#إلى_لميس_سراج (3)

تنتظرين الخَلاص؟
أم المُخلِّص؟
أذيبي هذه الأصفاد حول معصميكِ، أزيلي الغُبار المتراكم
حرري جناحيكِ وحلقي!
إلى متى؟

أتذكرين عائشة؟
هي الآن تُربي طفلها المُعاق في إحدى القُرى النائية، بعد وفاة أُمها
أخذها زوجها عُنوة إلى هناك، أستاجر لها غرفة يتيمة محاطة بالقَش
وعاد للعاصمة يبحثُ عن زوجة!
كأنه تزوج لحماً في البداية، لحماً بلا لسان ولا صوت ولا حقوق!
عائشة لم تكن تمتلك سوى اسمها، كانت ضعيفة وخاضعة، حتى أنها لم تحلم يوماً ولم تتمنى شيء، كنتُ حين أطلب منها مرافقتكِ للمدرسة كانت تقول أن أمها لن تسمح لها بذلك!
في الأيام الماطرة، حين كنا نبني بيوتاً من الرمل، كان بيتها أول ما يُهدم
كانت تركض لتبكي، وحين تجف دموعها تعود لتبني آخر، ليتم هدمه مرة أخرى لتركض وتُعيد الكَرّة!
حين أنجبت إبنها، قال زوجها المتسلط أن هذه ليست صفاته
نعتها بالزانية، قال أن عائلته كلها سليمة، لم يكن في أسرتهم أحد معاق أبداً
اذكر أن أول ما قالته عائشة حين سمعت اتهاماته
=لا تُطلقني، أمي ماتت، ليس لي أحد هنا!
ذهب وتركها تبكي، ليلاً أخذها ورحلوا!

تشعرين بأنكِ خاوية؟
أهدافك متشابكة وروحك تائهة، صحيح؟
كل ما في الأمر أنكِ مختلفة
تُفكرينَ بطريقتكِ الخاصة، تُبرزين إهتمامتك المنظمة بعشوائية
تُبعثرين مشاعركِ دون تخطيط
تَعطين دون مقابل
وتتحملين!
أنتِ في الحقيقة خارقة
تتحملين كل هذا اليُتم والرمادية
تغوصين في شلال من الأمنيات المستحيلة
تُخبطين العلاقات الممزقة
وتتحملين وطئة الفراق والوحدة
وبعد كل هذا تضحكين وتكتبين!
أي قوة؟

عزيزتي، حين يترك أحدهم يدكِ
أمسكيها بيدكِ الأخرى، حتى لا تشعر بالبرد
ولأن لا أحد مطلقاً
سوف سكتبُ إليكِ ما تودين سماعه
أو ما تخافينه
أو ما تتناسينه
أنا سأفعل!

===

-لميس سراج
لا أراني قريبة من أي شيء
ولا من أي أحد!
أنا ووحدتي المطبقة على صدري
دوماً ما تكون "هناك"
هناك من كل الأشياء التي "هنا"
ولم نراها يوماً "هنا"
نشدُ أزر بعضنا
هي لن تتركَ خلايا صدري التي باتت رُفات
وأنا لن أسعى للتحرر منها!
بعيداً
على أعتابِ الواقع الحنظل
نحاول زراعة الياسمين
نفشل ..
فنبكي ..
فنأكلُ الرمال!
لا شيء يخفينا ..سوى الشتاء
الوحدة عارية ..
وأنـا لا أتدثرُ إلا بها ..
والشتاء مشاغب وماكر!
أعجنُ ضحكات الأصدقاء
أصنعُ غطاءً رقيقاً
أجوعُ فآكله!
أدقُ مِسمار اليأس على قدميّ
أثبتها بالأرض!
يخلعني الرياح ..
أسقط!
ولا أرى الدماء ..
تجمدتِ الدماء ..
تجمدتِ المشاعر ..ومات جهاز الحس!
لا شيء يدعو للبكاء
لا شيء يدعو للبقاء
لا شيء يدعو ..
نسيتُ طعم اسمي ..
لا أحدَ يدعوني
لا أحدَ يُناديني
لا أحدَ يهتم!
والصديق ..
تبعثر مع الضياء ..
ضاع في عتمة الأوقات!
إلتهمـه وحشُ الصحراء
واللون الأخضر اعتلى السماء
أنا بائسة ..
البؤس بريء مني ..
أنا يائسة ..
اليأسُ أنا
وأنا اليأس ..
أنا واليأسُ سيان!
تعتصرني الحياة .. اتحولُ لزيتٍ عطري أسود!
يتهافتُ إليه الأثرياء
لينتهي به الأمر في مكبٍ مزخرف!
محاطٌ بالعهنِ والعفن!
ضعيفة ..هشة
لا اقوى على شيء
لا اقدرُ على شيء
بعيدةٌ من كل شيء ومن كل أحد
فقط ..
أنا والوحدة الوفية تطبقُ على صدري!

#لميس_سراج
مرحباً

أنا التي قلتُ الحُب!
أم أنه أنت؟

أحدنا قتل الحُب؟
كِلينا؟

هل انتحر الحُب بين يدينا؟

أتذكرُ اللهفة؟
تأتأة الحروف الراجفة؟
الكَف، هل تذكر إرتعاشها؟
تتذكر - في الأصل- لحظة المصافحة؟
عينيّ
الجمرُ المتقد في قلبينا؟
الحُلم
حُلمي - في الحقيقة- أنا وحدي، الساذج بعناقٍ أبدي؟
أن أضم كفكَ بين يديّ
أقرأك السلام
وأعلنكَ لي!
أتذكر (أُحبكَ) المتسللة ليلاً من تحتِ الغطاء نحو براح يشبهها؟

أنا التي زرعت!
كانتِ الأرض سامة، كانت بذور عَفِنة
ولكن الماء كان عذب!
ظللتُ أسقيه حتى جدبت!
أعطيه حتى نضبت!
أقدم له حتى فقرت!

أنتَ التي قَلتَ الحُب
قتلتَ الرغبة، والشغف!
قتلت ابنتي البِكر!
وكلما نظرتَ لعينكَ سألت
ماذا فعلت؟

أنا قتلتُ الحُب، باليأس
أو بالتمني!
بالصمت المغدق
والحديث الثقيل
أنا طفلة مدللة، تخيفها فكرة الاحتياج
وكلما تعلقت بشيء كسرته
وحين ناديته ولم يجب، قتلته
كان طفلاً، يحلم أنا يقف بمحاذاة الكُرسي
أنا يركض بحرية
ويضحك أو يبكي متى يشاء وكيفما شاء وبأسبابه الخاصة، المنطقية أو الغير مقبولة!
كان كلما نطرتَ إليه خاف!
وكلما ذُكر اسمه ارتعبتَ!
الحُب الذي كان بيننا معطوب، ضعيف
بلا إرادة أو صوت
كيفما سقته إنساق
وكلما نهرته اكتأب
كان ناعماً، حساساً، بلا عقل
كومة مشاعر لا تفهم الرفض
ولا تقبل الصد
فمات!
مات الحُب بيننا،
نمت فيه عُقدة النقص القاتلة
لا هو مثل أقرانه
ولا هو أقل
لديه كل شي، لكنه فقير
يسمع، ولا ينطق
ليس عيباً، بس عجزاً
الحب الذي بيننا انهار،
فانتحر!



-لميس سراج
تفاصيلي المُهمَلة، هل تعنيك ؟
الجلوس - عاطف خيري 💙
انقضت المُهلة،
رفعت الجلسة، وصَدر الحُكم!
لا أبيضَ ولا رمادي
الكثير من السواد اللامتناهي،
سباحة أبدية في عمق التفكير والوهم
لا وصول ولا عودة!


أصوات الأموات تضج في أذني
أنينهم يملأ صدري
صياح الاستغاثة يفزعني
أمد يدي نحوهم، تتبخر
لا يسمعون!

الطريق زلقة، قدمي حافية
أخافُ الشتاء، أهابُ الأغنيات
وموسيقى الجاز
واليالي الطويلة
الغير سعيدة، المتخمة بالرطوبة
والظلام!

نظرات الآخرين، وجودهم !
فكرة أنك لن تستطيع أن تكون وحيداً
رغم أنك تريد!
الأرض شائكة، وقدماي حافيتين!
Forwarded from نبضُ أمل (Amal Hasan Taha)
الوقت يمضي ..
تتكسر المرايا ..
تحترق الشموع البيضاء تاركةً وراءها الكثير من الظلام ..
نسير معاً ..
نحو مجهول ..
نحو هاوية لا قرار لها ..
لا نملك من أمرنا سوى اليسير ..
قرارات صغيرة تشعرنا بأننا ما زلنا نملك زمام الأمور ..
لكن الحقيقة أننا نُقاد نحو الهاوية بخطىً ثابتة ..
نزحف نحو مشنقة الشعور لكي نتحرر من أثقالنا ..
يمزقنا الشوك الذي يمهد الطريق ..
ثم ماذا ؟
ثم لا نصل ..
نغرق أكثر فأكثر في حقل الرمادية الباهت ...
تكسوه سنابل شاحبة ..
شامخة تعانق السماء ..
كم أحسدها على خواءها و خفة وزنها ..
ليت المطر يأتي ليغسلني عن عتمتي..
ليتك تمضي نحو الشمس لتزداد ضياءاً علك تنجو و تنتشلني ...
ليتنا لم نكن ممسوسين بالأمل !
لم نتطلع لغدٍ أكثر إشراقاً ..
لم نرمي حجر النرد قط ..
و لم نراهن على أحلامنا ..
تلك التي ما إن طلعت عليها شمس الواقع ..
تشققت و تناثرت كحبات غبار غير مرئية ...
ليت الأمس لم يكن !
و الغد غير آتٍ ..
و الآن هو كل ما نملك !
...
تخبرني رسائلك بأن بداخلك طفل يستغيث ..
أقرأ بكاءه بين الحروف ..
و تبلل اصابعي دموعه المالحة ..
ثم تمتلئ رئتاي حبراً كلما اقتفيت أثره على ظهر الكلمات ...
تهدهدني ضربات القلم المتوترة على الورق ..
تصبح إيقاعاً مُحبب كلما انطوت صفحة من دفاترك التي أهديتنيها ..
أضع الصَدَفة الكبيرة على أذني لأستمع لصوت البحر ...
أو هكذا أخبرتني أمي ذات نهار شديد الحرارة ..
أخلع حذائي الممزق لأمشي حافية على العشب البني ..
أسمح طقطقة مدوية كلما خطت قدمي فيه ..
أحس بأنني عملاقة ..
أبتسم ..
ألمحُك من بعيد ..
تمارس ذات المشي العبثي على العشب الجاف ..
تحمل سنبلة ذهبية بيدك ..
تمدها نحوي .. تتحول لتراب ..
أمد يدي لأمسح عن يديك غبارها ..
تتفتت أصابعك في يدي ..
الفزع يتملكني ..
ألتفت حولي بسرعة و أصرخ ..
ألتفت لك ..
أجد في يدي حفنة رمل ..
و أنت ؟
بالطبع لست هنا !
انطفأت آخر شمعة بيضاء أشعلتها ..
ثم ساد الظلام !

#أمل_حسن_طه
الذئب الذي قَضَم قدمي بالبراحةِ
يُلقي عليّ السلام!

حبيبي اللئيم يضعُ رأسه على كتفي ويبكي، يقول أنه يُحبني كما لا يُطاق، وهو يريد التوقف!
يطلب مساعدتي في التحرر!

أنا كومة صفراء من النفاق والكذب، عينيّ متورمتان من كثرةِ البكاء، لا السَهر!
المرأة العجوز ذات القدم الواحدة
كانت هي الذئب الذي قضم قدمي
والذي ألقى السلام!

السلامُ عليكم!
سلاماً خائرة قواه، باكية مقلتاه
مبحوحٌ صوته، وحزين!
لا مجال هنا للفرح، هذا القلب مُعتم
وناقص!
ووحيد!

حبيبي الغبي يبحثُ عني في أعين جميع النساء، يتوق لهنّ!
يُحدثني أن قلبه يتيم
لا ينبض، وهو ملقيّ على حِجري
أمرر أصابعي على شعره الكثيف
تبرقُ عينيه وتتصاعد أنفاسه الحَارة
يقول لي بيأس
متى سأقع في الحُب؟

في الليلة الباردة، أردد اسمه بصوت منخفض، أخاف أن يستفيق!
حبيبي النائم لا يزورني في المنام البتة
ينام كطفل رضيع
وإذا تَحرك الهواء، فاق!

حين يقول أحبكِ
يعنيها، هو فقط لا يعرفُ معناها!

الخشبة الملقية على الرصيف
ستبقى هناك حتى يحتاجها غريق ما
لن تنقذه، لكنها تعلم
أنها لو كانت هناك، لفعلت!
وهذا يُشعرها بالرضا ..

حين يكتبُ فيّ الشعر، أحيا من جديد
كمن مات طفلاً
وبُعثَ شاباً
وأُدخلَ الجَنة!

كالدهشة المخبئة بين دفات الكُتب
وحيدة، حتى يقرر أحدهم!

لا شيء هنا قابلٌ للطي أو البيع
أنكسرَ القلبُ الأزرق
جفت الأقلام
ورفعت الصُحف!


-لميس سراج
رجلٌ يُعيد رتق الأنسجة بما يُليق بحضوره البهي!
يُرتب الأشجارَ في طريقه نحو اللاشبيه!
رجلٌ كلما رأي صخرةً ألقى عليها السلامُ لتبتسم، لتقفزَ وقد تطير!

أُحبُ يديه!
يُنادي، يُأشرُ، يتحدثُ، يُحوقلُ
ويمدهم نحوي، لأنجو!
كفُه سامة، لاذعة، ولعوب
خنصرٌ متعالي
بُنصرٌ قوي
والوسطى "أوسطة"!
سَبابةٌ مقدقةٌ بالطفًِ
وإبهامٌ خجول!
كفٌ دافئة، وعينينِ حالمة!

رجلٌ كلما نطقَ إزدان قلبي
وكلما نادى اينعت روحي
وتساقط المطرُ السخي
وإذا نظر..
والويلُ إذما حركَ - نحوي- عينيه!

أُحبه،
بملء جوفي خوفاً على فقده
بملء شغاف القلب به
كحبةِ خرز لا تُرى أتعلقُ بخيطِ مسبحته
أو كنسيجٍ خشبي أنضمُ لخَاتمه
أو كقرن غزال أغذو إحدى قلاداته

أُحب صوته!
كترانيم مقدسة تغذو عمق الوهن الراسخ فيّ
كترتيلٍ لآي القرآن يُربتُ على كتفي، يُزيل الغَم وينشر الاطمئنان!

رجلٌ كلما ذُكر الحظ، ذكرتُ اسمه
وكلما ذُكر الحُب، إلتفتُ نحوه!

أحبه!


-لميس سراج
يلفُ بصوتِه خَصري، يناديني لينتشي!
وكلما بان البدرُ استحى من اللقاءِ حبيبي
أمُد يدي للفضاءِ يُمسكها مُلحقاً بها
يُراقِصها، يُداعبها، يتوه بين خطوطها
بسمِ اللهِ، والمعرفة والتاريخ
تظهرُ عند جبين حبيبي متاهة
أهربُ منها نحو عينيه، هناكَ التيه الأعظم
أتدحرجُ من منحدرٍ شاهق
نحو شفتيه، طلاسَم كُبرى تنتظرُ الحَل
المرأة محدودة الفِكر والرؤيا
لن تستطيع،
الفتاة صغيرة العُمر والمعرفة
لن تَقدر،
تلكَ المياه تتربصُ أخطائي
حبيبي ينظرُ لعمقِ الغرق، والعرق!
حبيبي متحدٍ كبير
كلما نادته نحوها باستفزازٍ
لبّى، آمين!
وأنا الفَزِعة، التي لا ترى دون عينيه شيء
التي يبتلعها الظلام كلما فكرت بالفِراق
أراقب حركة شفتيه، المهتزة بحذر
يُردد: حُب، مَطر، نيل، خشب، كوخ، قارب، كستناء!
تُداهمه الرياح، تحتضنه بتحدٍ أمام عينيّ
أقف متفرجة، مكتوفة الأيدي
بلا حيلة، ولا غيرة
بلا حِراك، ولا شعور
يرتفعُ صدره الممتليء بالهواء والدخان
يتنفسُ الصعداء
(لميس)!
يرقصُ العشب الذي في السماء، تنبتُ المياه، تتهاوى الكواكب وتصمت الملائكة!
يعمُ الصمت!
ألسنة الدخان التي تتلوى حسرةً على فِراقه، تتشبثُ ببعضها بوهن!
تنظرُ نحو السماء
هذا حبيبي، ينظرُ نحو السماء
فاتبعه، غاوية أو راغبة
اتبعه بآلية محضة،
تجتمعُ الطيور، بمرح!
تتجاهلها بلا وعي، تُركز وعيكَ على قطعة السحاب التي تتشكل بعشوائية
تمدُ سبابتكَ نحو البراح العريض
انظري، حياة!
نُجميات غيورات يجتمعنّ عند رأسي
تُغازلهنّ بوداعة
أقرأُ شفتيك بنهم،
تعبقُ رائحة القِرفة الأجواء، أنفاسك!
كفي التي تحتضنُها بين كفيكَ، أصابها الغرور
هطلت فوق حِجري النجوم، والندى وغبار الجِنيات!
طاف حولي ولدان مخلدون
سمعتُ صوت الملائكة
ادخلوها بسلامٍ آمنين!
حبيبي الضاحك جداً، حزين!
كلما هطل الحُب على محياه ازدهر
أصبُ عليه الأمان، قطرة قطرة
حتى يرتوي!
نقرعُ ناقوس القُداس
تحينُ ساعة تقديم القرابين
أقدمُ قلبي اليتيم
وساعاتي القادمة الخالية منه
أما هو، فيقدمُ كفي المتشبثة به
التي لا تقوى على الفِراق
تضحكُ المسافة
يضمني
ونفترف
انتهت اللحظة!

-لميس سراج / 5-آذار-2021
قبلَ أعوامٍ سابقة عِدة، صرختَ
فاخضرت ورقة، وشهقت نبتة وتنفست تُربة!
تعلمتَ كيف تضحك، فاستعد الكون لبهجة مفرطة!
خطوة خطوة، تعثرتَ، سقطتَ، جُرحتَ
فاحتفلت الأرض!
حرف، حرف، تبنتكَ اللغة، تلعثمت حتى فطنت!
ركضتَ، سابقتكَ الحياة!
طالت قامتك، اشتد عضضك، اخشوشن صوتك وتكالبت عليكَ الهموم!
الآن!
في هذه الأيام، بعد كل تلك السنين الطوال
أقفُ أمامك، أنا بكامل ما أملك من حرف ووهج!
أمسك بيدكَ، أشق الزحام، نحو فراغ بعيد
لأشكرك على صرختك الأولى، وخطوتك الأولى، وحرفك الأول!
لأشكرك على استمرارك في الحياة حتى ألتقيك!
أقف أمامك بمنتهى اللا حيلة
لأُحبك!
الله!

ابتهلُ إليكَ، عبداً ذليلاً يتوقُ إليك!
أَنْجِيه!
باسمك، الله
الأعظم الأكمل الحَنون، المِفتاح

بالحِجارة، بالمماليك، بالعبيدِ،
العُشب، النجوم، بالخشب!
أطفيء هذه النار،
أنزل الأمطار
أزيل الغُمة
أريح الصدور
يا غفور، يا غفور، يا غفور!

أمنحه السلام،
عساه، تغفو عينيه، يرتاح جسده المُتعب!
باسمك المُحب
انزل المَحبة، رِتلاً على قلبه التَعِب!
حبيبي!
يا مُحب، يا مُحب، يا حبيب!
وجِه بوصلتي نحوه
أنزل على قلبي وُده
دفِء اوصالي بصوتَه
وامنحني الرُقي
والترقي
والرِقَ في سبيلَه
يا مُحيط به وبكل الكائنات
حررني به، ضمّني إليه
لنرتقي
ونرقى
بصُحبتك، نحو بعضنا، بالمحبةِ التي وهبتنا!
يا عزيز..
يا إله كل من حَبّ
دثرني باسمه اللذيذ
وكفه العريض
ورأسه المجيد
بعينيه
أنقدني من دنيتكَ الضحلة
لجنتك، للجةِ عينيه
يا بصير
امنحني عينيه، أرى، أبصِّر، أتوبُ إليك!
الله
الله
الله
تدورُ الأرض، تَبانُ السماء
تُرسم النجوم، بقدرتكَ الواسعة

يدور القمر، تدور ادمغتنا
تدور الشمس، والكون، والمجرة
وندور
ندور
ندور
نرتفع وندور، نحو الأعلى، ندور
فوق، دوران
دوران
معاً
يد بيد، بمشيئتكَ المُطلقة
أهبطُ بنظرة
نحو الحياة
كل الأماكن برفقته، حياة
برِفقته ورعايتك
أتكون
يا الله
أنا منك، أنا لك، أنا به
أنزل السكينة الدائمة عليه
وارحني به
راحةَ الموت
سلام البرزخ
سَكَر الحضرة
صوته اللذيذ،
همس، همس
لنتوب!
يا توَّاب، إني أتوبُ إليك

#لميس_سراج
يده الدافئة هي دوماً ما تُيقظني الصباح
=قِطتي!
اللقب الذي لطالما أضحك صديقاتي، والغرباء
ودوماً ما ابتسم له وحدنا، فقط وحدنا!
=صَباح الخير على الجنة الخاصة بي!

أسمر هو الرجل الذي كلما نظرتُ إليه، هدأت!
كلما رآني أشعرني أنني كنزه العظيم ومثواه الآمن
كلما نظر بعينيّ حَمد الله وابتهل!
بعد كل تلك الأعوام يقول أحبك كأنها المرة الأولى وكأنه اكتشف هذه الحقيقة للتو!

مهما كان البكور الذي قررت الاستيقاظ فيه، يسبقني!
دائما يوقظني
يضع كفه - الدافئة دوماً- على خدي - الأيمن غالباً - ويهمس بكلمات دوماً ما تفوتني!
وحين أبدأ باستيعاب هذه المحبة
يبتسم وتلمع عينه ويُناديني
=قِطتي!
فابتسم بدوري ثم أبدأ يومي!

بينما أعد ل حبيبي كوب قهوته، هذا الصباح
ناداني!
=حبيبتي، هل تظني أن هذه المرة ستكون جادة!
تعجبت، ماذا؟
حكى لي عن خبر ما سمعته آلاف المرات منه، بنفس هذه النبرة التفاؤليه وبنفس هذا الحماس!

أسمر لا يريد أن يقتنع بأن الوطن هالك، ونحن قبله
سوف يدوس علينا الطغاة ثم يدمرونه، أو يُعمرونه ليُليق بوجودهم وهلاكنا!
منذ أنا كنا مراهقين، كان الرئيس ينزل للواقع، ويستمع للفقراء، حيث يستقبلونه بالورد والعطر، ويرمون مشاكلهم في جرابه!
ثم يصعد لقصره، يُناقش أوراق بيضاء على التلفاز
وحين تنطفيء الكاميرا
يضحكون
ويشربون
ويقررون أنه لا فقر ولا فقراء ولا أشخاص غيرهم
هُم السُلطة وهم العُليا وهُم الرب!

أسمر متفائل، لأنه في عينيه محبة، يظن أن الطغاة بشر، يظن أنه يمكنه أن ينجب فتاة لهذا العالم!
يا لحبيبي المسكين!

=هذه ليست قهوة، هذا سَكَر!
هذا المُثقف المتحزلق سوف يُرهقني، يصف قهوتي بالسَكَر يصفني بالجنة، يصف عينيّ باللُجة، وحُضني بالمدفأة، ويصف بيتي بالنوتة بالموسيقية!
وفي كل مرة يُقبلني، يقول
=اللّهم كل هذا العِنب، مزيداً وفيراً، مزيداً وفيراً
وأنا في كل مرة، أضحك خجلاً وأتورد حياءً!

المرة الأولى التي قال لي فيها أحبك، كانت بعينيه، كُنا عند آخر الشارع في الساعة التاسعة شتاءً، نشربُ القهوة!
حرّك السُكر في قهوتي، ورفعها نحوي
=تفضلي، أُحبكِ
-شكراً، أُحبكَ أيضاً
لم نسمع - صوتياً - سوى تفضلي وشكرا
لكن كلانا كان يُدرك تماماً ماذا حدث!
لذا، ليلاً لما يقلها، لأنه سبق وأن فَعل
اكتفى فقط بقوله
=كما تعلمين!
وهكذا بدأ كل شي!

أصبح بحوذتي هذا الرجل، متاهة ضخمة من المحبة والتفرد، تجلسُ قُبالتي تمسك كوب قهوة بيسراها وتتصفح بعينيها الحالمة، الفيسبوك!

#لميس_سراج
@Lamys_siraj
في عيد ميلادي الأول معه، أهداني أسمر كِتاب
كنتُ أقرأ كل يوم صفحة واحدة
رغم أن القصة كانت مُشوقة جدا وأتوق للصفحة التالية
لكنِ دائما ما أكبح جماح هذا الرغبة ب فاصل الكُتب الأنيق الذي يُظهر خط يد حبيبي
"عيناكِ حُلمي الذي سيكون" كان أول وآخر فاصل كتبٍ أقتنيه، وحتى اللحظة كلمّا رآه أسمر تبسّم فرِحاً وردد
=لقد كان!
في الكِتاب، قصة مدينة، أدمنت الحرب
تحكي إحداهنّ عن تلك الويلات وسوء المناظر وعبثية المشاهد وشُح الحياة في تلك المدينة
كيف شاهدت جميع الذين تُحبهم موتى
كيف كانت تقفزُ بين الجثث لتشق طريقها نحو هلاك آخر، وكيف تتفحص وجوه القتلى وتتعرف على بعضهم وتنعيه بينها وبين نفسها!
وهذا ما أهداني له أسمر في عيد ميلادي الأول معه!

في ليلة باردة في السابع من فبراير رفض أسمر إشعال المدفأة، قال أنه علينا أن نترك عظامنا للطبيعة!
=ماذا؟
فائدة أن تُغرمي برجلٍ مثقف هو أنكِ لن تتوقفي عن الانبهار، سواء كان من أفعاله أو ردود أفعاله أو حتى أسبابه ومبرراته!
ثم أن أسمر في حد ذاته كفكرة، مُبهر!

في اللحظة التي كان يهمسُ بأذني بأنه مُغرمٌ بكل تفاصيل جسدي وأنه سوف يدع أمر تدفئتي للكهرباء التي سوف تسري بأوصالي، كنتُ أفكر:
=كيف لجسدين كانا غريبين كل هذه الغرابة، أن يتجاناسا بهذه الإلفة لمجرد أن تلاحما بلا حواجز؟
كيف أنني في لحظة لا أكاد أُميز أي الجسدين يخُصُني!
أي الشفتينِ لي، أي كفٍ أحرك، أي قدمٍ أرفع، أين؟
كيف بمفاهيم عظيمة، كالوقتِ والمكان، أن تفقدَ جوهرها في لحظة!
أن تختلَ الطبيعة، أن تُضحدَ الفيزياء!
أن نطفو!
=أشعرُ بالحَرّ!

قبل قليل، حين أيقظني، بينما كان يُقبلني كأنه يفعل هذا لأول في حياته، وحياتي!
قال لي أنه مُتعب!
أسمر يعمل بجدٍ مُطلق، هو طيّب القلب وعطوف جداً
حساس رغم أنه يُنكر هذا دائماً
الفكرة التي انكب على إستيضاح أركانها في الفترة الأخيرة، وأخيرا بعد أن إكتملت الرؤية وظنّ أنها سوف تلقى النور لتخفف قليلاً عبء هذه البلاد!
رُفضت!
قال له -الذي نصّب نفسه مسؤلاً- هذا الجهد لا يفلح أن يُنفذ هُنا، جِد لكَ دولة أخرى مؤهلة لذلك!
صُدم!
حبيبي الذي خرج من هذا الباب، حالمٌ متفائل، مؤمناً بنفسه وبقدراته وبرغبته الجامحة على التغيير!
عاد إليّ منكسراً وحزين!
مُتعب!
حبيبي الآن مُتعبٌ جداً
سوف يستمرون في تقليلِ شأننا، كسرنا، كبحنا، تحطيم أحلامنا، كسر أجنحتنا، هدر طاقتنا وقتلنا!
وسوف نستمر في رفضهم!
عُذراً حبيبي!

#لميس_سراج
كان مُنتصف الليل حين قررنا أنا وأسمَر الذهاب في نزهة!
قلتُ:
-هلّا خرجنا، أريد أن أمشي
شَرد بذهنه مُفكراً لبُرهة ردد بهدوء وكأنه يتوسل
=أحضر السيارة؟
كررتُ
-أُريدُ أن أمشي!
هو خائف، من مجرميّ الطريق، الساهرين في نقاطِ بسطِ الأمن الشامل، فهم لا ينامون، لا يُحاسبون، وينالون أجر على ذلك!

يداً بيدِ، شوارع صامتة وحزينة، كأنكَ في مدينةِ موتى أو في قريةٍ ملعونة، حتى ضوء القمر باهت والنجوم قليلة!
نسيرُ بلا وجهة، يعصفُ الهواء البارد وجهينا، كأنه يحثُنا للرجوع، أبتسمُ وينظرُ إليّ أسمر متسائلاً:
=تشعرين بالبرد! عزيزتي؟
لا يا حبيبي، هذا المعطف السميك وهذا الشال الدافيء وهذه العينين لا يدعا لي مجالاً  كي أشعر بالبرد!
هذه البلدة الرمادية الكئيبة وهذه الأشجار الميّتة لن تدع مجالاً للشتاء!

تذكرتُ المرة الأولى التي طبختُ فيها، في بيتنا
عند المطبخ، وقف أسمر بجواري ل مساعدتي كما قال، ثم بعد قليل:
-البصل سوف يُدمع عينيكِ، دعيه لي!
-ما هذا؟ هذا الجزء من الدجاجة قاسي، دعيه لي!
-الفُرن ساخن!
-القِدر حارق!
-متسخ، سأغسله!
-يديكِ! يا الله! دعيه لي!
-هذا السكين حاد، خذي هذا
-يبدو حاداً أيضاً، دعيني أساعدكِ
ثم انتهى به الأمر حاملاً إياي من خصري وواضعني على المسطبة بينما أضحكُ بدلال:
-خُذي، قطّعي هذا، وشاهدي حبيبكِ العزيز يعدُ الطعام ل ملكته!
ومّد إليّ رزمة من الفاكهة وسكيناً صغيرة عليها ورود زهرية!
شددتُ على يديه وضحكت، نظر في عينيّ وابتسم كأنه استرجع ذات الذكرى وردد:
-أُحبكِ

وقفنا عند مقهانا المفضّل، المغلق طبعاً، فالساعة الواحدة صباحاً ولا يمكن للسلطات أن تسمح بمثلِ هذا الفعل الشنيع، من أراد أن يحتسي القهوة بعد العاشرة مساءً فليفعل ذلك في بيته، ومن لا يملكُ بيتاً فليمت!
هُنا، كثيراً ما تبادلنا الضَحِكات والنظرات الدافئة والقُبلات الساخنة، كثيرا ما أقمنا الحفلات بلا هدف واضح، وألتقينا بالأصدقاء في مناسباتٍ عديدة!
كثيراً ما خططنا لسقوط النظام، وتنظيم الدعوات وكتابة المنشورات!
هُنا، كثيراً كثيراً ما تعانقنا وشهِدنا عناق الأحبة
وألتقطنا الصور وتبادلنا الكُتب مع بعضنا ومع الغرباء واستمعنا للموسيقى وقرأنا الشعر، ورقصنا رقصنا رقصنا!
هُنا حيث كان ملجأنا الأول بعد دوام عملٍ طويل منهك، أو اجتماعٍ غير مرضٍ أو حتى امتحانٍ صعب!
كُنا كلما شعرنا بالتشتت، هرعنا إلى هُنا
الآن هذا المكان الخرب الذي تحولت يافتته الصفراء إلى اللون الأسود، ومقاعده الملونة إلى كراسي خشبية وحيدة وجدرانه المليئة باللوحات والفن إلى رمادية مملة بعد أن اختفت من أرففه عُلب السجائر ومن طاولاته الكُتب ومن أركانه الآلات الموسيقية والمحبة!
تحول لمكانٍ لبيع الشاي والقهوة، للقادمين من دوامات يكرهونها ذاهبون إلى منازلَ لا راحة فيها، يسُبون ويلعنون ثم يطردون ساخطين تحت هراوات العساكر عند العاشرة مساء!

تنهدَ أسمر، نظرتُ إليه وقلت:
=هلا نعود؟

كل أيامي التي أتذكرها مع أسمر رائعة، وكل التي أعيشها الآن رائعة وكل التي سوف أعيشها مع حبيبي رائعة جداً!
كل الذي ينقصنا هو أن تبتسم هذه البلاد
فلا نستطيع المغادرة ولا نقوى على الاستمرار!

#لميس_سراج
المرة الأولى التي قبّلني فيها أسمر، كنّا في الطريق
على الجسر، نعبره سيراً على الأقدام
توقف لبُرهة وهَمَس بكلماتٍ قليلة نحو النيل
سألتُه:
=ماذا؟
قال:
=كنتُ أحادثُ النيل.
قلتُ:
=فيما؟
أجاب وقد أدار كامل وجهه نحوي:
=فيما إذا كان يمكنني تقبيلك الآن، أمامه!
وجمتُ، أحسستُ أن الدّمَ قدّ تجمّد في عروقي، حاولتُ أن أخفضَ عينيّ ففشلت محاولتي بسبب أصبع سبابته الذي أعادهما لنصابهمّا أمام عينيه مستعيناً بذقني!
قال:
=ألا تودّين أن تعرفي ماذا أجاب؟
كانت عينيه واسعة وبرّاقة، كانت صورتي في بؤبؤه صغيرة وخجولة، عينيه دافئة بقدر محبته، بينما كنتُ أسترسل في فهمِ فحوى الحديث المخبأ هناك، كان يقترب!
حتى رخمتني أنفاسه، كان يُردد كلمات باهتة وبعيدة، لم اسمع، لم أكترث، لم أكن هناك!
في لحظةٍ، كانت مُقدمةَ أنفه تحكُ أسفلَ خدّيَ الأيسر، قال بصوتٍ واضح وقوي:
=ليس لديه مانع!


#لميس_سراج
2024/04/30 15:46:22
Back to Top
HTML Embed Code: