحية وليست سنة كفاية. وهذا مذهب جمهور أهل العلم، لأن كل النصوص جاءت بمخاطبة المكلف ذاته نحو:"فصل لربك وانحر" ونحو:"من لم يجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا". والصحيح أن هذا من قول أبي هريرة رضي الله عنه عندما كان واليا على المدينة.
لإن الأجر يكون للمضحي ذاته لا للمشرك بالأضحية الغني القادر؛ فهي عبادة يقوم بها كل واحد وحده كالصدقة وعلى هذا نص الفقهاء قال الأمام الشافعي كما في المجموع:"الأضحية سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى وأهل السفر والحضر والحاج بمنى وغيرهم من كان معه هدي ومن لم يكن معه هدي".
إلا الصغار والزوجة الذين لا قدرة لهم على الأضحية فتجزئ عنهم أضحية رب البيت ويؤجرون على ذلك كما كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك. والله أعلم.
‏س/لماذا ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها؟
ج/ هنا قاعدة مهمة يجب حفظها: الاشتغال في كل وقت بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه أفضل من غيره.
ووظيفة أيام عيد الاضحى ذبح الأضاحي فهي أفضل الأعمال وأحبها إلى الله فهي شعار هذا اليوم العظيم. أما الصدقات فليس لها خصوصية فضل في أيام النحر، أنما فضلها عام، والفضائل الخاصة مقدمة على العامة؛ فالأفضل في كل وقت وحال: إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه، كما يقول ابن القيم.والله أعلم.
س/ أيهما أفضل اليوم الجمعة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، أو التكبير والتحميد والتهليل بكونه من أيام عشر ذي الحجة؟
ج/حياكم الله أخي الفاضل..التكبير أفضل لإنه خصيصة أيام العشر، وما اختص بأيام العشر أفضل مما اختصت به الجمعة لأن العشر أفضل أيام العام، أما الجمعة فأفضل أيام الأسبوع.
ولو جمع بينهما يكون أولى, أو لو أكثر من التكبير مع ختمه الذكر بالصلاة والسلام على الرسول الحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، لكان متجها.والله أعلم.
الاختلاف بين زمن الوكيل والموكل في الأضحية:
س/ أخي في أمريكا، ووكلنا بذبح أضحيته، هل نذبح بالنسبة لوقتنا أو بالنسبة لوقته؟
س/ حياكم الله أخي الفاضل..العبرة بزمن الوكيل لا بزمن الموكل، أي بمكان ذبح الأضحية؛ لأن المقصد إظهار الشعيرة في مكان الأضحية، لا مجرد نية المضحي.
جاء في الجوهرة النيرة للعبادي وهو حنفي: "ويعتبر في الذبح مكان الأضحية لا مكان الرجل".
ومثله لو خرج الوقت عند الموكل، وقد وكل الوكيل قبل خروج الوقت فذبح الوكيل في الوقت عنده، لكن بعد خروج الوقت عند الموكل فلا يضر؛ لأن العبرة بزمن ذبح الأضحية عند الوكيل.
ومثله إخراج زكاة الفطر: فالعبرة بزمن الوكيل لا الموكل، أي مكان إخراج زكاة الفطر لأن هذا موضع إظهار الشعيرة المقصودة.
وهذا يختلف ما إذا نوى المضحي الأضحية بعد فوات الوقت بأن غربت الشمس آخر أيام التشريق ثم نوى الأضحية، كما لو كان بالمشرق، فوكل من يذبح له قبل فوات الوقت بالمغرب فلا تصح الأضحية؛ لأن العبرة هنا بنية الموكل في أصل ذبح الأضحية لا الوكيل؛ فأصل الزمن العبرة فيه للموكل لا الوكيل.والله أعلم.
2024/06/16 18:46:16
Back to Top
HTML Embed Code: