تعرف على التقويم الزراعي الحميري في اليمن بتاريخ 2024/3/23م

منزلة الشمس : 5  المؤخر
معالم الزراعة : 2 ظافر أول
نجوم الزراعة بحضرموت : 4 الزبرة
نجوم الزراعة الحميرية : 10 ذو معون
ــــــــــــــــــــــــــــ
تجاوزت بلاغته وحكنته وحكمته وفلسفته الكثير من عظماء الدنيا، لكنه بصيغة يمنية خالصة، صيغة تشبه اليمن وأرضها وأبناءها، لهذا قد يفاجئك تقارب معانيه مع أرسطو وأفلاطون وسقراط، وهم أعظم حكماء العصر القديم، ومن العصر الحديث، قد تجد مأثره ومغازيه شبيهة لما يشتهر به تشارلز ديكنز وسكوت، وكانط ومارتن هايدجر، لكنه بقي ضمن نطاق وطن واحد وجغرافيا شعب ينتمي إليه، بقي مغمورًا ضمن حدود اليمن واليمنيين، مغمورًا ومطمورًا، وحاضرًا في معظم تفاصيل الأمثلة والتشبيهات المنتمية لليمن أرضًا وتاريخًا وشكلا، إنه الحكيم اليماني #علي_ولد_زايد الحكيم والأديب والفيلسوف والشاعر الحصيف، العالم الفلكي والعارف النفسي والخبير الزراعي والأسطورة اليمنية الخالدة، أحد أعظم الحكماء اليمنيين، أعظمهم وأهمهم وأذكاهم وأدهاهم وأحذقهم، أبرز من قال الأمثال، وأخلد من صاغ الحكم والأعراف، قدم الأمثال الشعبية لزمنه وعصره وبقية العصور والأزمان، ليصبح بذلك إسمًا من الماضي، وذكرى خالدة في المستقبل، يقول عنه الشاعر اليمني المعروف #عبدالله_البردوني

إن علي ولد زايد، هو كل الشعب اليمني، وزمانه هو كل الأزمان، وقريته هي كل القرى اليمنية، فقد عبر بكل لهجات اليمنيين، ولا يعبر بلهجات كل الشعب، إلّا كل الشعب، مع إن الحكايات التي انطلقت عنه، هي بعض يوميات الناس، لهذا هو حاضر في كل بيت من بيوت اليمنيين، في كل حقل من حقولهم، وفي كل سهل وواد وجبل، في الذرى الشاهقة والمدرجات الزراعية، في الريف والحضر، وفي كل مكان، ينشد أحلام وآمال اليمنيين، ينهض من أوجاعهم وآلامهم، ويقف مع صغيرهم وكبيرهم، يعلم ويدرس ويدرب الناس على مواقيت ونجوم زراعتهم وحصادهم،

اشتهر علي ولد زايد، بهذا الإسم من قديم الزمان، ولكن لا أحد يعرف بالتحديد مكان ولادته أو العصر الذي ولد فيه، لكنه كما يقول المؤرخ اليمني مطهر الإرياني: عاش بعد الإسلام، وتحديدًا بعد استقرار اللهجات اليمنية، وبحسب كثير من المؤرخين، فإنه من أهل قرية "منكث" في منطقة كتاب، بين مدينتي ظفار ويريم، وظفار هي منطقة يمنية قديمة وعاصمة حميرية معروفة، وهذا التأصيل التاريخي بني على أساس ورود إسم قرية "منكث" في كثير من قصائد علي ولد زايد، تمامًا كقوله: يالله يا بيض (منكث)، كثر الكلام بطّلينه، حلفت يا راس (بدرهْ) لابد ما تبصرينه، قالوا تغدت بـ (ميتم) وغسلت في (غدينة).

بالمناسبة، لا يوجد بيت يمني على مستوى الوطن بأكمله لا يعرف علي ولد زايد، ولا يحفظ من أمثاله ومقولاته، وهذا الخلود ابعظيم كان نتاجًا طبيعيًا لارتباطه ومعايشته وتفاعله مع ناسه ومجتمعه، علي ولد زايد عاش في زمانه مع أبناء مجتمعه، وتفاعل معهم، وأحبهم، وأحس بهم وبأحاسيسهم. ونطق بألسنتهم، فكان لهم حكيمًا موجهًا وأبرز رموزهم الخالدين، يقول علي ولد زايد: عز القبيلي بلاده، ولو تجرع وباها، يسير منها بلا ريش. ولا ملك ريش جاها، وهنا تخيلوا معي هذا المعنى البعيد والعميق، عن اليمني الذي يعيش مصانًا في بلاده، مقارنة باغراءات الرحيل، يعاني اليمني في أرضه، لكنه لا يفضل عليها بلاد المهاجرين، وإن هاجر ذات يوم، يبقى متعلقًا بأصله وبلاده، وحين يتمكن ماديًا لا يفكر بشيء عدا الرجوع للوطن، وهنا تكمن عظمة التشبيهة والتمثيل ضمن كلمات قليلة وبسيطة، لكنها في معانيها كبيرة وبعيدة وواسعة المفردات.

سأسرد إليكم هنا بعضًا من آمثاله الشعبية الرائجة، إقرأوها وتأملوا معانيها بأنفسكم، ولن تجدوا صعوبة في غهمها وإدراكها، لأنها بلساننا اليمني ولهجتنا المتربعة في حياتنا، يقول علي ولد زايد: الدين قبل الوراثة، ويقول: أينما حلّت السبع حليت، ويقول: لولا القضا لعشت بالدين، ويقول: من قابص الناس يقبص، ولا قبص لا يقول أح، ويقول: ليل القضا يشتي الدين ويقول: مافي النجوم إلاّ سهيل، ويقول: من قارب الكير يحرق ولا امتلا غباره. ويقول: نخس البتول ينفع الثور، ويقول علي ولد زايد: بتله على ثور زاحف ولا تجداي الاصحاب. ويقول: ما يجبر الفقر جابر غير القلم والدفاتر. ويقول: إن صاحبك مثل روحك.. وإلا فلا كان صاحب. ويقول: من كان ابوه يقهر الناس كان القضاء في عياله. ويقول: ذي ما يِغارِم ويغرم.. له المنايا تشيله. ويقول: معي من الوقت أمارة، الفجر إذا أصبح أحمر، فهو لغزر المطاره. ويقول: كثر الرجالة نذاله، من اجل شبرين من المال اطلقت وادي شلاله. ويقول: لا تجعل الغنم راس مالك.. ولا تخلها من ديارك. ويقول: فقر الجيب ولا كثرة العيب. ويقول: من فقر ليله اصبحت سارق وزاني وحلاف. ويقول: ان البقر تعرف نهم الأبتال.. وتعرف الراعي من صاحب المال. ويقول: الجيد من صان نفسه من الحجج والمناقيد، قتلت خالي بعمي، خوف العير والمناقيد. ويقول: ما يجبر الفقر جابر.. إلا مره من قبيله ولا جمالا تسافر. ويقول: أنا سهيل أنا سهيل.. في ليلتي سبعين سيل. ويقول: تلم الرجال الثابت.. يقلع الزيل النابت. ويقول: ما في المدن غير صنعاء، وفي البوادي «رصابهْ». ويقول: أوصيك يا جمال لا تسافر..
عند مطلع سهيل أو في مغيب الظوافر. ويقول: يا ذيب إذا كنت حاذق.. بتل في وسط مالك. ويقول: قدمت مالي توخر.. وخرت مالي تقدم.. وسابق النجم الأحمر. ويقول: يا لله جارك من مغيب الظافر.. عنيت الأول ما عنيت الآخر.. الليل بارد والنهار هواجر. ويقول: الشوم على أهله حمولة.. والجيد حمال الأثقال. ويقول: إذا نظرت البارق الكوماني.. أبشرك بالسيل يوم ثاني.

تزوج علي ولد زايد، من ثلاث نساء، إحداهن إبنة عمه، وقد وردت حكاية ظريفة دارت بينه وبين نسائه الثلاث.. حيث تقول الحكاية: كان لعلي وِلْد زايد، ثلاث زوجات، إحداهن ابنة عمه كان يسكن معهن في بيته المتواضع، مرَّ الوقت، فألمت به فاقة - فقرٌ مدقعٌ - فخرج من بيته ذات ليلةٍ في طلب الرزق، أو الاقتراض لسد الرمق، فلم يعثر على شيء، فعاد في الليل متخفياً، وصعد إلى سطح منزله متأملاً في حركة النجوم، يفكر في حاله، فسمع نساؤه يتحدثن فيه، تقول ابنة عمه: أين ذهب علي بن زايد يا تُرى؟ فقالت إحداهن: ذهب يسرق وسيحلف أنه ما سرق، وقالت الأخرى: ذهب يزني، فأجابت ابنة عمه: ألا تصبرن على الرجل ولا ليلة واحدة، ولكنكن تنكرن الجميل وتهتكن الستر، ثم ذهبت ابنة عمه، وأحضرت بعض الحبوب التي أخفتها بين علف الإبل، وصنعت منها طعاماً، إذ كان ينفد عندهم ما جُمع من الحبوب قبل انتهاء السنة، فيضطر علي بن زايد للاقتراض، ولكنه في تلك الليلة لم يجد شيئاً، بل اتهم من قبل زوجتيه بأنه سارقٍ، وزانٍ، وحلاّف، فلما سمع ذلك الحديث منهن، ونظر ما صنعت ابنة عمه، فغرَّد بقوله: يقول علي بن زايد.. من عادة الفقر الأخلاف، أمسيت من فقر ليلة، سارق وزانِ وحلاَّف، ثم قام فوراً بطلاق زوجتيه الاثنتين، وأنشد يقول: يقول علي بن زايد.. ما يجبر الفقر جابر، إلا البقر والزراعة، وإلا القلم والدفاتر، وإلا جمالاً تسافر، تقبل بكل البضاعة، وإلا مرة من قبيلة، فيها الورع والقناعة، تُدَّبر الوقت كله، كنه لديها وداعة.

وبحسب أحد المؤرخين، كان الفقر والجوع - ولا يزالا - هما الداء الذي ليس له دواء في حياة اليمنيين، وقد كانت لحكيمنا - علي ولد زايد - صولات وجولات في مقارعتهما، مستندا لقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (لو كان الفقر رجلاً لقتلته)، فأسَّس وشرَّع فلسفةً جديدةً تحارب وتصارع الفقر والجوع وتدعو إلى الفلاحة والتعليم معاً. يقول علي وِلْد زايد.. لا رزق يأتي لجالس، إلا لأهل المغارس، ومن قرأ في المدارس.. بل ووصل به الحد من شدة خوفه وهلعه من الجوع أن شبهه بالموت الذي لا نجاة منه، فنراه ينصح الناس بالنزول إلى منطقة السحول بمحافظة إب ذات الخضرة الوافرة والرزق الكثير فيقول: يقول علي وِلْد زايد.. إن كنت هارب من الموت، ما أحد من الموت ناجـي، وإن كنت هارب من الجوع، أهرب سحول ابن ناجي.

أخيرًا..

وبحسب أحد المؤرخين التراثيين، مثل تراث علي ولد زايد، شكلًا مهمًا للتراث المادي الشفهي "التراث اللامادي" وهذا التراث في اليمن غنيُّ بتفاصيله وأنواعه، كالزو…مل والبالات والمهاجل والأهازيج، والأغاريد، والترانيم، والأغاني الشعبية والحكايات والأمثال والألعاب، وغيرها من الصنوف والألوان الثقافية والأدبية الشعبية، وهو ما حافظ عليها اليمانيون جيلاً بعد جيل، في الريف أو الحضر برغم محاولات القضاء على تراثنا الثقافي وموروثنا الحضاري.. وموروث علي ولد زايد دفعَّت جزالة ودقة وبلاغة أقواله وأمثاله وأعرافه بالمستشرق الروسي أناطولي اغار يشيف لكتابة كتابٍ باللغتين العربية والروسية عنونه بـ(أحكام علي بن زايد)، ورتَّب فيه هذه الأقوال والحِكَم، وفصلها في أبوابٍ ومواضيع منسقة ومحددة، بل وحاول وزنها على ضوء علم العروض للخليل بن أحمد الفراهيدي، ولكن أقواله وحِكمه لم يتم التطرق لها من قبل الأدباء والشعراء والكُّتاب اليمنيين والعرب ولم تخضع للبحث والدراسة والتقنين؛ إلا من بادرةٍ حسنةٍ للمرحوم الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني الذي أفرد فصلاً كاملاً في كتابه «فنون الأدب الشعبي في اليمن» عن حكيم الشعب علي بن زايد، تناول فيها الخلفيات الحكاياتية لبعض أمثاله، أعرافه، حكميَّاته، شعريته، كما عنون ديواناً شعرياً له - للبردوني - بـ(رجعة الحكيم ابن زايد)، كما دوَّن العميد المتقاعد يحيى بن يحيى العنسي بعضاً من أقواله الخاصة بالمواقيت الزراعية في كتابٍ أصدرته بمناسبة صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004، الذي قيل فيه بأن علي بن زايد يعد بحراً من الأقوال والحِكَم، ومن الفلسفة الغريبة والعجيبة، التي لم تكتشف بعد.
احمد الجوبي: عيد الفطر المبارك ١٤٤٥ سيصادف الاربعاء ١٠ ابريل ٢٠٢٤م ويعتبر يوم الثلاثاء هو اليوم الثلاثين والاخير من شهر رمضان ١٤٤٥.
ــــــــــــــــــــــــــــ
يقول علي ولد زايد
نخس البتول ينفع الثور

الحگيم اليماني
علي ولد زايد| @aliwldzaid
الأهازيج والأمثال الزراعية في اليمن

كيف تحشد رعودُ نيسان الزُّرّاعَ وتدفعهم إلى الحقول

علي الضبيبي

   الثوْر، بالنسبة للفلاح اليمني، هو "الأب"، كما هي البقرة " أُم". وفي عموم أرياف اليمن، يخاطب المزارعون الثور هكذا: "أَباه"، كما ينادى أيضاً على "البقرة" بلطف شديد: "أُمّاه".

   وفي مثل هذا الموسم من كل عام، يتأهّب الريفُ اليمني ويحتشد بكل ما لديه من قوةٍ وسرعةٍ، منتظرين إشارة البدء للانطلاق نحو الأرض، يذرؤونها بفرحٍ ونشاطٍ وهم يرتلون هذه الأمثال الزراعية العظيمة كتهاليل:

 يا ثور يا ابيض يا جليل الساعد

 مُد القدم واسمع حنين الراعد

   وكان أربابُ الأرض، في اليمن السعيد، قد جهزوا تربة الحقول القاسية وهيؤوها لهذه اللحظة بالحرث، قبل مجيء المطر بأسابيع، طوال شهر مارس/آذار، وهم ينشدون:

حرثت مالي يابسٍ في يابس

 وقطرة الله ما عليها حابس

   ثم ينهمر المطرُ عليهم كضيفٍ عزيزٍ في موعده المحدد: 14 أبريل/نيسان، كما عوّدَهم، وهو أول أيام السنة الزراعية المعتمدة لدى اليمنيين منذ آلاف السنين. وفي هذا اليوم، يفرح الفلاح بمطر الصيف، ويتفاءل بهبوب الرياح الآتية من جهتيْ القِبلة والغرب، أو من جهة عدن/يمن (الجهة الجنوبية)، وهنا يقول علي ولد زايد:

فلاح مع الثور في بني العوام- محافظة حجة

والله ما ابيع ثوري

 مادامت الريح تقلب

غربي وقِبْلي عوالي

 (تقلب: أي تتحول شمالية غربية جنوبية. وهنا يقسم بأنه لن يبيع ثورَهُ لأن الغيث قادم، مادام والرياح ليست على اتجاهٍ واحد)

    أما لو كانت الرياح من جهة الشرق فقط، فإنها علامة شؤمٍ وخيبةٍ لدى الزُراع، الذين هم خُبراء الأرض والمواسم المطرية في اليمن.

   ولأن المناطق الوسطى في اليمن هي الأكثر حظوةً بكميات المطر السنوية من بين سائر الجهات على مستوى الجزيرة العربية (إب، ذمار، الضالع، ريْمة، آنِس، عُتمة، عَنْس، وُصابين)، فإن الاتجاهات المتعددة لرياح نيسان مؤشرٌ على عامٍ زراعيٍّ عظيمٍ. أو قد تكون نذيرَ شؤمٍ إذا كانت في اتجاهٍ واحدٍ؛ سنةَ جَدْبٍ مخيبةً للآمال. وفي ذلك يحفظ الفلاح الأصيل أقوال علي ولد زايد التي تقول:

النُود إنّهْ تِقلّاب                 فابشرْ بغُزر المَطارة

وانّهْ على سِيبْ واحدْ            فالشّدّ يا اهل العَقارة

 الثور خُذ لك حُميِّرْ             والسَّحْبْ خُذ لك غِرارة

 (والمعنى هو: إن جاءت النود، أي الريح، متحولةً ومتغيرةً بين الغرب والشمال والجنوب، فهي علامةُ خيرٍ وأمطارٍ غزيرةٍ قادمة. وإن جاءت الريح على سِيبْ واحد، أي اتجاهٍ واحدٍ، فهي الشدة ويجب أن تجلب الثور للبيع إلى السوق، وتشتري بدلاً عنه هذا العام حماراً. وبدلاً من السَّحْب، التي هي سِنّة الحديد التي تشق الأرض "أتلاماً"، فلا لزوم لها هذا العام؛ إذ يجب استبدالها بغِرارة، وهي الكيس من القماش، الذي يشبه الرداء على الأكتاف، حيث يجلب الفقير الطعام والحبوب بداخله ويحملها على كتفه: الغِرارة).

   الصيف في "بني العَوّام"، من محافظة حجّة، له طلعته وهيبته. وهذه السنة تقدّمَ معهم المطر، وهي من علامات الخير والتفاؤل. وهناك يتناقل الزُّراع هذا المَثَلْ البديع:

يا سعد قوماً يُمطَروا في الظافر

عَنَيْت الاولْ ما عنيتْ الآخِر

(والظافر: مَعْلَمٌ من معالم الزراعة في اليمن السعيد، وهو ظافر أول، وظافر ثانِ، ويكون أهل البلاد محظوظين إذا أُغيثوا في ظافر أول وليس في ظافر ثان. و"الظافر" أيضاً: قرية في بني العوام).

سكان الجهات الغربية من اليمن تسمي "ظافر أول"، الذي يبدأ من 14 أبريل/ نيسان وينتهي في 30 من نفس الشهر، بشهر: الخامِسْ. وفي الجبال يسمونه: شهر الخَمسْ. وفيه، كما في سائر البلاد اليمنية، يتم العناية بالأرض حرثاً وتنقيةً من الحصى وتفتيتاً لكُتل التراب

   بعد مطر الظافر، يتم حراثة الأرض بشكلٍ مُتْقن، حتى تصبح لينةً وجاهزةً لتلقي البذار "الذريء"، وفي هذا يقول المثل الزراعي في تهامة اليمن:

أوصيك يا جمّال لا تسافر

مَطْلَعْ سُهيلٍ أو في مغيب الظافر

الليل باردْ والنهار هواجر

   وهناك أناس قد لا يتمكنون من حراثة الأرض في هذا التوقيت (الظافر)، فيقال لمن لم يتمكن من حراثة أرضه، بلومٍ واستغرابٍ وتساؤل:

أين كنت يا هافر في الظافر.

   سكان الجهات الغربية من اليمن يسمون "ظافر أول"، الذي يبدأ من 14 أبريل/ نيسان وينتهي في 30 من نفس الشهر، بأنه شهر: الخامِسْ. وفي الجبال يسمونه: شهر الخَمسْ. وفيه، كما في سائر البلاد اليمنية، يتم العناية بالأرض حرثاً وتنقيةً من الحصى وتفتيتاً لكُتل التراب. حيث ويعتني الفلاحون فيه بأنفسهم؛ إذ تجدهم يذبحون ويحتجمون (الحِجامة)، ويجتنبون وطْأ نسائهم (قديماً)، وكانوا أيضاً، ولا يزال بعضهم، يشربون السمنَ البلدي في هذا الموسم لتقوية الأبدان، استعداداً لبذر الأرض ورعاية الزراعة إلى أن يأتي المحصول.

   وفي نيسان، تنظر تهامة إلى جبال السُّرَاة، وهي تردد هذه الأمثال والحِكم:

وميض امبرق غالب امليالي

على رؤوس امجبالِ

 
ثم تستعلم القادمين إليها من الجبال قائلةً لهم:

إذا أجاك نيسان بامسلامة

فعليك بالموز وامسمن وامحجامة

واترك بنت عمك ولو كانت مثلما الحمامة

   ثم يبقى الفلاح اليمني، سواءً في السهل والوادي أو في الجبال والهضاب، يراقب مغيبَ نجمة الثريا، كعلامةٍ على البدء الفوري بالتوجه صباحاً، قبل طلوع شمس اليوم التالي، إلى الأرض لذرئها. وهنا تكثر الأمثال في كل اليمن وتتدافع:

يقولون في آنِس:

الصيف فحل، والفحل لمن صاده.

أو: الصيف حليٍ وحليَيْن، والفتى من صاده.

وفي عَنْس:

الصيف صيفين وثلاث، والفتى من صاده.

وفي البيضاء:

الصيف صيفين وثلاث، يا سُعد من صاده.

وفي بَرَط وصعدة:

الصيف صيفين، يا هَنا من صاده.

وفي حَجّة وأرحب وخولان وريْمة والحَيْمتيْن وحراز ووُصابَيْن وبُرع:

الصيف صيفين، والفتى من صاده.

(المعنى أن مَوسم البذار "الذريء" في الصيف مثل لمح البصر، أو مثل صيد الغزال، يجب أن يكون النَّشانُ دقيقاً، بعد مغيب نجم الثريا مباشرة).

وهنا يجسّد المثل ويحث المزارعين على سرعة التقاطها كفرصة:

الصيف جمرة، والخريف تمرة.

ومن أمثلة مكيراس ويافع:

من سبقك بالذري، اسبقه بالقشب.

(القشب: تقليب الأرض ليصبح "التِّلْم" الأول المزروع متوسطاً "تلميْن" جديدين على جانبيه، عندما تكون النبتة قد ارتفعت من الأرض مقدار نصف قامة الفلّاح).

مغيب الثريا، قبل يومين أو ثلاث، على نهاية نيسان، هو "مَعْلمٌ" (ميقات) يجب أن تباشر أرضك بالبذار فوراً، وهناك علامةٌ أخرى يهتدي بها الزُّراع إذا أُشكل عليهم رؤية نجمة الثريا، وهي احتفال يهود اليمن بعيد الخُضيرا (عيد الفصح، 28 أبريل)

   وما أجمل وأروع الحكيم علي ولد زايد، وهو يصف موسم البذار في نيسان بإعجاب:

يا ثورنا طال عمرك

عمر الهلال اليماني

في آخر الشهر شيبة

واصبح ولَدْ يوم ثانِ

   ثم يوافقه من منطقة لودر وأطراف يافع حكيم آخر، هو الحُميد بن منصور بقوله:

الحَبْ كله تنابيت

غير المواسم لها احلالْ

   وهذا يعني أن بإمكان المزارعين أن يبذروا أي نوع من الحبوب في الأرض "إلا ما يتعلق بالذرة الرفيعة". كما يفضل أن يصفها خبير المواقيت الزراعية، يحيى بن يحيى العنسي، فإن لها وقتها المحدد للبذر في الأرض.

  وتأسيساً على هذا المنطق، نشأت الزراعة في اليمن. وتؤكد ألسنة الفلاحين هذه الحقيقة:

الدهر كله مَتَالِمْ

غير الذرة ذي لها اوقات

وفي شبوة وبيحان ووادي حضرموت، يستعجلهم المثل على لسان ذرة اليمن الرفيعة:

اطرحني على الغَفَر لا غفرْ لك

   مغيب الثريا، قبل يومين أو ثلاث، على نهاية نيسان، هو "مَعْلمٌ" يجب أن تباشر أرضك بالبذار فوراً. وتأكيداً على ذلك المَعلَم (الميقات)، هناك علامةٌ أخرى يهتدي بها الزُّراع إذا أُشكل عليهم رؤية نجمة الثريا في السماء، وهي إذا رأيت يهود اليمن يحتفلون بعيد الخُضيرا (عيد الفصح، 28 أبريل) فاتجه إلى بذر الأرض أيها الفلاح.

   وهنا يقول علي ولد زايد، على لسان مزارعي "حقل البَوْن" في عمران، وفي صعدة، وغيرها:

اذا اليهودي تحنّا

في وقت عيد الخُضيرا

اتْلِمْ ولا عاد تأخر

وفي سياق الرمز والعلامة نفسها، يقول المثل في ذمار:

عيد القراقر والماء في الحوافر

(القراقر: عيد الفصح)

وفي بني مطر والحيمتين وسنحان وبلاد الروس يقول المثل:

غروب الثريا عِشاء، اطرح بيدك ما تشاء

(المعنى: إذا غابت نجمة الثريا وقت العِشاء، ارمِ الحبوب من يدك واذرأه في الأرض فوراً).

وفي إب:

إذا غابت عشاء، اتْلِمْ حيث تشاء.

وفي الأغابرة والأعروق وسائر الحُجَرية يقولون:

إذا طلع القلب عشاء، اذري ما تشاء.

 (القلب: منزلةٌ من منازل نجمة الصيف).

وأيضاً يقول المثل:

ما شابكي على امي لا ماتت

شابكي على عشوية نيسان لو فاتت
على مشارف قريتي أستوقفتني هذه اللحظة المدهشة بعد ان أخذت اللقطة سالت الطفل حامل ( ﺍﻟﻤِﻔﺮﺱ و ﺍﻟﻤﺠﺮﻓﺔ )
إبن من انت ؟
قال : ابن عثمان
قلت :قدك تدرس ؟
قال : شوية .
قلت : مافيش معك لا دفتر ولا قلم ؟
قال : هذا قلمي مشيراً إلى ( المفرﺱ ) ( ودفتري الارض )
صمت مذهولا من ﺍﺟﺎﺑﺘﻪ !
بعدها عرفت والده وجده .
جده كان نسخة طبق الاصل لعلي ابن زايد !!
هو الذي يحرث الارض باثواره لاهل القرية والقرى المجاورة غالباً بحساب دين الى اوقات الصراب والخير .
كان يشجيني بصوته ( السوبرانو ) بالتعريف الموسيقي منذ بزوغ الفجر وحين يطعم ( اثواره يدندن بمهايد واغانِ فلاحية )
دائماً ابتداء صباحاتي بالاستماع اليه ، أرتشف قهوتي الموسيقية من حنجرته .
اسمه سعيد وانت تسعد صباحياتنا يا سعيد ، فانت فعلاً تسعدنا بشراً وشجراً وارضاً .
سعيد واثواره هم بشائر الخير ، بدونهم لا تعرف الافواه الفطائر .
لو توقف سعيد واثواره ، توقفت الحياة ، وتوقفت البسمة في الثغور .

التقطت في فبراير عام 1992م
المصدر والقصة - الاستاذ الوثائقي عبد الرحمن الغابري .
يقول علي ولد زايد:

والله ما أبيع ثوري
ما دامت الريح تقلب
شرقي وقبلي عوالي
يقول علي ولد زايد

من كان له جار مؤذي

فالصبر والله يزيله
يقول علي ولد زايد

القضب سلطان الأبتال
ثور القبيلي حصانه
قم يا علي غد ثورك
ولا تميل من قباله
يقول علي ولد زايد:

يا يُبْيبي لا تيببب
قد لي من الصيف أمارة
الفجر لا بكر أحمر
والطل فوق الحجارة


اليبيبي: الهدهد
يقول علي ولد زايد

القضب سلطان الأبتال
ثور القبيلي حصانه
قم يا علي غد ثورك
ولا تميل من قباله
‏اللهم انصر اخواننا المجاهدين في فلسطين اللهم انصر أهل فلسطين وقوي ضعفهم واجبر كسرهم واشف مرضاهم وتقبل شهدائهم برحمتك يا أرحم الراحمين أمين يارب💜🇵🇸.


اليمن أرض الحضارة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🌹لستة عطر المساء🌹
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
22 مايو 2024

لمتابعة أجمل قنوات التيلجرام 👇


• 05k » الحكيم علي ولد زايد
• 04k » الفنان أيوب طارش
• 04k » الشيخ عبدالباسط
💎💎💎💎
• 03k » الشاعرعبدالله البردوني
• 03k » ديوان شعراء اليمن
• 02k » فنون الشعر الشعبي
💎💎💎💎
• 02k » شيلات ابوقناف الطويل
• 02k » الفنان علي صالح اليافعي
• 02k » نفحات من الشعر الشعبي
💎💎💎💎
• 02k » الشيخ محمد حسين عامر
• 01k » عبارات راقية
• 01k » كتب ومعلومات محاسبية
💎💎💎💎
• 01k » همس المشاعر
• 01k » شيلات ابو حنظلة
• 01k » °•لمقصودي🏹•°
💎💎💎💎
• 01k » روائع الشــ؏ــر
• 09h » كل يوم قصة
• 09h » هواجيس
💎💎💎💎
• 09h » عبارات راقية
• 08h » اليمن ارض الحضارة
• 07h » ومضة ثقافية
💎💎💎💎
• 06h » الشاعر صالح سحلول
• 06h » حروف القافية
• 06h » نقاشات طبية صيدلانية
💎💎💎💎
• 06h » 🇵🇸قناةابوعبيده 🇵🇸
• 06h » ديوان السيل والزبد
• 05h » روائع الفن اليمني
💎💎💎💎
• 05h » اقتباسات انكليز
• 05h » مكتبة الأدب الشعبي
• 05h » مكتبة العلم والمعرفة
💎💎💎💎
• 05h » نَبْضُ✾الحُرُوفِ
• 05h » اللغة العربية
• 04h » الموروث الشعبي
💎💎💎💎
• 03h » 📚 روائع المنوعات 📚
• 03h » كلمات ذهبية
• 03h » عالم الكتب
💎💎💎💎
• 03h » القناة الطبية الصيدلانية
• 03h » العملات النقدية عبر ال
• 02h » عبدالعزيز المقالح
💎💎💎💎
• 02h » عشان ربنا ❤️🖇
• 02h » أنا و إنتَ💙
• 01h » المنبر العربي
💎💎💎💎
• 08h » استقبال لستة🌹 عطر المساء
2024/05/22 13:12:17
Back to Top
HTML Embed Code: