Telegram Group Search


لله الوفاء ما أجمله..!
جمّل بدرَهُ وكمّله..!

إي والله!


الأوفياء وحدهم من يملكون زمام الأخلاق ( الحالِيَة) ، فما من وفيّ إلا وجدت للكرم في قلبه عرشًا، وللصدق في نفسه مستقرًا، وللصبر في منهجه مقامًا عليًا، وجذوة هادية..!


تهبط عليهم الدنيا بما فيها من طوارئ منغصة، وتغشى أيامهم ظلة من المواقف المكدّرة، وتباغتهم الجراح في المحلّ الآمن الموثّق..!!


ولا يزالون راسخين..


لم أعرف الوفاء إلا مسحة نبوية على وجه صاحبه؛ فتجده سمحًا عليه حلاوة الطيبين، عاليًا فيه سمت المعظَّمين، ولم أتتبع حضور الوفاء في موقف إلا كان مدرسةً معظّمة يدرس فيها النبلاء، وينتمي إليها الكرماء..!!


وما من أحد نزع الله منه هذا الخلق؛ إلا كان مسخًا، قد ولغ الشيطان في قلبه، وأخرس منه جوارحه، فتراه منّاعًا للسماحة، وقّافًا على المكدرات والخطايا، عيّابًا عبوسًا، شحيحًا يئوسًا، ينقبض بسرعة، وتجفل رحمته كأنه خُلق على الخلق وكيلًا، فلا يطيق مكثًا بعد زلة، ولا يرعى وداد لحظة حلوة، كأنما إذ تسوّد؛ أظلم منه كل شيء!!

وتالله ما كان الوفيّ في حياتك إلا أزهرها؛ إذ لا يحملك في الدنيا غير الوفيّ، ولا يصبر على تقلبات حالك رغم ثبات ودك غير الوفيّ، ولا يرحمك على كل حال إلا وفيّ، ولا يشرق في البدايات ويكرم في النهايات سوى الأوفياء..

إن وفاءهم منهم نازل منزلة الدين، فهم يتدينون الوفاء تديّنًا، ويرونه وجوههم المنعكسة من الرحمة والتقوى، ويعاملونه في عهودهم معاملة العربيّ نسبه، إذ لا ينفكون عنه ولا ينفك عنهم، ولا يقبلون المساومة ولو تزينت فرص التخلّي، ولا يرون خرقه ونقضه إلا نزقًا وفسقًا وبلادة..!


فرحم الله من وفى للحظة، ويوم، وعام، وكلمة، وسرّ، وبرّ، وبسمة، وشربة ماء..!

أولئك أحرى أن يوفوا لعمر، وسنين، وحكايات، وأولئك هم النبلاء حقًا.





ليلة النصف من شعبان | ١٤٤٥هـ
الحجاز المؤنس

في حالةٍ رحّالة.




يكون الشهم مدينًا لكل شهم مثله، لم يترك الدنيا تسقط على قلب أخيه، ولم يمكّن الحاجة أن تغشى حاله، ولم يكن صورة من البلايا يضاعفها عليه بأي صورة من صور الخذلان..


لا أشك ذرة في شمول رحمة الله جنابه..
ولا أجد الله كما عرفتُه جل وعلا في الشهم إلا مطيّبًا نفسه، ومصيره..

ذاك أن من يقف دون إهلاك الكربات حاجزًا منيعًا بولائه، وكرمه، ووثبة عربيّته، وصدق مودته؛ فقد استجلب رحمة الله في أبهى رحابها، ودخل من أوسع أبوابها..

صدق صلى الله عليه وسلم: " الراحمون يرحمهم الرحمن"
فإننا نرى المرحومين بصرف الوعثاء، واستجابة الدعاء، واللطف في البلاء، والنجاة من الغثاء، راحمين ما تمكّنوا، طيبين ما داموا، سماحتهم حمّالة غيث، وأسالتهم وجه من الرغد، وحبهم مليء مالئ، وكرمهم سابق لا يُضاهى، وإغضاؤهم الطرف عن الزلات شيمة ظاهرة، وسعيهم في ميسرة كل كبد رطبة سعي المجتهد في نيل حب الإله العظيم الذي وعد أمثالهم باليسرى والبشرى والنجاة من العسرى؛ ويا لله كم يطلب هذه النجاة منهم من طالب!!

ولو تأملنا مركّبات الرحمة في نفوسهم؛ لوجدناها مبعوثة صلاة انسجمت بمعاني اتصالها بالرحمن تبارك وتعالى، صادرة عن قلوب شربت حب النبي الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم، يحصّلونها في أخلاقهم، ويجدونها في أرزاقهم، ومامن صاحب مناجاة طويلة مع ربه إلا ظافر بحذافير هذا كله..
إذ من أحسن بالله وصله، طيّب الله نهله، ورفع عنه جهله..

والعارفون يعرفون أنه لا منهل يُبارَك من غير تقًى تجري في مجرى الروح والجسد، ولا جاهل بها يُسَدّد؛ لأن الرحمة علمٌ في أصلها والعالِم بحقٍّ يعرف هذا ويشهد..!!

ولذا؛ يتضاعف كُفري البواح بالتقاء القساة الجفاة، بالعلم والدين..!!
إذ لا علاقة بين الظلمات والنور، ولا انسجام بين المشوب والطهور، ولا شركة تجمع ضدّين فأين البلقع المسوّى بسحيق الأرض من أعلى قمة الطور ؟!!

إنك إن رأيت شهمًا فلأنه رحيم ينتشل الوجوه من كل حضيض لا يليق بها، ولا يكون القساة إخوة لشهامة، وإذا عرفتَ جافّا صلفًا فاعلم أنه مفارقٌ صفها مهما تطفل على أدوارها زمنًا.


وما أحسن ما تغنى به - شهامة - أبو الهدى في بائيته إذ غّرد:


شهامة الطبع قادتني إلى الأدب
وعزة النفس رقتني إلى الرتب

وساعدتني يد الرحمن بالخلق ال
عالي الجميل ففيه فزت بالأرب

والحمد للَه لم أحقد على أحد
والعفو طبعي وذا من جودة النسب

ولي عن الغير تجريد ولي همم
تعلو بأن تنسب التأثير للسبب

وفي مكافأة من أسدى إلى يدا
لي نية صححت بالصدق بالطلب

وشيمتي حفظ شان الملتجين إلى
شاني وإن طال في ذا منهج التعب

وإن ما شاع في الأعجام عن شيمي
بالفعل قال به أعلى بني العرب

ومن تشبث بالإنكار عن حسد
أقر إقراره إقرار محتسب

ومذهبي الجود لا عن سمعة وريا
بل طبعي البذل والإذهاب للذهب

ولي معاهد صدق في العهود ولي
عزم لأجل الوفا جلد على النصب

وما احتقرت فقيرًا قط أو سقطت
عند الغنى طباعي مثل مكتسب

ولا افتخرت على قومي بمرتبة
ولا تركت حماهم حالة الكرب

وإن أكن غبت جسمًا عن ملاحظتي
فإن قلبي بفضل اللَه لم يغِبِ

✋🏻🌲







اللهم ارحم الشّهِام، وارحمنا بالشِّهام، وارحم بنا كل شهم رحيم.




١٥ | ٨ | ١٤٤٥هـ
الحجاز الشريف.



في مزاجٍ أحدب.




ألا إنك ما عاملت مخلوقًا بصفة إلا وجدت لها صداها في سائر أمرك، وأحوال صدرك، وأيام عمرك..!

ولا خلت أيامك الخوالي لخلُق غالبٍ عليك إلا ولقيت في مستقبلها تحصيلها المرقوم في حظ تنتظره، أو نصيب من مروم تناله، أو حالة سائدة عليها هالة ذلك الخلُق..!

فارحم وأنت قوي تزهو شبابًا، تُرحم إذا انحنى ظهر عمرك، ولِنْ تتذلل لك الدنيا، وتواضع تُؤتى المرغوب وزيادة، وأكرم تُكرم في وقت تلظّ حاجتك بالله أن يُكرِم، وافسح يفسح الله لك..

أقسم بالله ما رأيت أحدًا عامل الخلق بصفة وخلق إلا تجلى لي الجزاء من جنسهما في حياته صوتًا لصورة، وراوٍ لحكاية، وحصادًا لغرس!

وأعجب ملء هذه الدنيا عجائب مِن عقلاء يدركون صنع الله في خلقه، وحتمية الجزاء في الدنيا والآخرة؛ ثم يضلّون ضلالًا بعيدًا كأنهم ( قوالبٌ مّا لهنّ قلوب)..!!







خواتِم شعبان | ١٤٤٥هـ
٢٩ شعبان | ١٤٤٥هـ
٦:١٣ مغرب شمس آخر يوم من أيام شعبان..
ليلة ١ رمضان ١٤٤٥هـ


( وأقبل ربيع العمر ) 🌙📿
الله أكبر
الله أكبر
الله أكبر
والحمد لله مبلغ المشتاقين مناهم ومنتهى مطلبهم..

أقبل الشهر الذي لا يقبل قسمة القلب على حالين..!
ولا ينصّف الجهد بين ضدّين..!
فقلب يأتي جميعه لواحد أحد، لا شريك له ولا ندّ ولا ولد..!

أقبل شهر الصدق، والنور، فالصدق فيه أن تخلع دنياك إنك بأشرف الأزمنة، والنور أن ترى بالقرآن الدنيا والأشياء، فتصبح لا شك زاهد..

أقبل الشهر العظيم أيتها الفارغ فؤادها، أقبل يا مكلومًا بنفسه أينما ولّى، أقبلت ساعات الفرح يا منتظرين الفرَج، أقبلت أيام الصيام وليالي القيام أيها المنكوبون في كل مكان..!

فيه ميزانٌ شريف لا يبخس به عامل، ولا يُظلم به ساع..
فيه مراقي العلاء حيث تُفتّح أبواب الجنان بابًا بابًا، وحواجزكم عن البلاء حيث تُغلّق أبواب النيران وتصفد الشياطين..

فبخ بخ عباد الله الذين عقدوا العزم على الهرولة، فاصدقوا الله يبلغكم، فمن كرمه أن النية بالغة، والعمل متقبل ما دام خالصًا ولو قلّ، والداعون أكرم ما يكونون على الله وهم داعون يسألونه حاجاتهم ويستنجدونه..


أيها المسلمون المحظوظون بالإسلام في الأرض قاطبة..
أيها المبشّرون ببلوغ أول ليلة منه:
الثانية الواحدة في رمضان تعدل أعماركم..

دعوا الدنيا خلفكم..
واستقبلوا آخرتكم بقلوبكم وأبدانكم..
دعوا آلامكم قسمًا بربنا إنها لزائلة..
ودّعوا الشك في رزق الله لكم " فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون "
أكفكم ارخوها جودًا في الأرض بالإنفاق، وارفعوها دعاءً إلى رب السماء الخلّاق، واستبشروا خيرًا فإن بيده مقاليد السماوات والأرض..

أيها الضعفاء ها رمضان قوتكم..
أيها المقطوعون الذين غُلبوا بالدنيا وأهلها ها رمضان حبل وصلكم..
أيها المحزونون؛ رمضان فرحة..
ويا من مات بكل ذنب اقترفه؛ رمضان ميلاد..


من هذه اللحظة حركوا الجَنان واللسان والبنان بذكر الكبير جل في علاه..


وإن ليلة رمضان الأولى؛ مقياس رمضان كله..!!


فما أنتم صانعون..؟!



مبارك عليكم بلوغ الشهر العظيم
مبارك على المسلمين في كل بلاد المسلمين..
جعله الله شهر نصر وتمكين، وعلاء للصالحين، وهداية للضالين، ورحمة تعم المسلمين أجمعين.







ليلة الأول من رمضان المضاء..
المملكة العربية السعودية
الحجاز الشريف.🌲
Forwarded from ظِلال (أفنان الجعر)
في هذه الأيام والليالي العظيمة المباركة، لا تفوتنك لحظات الدعاء..

بل ادع في كل وقت..
وخير لك إن حفظت جوامع الدعاء..

أعرف من كانت تقول والله إني رأيت إجابة الله لدعائي في رمضان وما كان حال عليها الحول!!

فاصدق الله يؤتيك، واعمر أوقاتك بالطاعات يغنيك ويكفيك..

واستثمر..
استثمر..

وأنت قائم
قاعد
على جنبك

وأنت تمشي
وتعمل
وتضطجع لتنام

خلّ لسانك من مشغلاتك من الدنيا..

وتزود وارتو واغتسل وتطهر

هو شهر واحد
وأيام معدودات

دعك من فضول النظر والحديث والعمل!

والزم الخيرات وسارع فيها!!

فإننا لا ندري أنبلغه في عام قادم، أم لا!!

أنُكتَب من بالغيه أعوامًا عديدة أم يكون هذا آخر رمضان نشهده..!!


نسأل الله العلي العظيم أن يبلغناه بلوغ توفيق وقبول أعوامًا عديدة مباركة..

-
والله المستعان.


﴿ قُل مَن يَرزُقُكُم مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ أَمَّن يَملِكُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَمَن يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمرَ فَسَيَقولونَ اللَّهُ فَقُل أَفَلا تَتَّقونَ • فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَماذا بَعدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنّى تُصرَفونَ ﴾ [يونس: ٣٢]

أشهد ألا إله إلا الله العلي العظيم!

جلّ الذي لا مشيئة فوق مشيئته..
ولا قوة تضاهي قوته..
ولا علم يداني علمه..
ولا ألوهية إلا ألوهيته..
ولا قدرة كقدرته..
الغالب على كل غالب..
القاهر كل قاهر..

جلّ وتبارك وتعالى من انفرد بأرزاق عباده تدبيرًا وتقسيمًا..
فلا راد لفضله ولو كان الموصد أهل الأرض قاطبة..
ولا ممسك لرحمته ولو تظافرت لذلك حشود القوى القاهرة..
ولا قابض لما بسطت يداه ولو كره الكارهون..

تولّى المقادير فاستأثر بالعلم والمشيئة حتى لم يعد لقلب مؤمن به ثغر يسقط منه إلى نيران يأسه، أو تتخطفه من خلاله كلاليب ذنبه..!

وانفرد بالرحمة والمغفرة والتعويض والترميم والإحياء بعد الإماتة حتى جعل من النار بردًا، ومن الرعب نصرًا، ومن الخوف أمنًا، ومن عجز خلقه عن خلق ذرة قدرةً مهيبة تحيل المستحيل حقيقة، والحزن سهلًا، وطباق الكربات درجات إلى رَوح الفرَح، وتنفس الروح، وذلّل إذا شاء إلى مجموع المطالب ومحمود العواقب كل شيء تذليلًا..!!

فلا إله إلا ربنا الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله، عالم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض، رب كل شيء ومليكه..

لا إله إلا هو
ما يرى عباده المحبوسون منطَلقهم الربانيّ إلى الهناء بعد البلاء إلا وينطق كل شيء في الكون: " ما لكم لا ترجون لله وقارًا" !!
في معرض مهاب لكل نعمة أسداها في قديم أو حديث، أو خاصة أو عامة، أو سر أو علانية؛ ليكون لغافلهم تذكرة تئيبه منيبًا ولو لم يُعطَ مراده، وتذكره بالأزمان الخالية التي ما نجا فيها من خطف الخاطفات من الأزمات والكربات إلا بحنانه ولطفه، ورحمته وجوده، وعظيم حِلـــــــمِـــــه وجزيل عطاياه..!

لا إله إلا الله العظيم الحليم..
لا إله إلا الله رب العرش العظيم..
لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم..

تعالى عن ظنون لم تعرفه حقّا..
وجلّ عن مثيل وشبيه ونظير.. كل ما دونه سجد لجلاله عبودية ورِقّا..

عزّ ربي الذي عز جاره، وعظم جواره..
وغفر وستر ورحم، فكم من عبد باليأس والغفلة والبعد الطويـــــل أثم..

وأشهد أن الله قادر على كل شيء..
وبشهادتي أسأله بهذه الجمعة المعظمة أن يؤتي كل ذي سؤل سؤله في رضاه، ويفسح لكل روح مسلمة له مؤمنة به في مجلس العمر ما يسلّيها، ويكفيها، ويرضيها، ويغنيها، وأن يهب لقلوب ترجوه نفحات الرضا، وسوانح اليقين، ومقامات العز والغنى به، وبُسُط الإسلام الحق الذي ينقلها من ضيق الدنيا ولأوائها، إلى سعة الآخرة وبهائها، ومن الرِّق تحت وطأة الشك والشرك، إلى حرية اليقين والتوحيد، ومن الموت الذي يدبّ بعد القنوط، إلى حياتها بالإيمان القاهر الذي يسبح بحمد الله، ويعيش في كنف الله، ويرجو الله وحده لا شريك له ولا يعبد إلا إياه.


له النعمة
وله الفضل
وله الثناء الحسن.





١٩ رمضان ١٤٤٥هـ
يوم الجمعة الجليل
في باحة مقدسة.
🌲






رمضان يعلمنا قطع العلائق، وإفراد الخالق بالشكوى من العوالق والعوائق..


فمن التفت بذرة من قلبه؛ فليبحث له في ( طول ) العبادة عن مخرج إلى حرّيته من كل رقّ..!

ومن أطال الوقوف عند أبواب ربه ذبح على الأعتاب التمسّح بثياب الخلق، ونفض عن وجهه قترة التعلق بعبد مثله، وطهّر عمره من كل رجز وهجره..!

فعظّموا الصلة في رمضان بالتوحيد!

وتفقّهوا بالتعبّد في معنى: لا إله إلا الله.


أما العشر الأواخر منه..
فربح مسلمٌ نسي فيها الناس..
وتوجّه بكل شيء إلى رب الناس..
هي ميزاب الحياة..
وميلاد الرفاه..
وميعاد النجاة..


ربنا الذي وسع كل شيء رحمة وعلمًا
أدنِ المبتعد المشتاق..
وأروِ الظمآن المنقطع..
وصبّ الغفران صبًا..
فإنك أرأف من ملك، وأجود من سُئل، وأكرم من أعطى.




١٩ رمضان ١٤٤٥هـ🌲




كم كنت أهيب بالعزيز الآنِف أن يترك المحل الضائق الموتور..

فمن خلق الله له عينًا تسع الفضاء تأملًا، ونبتت نفسه من سعة وعزة وجلال؛ أبى أن يبقى في مكان لا يتسع له، أو صدر لا ينبسط لقدومه، أو قلب لا يرعاه إلا تكلّفًا..

وقد زادتني هذه الدنيا إيمانًا وتسليمًا بأن أرض الله واسعة، وخلق الله لا يُحصى، فإذا أعياك قلب أن تساكنه، وشق عليك عبء أن تحمله؛ وأنكرك قوم بعد أن عرفوك؛ فلك في الله العظيم عوائد من سابقات منّه وعوضه، آتاكها حين كنت قاب قوسين من يأسك، وأعطاكها حين غرقت كثيرًا في بأسك، ونجّاك من الغمّ، فهل تتذكر..؟!!

يا من في جسده مضغة عصيةٌ على الإذلال:
قم فكبّر..!

وجُلْ بروحك في منح الله تجد رضاك، وأكثر..!


ولا تنحصر فيما تعشقه مذاهبك!

فربّ تِبْرٍ لك في المكان الأعزل!

وربما تجد منك نفسًا ورَوْحًا في المحل الذي أسرفتَ هجره..!
لا في المحل الأمثل..!!

وكان من العجائب في مفترقات الطريق؛ أن تألف المختلف، وتنكر الشبيه الأجمل..!!

اتسع ولا تضق!
وامض ولا تقف!
امش الهوينا مرة، ومرة هرول..!

المهم:
دُم عزيزًا آنفًا؛ لا قرّت أعين الأذلّاءِ.






لا تحدق نظرك فيما تختاره من الدنيا، وتقف ساعاتك عنده، وتغفل عن إجالته في ملكوت ربك..!

ما أجد من يفعل ذلك إلا مغموسًا في شدة رغبته فيفوته بذلك خير كثير، أو غافلًا عن دعواته التي ملأت سجداته أن يرزقه الله أغلى مما يريد، وأحسن مما يختار، فيذهل عن حقيقة استجابة الله له..!


قد يكون الخير كل الخير في ناحية قريبة جدًا من قبضة يدك؛ ودعوتك المجابة قد حلّت في رحالك؛ ولكنك ما انتبهت بعد..!!


استغفر لتنتبه..!


نعم..
استغفر لتنتبه..!




ففعلك الذنب ( يعمي ويصمّ).




تبارك الله!

قدرته جل جلاله جليلة مهيبة..!

تجد الغارق المدفون في يأسه، مزدهرًا مترعرعًا بأمله بعد آية رحبة واسعة في كتابه العظيم الجليل! أقامت أوده، وشدت عوده، وأنبتت سعوده..!

ويلفتك إيراق وجه أنثى مسلمة عاشت مع سيرة الرجل الكريم الرحيم: رسول الله صلى الله عليه وسلم دهرًا؛ وقد كانت على شفا حفرة من يبوس وعبوس! ولمَ لا يورق فننها وهي تراه رجلًا بملء إهابه وثيابه قد أعزّ جنسها، ودللهنّ، ورحم ووثق وافتخر وآوى؟!!
ليطمئن قلبها أن هذا هو الإسلام، هذا هو المسلم..؟!

تضحك فرحًا وتعجبًا؛ فتسبّح حين ترى بأم عينيك ما وقفت عليه بالأمس وهو جثة هامدة؛ فسالت أودية ( الفاتحة ) بعروقه ليستوي يافعًا كأن لم يفنَ بالأمس!!



وأنت تقف على هذه المشاهد وظهرك مثقل بالغد المجهول، وصدرك مثقوب بكل مأساة اقتاتت جسدك وجسد الأمة؛ فتتبسم متفائلًا رغمًا عنك!! وعن الدنيا !! وعن البشعين والمتوحشين والبلداء وسائر السُّود..!

ولا تسلب لبك في معرض هذا بلاغة بالغة، وجمال جليل كآيات الفرقان الفارقات:

" تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا "

" تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرًا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورًا"

" تبارك الذي جعل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا • وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا"

لتصل من بعدها وأنت في قمة إيمانك بهذا الجليل تبارك وتعالى إلى آيتي الزخرف والملك:

" وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون"

" تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير"



تبارك وتعالى..!


ما أسرع اليأس بالبشرية إلى البشرية؛ والأمل بالله تبارك وتعالى أسرع إليها منه ومنها..!!

رغمًا وحقيقة!!

ولم لا وهو الملك القادر على كل شيء

من يجعل من اللاشيء كل شي..
ويخرج من الميت الحي؟!!


Channel photo updated
🌿



الله أكبر
الله أكبر

لا إله إلا الله


الله أكبر
الله أكبر

ولله الحمد


أسفر أول يوم من أيام العشر الخضراء، خير أيام الدنيا عند الله تبارك وتعالى، فانتشى قلب الطامع الراجي وتلالا، وارتقى دعاء المحتاج درج الإلحاح إخباتًا وإجلالا..

وكلنا يا ربنا ذلك العُبيد المسكين المنطرح عند الأعتاب يرجوك قبولًا ونوالا..


فأنت من همه أكبر
وأنت من سقمه أكبر
وأنت من كربه أكبر
وأنت منه ومن الناس ومن الدنيا ومن الأرض والسماء والكون والخلائق أكبر..


أنت يا رب اليقين الكبير أكبر
لك - تباركت- الأمد والأزل والأبد
وبيدك جل جلالك مصير كل أحد
القضاء قضاؤك فلا حكم إلا حكمك
والكرم كرمك فلا رحمة كرحمتك

لا مقدم لما أخرت ولا مؤخر لما قدمت
لا مباعد لما قربت ولما مقرب لما باعدت
لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت
لا باسط لما قبضت ولا قابض لما بسطت
لا هادي لمن أضللت ولا مضل لمن هديت

فلا إله إلا أنت يا مجيد؛ أحييتنا هذا اليوم من العشر منّة وجودًا..
ولك الحمد يا حميد؛ أوقفتنا على بابك نسألك غفرانًا وسعودا..
وسبحانك، سبحانك، ما قدرناك حق قدرك وقد وقفنا على أنفسنا لوّامًا شهودًا..

فالطف إنّا فقراؤك يا أرأف من ملك، وارحم إنّا ضعفاؤك يا أرحم من قضى، وأعطِ إنّا سائلوك ما دمنا على الأرض عيالك، لا نكلّ وأنت معيلنا المعوَّل، ولا نملّ وأنت مغيثنا المُؤَمَّل..

اللهم دلفنا خير أيام دنيانا بقلوب وجلة أن تردّها لثيابها الخلِقة، وأعمالها المخترَقة..
دلفنا بأرواح تطير بالرجاء مطار الواثقين الموقنين، تُحلق حول رضوانك ولو تخطّفتها كلاليب الذنوب، وتسبح بحمدك ولو أشفقت من مفتضحات العيوب، والطمع جمّ، فـ " إن تغفر اللهم تغفر جمّا؛ فأي عبدٍ لك لا ألمّا "..

اللهم كلنا عُبيدُك ذاك المنفرد بغمه في ظلمات جُبّه، المكبوب على عجزه في سراديب كربه، المنكوب بذنبه في ظلمات ظلمه، ينادي بصوت الموحّد: مدد يا أحد !
مدد يا أحد!

فأدركنا يا مغيث اللهفات..
وأغثنا يا غيّاث كل مستغيث..
وانظر إلينا نظرة رحمة تنصرنا بها وتشفي الغليل، وتبري العليل، وتكثّر القليل يا جليل..!


و تعمر القليل يا جليل..!


وتبرد لهب الصدور المصدورة يا جليل..!


وتمنّ على محبيك أن يعبدوك كما ترضى يا جليل..!


حنانًا من لدنك يا جليل..!



حنانًا من لدنك يا جليل..!



حنانًا من لدنك يا جليل..!

كلنا اللاهجون في سمع الزمان أبدًا:

الله أكبر
الله أكبر

لا إله إلا الله

والله أكبر
الله أكبر

ولله الحمد








🌲 غرة ذي الحجة المعظّم | ١٤٤٥هـ
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
يدنو من الدنيا يوم عرفة..

تفصلنا عنه - بمشيئة الله- ست صباحات..


يدنو منا خير يوم طلعت عليه الشمس..

الله!

يا للشوق والتوق..
يا للهفة والعوز..

يدنو يوم المناجاة والرجاء والشكوى والبث والطلب..
لا تستعظم مطلوبك فتراه محالًا أو بعيدًا؛ فالله أعظم

هذا يوم النصرة والتمكين والتأييد والتثبيت..
لا تقس عدل الله بمقاييس البشرية فإن نصره -تبارك وتعالى- وعز آت لا محالة..

هذا يوم المظلومين
لا تستبعد وتستبطئ بشراك من أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، فإن القدَر أعظم مدرسة، والحقوق لا شك محفوظة مستردّة، ونصيبك من العبر والمكاره مقسوم لك من قبل الميلاد،كما أنه من السعود والبشريات مكتوب لك كذلك، والدهر بكرّتيه ماض عليك كما مضى على من خلا، يوم لك ويوم عليك..!!

فأحسن الظن إحسان المستيقن المسترحم ربه الرحيم؛ ترِد موارد المبشرين..

وعظم في الله يقينك..
غذّ بالقرآن والذكر يقينك..
تزود من الحسنات لتغني وتثري يقينك..
فإن اليقين - ورب الكعبة- مصنع البشريات والمسرات، ومهلك اليأس والبؤس، ومصقلة المحبين العارفين، والقوة والقوت معًا، وإكسير من رضي بالله ربًا..

يوم كيوم عرفة..
لا يكون استعدادك له بحشد الدعوات في ورقة..
ولا بالتواصي بين الأحبة بالدعاء فحسب!!
بل بالاستزادة الصادقة الجادة من الصالحات حتى يوفق الله صاحبها إلى مقام عليّ في الدعاء، واستجابة تبرد الصدر وتغسل العمر..!
وتريك فجرك حقًا لا تخطئ مشرقه عينك، وذلك والله العظيم حاصل للمؤمن (الموقن) بلا شك..!

المهم أن تكون صادقًا في تطهير قلبك، وجمعه على طلبه وهمه، وقصره على تصديق ربه، وأطره على الحق أطرًا..!!

المهم أن تكون في التوجه إلى مولاك جل في علاه كتوجه المستغيث المقطوعة أسبابه عن أسباب نجاته وبغيته لا يملك منها ذرة ولا أقل منها..

وأن تكون في إشفاقك من ثوبك المرقع، وبضاعتك المزجاة كالقابع في جبّ ذنبه يسترحم الله يومه كله وليلته كلها..
كيونس يا صاحب الهم أو أشد غمًا..!!

والصدق عزيز! عزيز!

سل الذين جمعوا قلوبهم على الإيمان بأن الله جلّ جلاله قادر، ورفعوا الأكفّ والقلوب معًا يسألونه الحاجات والبشائر..
سل الذين دعوا بيوم عرفة الماضي يسألون الله ما يريدونه مفصلًا بتمام المأمول؛ فأدهشهم الله به وأكثر منه وزاد وبسط ربارك..!!

سلهم؛ واحزن على نفسك العمر كله إن تراخت عزيمتك فكانت أدنى من عزم سقيم قيل له: دونك الدواء للشفاء وإلا فكأس الموت لا محالة!!


إن الوقود ..
كل الوقود..

ها هنا..
في الصدر..





فانظر ماذا ملأ عن الله العظيم صدرك؟!


واتلُ عليه راقيًا يقينك: " فما ظنكم برب العالمين".

ولا تترك الاستغفار فإنه مفتاح التوفيق!! والسبب الوثيق الوثــيق..!







آنسَ الله المسلمين بعرفة؛ وأبرد صدور الموحّدين بعرفة، ورزقنا قبول عشرنا، وتمام سعدنا بعيدنا، ولا بلغنا عرفة العام القادم بحوله وقوته ومنته - إن شاءنا أحياءً- إلا وقد جعلنا في كنف اليقين مطمئنين؛ قد شربنا تحقيقه حتى ارتوينا، والتقينا بأحلامنا حتى ارتقينا..


وما نزال في رضوانه وكرمه طامعين..!









🌲 الثالث من ذي الحجة المعظّم | ١٤٤٥هـ
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
غنيمة - لمن كان له قلب - .🌿




اللهم سدد ولاة أمرنا، وحماة وطننا ومقدساتنا الشريفة الجليلة، واحم حوزتهم، واحفظ اللهم المعتمرين والحجاج، وأكرم وفودهم، وتقبل صالحاتهم، وكفر سيئاتهم، ولا تحرمنا أجرهم، واحم بلادنا وبلاد المسلمين من شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار.



سعدت صباحات المسلمين 🌲


يوم الجمعة رواء القلب الظامئ طوال أيام العام، وهو عيدها، فكيف إن صادف يوم الجمعة من أيام العام يوم التروية؟!
وفي الجمعة اغتسال، وفي التروية ارتواء..!!

من جال قلبه في هذا الفلك المنير؛ أدرك بتوفيق الله معنى التهيئة ليوم عظيم كيوم عرفة، واستهلّ مسفرًا بتباشير الجمعة أن توفده مقامه بعرفة - بفضل الله تعالى - وهو مفرّغ القلب، مجرّد النفس، مخلّص النواحي، مبلل الصدر بدعاء وإخبات، وتطهير وتهيئة، له فيه مغتسل بارد، وشراب مروٍ..!!

فمن خلّى حلّى، ومن نهل ارتوى، وليس في مجموع الأيام أعظم من يوم الجمعة أن تحصل التروية فيه، بل هو في ذاته ريّ الظامي، وعيد المسلم الذي يدرك أسرار جلاله، وغنائم رحاله..!

والمتأمل ما ينتهي إليه حال من طهر وعاءه، ثم سكب فيه ارتواءه، يعرف أن هذين الطورين هما أصل أصيل في رحلة التعافي البدنية والروحية..


وهل الشفاء إلا أن تخلو ثم تحلو..؟!!



فإذا كانت بوابتك إلى عشية عرفة؛ عشية الجمعة، ونهارك الذي يسبق عرفة نهار يوم الجمعة؛ فاعلم أن الخير قد جُمع، والفضل قد فاض، والفرص الجليلة قد انتثرت بين يديك؛ فبخ بخ!

ونِعم الناهل المرتوي أنت إن فقهت هذا الجلال كما ينبغي.





أروى الله أرواحكم أهل الإسلام، وانتخبكم الله لخيرية أيامه العظام، ولا جعل بينكم شقيّا مطرودًا، ولا ظامئًا محرومًا.




🌲 يوم التروية المعظّم | ١٤٤٥هـ




دونك الجمعة بيوم التروية..

حفيّة بك على كل حالك..

كأنها محلك قبل حِلّك..

كأنها دعاء استفتاح، وعرفة صلاتك..!!


دونك فضل قد لا تمرّ بسعوده في عمرك إلا هذه المرة، وبين يديك مقام عبد لا تمر عليه الأيام كما تمرّ على الجماد..

فقد كان الواحد من السلف يعرف لكل شيء فضله، ويؤتي ما يؤتي وقلبه يسع المعاني اعتناءً، ويقف على الأرباح وهو المرابِح، ويضرب له في كل خير سهمًا؛ عل سهمًا أصاب فأطاب، وعسى وجودًا له في محل أحلّه دار السعادة أبدًا..


فهرول ولا تمشِ في الخيرات الهوينا، واهتبل المبشرات اهتبالك العافية في دواء..

وخذ لك في يوم التروية من أنوار سورة الجمعة وسورة الحج ما تذهب به ظلماؤك، ويثبت به مقامك، ويبتلّ به عمرك..!


و " اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ".





🌲 يوم التروية الجليل | ١٤٤٥هـ





قائم يصلي في المحراب ويسأل ربه لغزة والسودان وسائر أمة محمد صلى الله عليه وسلم النصر والرحمة والتمكين والمدد والرشاد والصلاح والعافية..

هل يستوي هو ومن يمعن في الغفلة، ويزداد بلادة باللهو واللعب في وقت عصيب مؤلم موجع مفجع لأمتنا..؟!!


اللهم لا تؤاخذنا بتقصيرنا، وسفاهة بعضنا، ومجون بعضنا، وخذلان بعضنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ربنا الرحمن المستعان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.




2024/06/24 17:30:37
Back to Top
HTML Embed Code: