tg-me.com/alkhotaba22/69020
Last Update:
خُذُوا زينَتَكُم عندَ كلِ مسجِدٍ - الشيخ راشد البداح
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ تَسْلِيْمًاكَثِيْرًا، أَمَّا بَعْدُ:
فاتقُوا اللهَ وعظِمُوا ما عظمَه اللهُ تعالَى. وإن من تعظيمِ اللهِ تعظيمَتلكَ البلادِ التي يحبُها اللهُ، إنها ليست مكةَ والمدينةَ فحسبُ؛ بل هيَبلادٌ أخرَى حبيبةٌ إلى اللهِ، حبيبةٌ إلى رسولِ اللهِ، بل حبيبةٌ إلى عبادِاللهِ. فقد روَى مسلمٌ أن النبيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا().
إنها بيوتُ اللهِ، ومَهابطُ رحمتهِ، ومُلتقَى ملائكتهِ، والصالحينَ من عبادهِ، وقد أضافها الربُ إلى نفسهِ إضافةَ تشريفٍ وإجلالٍ، فقالَسبحانَه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}[الجن18].
ولكنّ بعضَ هذهِ المساجدِ أُحدِثَ فيها إساءاتٌ تتنافَى مع مكانتِها وقدسيتِها، فعلينا أن نَحذَرَها، ونُحذِرَ منها، فمنها:
- دخولُ المساجدِ بالرائحةِ الكريهةِ كالثومِ والبصلِ، ففي الصحيحينِأن النبيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِى بَيْتِهِ(). ويَدخلُفيه من ابتُليَ برائحةِ فمهِ أو آباطهِ، أن يسعَى جُهدَه بقطعِ تلك الرائحةِ، أو يلبسَ كماماً عندَ الصلاةِ، وأشدُ منه إيذاءً رائحةُ دخانِالسجائرِ، فليتقِ اللهَ المدخنونَ في إيذائهِم للملائكةِ وللمصلينِ.
فعلى الآتيْ للمسجدِ أن يتنظفَ ويتطيبَ، ويواظبَ على استعمالِ السواكِ، لقولهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ. متفقٌ عليهِ().
وعلى الآتيْ للمسجدِ أن يتجملَ بثيابٍ نظيفةٍ، وحتى أهلُ الحِرَفِليخصِصُوا ثوباً للصلاةِ، والتجملُ للجمعةِ آكدُ، وعلى الذينَ يزاوِلونَالرياضةَ، أن يتوقفُوا عن رياضتِهم قبلَ الصلاةِ بوقتٍ كافٍ؛ ليغتسِلُوا ويتزينُوا، ويَلبسُوا لصلاتِهِم ما يَلبسونَه لضيوفِهم،امتثالاً لقولِ ربِهم: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف31].
فأينَ هذا الأدبُ اليومَ ممن يأتونَ للمساجدِ بثيابِ النومِ، أو بالألبسةِ الرياضيةِ ولو كانَ أحدُهم في مناسبةٍ لما لبِسَها!
قَالَ نَافِعٌ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَا أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَكْسِكَ ثَوْبَيْنِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ؛ أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: اللَّهُ أَحَقُّ مَنْ تُزُيِّنَ لَهُ().
وهكذا يقالُ لمَنْ يصلّي في ملابسِ النومِ أو الرياضةِ أو ثيابِالحِرفةِ أو النزهةِ: أفكنتَ تخرجُ بها إلى مقرِ عملِك، أو تُقابِلُ بها ضيوفَك؟!
(فيستحبُ أن يكونَ المصليْ في أكملِ اللباسِ اللائقِ به، ومن الكمالِ تغطيةُ الرأسِ بما جرتْ عادةُ البلدِ لُبسُه، ولم يثبتْ أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في غيرِ الإحرامِ وهو حاسرُ الرأسِ، دونَعمامةٍ، مع توفّرِ الدّواعي لنقلِه أو فعلِه)().
ولذا قالَ الشيخانِ ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ: الأفضلُ أن يغطيَه إذا كان في أناسٍ عادتُهم أنهم يغطونَ رؤوسَهم، فإن غطَى رأسَه،وأخذَ زينتَه فهوَ أفضلُ؛ لقولهِ جلَ وعلا: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أي عندَ كلِ صلاةٍ().
ومما يَغفَلُ عنه بعضُ القائمينَ لصلاةِ الليلِ في بيوتِهم: أنهم قد يُصلونَ بملابسِهم الداخليةِ، أو بملابسِ نومِهم، وفي صحيحِالبخاريِ أن رجلاً سَأَلَ عُمَرَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: إِذَاوَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا().
وقد كانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّوْنَ الِاغْتِسَالَ لَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالتَّطَيُّبَ، وَلُبْسَالثِّيَابِ الْحَسَنَةِ. وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَدِ اشْتَرَى حُلَّةً بِأَلْفٍ، كَانَ يُصَلِّي فِيهَا مِنَ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ اللَّيْلِ طِيبًا يَمْسَحُ بِهِ شَارِبَيْهِ، وَمَا أَقْبَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ().
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
BY مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 280
Share with your friend now:
tg-me.com/alkhotaba22/69020