Telegram Group Search
” ههُنا شيئين:
• أحدُهما: حُكم الشرع وظاهره،
• والثاني: حكم الورع وحقّه.
فإن قلتَ: فكأنّ الورع يُخالف الشرع وحُكمَه.
فاعلَمُ: أَنَّ الشَّرعَ موضوع على اليُسرِ والسَّماحة، ولذلك قال رسولُ اللهِ ﷺ: «بُعثتُ بالحنيفية السّمحة»، والورَع موضوع على التّشديد والاحتياط، كما قيل: الأمرُ على المتَّقي أضيَقُ من عَقدِ التّسعينَ. ثمَّ الورعُ من الشَّرع أيضاً، وكلاهما في الأصل واحد، ولكن للشرع حُكمان: حكم الجواز، وحكمُ الأفضل الأحوط، فالجائز يُقال له حكم الشرع، والأفضلُ الأحوط يُقال له حكم الورع، فهُما مع تميُّزهما واحد في الأصل، فافهم ذلك راشداً “

الإمام الحجة أبو حامد الغزالي (تـ 505هـ)
‏إنَّما سُمِّيَ رَمضان لأنَّه يَرمِض الذُّنوب، أَي: يَحرِقُها بِالأَعمال الصَّالِحَة.

- الإمام القرطبي رحمه الله
Forwarded from زيد اولاد زيان (زيد اولاد زيان)
قال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه–: إِذَا صَلَّيْتُمْ على النَّبِيِّ ﷺ فَأحْسِنُوا الصَّلاةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذلكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ. قالُوا: فَعَلَّمْنَا، قَالَ: قُولُوا:

اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلاتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكاتِكَ على سَيِّدِ المرسَلينَ، وإمام المتَّقِينَ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إمام الخَيْرِ، وَقائِدِ الخَيْرِ، وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً، يَغْبِطُهُ بِهِ الأَوَّلُونَ، والآخِرُونَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللّهُمَّ بارِك على مُحَمَّدٍ، وعلى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ على إبراهِيمَ وعلى آلِ إبراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مجِيدٌ.
Forwarded from أيّوب|• (ايوب عياصرة)
من اللطائف التي لاحظتها في دعاء بعض أهل الله، أنه يثني على الله ثناءً طويلا طويلا، فتظن أنه إذا انتهى سيطلب حاجته، فإذا به يسأل بكل الثناء السابق فيقول: نسألك أن تصلي على سيدنا محمد... ثم ربما جعل الصلاة سببا للنصر والتأييد وقضاء الحاجة، وهذا لطف عجيب، وفتح من الله بلا ريب، إذ أنهم جعلوا دعاءهم كله الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وألصقوا حاجاتهم بها، فصار الطلب الأول الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم تصديقا بما قال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، تصديقا به يطلبون بها متوسلين غفران الذنوب، وكفاية الهموم، وأنى لدعاءٍ مثل هذا أن يرد وقد نصوا على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بحد ذاتها دعاء مستجاب قطعا!
” أما النَّفْسُ؛ فحسبُك ما تُشاهد من حالاتِها، ورداءة إرادتها، وسوء اختيارها، فهي في حالِ الشَّهوةِ بهيمةٌ، وفي حال الغضبِ سبُع، وفي حالِ المصيبة تراها طفلاً، وفي حالِ النّعمةِ تراها فرعوناً، وفي حال الجوع تراها مجنوناً، وفي حالِ الشِّبَع تراها مختالاً، إن أشبعتها . . بطرت ومرحتْ، وإن جوّعتها . . صاحت وجزعتْ، فهي كما قال الأَوَّل:
كحمار السُّوء إن أشبعتَه
رمحَ النَّاسَ وإن جاع نهق
ولقد صدق بعضُ الصَّالحينَ حيثُ قالَ: إِنَّ رداءة هذه النَّفْسِ وجهلَها بحيثُ إذا همَّتْ بمعصية أو انبعثت لشهوة .. لو تشفّعتَ إليها بالله سبحانه ثمَّ برسوله، وبجميع أنبيائه وبكتابه، وبجميعِ السَّلفِ الصَّالحِ من عباده، وتعرضُ عليها الموت والقبر، والقيامة والجنَّةَ والنَّار.. لا تعطي القياد، ولا تترك الشَّهوة، ثمَّ إن استقبلتها بمنع رغيف .. تسكن وتتركُ شهوتها، لتعلم خسّتها وجهلها، فإيَّاكَ أَيُّهَا الرَّجلُ أن تغفل عنها؛ فإنَّها كما قال خالقها العالم بها جل
جلاله: ﴿إنَّ النَّفْسَ لَأَمَارَةُ بِالسُّوءِ﴾، فكفى بهذا تنبيهاً لمن عقل “

الإمام الحجة أبو حامد الغزالي (تـ 505هـ)
Forwarded from 📚 بُسْتَانُ العُلوم 📚
يا رب عفوًا منك عن مذنبٍ
أسرفَ إلا أنَّهُ نادِمُ

يقول في الليل إذا ما دجا
آهًا لذنبٍ سترَ العالِمُ!
” العبد إذا أحسن قصدَه في الطاعات، وصدقت نيّته في المُعاملات.. جعل الله لقلبه بصيرة يرى بها الأشياء المرئيّة، فيرى الباطل باطلاً والحق حقاً، فالتعب كله على هذا، وهذا الذي ينبغي أن يكون مطلوبك في مساعيك، وفي مناحيك، فاحذر أن تخلِّط فيُخلَّط عليك؛ فحينئذ ترى الخطأ صواباً، والصواب خطأ، كما قيل:
إذا أخذل الله امرأً زال رأيُه
وإن كان قَدْ سَاس الأمورَ وجَرَّبا “

الإمام العارف محمد بن عبد الله بن شيخ العيدروس باعلوي (تـ 1030هـ)
قال رسول الله ﷺ: «إن الله يُحبّ معالي الأمور وأشرافَها، ويُبغض سَفسافَها»

ومن معالي الأمور النظرُ بعين الحقيقة أنْ لا دارَ أغرّ من الدنيا، ولا أسرع من الموت، وأن لا دار إلا دار الآخرة، ولا ذلّ إلا ذلُّها “

العلامة ابن الوحشيّ التُّجيبي الأُقليشي (تـ 502هـ)
﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتٌ بَلَ اَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ﴾

” فكأنه تعالى ينفي عن المجاهد مثال المكروه مِن كلّ وجه، حتى في أن يُقال عنه إنّه ميت، فحماه من القول الذي هو عندهم من أشد غرَض أنفسهم، لاعتلاق أنفُسهم بجميل الذِّكر “

العلّامة أبو الحسن الحرّالي التُّجيبي المراكشي (تـ 638هـ)
زيد اولاد زيان
﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتٌ بَلَ اَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ﴾ ” فكأنه تعالى ينفي عن المجاهد مثال المكروه مِن كلّ وجه، حتى في أن يُقال عنه إنّه ميت، فحماه من القول الذي هو عندهم من أشد غرَض أنفسهم، لاعتلاق أنفُسهم بجميل…
لعلّه قصَدَ –رحمه الله– أنّ العرَب تحبّ الثناء والذِّكر وتتعلّق به وتتطلّبُه نفوسهم، حتّى قال سبحانه ترغيبا لهُم: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾، ولا تنافي ها هُنا بين أن يكون الذّكر بمعنى الثناء، ويكون بمعنى الشّرف، إذا عُلمت خصيصة العرب.

ثمّ إنّ الذّكر له اختصاص بالموت؛ فمهما كان للإنسان من ذِكر في حياته، فإنّ موتَه هي التي تصيّرُه ذِكرا لا غير! فالعربيّ قد تتعلّق نفسُه بالموت إذا كان سيكون له الذّكر الحسَن، خاصّة للمقدام الباذل نفسَه!

ومع ذلك؛ ولأنّ الموت يُشعر بشيء من النقص، ومع أنه من النقائص اللازمة التي حُتّمت على العالم كلّه ما سواه سبحانه.. فإنّه تعالى حمَى عبده الذي بذل نفسه في سبيله أن يُقال عنه ميّت، وهذا فيه غاية الكرامة.
﴿إنّ اللّه مع الصّابرين﴾

” وأيسر الصبر صبر النفس عن كسلها، بأخذها بالنشاط فيما كُلّفت به، ﴿وَلاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلا مَا آتَاهَا﴾ ﴿ولا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلا وُسْعَهَا﴾، فمتى يسّر الله سبحانه وتعالى عليها الجدّ والعزيمة جعل لها فيما كانت تصبر عليه في الابتداء الاستحلاء فيه، وخفّت عنها وظيفة الصبر، ومتى لم تصبر عن كسَلها وعلى جدّها تدنّست فنالها عقوبات يكون الصبر عليها أشد من الصبر الأول، كما أن من صبَر عن حلو الطعام لم يحتَج أن يصبر على مرّ الدواء، فإن تحملت الصبر على عقوبات ضياع الصبر الأول، تداركها نجاة من اشتداد العقوبة عليها، وإن لم تتصبر على تلك العقوبات وقعت في مهالك شدائد العذاب، فقيل لأهلها: ﴿فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ﴾.
فبداية الدين صبر، وخاتمته يُسر، فإن من كان الله سبحانه وتعالى معه رفع عنه مرارة الصبر، بوضع حلاوة الصحبة التي تُشعر بها كلمة (معَ) “

العلّامة أبو الحسن الحرّالي (تـ 638هـ)
” وَالأَزْمِنَةُ أَرْبَعَةُ: (...)
• الرابع: زَمَانٌ مُمْتَزِجُ بِالخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَيُرَاعَى فِيهِ الأَمْرُ الخَاصُّ دُونَ العَام. وَهُوَ يَجْرِي فِي أَرْبَعَةٍ:
1. تَأْدِيبُ الأَهْلِ أَمْرًا وَنَهْيًا.
2. وَتَهْذِيبُ النَّفْسِ حُكْمًا وَرِيَاضَةٌ.
3. وَتَرْبِيَةُ الأَتْبَاعِ تَأْدِيبًا وَحِكْمَةً.
4. وَإِرْشَادُ الخَلْقِ بِالرِّفْقِ وَالرَّحْمَةِ.
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاة والسلام: «إذا رأيتم شُحّا مُطاعا وهوًى مُتّبَعا وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك» “

العلّامة زرّوق الفاسي رضي الله عنه (تـ 899هـ)
” أربع آيات في كتاب الله تعالى إذا أتيتُ عليهنّ لم أُبالِ على ما أصبحتُ وأمسيت: ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾، وقوله: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُو وَإِن  يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾، وقوله: ﴿وما من دابّة في الارض إلّا على الله رِزقُها ويعلَم مُستقرّها ومُستودَعها﴾، وقوله: ﴿سيَجْعَل الله بعدِ عُسرٍ يُسراً﴾ “

التابعيّ القدوة، راهب الأمّة الوليّ؛ عامر بن عبد قيس البصريّ –رضي الله عنه–
” كل من أتى ذنبا، ثم ندِم واستغفر الله عز وجل، ونوى ألا يعود، فليس بمُصِرّ، وإن عاد وندِم واستغفر الله، ونوى ألا يعود فهو غيرُ مُصِرّ، ما تكرّر دأبُه على هذا حتّى يموت على غير المُعاودة.
وقال بعض العلماء: مَثَلُ الذنب، والاستغفار، والمغفرة، مثَلَ الداء، والدواء، والشفاء، فالذنب داء، والاستغفار دواء، والمغفرة شفاء “

العلامة ابن الوحشيّ (تـ 502هـ)
هاجر أبو سلمة واحتبست أم سلمة بعده، مع أبناء عمومة أبي سلمة منعوها من أن تسافر بأولادهم فجلست زمنًا في مكة تبكي وهي تريد أن تهاجر حتى رَقّ لها ذَوُوها وأعطَوها أبنائها، فخرجت من مكة.
فلما أرادت أن تخرج رآها رجل من قريش مشرك يقال له: عثمان بن أبي طلحة، فقال: ما ينبغي لهذه أن تضيع، ثم خرج معها وسافر معها، وكان إذا نزلت في المبيت أو في المَقيل ذهب عنها حتى يَحين وقت السفر، حتى أراها قرية قُباء في المدينة فقال: هذه منازل أهل قباء وهذه قرية زوجك، ورجَع.
وقالت أم سلمة: ما رأيت صاحبًا أكرم ولا أعفّ من عثمان بن أبي طلحة، وهذا من أخلاق العرب؛ كانت عندهم أخلاق عظيمة. مع شركهم وكفرهم فإنهم كانت لهم أخلاق عظيمة؛ لما رأى هذه المرأة ستسافر وحدها قال: ما ينبغي لهذه أن تَضيع، وخرج معها حتى أوصلها، وكان كريمًا عفيفًا في سفره كما وصفته أم سلمة –رضي الله تعالى عنها–.

الشيخ محمد محمود الشيخ الشنقيطي
#سيرة
لما بُعِث النبيُّ ﷺ أسلَمَت زينب ابنتُه –رضي الله عنها– وبقي أبو العاص زوجها على شِرْكِهِ، لم يُسْلِم، ولم يكُن للنبي ﷺ نفوذ في مكة أو حكم يستطيع أن يُفَرِّقَ به بين ابنته وبين زوجها المشرك.
وهاجر النبي ﷺ وهاجر بناته وأهل بيته إلا زينب فبقيت في مكة مع زوجها، فلمّا كان في السنة الثانية من الهجرة في غزوة بدر ظفِر المسلمون بأبي العاص بن الربيع أسيرًا في غزوة بدر.. فأرسلت زينب بنت رسول الله ﷺ القلادة التي زَفّتْهَا بها خديجة –رضي الله عنها– إليه في فداء زوجها، فلمّا رآها النبي ﷺ قال: «إن شِئتُم أن تَمُنُّوا على زوجها وترُدّوا لها قِلادَتَها فافعلوا»، ففَعَلوا.
والنبي ﷺ مَنَّ على عددٍ من أهل بدر من غير فداء كما هو معلوم، لا يختصُّ ذلك بأبي العاص بن الربيع، ثم إن النبي ﷺ عَهِدَ إلى أبي العاص أن يَرُدَّ إليه ابنته، قال: «قد أطلَقناك ولكن رُدَّ إليَّ ابنتي».
فرجع أبو العاص إلى مكة وجاء إلى زوجه زينب وقال: إن أباك قد عَهِدَ إليَّ أن أرُدّكِ إليه فَتَجَهَّزي للخروج، كان رجُلا وفيّا، وَفَى بذلك الذي عاهد عليه النبي ﷺ وبَعَثَ زينب إلى أبيها ﷺ.
ثم بعد ذلك خرج أبو العاص في تجارة لقريش فظفِرت به سَرِيةٌ من سرايا المسلمين، فجاءوا به ومعه أموال وتجارة لقريش إلى رسول الله ﷺ، فبلغ الخبرُ زينب بنت رسول الله ﷺ فخرجت إلى المسجد حتى وقفت بحيث يسمعها الناس فقالت: يا أيها الناس إني قد أَجَرْتُ أبا العاص بن الرّبيع، فقال المسلمون: أَجَرْنَا مَن أَجَرْتِ يا زينب، وأطلقوا أبا العاص وأعطَوه جميع أمواله التي كانت عنده، وهي ليست له؛ أغلبها من تجارة قريش.
فقال له بعض المسلمين: لو أسلمت فإنّك ستربح هذه الأموال التي معك، قال: بئس ما أشرت عليّ به أن أبدأ إسلامي بالخيانة، ثمّ رجع إلى مكة فأدّى إلى أهل مكة أماناتهم وأشهد عليها حتى شهِدوا له بالوفاء، ثم أشهدهم أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ﷺ وهو لاحِق بالنبي ﷺ.

من شرح الشيخ محمد محمود الشيخ الشنقيطي
#سيرة
روى الحكيم الترمذي في نوادره، والقضاعي في الشهاب، والديلمي في مسند الفردوس، أن رسول الله ﷺ قال فيما يرويه عن ربّه –تبارك وتعالى–: «إِذَا وَجّهْتُ إِلَى عَبْدِ مِنْ عَبِيدِي مُصِيبَةً فِي بَدَنِهِ أَو مالِهِ، أَو وَلَدِهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ ذلِكَ بِصبرٍ جميل اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ أَنْصِبَ لَهُ مِيزَانَا أَوْ أَنْشَرَ له ديواناً».

كلُّهم رواه عن أنس بن مالك، بسندٍ واحد فيه وضّاع، غير أنّ الحديث له طرُق أخرى كثيرة، أحسنها ما رواه الطبرانيّ في الكبير عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله ﷺ: «يُؤْتَى بِالشَّهِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُنْصَبُ لِلْحِسَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلاء فَلا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانَ وَلَا يُنْشَرُ لَهُمْ ديوان فَيُصَبُ عَلَيْهِمْ الأجر صَباً حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْعَافِيَةِ لَيَتَمَنَّوْنَ فِي الْمَوْقِفِ إِنَّ أَجْسَادَهُمْ قُرِضَت بالمقاريض مِنْ حُسْنِ ثَوَابِ الله لَهُمْ»، وهذه الرواية ليس فيها سوى راوٍ مُختلَفٍ فيه، قال عنه أحمد: لم يكُن به بأس. اختصرتُ هذا عمّا أورده الإمام المحقّق أحمد بن محمد بن الصدّيق الغماري –رحمه الله– (تـ 1380هـ) في تخريجه للحديث في «فتح الوهّاب».

قال العلّامة المحقّق الإمام ابن الوحشيّ (تـ 502هـ) في شرحه:
وهذا الحديث مما يُعِزُّ الفئة من المسلمين الذين استغلب عليهم العدوُّ فقتل بعضا، وأسَر بعضا، وفرّ عنه بعض. على أن العامّة من البلاد البعيدة عنهُم أنّ ذلك لفِسقٍ صَحِبَهم، ونتوهّم أنّهم دونهم في الصلاح والعفاف. ولعَمري، من اعتبر ونظر بعين الحقيقة، إنَّهم لأسلَم صُدورا، وأصلحُ ضمائر ممّن وراءهم، فلنا ولهم زاجر فيما رواه نبيُّنا صلى الله عليه وسلم عن ربنا تبارك وتعالى في ترك العقار المَشيدة، والأصول الخطيرة النفيسة، فنعم الراوي، ونعم الصادق ﷺ ونعم المُخبَر عنه، ونعم المولى، ونعم النصير ربنا تبارك وتعالى “.
قال الإمام الحافظ أحمد بن أبي الحواريّ (تـ 230هـ): قلت لأبي سليمان الدّارانيّ (تـ 215هـ) –الإمام الكبير أحَد الأوتاد والأقطاب–: من أراد الحُظوة فليتواضع في الطّاعة، فقال لي: وَيحَك، وأي شيءٍ التواضع، إنما التواضع ألّا تعجَب بِعَمَلِك، وكيف يعْجَبُ عاقل بعمله؟ وإنما نَعُدّ العَمَل نعمة من الله تعالى، ينبغي أن يُشكر الله تعالى عليها، ويُتواضع، إِنَّمَا يعجَب بعمله القدريّ الذي يزعم أنه يعمل، فأمَّا من زعم أنه يُسْتَعْمَل فكيف يعجب !
2024/03/29 01:17:07
Back to Top
HTML Embed Code: